تعد قضية الاتجار بالبشر من أكثر القضايا شيوعًا حول العالم، ويقصد بهذا التعبير أى استغلال للأشخاص، سواء عن طريق الإكراه أو الاحتيال سواء فى العمالة القسرية أو الاستغلال الجنسي أو عمالة الأطفال.
موضوعات مقترحة
ونظرا لطبيعة هذه الجريمة العابرة للدول، تبذل الولايات المتحدة الأمريكية من خلال وزارة الخارجية وتحديدًا مكتب مراقبة ومكافحة الاتجار في البشر، جهودًا مكثفة لمواجهة هذه الظاهرة بالتعاون مع الدول المختلفة والمكاتب التابعة للأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني، لمواجهة هذا التحدي المشترك، وتشمل هذه الجهود، الدبلوماسية متعددة الأطراف، والدبلوماسية الثنائية مع الشركاء الاستراتيجيين مثل مصر، كما تشمل برامج المساعدة الخارجية التي تدعمها الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم، وإلى جانب ذلك تنشر وزارة الخارجية الأمريكية سنوياً، تقريرًا يقيم الوضع في مجال الاتجار بالبشر حول العالم بما في ذلك داخل الولايات المتحدة، كما يهتم التقرير كذلك بوضع تعريف محدد للاتجار بالبشر، ومن هذا المنطلق يعد التقرير (TIP) الأداة الدبلوماسية للحكومة الأمريكية لإشراك دول العالم فى مواجهة هذه القضية، كما يعد المصدر الأكثر شمولاً للجهود الحكومية المختلفة لمكافحة هذه الجريمة.
وخلال زيارته الأخيرة للقاهرة لمتابعة التعاون في هذا الشأن، ثمن "ماثيو هيكى" نائب مدير إدارة مكافحة الاتجار بالبشر بوزارة الخارجية الأمريكية، الجهود التي تبذلها مصر في مواجهتها، وهى الجهود التي أدت لرفع تصنيف مصر إلى المستوى الثانى في تقرير الاتجار بالبشر الأخير الذى تصدره الحكومة الأمريكية سنويًا، وذلك استناداً إلى الجهود المتزايدة التي بذلتها مصر لتحقيق الأهداف المشتركة لملاحقة هذه الظاهرة والقضاء عليها، وذلك عبر زيادة التحقيقات والملاحقات القضائية في جرائم الاتجار بالبشر، وتحسين وتطوير مراكز الإيواء المخصصة لاستضافة الضحايا، فضلا عن استمرار حملات التوعية.
وأكد "هيكى" في تصريحات خاصة لبوابة الأهرام، أن الولايات المتحدة فخورة بشراكتها مع مصر في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، ولهذا السبب يتعاون المكتب المختص بهذا الملف مع القاهرة ومنظمة العمل الدولية في مشروع بقيمة 1.5 مليون دولار، لتدريب المسئولين والشركاء من المجتمع المدني، وتوسيع المساعدة لضحايا الاتجار بالبشر. وأضاف أن الولايات المتحدة منفتحة على الفرص الجديدة لتوسيع الشراكة مع مصر ومنظمة العمل الدولية والشركاء الآخرين لمكافحة الجرائم المرتبطة بالاتجار بالبشر والعمل القسري.
وأشار إلى أن زيارته للقاهرة شملت لقاءات مع عدد من المسئولين الحكوميين وأعضاء مكاتب الأمم المتحدة وبعض ممثلي منظمات المجتمع المدنى المعنيين بهذه الظاهرة، باعتبار أن التصدي بفاعلية لهذه القضية الهامة يتطلب التعاون بين الدول، والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني، وأوضح أن حماية الضحايا يجب أن تكون في صميم عملية الاستجابة من قبل هذه الجهات مجتمعة بغض النظر عن أية عوامل مثل العمر أو الجنس أو حالة الهجرة أو الجنسية، لافتا إلى أن هذه الاستجابة تتمثل في ضمان حصول الضحايا على الدعم المناسب مثل المأوى والمساعدة النفسية والاجتماعية بأسرع وقت. وأشاد بجهود السفيرة "نائلة جبر" رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، وأعرب عن تقديره لتوليها لهذا الملف الهام وجهود فريقها لمواجهة هذه الجريمة.
وقال إن الشراكات الإستراتيجية تلعب دورًا مهمًا في التصدي لهذه الجريمة البشعة، كونها تعزز جهود الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمنظمات التي تعمل في مجالات مساعدة الناجين، خاصة في مجال التحقيقات والملاحقات القضائية، فضلا عن دعم جهود حماية الضحايا، وتطوير برامج الحماية اللازمة، مشيرًا إلى أن هذه الشراكات تضاعف من تأثير المبادرات التي يتم تنفيذها.
وردا على سؤال حول الجهود المكثفة التي تبذلها مصر لمكافحة الاتجار بالبشر، ورؤية الولايات المتحدة لهذه الجهود، أجاب المسئول الأمريكي، بأن الولايات المتحدة تقدر هذه الجهود والدليل رفع ترتيب مصر في تقرير الاتجار بالبشر للعام الحالي 2024، بسبب ما بذلته في الملاحقة القضائية، والحماية، والوقاية، وقد شمل ذلك زيادة عدد (المدعين العامين) المتخصصين في مكافحة الاتجار بالبشر وكذلك المحاكم المتخصصة، كما شمل عددا من القضايا التي تابعتها الحكومة، وبعض الحملات التوعوية المبتكرة لزيادة الوعي العام حول هذه القضية.
وفيما يتعلق بطبيعة التعاون بين مصر والولايات المتحدة في هذا الملف وشكل الدعم المقدم، وهل هو دعم فني أم مادى، قال "هيكى"، إن التعاون مع مصر يتم على عدة مستويات، منها المستوى الدبلوماسي، كون هذه القضية مهمة بسبب ارتباطها بقضايا أوسع مثل الجريمة العابرة للحدود والفساد، على سبيل المثال، ومنها الدعم المالي كما ذكرت سابقا، من خلال منظمة العمل الدولية، كما نقوم أيضاً بتبادل الخبرات بما في ذلك استخدام الشراكات لمحاربة هذه الجريمة بأكبر قدر ممكن من الفعالية.
وحول رؤيته للتعاون الجاري بين مصر والمنظمات الدولية المعنية بهذه القضية، أشار إلى أن مصر، لديها شراكات فاعلة في هذا الشأن، فضلا عن التواصل المنتظم مع منظمات الأمم المتحدة مثل مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة ومنظمة الهجرة الدولية، وغيرها من المنظمات الدولية التي لديها خبرة كبيرة في مواجهة الاتجار بالبشر.