من يهمس في أذن الرئيس الأمريكي يدير دفة العالم.. هذه هي الحقيقة لذا علينا أن نتعرف عن قرب إلى الوجوه والشخصيات المرشحة لتولي حقائب وزارية في إدارة الرئيس الأمريكي القادم دونالد ترامب.
موضوعات مقترحة
معظم الترشيحات جاء أغلبها مثيرا، مثل منصب وزير الدفاع، الذى سوف يتم إسناده إلى "بيت هيجسيث" المذيع فى قناة "فوكس نيوز"، فضلا عن أن فريقه للأمن القومى يضم صقور واشنطن المعروفين بانحيازهم الصارخ لإسرائيل، وأبرزهم "مايك والتز" مستشار الأمن القومى، والذى من المتوقع أن يكون هو "اللاعب" الفعلى. و"ماركو روبيو" وزير الخارجية و"مايك هاكابى" سفيرًا لدى إسرائيل. و"تولسى جابارد" العاشقة لليوجا والمرشحة لتولى رئاسة الإدارة الوطنية للاستخبارات الأمريكية، والمنشقة عن الحزب الديمقراطى، والتى تعارض حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات.
جون راتكليف..
مديرا لـ «سى آى إيه»
شغل راتكليف فى السابق منصب مدير الاستخبارات الوطنية، وقد انتقد سياسة الرئيس جو بايدن فى منطقة الشرق الأوسط، ودعا إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الصين. اتهم الديمقراطيون راتكليف بكشف معلومات استخباراتية لصالح الرئيس دونالد ترامب، وهى التهمة التى ينفيها من جانبه. وضع راتكليف نفسه فى موقع الصقر المناهض للصين أثناء توليه منصب مدير الاستخبارات الوطنية. الحليف الوثيق الذى كان مديرا للمخابرات الوطنية فى نهاية ولاية ترامب الأولى، تم اختياره من قبل الرئيس المنتخب دونالد ترامب ليشغل منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.
وبحسب وكالة أنباء "رويترز" ينظر إلى راتكليف بوصفه أكبر وأشهر جاسوس فى البلاد منذ أواخر مايو 2020 حتى ترك ترامب لمنصبه فى يناير 2021. ومؤخرا شغل منصب رئيس مشارك لمركز الأمن القومى وهو مركز أبحاث يدافع عن مواقف دونالد ترامب. ونصح الرئيس الجمهورى بشأن سياسة الأمن القومى خلال حملته الانتخابية. وقال ترامب فى بيان أعلن فيه ترشيح راتكليف": أتطلع إلى أن يكون جون أول شخص على الإطلاق يشغل منصبين رفيعى المستوى فى أجهزة الاستخبارات فى بلادنا. سيكون مقاتلا شجاعا من أجل الحقوق الدستورية لجميع الأمريكيين، مع ضمان أعلى مستويات الأمن القومى والسلام من خلال القوة".
ووعد راتكليف، العضو السابق فى مجلس النواب، خلال جلسة تأكيد تعيينه فى منصب مدير الاستخبارات الوطنية فى مايو 2020 بأنه سيقدم "معلومات استخباراتية موضوعية وفى الوقت المناسب" كما أضاف أنه سوف يراقب عن كثب قضايا أخرى مثل القوة الإيرانية وبرنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية.
وعندما أيد مجلس الشيوخ ذو الأغلبية الجمهورية راتكليف مديرًا للاستخبارات الوطنية فى عام 2020، صوت جميع أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين ضد ترشيحه، مشيرين إلى افتقاره إلى الخبرة فضلا عن الانحياز الحزبى. ومع سيطرة الجمهوريين على المجلس مرة أخرى، ومع أشهر من الخبرة اكتسبها كمدير للاستخبارات الوطنية فمن المتوقع أن تتم الموافقة عليه بسهولة تلك المرة.
