- قتلت منهم أكثر من 300 إنسان
موضوعات مقترحة
- جويس مسويا: ما الذى حل بحسنا الأساسى بالإنسانية؟
- روبرت وود: نشعر بالقلق بشأن إطلاق الجيش الإسرائيلى النيران على سيارات تابعة لبرنامج الأغذية العالمى
- هيومن رايتس ووتش: إسرائيل تستخدم التجويع كأسلوب حرب فى غزة
- أنتونى ألبانيزي: أستراليا تتوقع محاسبة كاملة للمسئولين عن مقتل عمال الإغاثة
ضربت إسرائيل – كعادتها - عرض الحائط بكل الأعراف والمواثيق الدولية والقيم الإنسانية، فى حرب الإبادة الجماعية التى تشنها على قطاع غزة على مدى أكثر من عام حتى الآن، ولم تكتف بقتل المدنيين الفلسطينيين العزل من السلاح، بل أراقت دماء عمال الإغاثة التابعين لمنظمات الأمم المتحدة، وإذا كان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية “ أوتشا” قد أعلن عن قتل 280 عامل إغاثة، فى مناطق النزاع فى 33 دولة العام الماضي، فإن إسرائيل وحدها قتلت أكثر من 300 عامل إغاثة فى غزة فقط، منذ السابع من أكتوبر الماضي، أى خلال أقل من عام وفى منطقة لا تتعدى مساحتها 74.6 كم فقط، وأغلبهم من موظفى وكالة الأمم المتحدة، لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فى الشرق الأدنى «الأونروا»، وكأن إسرائيل تتعمد ذلك، لإرهاب عمال الإغاثة حتى لا يقوموا بعملهم، وبالطبع فإن العدد قابل للزيادة خلال هذا العام، خصوصا فى ظل استخدام إسرائيل لكل أنواع الأسلحة شديدة التدمير، وخصوصا المحرم استخدامها دوليا.
جويس مسويا كانت القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشئون الإنسانية، قد حذرت من خطورة الأوضاع فى غزة قائلة: إن الوضع فى غزة يائس للغاية، مضيفة أن المدنيين جوعى وعطشى ومرضى وبلا مأوى، وأنه “تم دفعهم إلى ما هو أبعد من حدود التحمل، وما هو أبعد مما يمكن لأى إنسان تحمله”، مضيفة أن تطبيع العنف ضد عمال الإغاثة وانعدام المساءلة أمر غير مقبول، وغير منصف، ويضر بشكل كبير بعمليات الإغاثة فى كل مكان، وقالت: نكرر مطالبتنا بأن يتحرك من هم فى السلطة لوضع حد للانتهاكات ضد المدنيين، ومنع الإفلات من العقاب الذى ترتكب بسببه هذه الهجمات البشعة”.
وفى إحاطتها أمام جلسة لمجلس الأمن لمناقشة الوضع فى الشرق الأوسط، بما فى ذلك القضية الفلسطينية، أفادت مسويا فى وقت سابق، بأن “ما شاهدناه على مدى الأشهر الـ 11 الماضية ــ وما زلنا نشهده ــ يثير التساؤلات حول التزام العالم بالنظام القانونى الدولى الذى صمم لمنع هذه المآسي، وهو يفرض علينا أن نسأل: ما الذى حل بحسنا الأساسى بالإنسانية؟
وأوضحت أن مكتب تنسيق الشئون الإنسانية، أبلغ المجلس مرارا منذ 7 أكتوبر الماضى بالمستويات المروعة من الموت والإصابة والدمار، التى تثير مخاوف خطيرة للغاية بشأن الامتثال للقانون الدولى الإنسانى، فضلا عن “صعوبات غير مسبوقة” تواجه الاستجابة الإنسانية.
وأضافت: «لا يمكننا التخطيط لأكثر من 24 ساعة مقدما لأننا نكافح لمعرفة الإمدادات التى سنحصل عليها، ومتى سنحصل عليها أو أين سنتمكن من تسليمها، إن حياة 2.1 مليون إنسان لا يمكن أن تعتمد على الحظ والأمل وحدهما».
وحتى نائب السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة روبرت وود، أعرب عن القلق بشأن إطلاق الجيش الإسرائيلى النيران على سيارات تابعة لبرنامج الأغذية العالمى ومنظمة اليونيسيف، وشدد على ضرورة أن تقر إسرائيل بأخطائها، وتضمن عدم تكرار إطلاق قواتها للنار على موظفى الأمم المتحدة.
كما شدد على ضرورة وقف “الهجمات الكلامية” على الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى فى غزة، وقال: إن الوقت قد حان للتوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى.
