Close ad

24 ساعة للتنازل عن الأراضي والتزام الحياد.. خطة إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية

19-11-2024 | 23:14
 ساعة للتنازل عن الأراضي والتزام الحياد خطة إنهاء الحرب الروسية  الأوكرانيةدونالد ترامب مع رئيس أوكرانيا
أسامة الدليل
الأهرام العربي نقلاً عن

اعتبار هذه الحرب ضرورية لضمان أمن أوروبا فخ وقع فيه الجميع

موضوعات مقترحة
أمريكا أنفقت 108 مليارات دولار لدعم الأوكرانيين بينما أنفقت أوروبا 175 مليار دولار

منذ أن اندلعت الحرب فى أوكرانيا فى فبراير 2022، والشمس فى كييف تشرق كل صباح ومعها 294 مليونا، و791 ألفا و666 دولارا، و7 سنتات لدعم أوكرانيا هذه المعجزة التى استمرت لأكثر من 960 يوما، باتت مهددة بالزوال، منذ أن قرر أغلبية الناخبين فى الولايات المتحدة، أن يكون ترامب هو الرئيس المقبل، ومعه قبيلة من الجمهوريين يسيطرون على مجلس الشيوخ والكونجرس، حيث يتم طبخ هذه المعجزة بانتظام قارب عامه الثالث، ويبدو أن غروب أشعة شمس دولارات الحرب، ستكون هى العنصر الأبرز الذى يفرق ما بين عالمين، العالم الذى كنا نعرفه منذ 2020، وعالم دونالد ترامب، حيث يمكن أن تنتهى أى حرب خلال 24 ساعة، بمجرد إغلاق محبس ماسورة التمويل!.

لم يكن فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية الأخيرة، صفعة للديمقراطيين فحسب، ولكنه كان أيضا صدمة فى وجه قادة كييف، الذين كانوا على مبعدة أشهر من اكتمال العام الثالث، على الحرب ضد روسيا دفاعا عن" أمن قارة أوروبا "، كما يعلنون، خصوصا بعد أن تعهد ترامب فى خطاب إعلان النصر بإنهاء الحروب فى العالم، ما يعنى خطر انسحاب الداعم المالى الأضخم لأوكرانيا، فى وقت تواجه فيه حقيقة ظهور منافسين جدد على الساحة الأوكرانية، آلاف من جنود كوريا الشمالية يصطفون إلى جوار القوات الروسية.  

ويبدو أن المبالغة فى تقدير القيمة الإستراتيجية لهذه الحرب، والإصرار على (حتمية هزيمة روسيا)، قد أفضت لانفاق 283 مليار دولار، دون أن تتحقق هذه الهزيمة، ويبدو أيضا أن المبالغة فى اعتبار هذه الحرب ضرورية لضمان أمن دول الاتحاد الأوروبى، كان هو الفخ الذى وقع فيه الجميع سواء فى أوكرانيا أم فى القارة الأوروبية، لأن هذا الجميع لا يملك القدرة على تمويل هذه الحرب، وإنما راكم حساباته بالأساس على "عزم واشنطن الراسخ على دعم انتصار أوكرانيا"، الذى لم يكن سوى التزام من إدارة أمريكية غير معصومة من الرحيل، والزوال لحساب من لا يؤيدون نهج دعم الحرب جملة وتفصيلا، بل وتعهدوا بإنهاء هذه الحرب بالذات فى غضون يوم واحد!!

هذه الورطة عبرت عنها صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، فى 6 نوفمبر الماضى، عندما نشرت تقريرا لمراسلتها من العاصمة الأوكرانية، فيرونيكا ميلكوزيروفا، تحت عنوان (أوكرانيا تتحسب الكارثة بتعهد ترامب المنتصر بإنهاء الحروب)، قالت فيه إن أوكرانيا عازمة على مواصلة القتال، بينما تواجه فقدان الداعم المالى الأكبر، وأن الأوكرانيين استقبلوا انتصار ترامب بمزيج من الذعر والإحباط، وأن عددا من المسئولين بدأوا فى الالتفات إلى الحلفاء الآخرين فى الغرب، بحثا عن الدعم فى وقت يتجدد فيه الهجوم الروسى، مدعوما بالآلاف من قوات كوريا الشمالية، ذلك أن ترامب سبق أن أعلن مرارا، أنه سينهى الحرب فى أوكرانيا فى (يوم واحد)، وتعهد بوقف الدعم إلى كييف، علما بأن الولايات المتحدة هى الداعم الأكبر لأوكرانيا، فيما يتعلق بالتمويل.

