أكد البيان الصادر عن بعثة خبراء صندوق النقد الدولي في ختام زيارتها لسلطنة عُمان؛ أن الاقتصاد العُماني يمضي في طريق التحسن المستمر وذلك من خلال ما أظهره التقرير من مؤشرات تحققت وكذلك توقعاته للفترة المقبلة.
موضوعات مقترحة
ويكتسب البيان أهمية كبيرة لأنه جاء متزامناً مع الاحتفالات بالعيد الوطني الـ 54 المجيد، وتحقيق العديد من المنجزات الاقتصادية التي لاقت تقديراً وإشادة من قبل المؤسسات الإقليمية والدولية ووكالات التصنيف الإئتمانية خلال الفترة الماضية، بفضل التوجيهات الرشيدة للقيادة الحكيمة السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان.
زيارة بعثة صندوق النقد الدولي التي جاءت في إطار المشاورات السنوية بموجب المادة الرابعة لاتفاقية تأسيس الصندوق، أشادت بالنتائج الإيجابية للأداء الاقتصادي والمالي العُماني ومرونة القطاع المصرفي والتحسن المحرز في الحساب الخارجي، بالإضافة إلى التزام الحكومة بشأن مواصلة الإصلاحات الهيكلية.
وفي إطار التأكيد على ما تحقق من مؤشرات أشار بيان بعثة صندوق النقد الدولي، إلى استمرار وتيرة النمو للنشاط الاقتصادي حيث سجل معدل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في النصف الأول من عام 2024م نموًّا قدره 1.9% مقارنة بالنمو المحقق في عام 2023م الذي بلغ 1.2% مع التحسن المستمر في نمو الأنشطة غير النفطية. وتحسن أداء قطاعات الصناعة والصناعة التحويلية وجودة أداء الأنشطة الخدمية.
آفاق اقتصادية مواتية وواعدة
وفي إطار توقعات خبراء بعثة صندوق النقد الدولي للاقتصاد العُماني، فإن الآفاق الاقتصادية لا تزال مواتية وواعدة، حيث يتوقع الخبراء أن يظل النمو عند مستوى 1.2% هذا العام وسيتحسن النمو الاقتصادي في بداية عام 2025م ليبقى من المهم مواصلة الجهود المبذولة لزيادة الإيرادات غير النفطية، ومواصلة تنفيذ المبادرات المالية، لتحرير الموارد اللازمة لتمويل الاستثمارات الداعمة للنمو ودفع خطط التنويع الاقتصادي.
والآن تخطو سلطنة عُمان بثبات نحو التنويع والحد من الاعتماد على النفط مسترشدة بالرؤية المستقبلية، ففـي السنوات الثلاث الأولى من الخطة الخمسية العاشرة سجل متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي 4.5% مقتربًا من مستهدفات «رؤية عُمان 2040» بتحقيق معدل نمو 5 بالمائة بنهاية الخطة العاشرة، وبدأت القطاعات غير النفطية فـي حصاد ثمار توجهات التنويع من خلال معدلات النمو المرتفعة التي سجلتها، حيث بلغ نموها 4.2% بنهاية النصف الأول من العام الجاري، وتتحول إلى قاطرة لدفع النمو القائم على التنويع.
وتبدو النتائج أكثر وضوحًا فـي التطورات الإيجابية المتواصلة فـي تنافسية الاقتصاد وجاذبية الاستثمار، من خلال مبادرات تبسيط إجراءات الاستثمار وبرنامج إقامة المستثمر والتحول الرقمي لخدمات المستثمرين، ونجاح تطوير صالة «استثمر فـي عُمان» كواجهة ومنصة للاستثمار وهو ما أسهم فـي توطين 29 مشروعًا استثماريًا بقيمة 1.2 مليار ريال عماني. وحققت جاذبية الاستثمار زيادة مستمرة فـي حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وسجل إجماليه التراكمي نحو 26 مليار ريال عماني بنهاية النصف الأول.