وبحسب الأمم المتحدة، قتلت إسرائيل نحو 300 من عمال الإغاثة عبر غارات شنتها، كان منها قتل 4 أشخاص كانوا يعملون لصالح منظمة الإغاثة الأمريكية للاجئين بالشرق الأدنى “أنيرا”، وسط قطاع غزة فى 29 أغسطس الماضي، حيث ذكرت هيومن رايتس ووتش وهى منظمة دولية معنية بحقوق الإنسان: أن إسرائيل شنت 8 ضربات على الأقل استهدفت قوافل ومبانى إغاثية فى غزة منذ أكتوبر الماضى، برغم أن هذه المنظمات قدمت إحداثيات مواقعها للسلطات الإسرائيلية لضمان حمايتها.
وذكرت المنظمة أن إحدى الهجمات فى 18 يناير 2024 أصابت ثلاثة أشخاص، كانوا يقيمون فى مضيافة مشتركة تابعة لمنظمتى إغاثة، ومن المرجح أنها نفذت باستخدام ذخيرة أمريكية الصنع.
وقالت المنظمات التى تأثرت مبانيها وموظفوها: إنه على حد علمها لم تكن هناك أهداف عسكرية فى المنطقة وقت الهجوم.
وأكدت “هيومن رايتس ووتش” أنه إذا تم تأكيد ذلك، تكون الهجمات عشوائية بشكل غير قانوني، لأنها لم تتخذ الاحتياطات الكافية لضمان أن الهدف كان عسكريا، مشيرة إلى أنه حتى لو كانت هناك أهداف عسكرية فى محيط بعض مواقع الهجوم، فإن هذه الحوادث تسلط الضوء على عدم حماية إسرائيل عمال الإغاثة والعمليات الإنسانية، وتجاهل أكبر لواجبها فى تخفيف الضرر الذى يلحق بالمدنيين بشكل عام.
وأضافت المنظمة أن هذا النمط من الهجمات، يثير تساؤلات جدية حول التزام إسرائيل بالامتثال للقانون الإنسانى الدولى وقدرتها على ذلك، وهو ما تعول عليه بعض الدول بما فيها بريطانيا، لمواصلة ترخيص صادرات الأسلحة إلى إسرائيل.
وأشارت “هيومن رايتس ووتش” إلى أن إسرائيل، تستخدم التجويع كأسلوب حرب فى غزة، عملا بسياسة وضعها المسئولون الإسرائيليون وتنفذها القوات على الأرض، حيث تمنع عمدا توصيل المياه والغذاء والوقود، وتعرقل عمدا المساعدات الإنسانية، وتدمر المناطق الزراعية، وتحرم المواطنين المدنيين من الأشياء التى لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، وبينت أن إسرائيل لم ترد على أسئلتها، والتى تطلب فيها معلومات محددة حول الهجمات على عمال الإغاثة الموثقة لديها.
ودعت المنظمة إسرائيل إلى إعلان نتائج التحقيقات فى الهجمات، التى أدت إلى مقتل وإصابة عمال الإغاثة، وفى جميع الهجمات الأخرى التى تسببت فى خسائر فى صفوف المدنيين.
ووثقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” ثمانى هجمات على عمال ومنظمات اغاثية، وهى: قافلة المطبخ المركزى العالمى فى الأول من أبريل 2023، قافلة “أطباء بلا حدود” فى 18 نوفمبر 2023، دار ضيافة تابعة للأونروا فى 9 ديسمبر 2023، ملجأ لأطباء بلا حدود فى 8 يناير 2024، دار ضيافة للجنة الإنقاذ الدولية، وجمعية العون الطبى للفلسطينيين فى 18 يناير 2024، قافلة للأونروا، فى 5 فبراير 2024، دار ضيافة لأطباء بلا حدود فى 20 فبراير 2024، منزل يأوى موظفا فى منظمة “المعونة الأمريكية للاجئين فى الشرق الأدنى” - أنيرا- فى 8 مارس 2024.
وكان من أبرز الاستهدافات الإسرائيلية، فى هذا السياق، قتل 7 من موظفي المطبخ المركزى العال، 6 منهم أجانب، وبينهم سائق فلسطيني، وهم تابعون لمنظمة “وورلد سنترال كيتشن” غير الحكومية التى صرحت بأن سبعة أشخاص يعملون لصالحها، بينهم مواطنون من أستراليا وبريطانيا وبولندا، لقوا حتفهم فى ضربة جوية إسرائيلية على قطاع غزة، وأعلنت المنظمة التى تتخذ مقرا فى الولايات المتحدة الأمريكية تعليق عملياتها فى المنطقة بعد مقتل موظفيها.
وأضافت المنظمة فى بيان لها أن العاملين كانوا يستقلون سيارتين مدرعتين تحملان شعارها إلى جانب مركبة أخرى، وذكرت أنه على الرغم من تنسيق التحركات مع الجيش الإسرائيلى، فقد تعرضت القافلة للقصف أثناء مغادرتها مستودعها فى دير البلح، بعد تفريغ أكثر من 100 طن من المساعدات الغذائية الإنسانية، التى وصلت إلى غزة عن طريق البحر.
