Close ad

تصنيف فيتش.. ودلالات التعافي

24-11-2024 | 17:05

حصل الاقتصاد المصري قبل أيام على شهادة دولية جديدة من إحدى المؤسسات الدولية المعتبرة وهي وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني؛ حيث قامت الوكالة برفع تصنيف مصر إلى الدرجة "B" مع نظرة مستقبلية مستقرة، ولا شك أن هذا التصنيف له دلالاته وأهميته وقيمته ويستحق التوقف عنده خصوصا إذا كان صادرا من نفس الوكالة التي منحت مصر أيضا قبل نحو 5 سنوات تصنيفا سالبا ونظرة مستقبلية غير مستقرة وكون أن تغير نظرتها وتقييمها فإن ذلك يعني ببساطة أن حالة الاقتصاد المصري تحسنت ومكوناته بدأت طريق التعافي والأمور الاقتصادية العامة للدولة بدأت تنتقل من الضيق إلى الفرج، وأن المركز المالي للدولة والمؤسسات يتمتع بالقوة والجدارة الائتمانية التي تؤهله أن يكون محل ثقة من المستثمرين.

أهمية وكالة فيتش الدولية التي تأسست عام 1913 أنها تقوم بتزويد المستثمرين بالمعلومات والتحليلات الخاصة بالحالة المالية والجدارة الائتمانية للدول وكذا بعض المؤسسات المدرجة في سوق الأوراق المالية، وتقدم آرائها بشأن الاستثمار فيها من عدمه أي أن مصر كدولة حين تطرح سندات دولية فإن تقييم مؤسسة فيتش الائتماني يكون مصدرا مهما للمستثمرين الراغبين في الإستثمار في هذه السندات فإذا كان التصنيف بالسالب فهو يعنى أن هذه السندات تحمل درجة مخاطر عالية وبالتالي لا ينصح بالاستثمار فيها والعكس إذا كان تقييم فيتش ايجابي كما صدر عن مصر فإنه يعنى أن سندات الدولة المصرية في سوق الأوراق الدولية آمنة وعلى المستثمرين الراغبين الاستثمار فيها.

 وبالتالي تلعب تقارير وكالة فيتش دورا محوريا في قدرة الدول والمؤسسات على الحصول على التمويل عبر أسواق الأوراق المالية من خلال تقييماتها لمستوى الجدارة الائتمانية ويقصد بالجدارة الائتمانية مدى قدرة الجهة الراغبة في الاقتراض على الوفاء بالتزاماتها المالية وسداد ديونها لمستحقيها في الآجال المتعاقد عليها.
 
 الوكالة قالت إن تعديل تقييمها لمصر يرجع لعدد من الأسباب التي تدعهما مؤشرات ايجابية شهدها الاقتصاد المصري منها التدفقات الأخيرة من الاستثمارات الأجنبية ولا سيما صفقة رأس الحكمة التي عززت احتياطيات مصر من النقد الأجنبي كما أن سياسات مرونة سعر الصرف والسياسات النقدية عززت قدرات الاقتصاد المصري فيما يتعلق بالمالية الخارجية لمصر، وهو ما زاد الثقة في قوة هذه الاقتصاد المصري 
 
لم يكن تقييم فيتش هو الوحيد الذي يؤشر على سلامة المسار ، بل أن هناك مؤشرات كثيرة ودلالات عديدة على التعافي، تسجلها الأرقام وتؤكدها الحقائق الدقيقة للأوضاع الاقتصادية، فعلى سبيل المثال احتياطيات مصر الأجنبية ارتفعت بمقدار 11.4 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، لتصل إلى 44.5 مليار دولار، وهو ما يساعد في تقليل الاعتماد على الدين الخارجي، كما أن التضخم انخفض من 35.7% في فبراير إلى 26.4% في سبتمبر.

كما أن صافي الأصول الأجنبية ارتفع 591 مليون دولار في سبتمبر بعد تراجعه بشدة في أغسطس مسجلًا 10.31 مليار دولار، بينما بلغ 3.53 مليار دولار في أغسطس، وتدعم هذه الأصول العملة المحلية بقوة، فيما ارتفعت الودائع بالعملات الأجنبية غير الحكومية في بنوك مصر بأكثر من 5 مليارات دولار خلال التسعة أشهر الأولى من العام الجاري، لتصل إلى 55.96 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي، مقابل 50.5 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2023، وفقًا لأحدث بيانات البنك المركزي المصري.

كما تلقت البنوك المصرية مدخرات أجنبية بقيمة 1.38 مليار دولار خلال سبتمبر الماضي فقط، وهي الزيادة الأعلى منذ بداية العام الحالي فيما قفزت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال الربع الثاني من عام 2024، بمعدل 61.4% لتصل إلى نحو 7.5 مليار دولار مقابل نحو 4.6 مليار دولار خلال ذات الفترة من العام السابق.

المؤكد أن هناك حقائق جديدة ومرتكزات واضحة لانطلاقة قوية للاقتصاد المصري رغم التحديات التي تفرضها التطورات الجيوسياسية في المنطقة والتي تسببت في تراجع دخل قناة السويس بنحو 70%، إلا أن ما قامت به مصر من إصلاحات كان له الدور الفاعل في تقليل حدة الصدمات، ولا شك أن تحرك الدولة الجاد نحو توطين الصناعة وإيجاد قاعدة صناعية قوية تدعم الاقتصاد القومي ستكون له نتائج إيجابية تحافظ على ما تحقق من مكتسبات، وتوفر في ذات الوقت ضمانات تحقيق مستهدفات جديدة على طريق مضاعفة معدلات النمو وخفض التضخم، وهو ما سينعكس على حياة المواطنين الذين تحملوا عن طيب خاطر أعباء سنوات الإصلاح، وآن الأوان أن يجنوا الثمار.. وأحسبه قريبًا.

[email protected]

كلمات البحث
الأكثر قراءة