ونقل التقرير أن الرئيس الأوكرانى زيلينسكى، كتب على حسابه على منصة إكس (تويتر سابقا)، فى نفس يوم خطاب النصر لترامب، بيانا (براجماتيا)، تذكر فيه لقاء عظيما مع ترامب فى سبتمبر الماضى، وأشاد فى هذا البيان، بالتزام الجمهوريين فى أمريكا (بمنهج تحقيق السلام من خلال تعزيز القوة فى الشئون الدولية)، ولكنه فى عبارة دالة كتب أيضا (أننا نعول على الدعم القوى من كلا الحزبين فى الولايات المتحدة لأوكرانيا)، ومضى التقرير للتذكير، بأن الجمهوريين أعاقوا الدعم لأوكرانيا على مدار تسعة أشهر من أكتوبر 2023، إلى إبريل 2024، ما أفضى إلى تجفيف ميزانية الحرب، وفقدان بعضا من أفضل مقاتليها، لذلك كان المزاج العام فى كييف يوم الأربعاء (يوم خطاب نصر ترامب) محبطا، ونقلت الكاتبة عن تيموفى ميلوفانوف، عميد كلية الاقتصاد فى كييف، تدوينة له على الفيسبوك، كتب فيها (علينا أن نعيش فى عالم ترامب الآن، أشك فى إنهاء هذه الحرب فى 24 ساعة كما وعد، لكننا بالتأكيد لن نكل أبدا).   

ومضى التقربر، للقول إن عدم إمكان توقع ما يمكن أن يصدر عن ترامب، ترك الأوكرانيين فى حالة انعدام يقين، بشأن ما يمكن توقعه من فترة رئاسته المقبلة، وبالحرف: ترامب الجمهورى أكد مرارا على علاقاته الطيبة بالرئيس الروسى بوتين، وأنه كرر أيضا وصم الرئيس الأوكرانى زيلينسكى، بأنه (أكبر مندوب مبيعات فى التاريخ)، ولكنه أيضا زعم أنه لو كان فى السلطة لأخطر بوتين أنه سيقصف موسكو، إذا ما حاولت الهجوم على كييف!

انعدام اليقين هذا، يقابله رأى آخر مهم، صدر عن أوليكساندر ميزيركو، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الأوكرانى، والذى رأى أن رئاسة ترامب فى حاجة إلى تغيير نهجها تجاه كييف، وقال للصحيفة: لا أعتقد أن رئاسته ستكون سيئة لأوكرانيا، ربما ستكون صعبة علينا، لكنها لن تكون سيئة، ترامب رجل أعمال براجماتى يفكر فى التكاليف والمنافع، وعلى أوكرانيا أن تعمل بقوة من أجل إقناعه بمواصلة دعم كييف.  

كشف حساب أوروبا

وفقا لما نشرته خدمة هيئة البث الوطنية الأمريكية إن بى آر، فالأرقام الصادرة عن واشنطن، تؤكد أن الولايات المتحدة، أنفقت 108 مليارات دولار، فى صورة مساعدات عسكرية وإنسانية واقتصادية، لدعم الأوكرانيين منذ ضد روسيا، فى 24 فبراير 2022، وحتى انتخاب ترامب وفوزه، بينما أنفق كل أعضاء دول الاتحاد الأوروبى مجتمعين، 175 مليار دولار، من المساعدات خلال الفترة ذاتها، وهذا الرقم الأخير مصدره معهد كايل للاقتصاد الدولى فى برلين، ما يجعل إجمالى ما أنفقه الغرب مجتمعا على هذه الحرب 283 مليار دولار، خلال 32 شهرا من القتال، امتدت من فبراير 2022، حتى انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة فى 5 نوفمبر الماضى.  

وبالعودة إلى التقرير السابق ذكره، فإن إدارة بايدن، قد تركت وراءها التزاما يتعين على إدارة ترامب الوفاء به، وقال التقرير إن البنتاجون سلم مهمة تدريب ودعم المقاتلين الأوكران، إلى حلف شمال الأطلنطى، فى الصيف الماضى، وأنه فى سبتمبر الماضى، أعلن الرئيس بايدن أن المتبقى من التمويلات إلى أوكرانيا، سيتم تخصيصها بنهاية فترة ولايته، بحيث لا تتبقى أى أموال تحت تصرف الرئيس القادم ( الذى كان يعتقد بإصرار أنها كامالا هاريس)، وأضاف التقرير أن الولايات المتحدة، كانت جزءا من خطة لمجموعة الدول السبع لتقديم 50 مليار دولار لأوكرانيا، بضمان عوائد الأصول الروسية المجمدة، كجزء من العقوبات عليها، وأن الولايات المتحدة ستقدم 20 مليارا من إجمالى هذا المبلغ، وأن هذا المبلغ سيتم بالفعل اقتطاعه، قبل تنصيب ترامب رئيسا فى 20 يناير المقبل.