وكانت المنظمة قد شاركت بشكل نشط منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة فى السابع من أكتوبر 2023 فى عمليات الإغاثة، ولا سيما توزيع وجبات إغاثية على سكان القطاع المهدد بالمجاعة.
وقالت المنظمة فى وقت سابق على موقع “ إكس”: نحن على علم بالتقارير، التى تفيد بأن أعضاء من وورلد سنترال كيتشن قتلوا فى هجوم للجيش الإسرائيلى، أثناء عملهم لدعم جهودنا الإنسانية لتوصيل الغذاء للمواطنين فى غزة، هذه مأساة.. عمال الإغاثة الإنسانية والمدنيون ينبغى ألا يكونوا هدفا أبدا.
وكان رئيس الوزراء الأسترالى أنتونى ألبانيزى، قد أكد أن مواطنة أسترالية تعد فى عداد القتلى، وقال إن المتطوعة زومى فرانكوم، كانت تقوم بعمل قيم للغاية فى توزيع الغذاء فى قطاع غزة، وأضاف قائلا: هذا أمر غير مقبول على الإطلاق، أستراليا تتوقع محاسبة كاملة للمسئولين عن مقتل عمال الإغاثة.
وقال رئيس الوزراء الأسترالى أنتونى ألبانيزى، فى مقابلة إذاعية مع هيئة الإذاعة الأسترالية «إيه بى سى» إن وزارة الخارجية تجرى تحقيقا عاجلا فى هذه التقارير، وأضاف: أنا قلق للغاية بشأن الخسائر فى الأرواح التى تحدث فى غزة، حكومتى تدعم وقفا مستداما لإطلاق النار.
بدوره، أعرب البيت الأبيض عن حزنه الشديد لمقتل المتطوعين الأجانب فى الغارة الإسرائيلية، مطالبا الدولة العبرية بأن تجرى سريعا تحقيقا يكشف ملابسات ما جرى.
وكتبت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى، أدريان واتسون على منصة “إكس”، إن قلبنا مفطور ونشعر بانزعاج شديد، بسبب الغارة التى أدت إلى مقتل عمال الإغاثة، فى وورلد سنترال كيتشن فى غزة.
وأضافت يجب حماية عمال الإغاثة الإنسانية، لأنهم يقدمون مساعدات للفلسطينيين، وهم بحاجة ماسة إليها، ونحض إسرائيل على التحقيق بسرعة فيما جرى.
وفى تغريدة سابقة قال مسئول المنظمة العالمية، إنه طلب شخصيا من السفير الإسرائيلى “تفسيرا ًعاجلاً” للضربة، التى أدت إلى مصرع موظفى الإغاثة.
وكتب الرئيس البولندى، أندريه دودا، على موقع إكس: إنه اطلع بـ”ألم عميق” على خبر وفاة متطوعى منظمة “المطبخ المركزى العالمى” الخيرية، بما فى ذلك مواطن بولندى.
وقال: هؤلاء الأشخاص الشجعان، غيروا العالم إلى الأفضل بخدمتهم وتفانيهم من أجل الآخرين، هذه المأساة لم يكن ينبغى أن تحدث أبدا ويجب تفسيرها.
وقال وزير الخارجية البريطانى ديفيد كاميرون، إن وزارة الخارجية تعمل على التحقق من التقارير، التى تفيد بمقتل مواطنين بريطانيين فى الغارة، مضيفا أنه سيتم تقديم الدعم الكامل لأسرهم، وأضاف وزير الخارجية أنه ينبغى الإشادة والثناء بجمعيات الإغاثة الخيرية لعملها، ويجب السماح لها بممارسة عملها دون عوائق.
ومن جهتها أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، أن الرئيس الأمريكى جو بايدن، شدد وجوب حماية الطواقم الإنسانية، وذلك فى اتصال أجراه بمؤسس ورئيس المنظمة الإغاثية غير الحكومية وورلد سنترال كيتشن، وأعرب عن حزنه الشديد لنبأ الغارة الجوية التى أسفرت عن مقتل 7 عمال إغاثة، وقد قدم أحر تعازيه، كما أشارت إلى أن بايدن لفت خلال المحادثة الهاتفية إلى أنه سيبلغ إسرائيل بكل وضوح بوجوب حماية عمال الإغاثة الإنسانية.
ومن جانبه طالب رئيس الوزراء البريطانى، ريشى سوناك، إسرائيل بتحقيق مستقل ومعمق وشفاف فى الواقعة، وأعرب سوناك خلال اتصال هاتفى أجراه مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، عن غضبه لمقتل عمال الإغاثة، وفق بيان لرئاسة الوزراء البريطانية. كما لفت سوناك إلى أن عددا كبيرا من العمال الإنسانيين والمدنيين قضوا فى غزة، وأن الوضع بات لا يطاق بشكل متزايد.