أنهى مئات أهالي قرية النزلة التابعة للشرقي بهجورة بنجع حمادي شمال محافظة قنا، عادة أكل صواني الطعام بعد إعداده في المنزل، فيذهبون للمسجد الكبير بالقرية؛ احتفالًا بالشفاء من الوباء.
توارث أهل القرية تلك العادة عن الأجداد؛ حيث يُدعى الجميع لتناول الطعام، سواء المقيم أو العابر وابن السبيل، وكل من يمر أمام الديار أو يترجل داخل القرية، وهو طقس يجذب الانتباه لوسائل الإعلام المحلية وصفحات التواصل الاجتماعي من كل عام في مثل هذه الأوقات.
أهالي النزلة بقنا يذهبون الجوامع بـ صواني الطعام للإيفاء بنذر قديم
لا يعرف أهالى القرية الذين حملوا صواني الطعام في احتفالهم الشعبي، أي وباء حل على أجدادهم فنذروا لله نذرًا أنه لو تم شفاؤهم سيخرجون بهذه العادة التى تجد طريقها كمادة مشوقة للنشر على صفحات السوشيال ميديا، ومنصات التواصل الاجتماعي، والمواقع الإخبارية، إلا إنهم يرجعونه للطاعون.
نذور الوباء
وتقول الباحثة ليلي السيد عبدالعزيز، في كتابها "الأمراض والأوبئة وآثارها على المجتمع المصري"، إن الأجداد المصريين عانوا كثيرا من انتشار الأمراض والأوبئة، فكان الوباء يحل بالمدينة أو القرية فيفتك بربع أو نصف السكان، ناهيك عن سرعة انتشار المرض بسبب عدم وجود الأمصال والعلاج.
أهالي النزلة بقنا يذهبون الجوامع بـ صواني الطعام للإيفاء بنذر قديم
وبعد الطاعون قدمت الكوليرا في عهد محمد على باشا منها الكوليرا التى فتكت بأهالي الصعيد في زمن إهداء إحدى مسلات الأقصر لفرنسا؛ حيث تحول معبد أمنحتب الثالث لمستشفى ميداني.
وقد قدمت الكوليرا عشر مرات في سنوات متقطعة منها الوباء التاسع في عام 1902م، والذي ضرب قرية موشا بأسيوط، وكان بسبب قيام العمدة بالتستر على المرض من خلال القادمين من مكة المكرمة، حيث انتشر بعدها للقاهرة من خلال امرأة كانت قادمة من موشا وأدى الوباء لموت 34 ألفًا و595 مواطنًا، وبلغ عدد القرى والنجوع التي زارها الوباء عدد 2026، وقد سجل أمير الشعرء أحمد شوقي وباء موشا في إحدى قصائده "فالموت عند ظلال موشا رائع كالموت في ظل القنا الخطار".
أهالي النزلة بقنا يذهبون الجوامع بـ صواني الطعام للإيفاء بنذر قديم
وقد انتهى وباء موشا عام 1902م ليختفي ويعاود الظهور مرة عام 1947م.
وبعد الكوليرا حصدت الأنفلونزا الإسبانية الكثير من الأرواح بعد الحرب العالمية الثانية، وفي عصري الملك فؤاد وفاروق قدمت الملاريا فأدت لوفاة 100 ألف في محافظتي قنا وأسوان وحدها.
أما جريدة "الوقائع الحكومية" فقد نشرت عدة قرارات وقوانين للتعامل مع الوباء سواء الكوليرا أو الطاعون؛ حيث حددت لجنة في كل مديرية، وأكدت القوانين رش المنازل بالجير ورش مراحيض الجوامع والزوايا والحمامات، مع إرسال لجنة لتحلية المياه وغلق الآبار الملوثة، كما ألزمت أن كل طبيب أو حلاق أو جراح أن يبلغ مكاتب الصحة عن الأمراض المشتبه فيها، مع إعطاء المأمورية القضائية للصحة، بتفتيش المنازل المشتبه فيها كما قررت القوانين ممنوع نقل الشخص المصاب بالطاعون أو الكوليرا من منزل إلى آخر مع تطهير الجثة إذا حدثت الوفاة، أما القادمون من الخارج للبلاد فعليهم تقييد أسمائهم وعناوينهم وألقابهم والإبقاء في الجهة الذاهب لها لمدة 3 أيام دون أن يبرح مكانه، مع الذهاب الدائم لمكاتب الصحة وكل من يرفض إعطاء بياناته يعاقب.
الوقائع المصرية وتاريخ الأوبئة في مصر الوقائع المصرية وتاريخ الأوبئة في مصر الوقائع المصرية وتاريخ الأوبئة في مصر