وفى الآونة الأخيرة انتقد راتكليف الطريقة التى تنتهجها إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن الديمقراطى إزاء الصراع بالشرق الأوسط. وفى مقال له نشر فى يونيو الماضى بمؤسسة the Heritage Foundation والذى جاء تحت عنوان "تعريض أمن إسرائيل وأمننا للخطر"، زعم أن سياسة بايدن تعرض إسرائيل حليف أمريكا الرئيسى للخطر بالتهديد بمنع شحنات الأسلحة إليها. متهما إدارة بايدن بإنفاق موارد باهظة فى محاولة مضللة لاسترضاء إيران. وتحتاج الولايات المتحدة الأمريكية إلى تغيير مسارها على الفور. وتتمحور رؤية راتكليف لإصلاح الـ"سى آى إيه" من وجهة نظره فى أن واشنطن إبان إدارة بايدن أضعفت أولوية الشرق الأوسط ككل. حينما قررت وكالة الاستخبارات المركزية تقليص عدد محللى الاستخبارات المدنيين المكلفين بمراقبة وتحليل تطورات الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.إن نهج بايدن فى التعامل مع الأمن القومى يتناقض بشكل صارخ مع نهج الرئيس ترامب.
كما زعم أن الإدارة الأمريكية لم تكن صارمة بما يكفى مع إيران. ووضع نفسه فى موقع المتشدد تجاه الصين أثناء توليه منصب مدير الاستخبارات الوطنية. وكتب راتكليف فى مقال نشر فى صحيفة "وول ستريت جورنال" فى ديسمبر 2020: المعلومات الاستخباراتية واضحة: بكين تنوى الهيمنة على الولايات المتحدة وبقية العالم اقتصاديا وعسكريا وتكنولوجيا".
ماركو روبيو.. وزيرا للخارجية
على الساحة الدولية عرف روبيو بسياساته المناهضة تجاه دول مثل إيران والصين وكوبا، فضلا عن دعمه القوى لإسرائيل. فعقب السابع من أكتوبر العام الماضى كتب روبيو عبر منصة تويتر: "ليس أمام إسرائيل خيار آخر سوى القضاء التام على غزة، ليست هناك حلول دبلوماسية. وسوف تأتى تلك الخطوات بشكل مأساوى وثمن مروع".
وفى مقال له بمجلة "ناشيونال ريفيو" أعلن قائلا: "فى النهاية وبغض النظر عما يقوله المجتمع الدولى، فإن لإسرائيل الحق فى الدفاع عن نفسها، ولابد أن تدعم الولايات المتحدة الأمريكية تحركاتها فى غزة. وفى أحد البرامج على قناة "فوكس نيوز" قارن غزو إسرائيل لرفح بملاحقة قوات الحلفاء لهتلر.
وفى يونيو الماضى كان أحد الرعاة الرئيسيين لمشروع قانون من شأنه منع إدارة بايدن من ربط المساعدات العسكرية لإسرائيل بشروط. وقال فى ذلك الوقت: "يتعين على الولايات المتحدة أن تقف بثبات فى دعم أقوى حليف لها فى الشرق الأوسط، إسرائيل. كما قدم روبيو مشروع قانون لمنع الولايات المتحدة من إرسال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين من خلال وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين(الأونروا). كما قدم مرارًا وتكرارًا مشاريع قوانين من شأنها أن توفر للولايات المتحدة الأمريكية المزيد من الأدوات للقضاء على حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات التى وصفها بأنها "الحملة الأكثر تدميرا لإسرائيل".
بيت هيجسيث.. وزير الدفاع المثير للجدل
أثار اختيار الرئيس المنتخب دونالد ترامب لبيت هيجسيث، المذيع فى قناة فوكس نيوز والضابط السابق فى الحرس الوطني، لمنصب وزير الدفاع، دهشة بين أعضاء الكونجرس والنخبة والقيادات العسكرية. وحالة من الجدل ليجلس على قمة مؤسسة "البنتاجون".
هيجسيث ليس أول شخصية إخبارية تلفزيونية تخدم فى إدارة رئاسية، حيث لعب على سبيل المثال مذيعا قناة فوكس نيوز "شون هانيتي" و"توكر كارلسون" أدوارًا استشارية غير رسمية لترامب خلال فترة ولايته الأولى فى منصبه.