كما يمضي جهاز الاستثمار العُماني قدمًا فـي تنفـيذ خطة التخارج وتخصيص بعض الحصص فـي الشركات الحكومية وطرحها للاكتتاب العام فـي بورصة مسقط، مستهدفًا زيادة إيرادات الدولة وإفساح المجال لعمل القطاع الخاص، ضمن توجه الحكومة لتركيز دورها على توجيه وتنظيم الاقتصاد وتمكين القطاع الخاص من قيادة النمو وتوليد الوظائف.
ميناء صحار والمنطقة الحرة
استثمارات أجنبية مباشرة جديدة بأكثر من 4 مليار دولار
وفي إطار المنجزات التي تم تحقيقها، نجح ميناء صحار والمنطقة الحُرة في تحقيق نموٍّ ملحوظٍ في الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي وصلت إلى 11.5 مليار ريال عُماني أي ما يعادل 30 مليار دولار أميركي، منها استثمارات جديدة تم استقطابها خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري بقيمة تجاوزت 1.5 مليار ريال عُماني (4 مليارات دولار أميركي).
وقال الرئيس التنفيذي لميناء صحار إن هذا النمو عزز التوقيع على 12 اتفاقية جديدة في المنطقة الحرة بصحار لإقامة عددٍ من المشروعات التحويلية؛ ما يؤكد دورها الفاعل في تعزيز نمو وتطور الاقتصاد الوطني.
وأكد أن العمليات اللوجستية في ميناء صحار شهدت نموًّا مطردًا، حيث ارتفعت أحجام الحاويات بنسبة 21 بالمائة على أساس سنويّ، كما ارتفعت أحجام البضائع العامة بنسبة 45% مدفوعة بزيادة في حركة التجارة، بينما سجلت مناولة البضائع بين السفن بنسبة 30% ، وارتفعت نسبة البضائع المدحرجة بنسبة 25 بالمائة؛ ما يعكس مقومات ميناء صحار وقدرته على تلبية المتطلبات المتزايدة في مجال الخدمات اللوجستية في قطاع الشحن والنقل البحري.
أما على صعيد المنطقة الحرة بصحار، فهي تشهد نموًّا ملموسًا حيث بلغت نسبة إشغال الأراضي المستأجرة حاليًّا 85% في المرحلة الأولى ونسبة 55% في المرحلة الثانية.
كما تم التوقيع على 10 اتفاقيات تأجير جديدة؛ ما يؤكد الزخم الذي تشهده الأنشطة التجارية والاستثمارية حيث وصل إجمالي الاستثمار في المنطقة الحرة إلى مليار و266 مليون ريال عُماني (3.292 مليار دولار أميركي)، ما يترجم النمو الاقتصادي الذي تشهده المنطقة وثقة المستثمرين فيما تقدِّمه من حوافز ومميزات.
وأكد القائم بأعمال الرئيس التنفيذي للمنطقة الحرة بصحار على أن المنطقة تمكنت خلال هذا العام من استقطاب استثمارات جديدة تقدر قيمتها بـ 713 مليون ريال عُماني (1.853 مليار دولار أميركي) حيث تستمر جهود التوسعة الاستراتيجية التي تبذلها المنطقة الحرة إذ تحتضن شركات من 49 دولة مختلفة.
وقال القائم بأعمال الرئيس التنفيذي للمنطقة الحرة بصحار، إن جهود المنطقة على صعيد تحسين كفاءة وفعالية المستودعات أثمرت في الطلب المتنامي على الأراضي، حيث ارتفعت مساحة المستودعات في المنطقة الحرة بصحار بنسبة 8.61%.
ويتجلى التزام ميناء صحار والمنطقة الحرة بتعظيم الفوائد المحلية من خلال إسهاماته القيّمة في القيمة المحلية المضافة وهو ما تؤكد عليه القيمة الإجمالية للعقود المسندة إلى شركات ومشروعات محلية، إذ سجل زيادة حتى نهاية سبتمبر 2024م بنسبة 240 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023م.
كما يواصل ميناء صحار والمنطقة الحرة جهوده في الجوانب التي تعزز المجتمع المحلي من خلال مبادرات المسؤولية الاجتماعية التي تركّز على تطوير التعليم وريادة الأعمال، حيث أطلق الميناء والمنطقة 16 مبادرة ومشروعًا في مجال المسؤولية الاجتماعية عادت بالنفع على أكثر من 56411 فردًا من المجتمع.