فرقة الجيش الجزائرى الموسيقية عزفت النشيد الوطنى الفلسطينى لحظة إعلان الاستقلال
موضوعات مقترحة
تم إعلان وثيقة الاستقلال الثانى فى 15 نوفمبر عام 1988 فى دورة المجلس الوطنى الفلسطينى رقم 19 التى عقدت فى الجزائر العاصمة
كتبها الشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش وقرأها أمام المجلس الوطنى والرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات
مقاومة الشعب الفلسطينى للاحتلال لم تقتصر على البندقية بل هناك مقاومة غير مسلحة عن طريق الثقافة والفنون والصورة والرموز التى تجسد النضال وتؤكد الهوية
مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى، والمعروفة باسم “انتفاضة الحجارة” فى أواخر 1987، حاولت القيادة الفلسطينية الاستفادة من تلك الأحداث، بالتوصل إلى حل سياسى، قائم على دولة فلسطينية فى الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما استمر الرفض الإسرائيلى والأمريكى للتفاوض مع منظمة التحرير.
وبعد مرور ما يقرب من عام على اندلاع الانتفاضة، واستمرار الرفض الإسرائيلى والتعنت الأمريكى، قامت منظمة التحرير الفلسطينية، بإصدار وثيقة إعلان الاستقلال الثانى لدولة فلسطين، فى يوم 15 نوفمبر عام 1988، فى دورة المجلس الوطنى الفلسطينى رقم 19، التى عقدت فى قاعة قصر الصنوبرة بالجزائر العاصمة، والمعروف أنه تم إعلان الاستقلال الأول، وإقامة حكومة عموم فلسطين، فى المؤتمر الفلسطينى الذى عقد فى غزة فى 1948.
تنص الوثيقة التى كتبها الشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش، وقرأها أمام المجلس الوطنى، والرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، وبدأت بمقدمة تاريخية عن الظلم، الذى وقع على الشعب الفلسطينى وثباته ونضاله وإعلانه عن “قيام دولة فلسطين فوق أرضنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف”.
يستند النص سياسيا وحقوقيا، إلى “الحق الطبيعى والتاريخى والقانونى للشعب العربى الفلسطينى فى وطنه فلسطين، وتضحيات أجياله المتعاقبة، دفاعا عن حرية وطنهم واستقلاله، وانطلاقا من قرارات القمم العربية، ومن قوة الشرعية الدولية التى تجسدها قرارات الأمم المتحدة منذ عام 1947، وممارسة من الشعب العربى الفلسطينى لحقه، فى تقرير المصير والاستقلال السياسى، والسيادة فوق أرضه”، وقوبلت الصيغة بقبول وبإجماع فصائل منظمة التحرير، وعزفت فرقة الجيش الجزائرى الموسيقية النشيد الوطنى الفلسطينى.
وتقدم هذه الذكرى المعرفة لمفاهيم غائبة، لدى قطاع من الجمهور مع الأسف، ورسالة أمل أنه يمكن تحقيق الحلم، وذلك وسط مجموعة مظاهر سلبية من الأكاذيب والمغالطات والإحباطات، فتسعى الشعوب الحرة للكفاح من أجل التخلص من الاستعمار، والمثابرة والصبر للحفاظ على المبادئ، مثل: إرساء السلام، واستعادة الحرية وإقامة العدل، ويكمل الكفاح السابق الحاضر، فتعد عملية طوفان الأقصى دليلا على تطور المقاومة، وتحمل رسالة أمل لاستشراف المستقبل، لإنهاء الاحتلال وإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة.
ربما يغيب عن البعض، أن محاولات الغزو والاحتلال لفلسطين على مر التاريخ، مثل المغول والصليبيين والإنجليز قد فشلت، ويتشابه الصليبيون مع الإسرائيليين، خصوصا فى محاولة إضفاء قدسية دينية على الاحتلال. وبالعودة إلى الماضى القريب، نجد أن تاريخ المقاومة الفلسطينى والعربى، بحضور مصرى أساسى، هو مشوار طويل، فالمشهد لم يبدأ فى 7 أكتوبر عام 2023، لكن قبل ذلك بكثير، ومنذ ذلك التاريخ اندلعت انتفاضة فى أرجاء العالم، بما فى ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل، وباتت القضية الفلسطينية رمزا عالميا للمقاومة، وانتشر مصطلح “الصمود”، ولم تنهزم مقاومة أبدا عبر التاريخ، لكن النصر يحتاج لتضحيات، وربما يستغرق ذلك وقتا لتنعم أجيال أخرى بالنصر.
وتوجد أسماء مضيئة، لأشهر السياسيين والمناضلين فى تاريخ فلسطين من فصائل مختلفة، مثل: الراحل الشيخ أمين الحسينى، والراحل جورج حبش، ومروان البرغوثى كأحد أهم الأسرى، ومنهم نماذج نسائية مثل: الراحلة الأردنية - الفلسطينية، تيريز هلسة، والشهيدة اللبنانية الفلسطينية دلال المغربى، وليلى خالد، والدكتورة حنان عشراوى، كذلك نماذج غير فلسطينية مثل: الشهيد السورى عز الدين القسام، واليابانى كوزو أوكاموتو، والإيطالى فرانكو فونتانا.
وهناك سلسلة محطات فى تاريخ الجهاد العربى، ضد الصهيونية بدايتها مع ثورة البراق فى 1929، حيث تذكر المراجع التاريخية، أن الهجرة اليهودية الحديثة لأرض فلسطين، بدأت قبل أو بعد سنة 1880، ليتسارع النشاط السكانى الاستيطانى لليهود فى فلسطين، وهو تجمع مهاجرين يهود أتوا من كل أنحاء العالم، تحت رعاية المشروع الصهيونى، بمشروع الوطن القومى اليهودى فى فلسطين لعدة أغراض، منها الهروب مما تم الترويج له فى أوروبا، من معاداة السامية واضطهاد لليهود، وفى نفس الوقت التخلص منهم، وحثهم على الذهاب لأرض الميعاد المزعومة، وكذلك تأدية الدور الوظيفى، فى خدمة مصالح ومخططات القوى الإمبريالية، ومن أولى الانتفاضات العربية كانت ثورة البراق، هو الاسم الذى أطلقه الفلسطينيون على اشتباكات عنيفة، اندلعت فى مدينة القدس فى 9 أغسطس، لأن حائط البراق يعتبر وقفا إسلاميا، بينما يزعم اليهود أنه يخصهم، ويدعى حائط المبكى، وأنه أهم مصلى لهم فى العالم!
وإبان فترة الحكم العثمانى، سمح لليهود بإقامة طقوسهم أمام الحائط. وبعد إعلان الانتداب البريطانى على فلسطين، تزايد عدد سكان القدس اليهود، خصوصا إثر فتح أبواب منطقة الانتداب أمام مهاجرين يهود. وطالب القادة المسلمون فى القدس، بعدم تغيير ترتيبات آداء الصلاة اليهودية أمام الحائط، فى حين طالب اليهود بوضع المقاعد، واعترض المسلمون فرفضت السلطات البريطانية وجود مقاعد.
وفى ذكرى يوم الحداد على خراب الهيكل، حسب التقويم اليهودى، وتزامنا مع احتفالات المسلمين بالمولد النبوى الشريف، نظمت حركة بيتار الصهيونية اليمينية، مسيرة تظاهرية احتشد فيها أعداد كبيرة من اليهود فى القدس، يصيحون “الحائط لنا”، وينشدون نشيد الحركة الصهيونية، وعلمت الشرطة البريطانية عن المظاهرة سلفا، وأرسلت قوات كبيرة لمرافقة المتظاهرين اليهود، فى اليوم التالى رد القادة العرب بتنظيم مظاهرة مضادة من المسجد الأقصى، واتجهوا إلى حائط البراق، وهناك استمعوا إلى خطبة من الراحل الشيخ حسن أبو السعود، تبين الأخطار التى تتهدد المقدسات الإسلامية، وازداد التوتر فى القدس، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجانبين، ومن وقتها لم بتوقف الكفاح ضد الظلم إلى يومنا هذا.
وعالميا، كافحت دول كثيرة ضد الاحتلال، ومن الأمثلة فى دول العالم: جمهورية أيرلندا ضد بريطانيا، وحالة مركبة أثناء الحرب العالمية الثانية، الجزائر ضد الاحتلال الفرنسى، وفى نفس الوقت فرنسا ضد الاحتلال الألمانى، وحربان طويلتان مثل أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتى، ثم الولايات المتحدة.
ولا تنتهى قصص النضال، وتعرض المناضلون فى أحيان للاغتيالات التى وقعت فى جميع أنحاء العالم، مثل الشهيد عمر المختار فى ليبيا، والمناضل تشى جيفارا فى أمريكا اللاتينية، ونجا نيلسون مانديلا من السجن لمدة 27 سنة، وصبر وانتصر وخرج مبتسما فى وجه سجانه، ليتم انتخابه رئيسا لبلاده جنوب إفريقيا.
المقاومة غير المسلحة
هناك مقاومة غير مسلحة، عن طريق الثقافة والفنون، والرموز التى قدمت صور النضال، وأكدت الهوية. فهناك قصيدة بعنوان أصبح “عندى الآن بندقية”، كتبها الشاعر السورى الراحل نزار قبانى، وغنتها كوكب الشرق الراحلة أم كلثوم، ولحنها وغناها أيضا موسيقار الأجيال الراحل محمد عبد الوهاب فى 1969.
يقول مطلع كلمات الأغنية، وهى لسان حال صبى فلسطينى بعد هزيمة 1967:
“أصبح عندى الآن بندقية، إلى فلسطين خذونى معكم، إلى ربى حزينة كوجه المجدلية، إلى القباب الخضر والحجارة النبيَة”.
وتحمل البندقية رمزية لفكرة المقاومة، عن طريق الكفاح المسلح، وهو شعار لحركات التحرر، ومنها الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية.
وبخلاف الرمز المجازى، لعبت البندقية دورا مهما لدى المقاومة الفلسطينية خاصة، حيث تعتبر بندقية “كارلو”، والمعروف أيضا باسم “كارل جوستاف”، وهو سلاح رشاش أوروبى المنشأ، صممه المصنع السويدى كارل جوستاف، وتم تقليده فى مصر عام 1956، وأطلق عليه اسم بورسعيد، كما طور الفلسطينيون نسختهم واستخدموها فى مواجهة الاحتلال منذ الانتفاضة الفلسطينية الأولى، كما نجح الفلسطينيون فى صنع البندقية “غول”، وهى بندقية قنص قامت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكرى لحركة حماس، بتصنيعها وتطويرها فى قطاع غزة برغم الحصار، وحملت هذا الاسم تيمنا بالشهيد القسامى عدنان الغول، أحد أبرز مهندسى كتائب القسام، والذى اغتاله الجيش الإسرائيلى فى 2004.
أدب الشتات
من بين كل أنواع الأدب، يوجد أدب الشتات الفلسطينى، الذى يتناول تاريخ فلسطين، ومن الأمثلة: رواية “رجال فى الشمس”، للأديب الفلسطينى الراحل غسان كنفانى فى 1962، ورواية “باب الشمس”، فى 1998، للأديب اللبنانى الذى رحل فى سبتمبر الماضى إلياس خورى، وتحولت الرواية لفيلم "باب الشمس: الرحيل والعودة"، من إنتاج فرنسى، وإخراج المصرى يسرى نصر الله، ورواية "الطنطورية"، فى 2010، التى تناولت مجزرة الطنطورة للأديبة المصرية رضوى عاشور، وتجدد الحديث عن هذه المذبحة البشعة أخيرا، بعد عرض فيلم وثائقى إسرائيلى باسمها فى 2022 ، وهو يفضح كذب الرواية الإسرائيلية، ومن ثم أثار غضب الإسرائيليين.
وفى الفن التشكيلى، يعتمد الفنان الفلسطينى والعربى والعالمى، على ثراء الرموز الفلسطينية مثل: المفتاح والخريطة، وشجرة الزيتون والبرتقال والبطيخ، والمسجد الأقصى والكوفية والثوب الفلسطينى. ونجحت الفوتوغرافيا فى توثيق الكثير عن فلسطين، لا سيما قديما بالصور الأبيض والأسود، فهى بمثابة أداة للتأريخ على مر السنين، وسجلت اسم دولة فلسطين على الحجر، والبشر قبل ظهور دولة إسرائيل.
كما لعبت عموما الأغانى الوطنية، دورا مهما فى إثارة الحماسة، خصوصا تلك التى اشتهرت فى فترة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، فى مصر الراحل العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، وأغانى فيروز وماجدة الرومى وچوليا بطرس، وكذلك الموسيقى والرقص، ومنه أنواع الدبكة الفلسطينية، التى ارتبطت أخيرا بإعادة إحياء أغنية “ليفيه بالستينا”، السويدية التى أبدعها جورج توترى، مؤسس فرقة “كوفية”، الغنائية والمولود فى الناصرة، وتعود الأغنية إلى سبعينيات القرن الماضى، والتى تعنى “تحيا فلسطين”، وهو نشيد حاشد للمحتجين الذين خرجوا إلى الشوارع فى جميع أنحاء أوروبا، ضد الحرب الوحشية التى تشنها إسرائيل على غزة.
ناجى العلى
وفى السينما، نجد أشهر الأفلام العربية والعالمية، التى تطرقت للاحتلال الإسرائيلى والمأخوذة عن أحداث حقيقية، ومن الأمثلة: الفيلم المصرى “ناجى العلى”، والفيلم الكورى “الفدية”، والفيلم البريطانى - الأمريكى “جولدا”، وعموما توجد الأفلام العربية والعالمية، التى قدمت صورة البطل المقاوم وحركات النضال من أجل الحرية فى العالم، مثل الفيلم المصرى الأيقونة “فى بيتنا رجل”، عن البطل الثورى إبراهيم حمدى، الذى يقاوم الاحتلال الإنجليزى فى مصر قبل ثورة 1952، والفيلم الأمريكى الشهير “قلب شجاع”، عن البطل المحارب وليم والاس، الذى يقاوم الاحتلال الإنجليزى لإسكتلندا قديما، والفيلم والأمريكى - الأوروبى “ستالينجراد: عدو على البوابات”، الذى قدم البطل القناص فى الجيش السوفيتى، الذى يقاوم الاحتلال الألمانى النازى.
مطبخ
توجد ثقافة عميقة وشهيرة خاصة بالمأكولات الفلسطينية، وتنبع أهمية المطبخ الفلسطينى، من كونه مرتبطا بالعراقة والحضارة الفلسطينية. ونشر الموقع الإلكترونى “فلسطيننا”، دراسة بعنوان “فن الطبخ الفلسطينى بين الأصالة الكنعانية والحداثة الشرق أوسطية”، لخالد غنام أبو عدنان، وهو باحث فلسطينى فى أستراليا، حيث يشير للدراسة عن أصول ربما تبدو بسيطة للطهو، لكنها فى الحقيقة مهمة، مثل سلق اللحوم فى منطقة الشرق الأوسط، حيث تدلل المعلومات التاريخية على وجود طريقتين، الأولى تسمى الطريقة الفارسية وهى الأكثر رواجا، حيث يتم تسخين الزيت، ثم إضافة البصل المفروم وتقليبه، حتى يذبل، ثم يتم إضافة اللحم وتقليبه، ثم تغطية الإناء وتخفيف النار، وبعد أن يصبح اللحم نصف ناضج، تتم إضافة السبع بهارات والمزيد من الماء، ويترك حتى يغلى، فنحصل على مرقة اللحم أكثر دسما.
أما الطريقة الأخرى، وتسمى الطريقة الكنعانية، فهى عن طريق تسخين الماء، ثم إسقاط اللحم بداخلها، وتحريكه حتى يبدأ بالغليان، ثم يتم رمى صرة قماش بها البهارات، ولها حبل طويل يربطه الطباخ بوتد، وداخل الصرة حب غير مطحون من: القرنفل والفلفل الأسود، والهيل، وورق الغار والكزبرة الجافة والكمون، والبعض يضيف رأس بصل مقشور، وغير مفروم، ويتم تحريك اللحم وإزالة الزبد الذى يطفو فوق الماء، وتسمى هذه المرحلة بمرحلة سحب الزفرة، وبعدها تتم إضافة الزيت والبهارات المطحون للحصول على مرقة اللحم، بالتأكيد أن هذه الطريقة معروفة عند كبار السن، لكنها تحتاج لوقت أطول وهى مجهدة وأقل دسما.
لكن لا يوجد أى كتاب طبخ إسرائيلى يذكر هذه الطريقة، وهذا ما تؤكده الباحثة سوسن سلمان، بأن الطريقة الكنعانية، تتناسب والمطبخ الفلسطينى، الذى يعتمد على الطابون والتنور فى سلق اللحم، وهو معروف بناره الهادئة وطريقة طبخه البطيئة، وهى طريقة متبعة لحد الآن فى الولائم الكبيرة، أما بالطبخ اليومى فالناس يبحثون عن طرق أسرع. كما يتحدث عطار الجالية الفلسطينية فى مدينة سيدنى، وليد السعدى عن معنى النكهة الفلسطينية، والنفس الفلسطينى، قائلا: “البهارات هى المسئولة عن النكهة، والدارج فى فلسطين هى السبع بهارات، وهى منتشرة أيضاً بدول الجوار العربى، أما ما يجعل أكلة مثل المقلوبة مميزة، فهو بهارها الخاص الذى يحوى الكمون، ولا يمكن أن تكون هناك اختراعات جديدة فى موضوع البهارات، فحتى الأستراليين يسمون بهاراتنا بـ”البهارات العربية”.