وإذا تم تأكيد ترشحه، فسوف يكون أقل وزير دفاع خبرة فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، منذ "هنرى نوكس" أول وزير حرب والذى كان جنرالا فى حرب الاستقلال الأمريكية. وغالبا ما يأتى أولئك الذين يرتقون إلى هذا المنصب من مبنى الكونجرس أو المجمع الصناعي- العسكرى أو أعلى مراتب سلك الضباط.
وجاء رد الفعل على هذا الترشيح سريعا وقاطعا، فقد قال أحد كبار المسئولين العسكريين السابقين: "إن الصفة الوحيدة المؤهلة لهيجسيث كانت الولاء لترامب، وأن الاختيار كان محرجا"، على الرغم من أن اللغة المستخدمة فى بعض التعليقات وردود الأفعال على اختياره كانت لا تخلو من الطرافة إلا أنها تعكس الشعور بالصدمة. حيث قال مسئول فى الكونجرس الأمريكى إنه اضطر إلى البحث عن اسم هيجسيث على جوجل!
وقال آدم سميث عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب فى بيان: "لا ينبغى أن تكون وظيفة وزير الدفاع منصبا لمبتدئ، وأنا أتساءل عن سبب اختيار الرئيس المنتخب ترامب لمذيع أخبار تلفزيونى لتولى هذا الدور المهم للغاية. ورغم أننى أحترم وأعجب بالخدمة العسكرية للسيد هيجسيث، إلا إننى أشعر بالقلق إزاء قلة خبرته نظرا للتحديات الأمنية التى نواجهها فى جميع أنحاء العالم".
يرفض هيجسيث مبدأ التنوع فى الجيش وقال مؤخرا فى برنامج "شون رايان شو" الصوتى: "العبارة الأكثر غباءً على كوكب الأرض هى قوتنا فى تنوعنا". وتعهد هيجسيث بإلغاء برامج التنوع فى الجيش، قائلا إنها أدت إلى تقليص جاهزية القوة العسكرية. وقال إن الهوس بالتنوع والمساواة والإدماج، أدى إلى تآكل القيم العسكرية كما ندد بدور المرأة فى القتال وأعلنها صراحة، لا ينبغى لنا أن نسمح للنساء بالقيام بأدوار قتالية. "هذا لم يجعلنا أكثر فعالية، ولم يجعلنا أكثر فتكًا، بل جعل القتال أكثر تعقيدًا"
ونظرًا لحجم وأهمية "البنتاجون"، فمن المرجح أن يحتاج هيجسيث إلى نائب قوى وطاقم من ذوى الخبرة. وبغض النظر عن ذلك، قد يظل مركز الثقل فى البيت الأبيض، كما هي الحال فى ظل الإدارة الحالية، حيث لم يُنظر إلى وزير الدفاع لويد أوستن على أنه لاعب رئيسي. وهذا يعنى أن مستشار الأمن القومى القادم مايكل والتز سيلعب دورا محوريا. يتمتع والتز بخبرة كبيرة كعضو فى الكونجرس، وقائد فى القوات الخاصة - وكمسئول سابق فى البنتاجون.
لكن ربما يكون التحدى الأبرز الذى سيواجهه هيجسيث هو إدارة البنتاجون، وهو بيروقراطية مترامية الأطراف تضم 2.3 مليون جندى وموظف مدنى، بميزانية سنوية تبلغ نحو 900 مليار دولار!
"نحن نتحدث عن شخص معروف فى المقام الأول كشخصية إعلامية، والذى سيدير واحدة من أكبر المؤسسات فى الولايات المتحدة الأمريكية، والذى لا يبدو أنه يتمتع بأى نوع من الخبرة الإدارية وهذا النوع بالتحديد شديد الخصوصية والحساسية والسرية، وسوف يكون واحدا من أبرز الشخصيات فى السياسة الأمريكية،" هذا ما قالته نيكول هيمر، المؤرخة السياسية فى جامعة فاندربيلت، والتى درست لفترة طويلة التفاعل بين وسائل الإعلام والحركات المحافظة. ومؤخرا ترددت أنباء عن أن إدارة ترامب تعيد النظر فى ترشيح وزير الدفاع بيت هيجسيث، إلا أن ترامب أعلن تمسكه به.
