تواصلت الأنشطة الثقافية المصاحبة لمعرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، التي تُقام في رواق الثقافة أمسية حوارية حول "المكان في الرواية العربية"، شارك فيها الروائي المصري طارق إمام والروائي والشاعر الأردني جلال برجس، وأدارت الحوار الأديبة الكويتية مثايل الشمري.
موضوعات مقترحة
ومن خلال أسئلتها الموضوعية التي طرحتها مثايل الشمري على الضيفين، تكشف الكثير من الإشكاليات المتعلقة بالمكان في الرواية العربية، وما تمثله من قيمة في سياق السرد، حيث إن المكان هو المرتكز الأساسي والفعلي الذي تبتني عليه الرؤية الروائية، ولقد أجمع الروائيان إمام وبرجس، على أن مكان الطفولة هو المحور الذي تدور في فلكه كل عناصر الرواية، لأنه يرتبط بالنشأة والتاريخ والحياة.
وأشار برجس إلى فكرة المكان بمعنى الإقامة، وانتقال المكان من موقع لآخر، وأن هذا الأمر منعشة للخيال، فيما تطرق إلى "المرآة"، التي كانت مكاناً في إحدى رواياته، ومكانا للتساؤل، وقال: "كنت أنظر إليها فهي من أكثر أدوات البيت التصاقا وقوة وقرباً منا، وهي تلك التي تحاط بإطار من خشب".
وعلقت إحدى الحاضرات التي وصفت نفسها بأنها عاشقة للكاتب والفنان جبرا إبراهيم حبرا، وأنها قرأت له الكثير خصوصا روايته التي تعد سيرة ذاتية عن حياته وطفولته الأولى وعنوانها (البئر الأولى) التي تتحدث عن ذكرياته في بيت لحم، وطرحت سؤالها: هل المكان الذي ولدتما فيه أو المدينة التي شهدت طفولتكما تعد البئر الأولى التي بنيتما عليها رواياتكما؟
وأجاب برجس إن "السؤال فيه استفزاز إيجابي، وأنا جربت أن أعيش في العاصمة ولكني لم استطع أن أكتب، وفي بحثي عن الأسباب ومقارنها ذاتي، وجدت أن السبب متعلق بالمكان الذي ولدت وأعيش فيه، فإذا أردت أن أتحدث عن البئر الأولى في حياتي والكتابة، فأقول إنها كانت أمي رحمة الله عليها، وعلاقتها الوثيقة بالمرآة، وبالتالي أعتقد انطلاقا من هذه المرآة أنها بئري الأولى لطرح التساؤلات، فقد كنت أنزوي في إحدى زوايا البيت المعتمة وأطرح على نفسي أسئلة، عن الجسد وعلاقة والدي بوالدتي، وعن اللحظة التي رأيت فيها لأول مرة في حياتي شخصاً ميتاً، وكنت أقف مع الأطفال على جانب القبر وأشم رائحة العطر وأتساءل لماذا... وما الشيء الملفوف بالقماش الأبيض، وبالتالي وبعد هذه الرهبة الأولى والصدمة، عدت إلى البيت في الزاوية المظلمة نفسها وطرحت على نفسي هذه الأسئلة، نعم البيت الذي ولدت فيه وعشت فيه ورأيت هذه المرآة الصغيرة هي البئر الأولى، أو هي المنطقة الخاصة التي أحافظ عليها من كل الصراعات الثقافية ومن كل المشاحنات، كي لا تتشوه، لأنها لو تشوهت ربما أتوقف عن الكتابة".
وتحدث إمام، عن المكان في مختلف الروايات العربية، خصوصاً عند نجيب محفوظ، ثم قال: "لقد تحددت علاقتي بالحياة والكتابة الروائية بالعودة إلى المكان الذي نشأت فيه في مدينة صغيرة بدلتا مصر، حتى علاقتي بالقاهرة، وكنت أنظر إلى المكان الذي ولدت ونشأت فيه كمرجع شكّل أفقا واسعاً لي، فكل شيء تتعامل معه وفق أشياء مزروعة فيك، فحينما شاهدت البحر، ولأن مدينتي تفقده، فقد اعتبرته لا شيء.
وأشاد الروائي طالب الرفاعي، بالمحاضرين، كما أشاد بمديرة الجلسة كاتبة القصة الكويتية مثايل الشمري، وقال: "المكان هو أهم شيء في الحياة، وكفاكا ذكر أهميته في كتاباته، فهو في كل نفس من أنفاسنا، وأضاف: "سعيد بالمحاضرة والمحاضرين... وشكرا للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب أن أتاح هذه الفرصة لإلقاء الضوء على المكان في الرواية العربية".
فعاليات معرض الكويت للكتاب