استوقفني عنوان لكتاب بعنوان "إيمو وأسيمو" وهو عبارة عن قصة صغيرة للأطفال يحتوي على حوار جاد وهادف بين طفل وأمه حول المدخلات العصرية الحديثة والتي طرأت على مجتمعاتنا بصورة تفوق الخيال وتتخطى درجات التفكير النمطي المعتاد.
القصة تدور حول طفل صغير اعتاد مثل باقي الأطفال اللعب والمرح والذهاب والإياب إلى المدرسة لتلقي العلم وكذلك النادي الرياضي لتأسيس قوامه والحفاظ على صحته، ضاربًا عرض الحائط الاهتمام بغرفته أو حتى النظام في إدارة شئونه والقيام بأعمال تتسم بالفوضى والعشوائية دون تخطيط أو وضع أهداف محددة يسير عليها ويتبع خطاها بالصورة التي يرنو إليها الوالدان مثلهم مثل جميع أولياء الأمور من لديهم أطفال في سن الناشئة والتأسيس.
ومع سرعة نمط الحياة وعدم مقدرة الأم على العمل بشكل متوازٍ بين عملها وما يحتاجه المنزل من رعاية واهتمام خاصة لطفل في مرحلة صغيرة من العمر يحتاج كل الرعاية والاهتمام، قامت بالاستعانة بروبوت لتحقيق مطالبها وإدارة شئون المنزل بدلا منها. فأصبحت تعتمد عليه في كل صغيرة وكبيرة، وأصبح يدير شئون المنزل وينفذ ما يرد إليه من طلبات بصورة نمطية وسريعة، حتى إنه بدأ يتابع الطفل الصغير ويوجهه في أمور كثيرة، مما أثار غضب الطفل، وحدث بينهما حوارات ومشادات كلامية تتسم بالبرود وعدم التقدير.
إلى أن حدث شيء غير متوقع، فمع كل عيد ميلاد اعتاد الطفل إيمو تجهيز كافة تفاصيل الحفل من إعداد مأكولات ومشروبات وتلوين الحوائط ورسم الزينة مع والدته، إلا أنه ومع قدوم الروبوت أسيمو قام بكل هذه التفاصيل، وقضى على المشاركة الإيجابية التي اعتاد الطفل إيمو عليها مع والدته، فشعر الطفل الصغير بحزن كبير، ودار حوار كبير بينه وبين والدته. أدركت الأم بعدها خطورة الاستعانة بمثل هذه النوعية من الأجهزة؛ لأنها ساعدت على خلق حالة فتور في العلاقة بينها وبين ابنها، وقضت على الاتصال المباشر بينهما، كما أنها خلقت حالة من عدم الحوار والصمت والجفاء داخل الأسرة.
فأسرعت الأم إلى الاستغناء عن هذا الجهاز الآلي المجرد من المشاعر والأحاسيس، ولم يستطع خلق حالة من الحوار والتواصل بين أفراد الأسرة الواحدة، بل سعى لتدميرها والقضاء عليها.
وفى النهاية أشير إلى أن مؤلفة الرواية إيمان الشيمي استطاعت، وبكل براعة واقتدار وهى تخاطب فئة عمرية صغيرة باستخدام كلمات معبرة وسهلة تحمل المضمون والرسالة، استطاعت أن توضح أنه بات علينا أن ندرك أن التكنولوجيا الحديثة، رغم مزاياها العديدة، لا يمكن أن تعوض الإنسان عن العلاقات الإنسانية العميقة التي نبنيها مع بعضنا؛ فهي قد تساهم في تسهيل بعض المهام، لكنها لا تستطيع خلق التواصل الفكري والعاطفي الذي يشكل جوهر العلاقات الاجتماعية؛ لذا، ينبغي لما توخي الحذر في استخدام هذه التطبيقات، وأن نحرص على أن تكون وسيلة لتعزيز روابطنا، وليس لتدميرها.
فلنجعل التكنولوجيا في خدمتنا، ونسعى جاهدين للحفاظ على مشاعرنا وحواراتنا الصادقة، لأن ما يجمعنا كأفراد هو أكثر من مجرد كلمات على شاشة أو باستخدام جهاز.