مايك والتز..
مستشار الأمن القومى
اختار الرئيس المنتخب دونالد ترامب مايك والتز مستشارا له للأمن القومي، والذى يتبنى عموما وجهات نظر محافظة تقليدية فيما يتصل بالسياسة الخارجية. ومعروف عنه دعمه القوى لإسرائيل. فى الشهر الماضى أعلن والتز أنه كان ينبغى على إسرائيل أن تضرب جزيرة "خرج" بإيران وهى مركز رئيسى لصادرات النفط الإيرانية. ومنشآتها النووية فى "ناتانز". وقال فى عام 2023: " إن الولايات المتحدة الأمريكية يجب أن توضح أنها لن تمنع إسرائيل من ضرب البرنامج النووى الإيرانى، وينبغى على واشنطن أن تظهر لإيران من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل أن قدرتنا العسكرية من شأنها أن تلحق ضررا كبيرا ببرنامجهم النووي. حيث يعتبر إيران مصدرا رئيسيا ل"زعزعة الاستقرار فى المنطقة".
وبحسب وكالة Jewish Telegraphic Agency كان والتز من أقوى أنصار إسرائيل داخل مجلس النواب الأمريكي، وقال إن إسرائيل يجب ألا تتردد فى ضرب المواقع النووية وحقول النفط الإيرانية. قد تكون تلك هى الفرصة الأخيرة الأفضل لإسرائيل لتقليص البرنامج النووى الإيرانى ووقف تمويلها. ودعا علنا إلى قصف المنشآت النووية الإيرانية.
وقدم مؤخرا تفاصيل حول رؤيته للسياسة الخارجية فى مقال نشرته مجلة "الايكونومست" ورد فيها: "ينبغى للإدارة القادمة أن تترك إسرائيل تنهى المهمة وتنتهى منها بسرعة""يجب عليهم وضع خيار عسكرى موثوق على الطاولة للتوضيح للإيرانيين أن أمريكا ستمنعهم من بناء الأسلحة النووية، وإعادة حملة إطلاق الضغط الدبلوماسى والاقتصادى لقطع إمدادات وكلائهم ".
إيميل مايكل.. مصرى فى إدارة ترامب
إيميل مايكل مرشح لتولى وزارة النقل، يعد مايكل الذى ينحدر من أصول مصرية أحد أكثر القادة ورواد الأعمال وصانعى الصفقات شهرة فى عالم التكنولوجيا، وقد اكتسب شهرة باعتباره اليد اليمنى لترافيس كالانيك، مما قاد شركة نقل ذكى لتصبح شركة التكنولوجيا الخاصة الأكثر قيمة فى التاريخ. وقد سبق له أن عمل فى ظل إدارة أوباما كمساعد خاص لوزير الدفاع روبرت جيتس. كما أدار مشاريع فى أفغانستان وباكستان، ونفذ جهودًا لخفض الميزانية على مستوى الوزارة بهدف زيادة الكفاءة وتقليص النفقات العامة وتبسيط البيروقراطية.
يشار إلى مايكل كقصة ملهمة عن جذور المهاجرين. حصل مايكل على درجة البكالوريوس من جامعة هارفارد ودرجة الدكتوراه فى القانون من كلية الحقوق بجامعة ستانفورد ويحمل عضوية فعالة فى مجلس إدارة العديد من شركات التكنولوجيا العامة والخاصة البارزة. ولعب دورًا محوريًا فى جمع ما يقرب من 15 مليار دولار من رأس المال من المستثمرين على مستوى العالم، وهو أكبر مبلغ جمعته أى شركة ناشئة خاصة فى التاريخ.
خلال مسيرته المهنية، عمل كمدرب قيادة ومرشد لعشرات الرؤساء التنفيذيين الشباب، مما منحه خبرة واسعة فى الشركات والتقنيات والاتجاهات فى المراحل المبكرة. بدأ حياته المهنية فى جولدمان ساكس، حيث كان زميلاً فى قسم الخدمات المصرفية الاستثمارية من عام 1998 إلى عام 1999.