ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن مساعي الرئيس المنتخب دونالد ترامب للدفع نحو إجراء مفاوضات سلام بين روسيا وأوكرانيا تلقى قبولًا متزايدًا بين حلفاء أوكرانيا الأوروبيين، الذين باتوا يشعرون بالقلق أكثر فأكثر من أن الوقت ليس في صالح أوكرانيا في هذه الحرب.
موضوعات مقترحة
وأوضحت الصحيفة- في تقرير، اليوم /الأحد/- أنه في حين بدأ الزعماء الأوروبيون مناقشات لمعرفة ما إذا كان بوسعهم سد أي فجوة تمويلية تواجه كييف إذا قطعت إدارة ترامب القادمة الدعم عنها، يدرك المسؤولون في العديد من العواصم أن الخروج من الصراع يبدو ضروريًا على نحو متزايد، إذ يلاحظون كيف تتقدم روسيا على الأرض بينما تكافح أوكرانيا للحصول على القوات والأسلحة.
ورأت الصحيفة أن التوافق المتزايد بين أوروبا وإدارة ترامب بشأن الانفتاح على المحادثات يشكل تحولًا حادًا عن الوضع الذي كان سائدًا قبل ستة أشهر فقط. ففي ذلك الوقت، نظر المسؤولون الأوروبيون بفزع إلى تعهد فريق ترامب بإنهاء الحرب من خلال مفاوضات سريعة وسط مخاوف من أن يعقد صفقة مع الكرملين على حساب أوكرانيا.
ومع ذلك، ما زالت هناك مخاوف عميقة في أوروبا حول الدرجة التي قد تحرم بها إدارة ترامب أوكرانيا من اتخاذ القرار بشأن شكل التسوية الدبلوماسية، كما يشعر القادة الأوروبيون بالقلق أيضًا بشأن نوع المطالب الروسية التي قد يقبلها الرئيس المنتخب كجزء من اتفاق لوقف إطلاق النار أو السلام.
وأشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بترامب وأعرب عن أمله في أن يتمكن حديثه الصارم عن قوة الولايات المتحدة من إجبار موسكو على صنع السلام. لكن زيلينسكي أثار أيضًا مخاوف بشأن مخاطر إجراء محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وبعد أن تحدث المستشار الألماني أولاف شولتس مع بوتين يوم الجمعة للمرة الأولى منذ عامين، قال زيلينسكي إن المكالمة قد تجر مكالمات أخرى تمثل "الكثير من الحديث فقط".
وأضاف في خطابه المسائي المصور "هذا هو بالضبط ما أراده بوتين منذ وقت طويل: من المهم بالنسبة إليه أن يضعف عزلته، عزلة روسيا"، "والانخراط في مفاوضات، مفاوضات عادية، لن تؤدي إلى شيء. كما كان يفعل لعقود من الزمان".
ومع ذلك، فإن فريق ترامب الانتقالي يزداد ثقة من أن أوكرانيا أكثر استعدادًا لإجراء محادثات سلام مع روسيا مما تعترف به علنًا. ويعتقد ترامب وكبار مستشاريه أن أوكرانيا، في ظل النكسات التي لحقت بها في ساحة المعركة، لن يكون أمامهما خيار سوى الجلوس على طاولة المفاوضات قريبًا، بحسب الصحيفة.
ويؤكد المسؤولون الأوكرانيون علنًا أن هدفهم لا يزال تحرير ما يقرب من 20% من أراضيهم التي تحتلها روسيا. ويحظى هذا الموقف بدعم واسع النطاق من الأوكرانيين، لكن قبولهم لتنازلات محتملة عن الأرض يتزايد مع تقدم روسيا ببطء، ولكن بثبات، على الجبهة الشرقية الرئيسية على الرغم من الخسائر الفادحة.
ويقول المسؤولون والمستشارون الأجانب الذين تحدثوا مع القيادة الأوكرانية إن كييف ينتابها قلق بشأن ترامب ولكن كانت تخشى أن تستمر إدارة كمالا هاريس في عملية الخنق البطيء، فعلى الأقل يجلب ترامب حالة من عدم اليقين، حتى لموسكو، وهي حالة تشعر كييف أنها يمكن أن تستغلها.
ويبقى السؤال الكبير، بحسب الصحيفة، هو كيف سيمضي ترامب قدمًا - وما إذا كان بوتين سيدخل في مفاوضات بحسن نية. وقد توصل مستشاروا ترامب إلى خطط مختلفة، وكلها تنفصل بشكل كبير عن نهج "مهما استغرق الأمر" الذي تتبعه إدارة بايدن. وأشارت الصحيفة إلى أن تلك المقترحات، إذا تم تبنيها في صفقة نهائية بين أوكرانيا وروسيا، قد تشهد امتناع أوكرانيا عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" لمدة عشرين عامًا، بينما تتلقى مزيدًا من الأسلحة "لردع أي غزو روسي جديد".
وتقول الصحيفة إنه في حين أوضحت الحكومة الألمانية الحالية أنها ضد انضمام أوكرانيا إلى "الناتو" في السنوات القادمة، فمن غير الواضح ما إذا كان الحلفاء الأوروبيون الآخرون سيوافقون على ذلك، حتى لو وافقوا على الحاجة إلى بدء محادثات إنهاء الحرب.
وفي قمة عقدت في بودابست، الأسبوع الماضي، ناقش الزعماء الأوروبيون لأول مرة ما يجب القيام به إذا أوقفت الولايات المتحدة المساعدات عن أوكرانيا بعد تولي ترامب منصبه في يناير. ومع ذلك، بعد سلسلة من المكالمات الهاتفية مع الرئيس المنتخب، أبدى المسؤولون الأوروبيون نبرة أكثر تفاؤلاً إلى حد ما، قائلين إنه في حين بدا ترامب عازمًا على السعي إلى إنهاء القتال دبلوماسيًا، فإنه كان متقبلاً للتحذيرات بشأن ضرورة انتزاع تنازلات حقيقية من بوتين، وخطورة إظهار الضعف في أوكرانيا.
وفي معظم العواصم، تظل الرسالة الرسمية هي أن أوروبا ستدعم أوكرانيا طالما لزم الأمر. وهذا هو الرأي الذي تدعمه بقوة بعض البلدان مثل بولندا ودول البلطيق والدول الاسكندنافية. ولكن كان هناك حذر من جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في مناقشات بودابست حول ما إذا كانت أوروبا قادرة على تقديم المساعدات العسكرية والإنسانية والمرتبطة بالميزانية التي تحتاجها أوكرانيا إذا خفض ترامب التمويل الأمريكي.
ولطالما دعا رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أوروبا إلى التحول إلى استراتيجية ترامب في السعي إلى إنهاء سريع للحرب. وأصبحت حجته، التي مفادها أن أوروبا تفتقر إلى استراتيجية واقعية لتحقيق الانتصار الأوكراني، تتردد حتى في البلدان الأكثر دعمًا لكييف.