على أن الصورة فى قارة أوروبا، ليست أفضل حالا من الوضع فى أوكرانيا، إذ تحمل الكثير من التسليم بالأمر الواقع الممزوج بالقتامة والإحباط، ففى تقرير لروكساندرا لورداتشى، نشرته محطة سى إن بى سى، فى 8 نوفمبر الماضى، نقلت عن فيكتور أوربان، الزعيم المجرى بعد يوم من استضافته للقادة الأوروبيين، فى قمة التجمع السياسى الأوروبى فى بودابست، قوله إنه يتوجب إعداد ميزانية السلام مع تولى ترامب للمكتب البيضاوى بالبيت الأبيض، وقال بالنص: إن أوروبا وحدها لا يمكن أن تتحمل على عاتقها حمل دعم أوكرانيا، محذرا من أن الرئيس المنتخب حديثا، سيقود واشنطن للابتعاد عن هذا الصراع، أوروبا وحدها لا يمكنها تمويل هذه الحرب، البعض يريد ذلك ولا يزالون يرغبون فى إرسال الأموال الطائلة إلى هذه الحرب الخاسرة، وبالمقابل يتزايد أعداد من يلتزمون الصمت، برغم أنهم اعتادوا على الصياح، الأمريكيون سيخرجون من هذه الحرب ولن يشجعوها، يقول الناس الكثير عن ترامب لكنهم يتغافلون عن أنه لم يشن حربا، هو رجل أعمال حقيقى يؤمن بأن الحياة والأمور تسير على شكل أفضل، عندما لا تكون هناك حرب.
وعلى الجانب الآخر، وفى تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية، كتب المؤرخ والكاتب السياسى ثيموتى جارتون آش، فى 8 نوفمبر الماضى، بعنوان (عودة ترامب هى أخبار مرعبة وعلى أوروبا أن تتقدم الصفوف، فهل تفعل؟)، قال فيه إنه مع انهيار الحكومة فى ألمانيا وانقسام الأوروبيين فى رد فعلهم على ترامب، فالوحدة مطلب جوهرى وإن كانت لاتزال وهما.

وقال بالحرف: إن أوكرانيا فيما يبدو هى أول ضحية لفترة دونالد ترامب الثانية كرئيس للولايات المتحدة، وأن الوحيدين المؤهلين لمنع هذه الكارثة هى نحن الأوروبيين، برغم أن قارتنا تبدو مهلهلة، فالائتلاف الحكومى فى ألمانيا اختار اليوم الذى استيقظنا فيه، على خبر انتصار ترامب من دون كل الأيام ليتفتت، وإذا لم تتمكن أوروبا بطريقة أو أخرى، من مواجهة هذا التحدى، فإنها ليست أوكرانيا فحسب التى ستترك فى حالة وهن وانقسام وغضب، وإنما القارة بأكملها، بينما ندخل إلى مرحلة جديدة وخطيرة فى التاريخ الأوروبى.

وأضاف: أن أكره شىء إلى ترامب، هو أن يبدو كفاشل، ولذلك فإنه بنسبة تتجاوز 90 إلى 95 بالمائة، سيفعل بالضبط ما سبق وقال مرارا إنه سيفعله، وإنه سينهى هذه الحرب من خلال فرض تسوية على أوكرانيا، فقد قال فى يوليو الماضى (سأقول لزيلينسكى إنه لا مزيد من الأموال وأن عليك أن تبرم صفقة)، وإن كان هدد فى الوقت ذاته بأن يمنح كييف مزيدا من المساعدة، التى تجلب موسكو إلى الطاولة للتفاوض، لكن الشروط التى فصلها نائبه دى فانس، والمتمثلة فى تقبل الأجزاء المقتطعة من أوكرانيا، والانصياع لمنطق حيادية أوكرانيا، هى فى الحقيقة انتصار كبير لبوتين!

وخلص الكاتب إلى القول إنه، ربما لا توجد صفقة فى الواقع يمكن لبوتين وزيلينسكى، أن يتقبلاها حاليا، ففى بيان نادر قال المتحدث باسم بوتين ديمترى بيسكوف، (لا يمكن إنهاء الصراع فى أوكرانيا بين عشية وضحاها، ومع ذلك فإن ما يمكن للرئيس المقبل فى أمريكا أن يفعله، هو أن يخفض الدعم العسكرى والاقتصادى بشكل دراماتيكى، يجبر من خلاله كييف، على البحث عن وقف لإطلاق النار من موقف الضعف)، وأضاف الكاتب أن الأسوأ هو ما يصفه الخبير العسكرى البريطانى، جاك واتلنج بسيناريو (بريست ليتوفسك)، حيث تسعى أوكرانيا لوقف إطلاق النار، بينما لا توجد ضمانات تمنع هجوما آخر يفضى لمزيد من التنازلات، كما حدث بالفعل لروسيا نفسها خلال مفاوضات اتفاق بريست ليتوفسك عام 1918، وكانت فى موقف ضعف أمام ألمانيا الإمبراطورية وحلفائها.

 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: