Close ad

سفيرة البحرين بالقاهرة: العلاقات البحرينية - المصرية تجسيد عميق لوحدة الهدف والمصير| حوار

19-11-2024 | 23:18
سفيرة البحرين بالقاهرة العلاقات البحرينية  المصرية تجسيد عميق لوحدة الهدف والمصير| حوارالسفيرة فوزية بنت عبد الله زينل سفيرة مملكة البحرين
الأهرام العربي نقلاً عن

السفيرة فوزية بنت عبد الله زينل، سفيرة مملكة البحرين لدى جمهورية مصر العربية، والمندوبة الدائمة لدى جامعة الدول العربية، واحدة من أبرز الشخصيات النسائية ليس فى مملكة البحرين، فحسب، إنما فى الوطن العربى أيضًا، فهى نموذج ملهم للمرأة العربية فى عطائها وقدرتها على النجاح.

فى «صالون الأهرام العربي»، استمعنا إلى الرحلة الثرية للسفيرة فوزية زينل فى ميادين العمل المختلفة ورؤيتها لمسار العلاقات الثنائية بين مملكة البحرين ومصر، وما تشهده من زخم مستمر، من خلال موقعها كسفيرة، ورؤيتها لدفع مسار العلاقات المصرية - البحرينية، والجهود المبذولة للارتقاء بهذه العلاقات لتعبر فى المقام الأول عن مدى المحبة التى تجمع بين البلدين قيادة وشعبًا، وما يجسده توافق الرؤى بين الرئيس عبد الفتاح السيسى وأخيه الملك حمد بن عيسى آل خليفة تجاه كل القضايا والمواقف، لتغدو علاقتاهما مثالًا يحتذى به فى العلاقات العربية – العربية.

وعلى مدى ساعات الحديث، جددت السفيرة زينل التأكيد على ما يجمع مصر والبحرين من رؤية موحدة إزاء تعزيز العمل العربى المشترك، وتطابق المواقف إزاء التحديات الإقليمية والدولية، وحرص كلا البلدين على ترسيخ الأمن والسلام فى المنطقة والعالم.

تطرق النقاش معها أيضًا إلى أبرز الملفات التى تشغل الساحة العربية، فى ضوء التطورات الإقليمية التى نشهدها والحرب فى فلسطين ولبنان والأوضاع فى السودان، علاوة على مسيرتها المهنية التى عززت من تمثيل المرأة فى المشاركة فى الحياة السياسية، كونها أول امرأة ترأست مجلسًا نيابيًا فى الوطن العربى بالانتخاب الحرّ المباشر، وعلى الصعيد الدبلوماسى العربية لكونها سفيرة امرأة لبلادها لدى مصر.

فى بداية اللقاء، أكدت زينل سعادتها بوجودها فى صرح مؤسسة «الأهرام» الصحفية العريقة، منبر الوعى والثقافة والرأى المستنير فى الصحافة العربية، معبرة عن اعتزازها بوجودها فى مصر كسفيرة لبلادها، وقالت: «دائمًا ما تجسد كلمات الملك حمد بن عيسى آل خليفة مشاعر الود والمحبة لمصر الشقيقة وأهلها ومدى رسوخ العلاقات، ومشاعر التقدير التى يُكِنُّهَا أهل البحرين لمصر الشقيقة، التى ستبقى فى الذاكرة والوجدان منبعًا للثقافة والعلم والفكر الذى لم ينقطع سيله منذ بعثات أهل مصر الأولى للبحرين».

وبكل مشاعر المحبة والصدق، قالت: «إن مصر العروبة الحاضرة فى الذاكرة والوجدان، هى مهد الأمن والأمان وموطن الخير والاستقرار، وأنها تفردت بالذكر الصريح فى القرآن الكريم، وستظل خير السند ونعم العون للجميع».


سفيرة مملكة البحرين مع الكاتب الصحفي جمال الكشكي رئيس تحرير الأهرام العربي

كيف تقيمين العلاقات الثنائية بين مصر ومملكة البحرين على كل الأصعدة؟

الحديث عن العلاقات البحرينية - المصرية لا يمكن اختزاله فى كلمات، إذ تمتاز العلاقات بين البلدين الشقيقين بأنها علاقات أزلية وتاريخية، وتجسيد عميق لوحدة الهدف والمصير، وتعبر بصدق عن علاقات أخوية ومحبة راسخة، وشراكة متميزة.

فمنذ بدء العلاقات الدبلوماسية الرسمية فى عام 1971، وحتى ما قبلها بعقود طويلة، تنامت هذه العلاقات إلى شراكة إستراتيجية، وأصبحت نموذجًا متفردًا فى علاقات الأخوة والتعاون، مرتكزة على وشائج قوية وروابط وثيقة من المحبة والتعاون والتفاهم بين البلدين والشعبين الشقيقين، وقد ازدادت هذه العلاقات قوة وزخمًا واسعًا فى ظل ما تحظى به من دعم ورعاية من الملك حمد بن عيسى آل خليفة وأخيه الرئيس عبد الفتاح السيسي، وما يوليانه من اهتمام لتعميق أطر هذه الشراكة.

وأقتبس هنا من أقوال الملك حمد بن عيسى آل خليفة خلال زيارته إلى القاهرة فى 17 أبريل 2024، خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس عبد الفتاح السيسى ما يؤكد ذلك، حيث قال: « إن مصر العروبة، الحاضرة فى الذاكرة والوجدان، وهى مهد الأمن والأمان، وموطن الخير والاستقرار، والتى تفرّدت بالذكر الصريح فى محكم التنزيل، ستظل، وكما عرفناها، خير السند ونعم العون للجميع».

والمؤكد أن العلاقات البحرينية المصرية بلغت أعلى مستوياتها من الشراكة والتنسيق منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مقاليد الحكم، وحرص الملك حمد على توطيد أواصر التكامل وتفعيل مخرجات اللجنة المشتركة للتعاون الثنائي، منذ إنشائها قبل أكثر من ثلاثة عقود.

العلاقات الاقتصادية من أهم الملفات التى يوليها البلدان أهمية خاصة، ما رؤيتك لحجم التطور والعمل حاليًا بين مصر والبحرين فى هذا الإطار؟

- هناك حالة تكامل فى كل المجالات وعلى كل المستويات، فعمق العلاقات البحرينية المصرية يعد نموذجًا للعلاقات العربية الأخوية، ونعمل دائمًا مع الأشقاء فى مصر على دفع العلاقات الاقتصادية إلى آفاق أرحب، ودائمًا ما يحتل هذا الملف صدارة الاهتمامات المشتركة.

وفى ظل الاهتمام الثنائي، فقد ترسخت العلاقات التجارية والصناعية بين البلدين، ووصل حجم التبادل التجارى بينهما 571 مليون دولار أمريكى 2023، وهو ما يؤكد أن العلاقات الاقتصادية البحرينية المصرية وصلت إلى هذه المرحلة من التكامل والشراكة الإستراتيجية من خلال المشروعات التنموية المشتركة فى كافة المجالات الاقتصادية.

 وبمرور السنوات، يزداد ويتأصل التعاون بين البلدين، ويحرص الملك حمد بن عيسى، وأخوه الرئيس عبد الفتاح السيسى على تأكيد هذه الروابط وبالأخص التجارية والاقتصادية، وبالتعاون مع الأشقاء فى مصر، نبذل جهودًا كبيرة للعمل على زيادة الاستثمارات البحرينية، ونعمل حاليا على تفعيل المبادرات الهادفة لتعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى بين المنامة والقاهرة، بناء على قوة العلاقات السياسية والإستراتيجية بينهما، فى ضوء خطة طموح من أجل زيادة حجم التبادل التجارى وتعظيم الاستثمارات المشتركة بين البلدين الشقيقين.

وأشير هنا إلى ما توليه حكومتا البلدين برئاسة الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولى العهد رئيس مجلس الوزراء، وأخيه الدكتور مصطفى مدبولي، من حرص واهتمام على تنمية التعاون الاقتصادى بين البلدين، والجهود المبذولة لتفعيل واستكمال ما يربو على 80 اتفاقية ومذكرة تفاهم يربط بين البلدين الشقيقين فى المجال الاقتصادي.

وقد شهد أول اجتماع للجنة الحكومية المصرية البحرينية للتعاون التجارى والاقتصادى والعلمى والتكنولوجي، فى 23 نوفمبر الماضي، توافقًا كبيرًا ومثمرًا أسفر عن 15 مبادرة للتعاون المشترك و13 مذكرة تفاهم، لتعميق التعاون الثنائى وزيادة فرص التبادل التجاري، وتذليل كل المعوقات التى تحول دون النفاذ للأسواق بالبلدين، وتشجيع علاقات التعاون المشترك بين مجتمعات الأعمال، من أجل تعزيز حركة الاستثمار والتجارة البينية، والشراكة الصناعية التكاملية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والتكامل الإقليمى والعربي.

وعلى مدار العام، هناك حركة نشطة للوفود الاقتصادية والتجارية من القطاعين العام والخاص فى البلدين للتلاقى والتفاهم بحث فرص التعاون والاستثمار الواعدة فى البلدين، فى مختلف المجالات الصناعية والتجارية والسياحية والاستثمارية والتنموية.

قواسم متميزة

ما رؤيتك لزيادة التبادل السياحى والتعاون الثقافى بين مصر ومملكة البحرين فى إطار الشراكة القائمة بين البلدين؟

ما يربط بين البلدين الشقيقين على مستوى الثقافة أو السياحة أو على المستويات، قواسم كبيرة ومتميزة وكبيرة، وذلك يُصَعِّب عليَّ كسفيرة ما الذى يمكن أن أقوم به فى هذا الإطار، لذلك أبذل كل جهدى فى تقديم فكرة تجمع بين البلدين لتقديمها إلى متخذى القرار لزيادة أطر الشراكة الإستراتيجية والتعاون.

ومع أشقائنا فى مصر نعمل على تنمية هذه العلاقة وتفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين، خصوصًا أن هناك قواسم عديدة مشتركة بين البلدين، وهناك توجه لأخذ العلاقة الموجودة إلى أفق أرحب فى جميع المجالات.

ويمتلك البلدان الشقيقان العديد من المقومات التراثية والآثرية والثقافية والمرافق العصرية التى من شأنها أن تمثل حافزًا كبيرًا لجذب الاستثمارية فى قطاع السياحة، ونحرص فى مملكة البحرين على الاستفادة مما تمتلكه مصر من تجربة رائدة فى القطاع السياحي.

فى ضوء العلاقات المتميزة بين مملكة البحرين ومصر، ما رؤيتكم حول أهمية التكامل الاقتصادى العربي؟ وما المعوقات التى تحول دون وجوده؟

ما يربط مصر والبحرين، وأى دولة عربية، دائمًا هو التكامل، وليس المنافسة، فالتكامل هو الذى يحقق شيئًا للشعوب، فمع بعضنا البعض نقوى، ولا يمكن لأية دولة أن تكون قوية بمفردها، لذلك كان هناك الاتحاد الأوروبي، ومجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، فهذه المنظمات كلما اتضحت الرؤية أصبح العمل حقيقيًا وأصبحنا أقوى.

وتعبر مملكة البحرين دائمًا عن رؤيتها لأهمية التكامل العربي، ويحرص الملك حمد بن عيسى آل خليفة فى كل القمم العربية واللقاءات والزيارات للدول العربية على التأكيد على ثوابت مملكة البحرين فى هذا الصدد، وضرورة تعزيز التكامل العربى بالشكل الذى يحفظ المصالح المشتركة ويحقق تطلعات الدول والشعوب العربية فى التنمية والازدهار.

وفى كلمته خلال افتتاح أعمال الدورة العادية الثالثة والثلاثين لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة التى استضافتها مملكة البحرين فى شهر مايو الماضي، أكد الملك حمد ذلك بقوله: «ومع إن استمرار هذه المخاطر المحيطة بأمننا القومى العربى يتزايد حجم المسئولية الملقاة على عاتقنا لحماية مسيرتنا العربية المشتركة، وفتح صفحة جديدة من الاستقرار والتنمية تقرّبنا من تطلعاتنا المشروعة، كقوة حضارية قادرة على فهم متطلبات العصر ومواكبة عجلة تقدمه».

وأنظر دائمًا للمستقبل بتفاؤل، لذلك فمهما كانت التحديات التى تواجه مسيرة العمل والتكامل الاقتصادى العربي، إلا أن دولنا وشعوبنا لديها الإرادة والرغبة للنهوض بأوطانها ومجتمعاتها، ولديها تصميم على أن الارتقاء يشكل التكامل الاقتصادى بما يتناسب مع متطلبات الواقع واحتياجات المستقبل.

دعوة للاستقرار والسلام

ما رؤيتكم لما يحدث فى المنطقة والإقليم الآن؟

ما يحدث فى المنطقة بلا شك أمر مؤلم، ومن الصعب للغاية التنبؤ كيف سيكون الغد، كل الأمور متداخلة وسريعة، ولا تدرى ما الذى بعد ذلك، فالأمور والمعطيات تختلف ما بين ساعة وأخرى، لكن الثابت أنه لا بد من الاستقرار والسلام، الذى سنصل إليه بتكاملنا وتعاضدنا مع بعضنا بعضاً كعرب، تحت مظلة جامعة الدول العربية، ولن تتأخر أية دولة عربية عن ذلك.

ودائمًا أقول، فى الحرب ليس هناك أحد فائز، وجميعنا نؤمن بذلك، فكلا الطرفين خاسر، والأكثر خسارة هم الأضعف فى المجتمعات، المرأة والطفل وكبار السن، بالإضافة إلى الممتلكات العامة.

ما رؤيتك للدور العربى تجاه وقف التصعيد فى المنطقة كى لا تمتد إلى حرب إقليمية؟

هناك توافق تام بين البحرين ومصر، وأيضًا توافق عربى كامل، على ضرورة التوصل إلى حلول مستدامة لكل الأزمات التى تقوض أمن واستقرار دول المنطقة، والحفاظ على مؤسساتها الوطنية، وضرورة تنفيذ قرارات وقف إطلاق النار فى غزة، ولبنان أيضًا، وإيصال المساعدات الإنسانية، والحاجة إلى مسار سياسى نحو سلام عادل ودائم فى المنطقة على أساس حل الدولتين، وقبول فلسطين كعضو كامل العضوية فى الأمم المتحدة لينال الشعب الفلسطينى حقوقه المشروعة.

وفى كلمته فى افتتاح القمة العربية «قمة البحرين» فى شهر مايو الماضى عبر الملك حمد بن عيسى عن هذا التوجه العروبي، حيث شدد على أن الأمة العربية تمر بظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد من حروب مدمرة، ومآسٍ إنسانية مؤلمة، وتهديداتٍ تمس أمتنا فى هويتها وأمنها وسيادتها ووحدة وسلامة أراضيها، وأن نجاح الدول العربية فى التقدم والبناء الحضارى، مرتبط باستمرار المساعى، كى تحظى شعوب المنطقة بأجواء السلام الدائم.

أوقفوا الحرب الآن

القضية الفلسطينية هى الأهم فى الوطن العربي، فى رأيك متى يمكن أن يصدر قرار بوقف إطلاق النار فى ضوء حرب الإبادة تجاه أشقائنا الفلسطينيين؟ وهل تعتقدين أن هذا القرار فى انتظار الرئيس الأمريكى الجديد فى بداية ولايته؟

هذه فرضية ممكنة بقوة، لكن لا يستطيع أحد منا أن يؤكد ماذا سيكون بعد، لكن أتمنى أن يحدث ذلك، وهو ما تتمناه الإنسانية كلها، بتوقف جميع الحروب فى العالم كله اليوم قبل الغد، فما يحدث فى الإنسانية أمر غير مقبول، وبغض النظر عن الجنس أو النوع أو الدين أو المذهب، فالإنسان من حقه وكرامته أن يعيش دائمًا فى أمن وأمان.

السلام والتعايش عقيدة

مملكة البحرين تدعو دائمًا إلى مؤتمرات السلام، فى زمن يتم فيه التلويح باستخدام السلاح النووي.. كيف ترين طريق السلام فى المنطقة؟

السلام والتعايش عقيدة بالنسبة لنا فى البحرين، فالملك حمد يؤكد دائمًا على قيمة السلام، ومن أساسيات الأمور لدينا هى الوسطية، فنحن معروفون دائمًا بالوسطية والاتزان.

فلا يمكن أن ننادى بالسلام دون أن يكون لدينا موقف يشجعه ويؤكده ويعززه، نحن نمد أيدينا بالسلام، ونحل مشكلاتنا بالنقاش والتفاهم حتى نترجم إيماننا بالسلام.

فالملك حمد بن عيسى دعا فى ختام «قمة البحرين» العربية فى شهر مايو الماضى إلى عقد مؤتمر دولى من أجل السلام، ولقد أثبتت القمة الموقف العربى الثابت الداعى إلى السلام كمسار جماعى وخيار استراتيجى لا بديل عنه.

كما استضافت مملكة البحرين فى شهر نوفمبر عام 2022 مؤتمر «ملتقى البحرين» للحوار.. «الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني» بمشاركة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف والبابا فرانسيس بابا الفاتيكان، انطلاقًا من حرصها على مد جـسـور الحـوار بـيـن الأمم والشعوب، وتقوية مسيرة الأخوة الإنسانية، باعتبارها مرتكزات مهمة لإرساء الوحدة الإنسانية والتصدى لأفكار التطرف والإرهاب والكراهية.

حدثينا عن فلسفة مملكة البحرين وتوليفتها المتميزة فى التسامح والتعددية، وكيف يمكن أن تصل رسالتها إلى العالم كله فى ضوء الأوضاع المأساوية التى يعيشها العالم حاليًا؟

التعايش والمحبة والعطاء والتسامح هى مجموعة المبادئ التى ننشأ عليها فى مدرستنا وشوارعنا وبيوتنا، وهى جزء من تكوين الشخصية البحرينية. فقيادتنا فى البحرين تؤمن بالتعايش والسلام، فالمسجد يُبنى بجانب الكنيسة والمعبد، ونحن نتعايش معًا أبناء الوطن الواحد، تحت قيادة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الذى أرسى دعائم هذه الفلسفة للشراكة فى بناء الوطن.

وأقولها، وبكل فخر، إن بلدى البحرين لديها تجربة فريدة من نوعها فى مجال الحريات الدينية، وحرية ممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان بمختلف مذاهبها، وأنها لا تتوانى فى اتخاذ ما يلزم لترسيخ قيم ومبادئ التسامح والوحدة الوطنية والتعايش السلمى على المستويين الوطنى والدولي، وهى فى سبيل ذلك تتخذ وتنفذ العديد من المبادرات والبرامج لتعزيز هذه القيم التى تخدم تقارب الثقافات.

ولدينا فى البحرين العديد من المؤسسات التى تدعم قيم التسامح والتعايش وتعمل على نشر هذه القيم الإنسانية وترسيخها، من بينها «مركز الملك حمد للتعايش السلمي»، وجمعية «هذه هى البحرين» التى تحمل على عاتقها رسالة إلى دول العالم كافة كيف نستطيع أن نتعايش ونعيش مع بعضنا البعض.

أعشق التحديات

ما التحديات التى واجهتك خلال مسيرتك المهنية خصوصًا فى محطتى رئاستك للبرلمان ووجودك كسفيرة لدى مصر؟ وكيف تغلبتِ عليها؟

الحياة كلها مجموعة تحديات، ولو خلت من هذه التحديات، فلن يستطيع أى إنسان عمل أى شئ، ومسيرة الإنسان دائمًا عندما يتجاوز أول تحدٍ يواجه تحديا آخر.

وبالنسبة لي، أنا أعشق التحديات، فبدون التحدى لا يمكن أن ننجز، خصوصًا ما قد تواجهه المرأة فى مجتمعاتنا العربية من مصاعب نتيجة بعض الثقافات أو الموروثات، لكن المرأة فى مملكة البحرين، تجاوزت تلك المعتقدات، بفضل إيمان القيادة السياسية متمثلة فى الملك حمد بن عيسى بالمرأة ودورها فى المجتمع، وجهود قرينته الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة التى احتضنت المرأة من خلال عمل مؤسسى متمثلًا فى المجلس الأعلى للمرأة، الذى كان نتاج الميثاق الوطنى فى عام 1999 إبان تولى الملك حمد مقاليد الحكم.

فمشاركة المرأة البحرينية فى الحياة السياسية، ليست حديثة لكنها ضاربة فى القدم، وقد سبقت البحرين العديد من دول المنطقة فى منح المرأة حقوقها السياسية، فمنذ عام 1950، ومع أول انتخابات بلدية كان للمرأة صوت وتشارك فى الحياة السياسية، لكن تأسس العمل بمشاركة المرأة بعد تولى الملك حمد بن عيسى آل خليفة الحكم، وأصبحت كل التشريعات والقوانين داعمة للمرأة وتجاوزنا مرحلة التمكين إلى التقدم، فتم تمكين المرأة فى كل المجالات.

وخير دليل على أن المجتمع البحرينى بتلك الثقافة، أن الانتخابات النيابية والبلدية فى مملكة البحرين فى عام 2002 فازت امرأة بالتزكية، بينما فى عام 2018 فازت ضمن ست سيدات، وكنت أول رئيسة لمجلس النواب فى الوطن العربى من خلال انتخاب حر مباشر، فى عملية انتخابية كانت فيها المرأة مثل الرجل لا توجد كوتة أو أى تمييز لها، تخوض الانتخابات بمجهودها.

فبفضل من الله، فقد شاءت إرادته، أن أكون أول رئيسة لمجلس نيابى عربى بالانتخاب المباشر، وأول امرأة سفيرة بحرينية فى مصر، وأول امرأة تتولى مسئولية البرامج فى تلفزيون البحرين، وذلك بجانب ما يمثله من مصدر فخر لى على المستوى الشخصي، فإنه يعكس ملمحًا مما ووصلت إليه المرأة البحرينية من مكانة لقدراتها وكفاءتها على تولى أرقى المناصب.

وبعد أن أصبحت رئيسة للبرلمان، من جئن بعدى فى الانتخابات النيابية عام 2022، كنا 8 سيدات، بينما كنا 6 سيدات فى 2018، وبمشيئة الله سنكون 10 سيدات أو أكثر فى 2026، فالنسب فى ازدياد، وفى مملكة البحرين مجلسين، أحدهما بالانتخاب مجلس النواب، والآخر بالتعيين مجلس الشورى، ففى المجلس المعين أعداد المرأة فى ازدياد، فالنائب الثانى بمجلس الشورى امرأة، فنحن فى البحرين تجاوزنا فكرة أن التصنيف كمرأة ورجل، والمنافسة هى الأساس للأكثر قدرة على العطاء أخذًا بالأسباب، وليس لأنى امرأة، فالمرأة فى البحرين وصلت إلى أرفع المناصب بمجهودها. وحاولت قدر المستطاع أن أكون مخلصة فى عطائي، واجتهدت، وقدمت صورة مشرفة للمرأة، بعد ذلك جئت إلى مصر سفيرة، وأتمنى حقيقةً أن أضيف وأترك بصمة من أجل ترجمة التميز فى العلاقة بين البلدين فى المجالات كافة.

ولا يفوتنى هنا، أن أستذكر أن الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة، تولت منصب رئيس الدورة العادية الـ61 للجمعية العامة للأمم المتحدة فى الفترة بين 12 سبتمبر 2006، وانتهت فى 17 سبتمبر 2007، لتكون أول عربية تشغل هذا المنصب الدولى المرموق، وثالث امرأة تتولاه على مستوى العالم.

كيف كانت نظرة أسرتك فى كل مرة خضتِ فيها غمار الانتخابات ولم يحالفك الحظ؟ وهل اختلف دعمهم لك فى المرة الثالثة من ترشحك كي تصلين إلى الفوز؟

لم أَخُضْ غمار الانتخابات إلا بعد أن اجتمعت بأسرتى وقلت لهم أننى سأخوض التجربة، فالداعم الأول والأساسى كان زوجى وشريك حياتي، كما أن ابنى كان له الدور المؤثر فى تشجيعى ومساندتى ودعمي.

كما أن أسرتى الكبيرة كانت حملتى الانتخابية، لى خمس شقيقات وشقيقان، وكان لديَّ فريقيّ عمل يدعمانى ويشتغلان بالتوازي، فمديرة الحملة النسائية فى المرات الثلاث التى ترشحت فيها لمجلس النواب كانت إحدى شقيقاتي، كما أننى من النوع الذى يهتم بكل التفاصيل، وذلك فرض نفسه بفضل التحديات الكبيرة، وكان هدفى فى المقام الأول هو خدمة الناس.

وخلال المرات الثلاث التى خضت فيها الانتخابات، كان دعم أسرتى لى هو السند الأعظم، وكان تشجيعهم لى فى كل مرة الحافز على الاستمرار، وأقدر لهم تفهمهم كل هذه السنوات لطبيعة الوضع والمسئوليات التى رافقت عملي، وأؤكد لكم أن دعمهم شكل عنصرًا مهمًا فى كل محطات الحياة، فلهم منى كل الشكر والتقدير والامتنان والعرفان.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: