- نجحت فى كبح أسوأ نزعات ترامب وإثبات أنها أكثر فاعلية عندما يتبع نصائحها
موضوعات مقترحة
- تعيين وايلز كأول قرار رئاسى يمثل اختبارًا لإدارة ترامب فى بناء الفريق الذى سيدير الحكومة الفيدرالية الضخمة
استطاع الرئيس القادم دونالد ترامب، تعويض نساء أمريكا اللاتى خسرن منصب "الرئيس" بعد سقوط كامالا هاريس بتعيين سوزى وايلز، كبيرة موظفى البيت الأبيض، وهى التى كانت دائما ما تفضل العمل خلف الستار والكواليس فى الظل، لكنها ستضطر ومن بداية فبراير المقبل للعمل فى النور أمام العالم أجمع، فهل ستستطيع سوزى وايلز أول امرأة يتم تعيينها كبيرة موظفى البيت الأبيض فى التأقلم والنجاح فى دورها، كما نجحت دائما فى العمل فى حملات الرؤساء والسياسيين منذ عهد الرئيس الراحل رونالد ريجان، كما عملت فى حملة ترامب فى 2016، وحملته الأخيرة للفوز بالرئاسة.
كان ترامب قد وصف دورها عقب فوزه بقوله: "لقد ساعدتنى سوزى وايلز على تحقيق أحد أعظم الانتصارات السياسية فى التاريخ الأمريكى"، وأضاف أن وايلز "ستواصل العمل بلا كلل لجعل أمريكا عظيمة مجددا"، فى إشارة إلى الشعار الشهير لحملته الانتخابية.
وذكر الرئيس المنتخب بأن هذه السيدة الستينية ستكون أول امرأة فى تاريخ الولايات المتحدة تتولى هذا المنصب المرموق، معتبرا إياه "شرفا تستحقه عن جدارة". وعندما صعد ترامب إلى المنصة للإعلان عن فوزه بعد يوم الاقتراع، كانت وايلز من بين الأشخاص الذين شكرهم، وقال "تحب سوزى البقاء فى الخلف، دعنى أخبركم أنها طفلة جليدية. نحن نطلق عليها الطفلة الجليدية".
فلماذا أطلق عليها ترامب هذا اللقب، ربما لأنه ليس من المعروف عنها سرعة الغضب بل تمتلك الأعصاب والقدرة على التأثير بدون إحداث جلبة، وهو ما يريده ترامب، فهو وحده كافٍ بإحداث كل الضجة المطلوبة، وتعتبر سوزى هى المستشارة الأكثر أهمية لترامب، إذ إنها عملت فى السياسة عدة عقود. وهى قادرة على التأثير من دون "ترك أى أثر"، وقد يكون لها الدور الأكبر فى نجاح ترشيح ترامب فى الحزب الجمهوري، وصاحبة تأثير و"نفوذ كبيرين" حول ترامب. وتوصف تلك "المرأة الحديدية" بأنها هادئة وغامضة، وصارمة فى آن، كما لديها اطلاع واسع فى العديد من الملفات.
نجحت وايلز فى كبح بعض أسوأ نزعات ترامب، ليس عن طريق توبيخه، بل من خلال كسب احترامه وإثبات أنها أكثر فاعلية عندما يتبع نصائحها. وتعتبر وايلز أول امرأة تشغل هذا المنصب الرفيع فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. ويعد هذا المنصب إحدى الوظائف القليلة المتبقية فى الحكومة الأمريكية التى لم تشغلها امرأة على الإطلاق.
وكانت منافسة ترامب فى الانتخابات الرئاسية، كامالا هاريس، أول من شغل منصبها كنائب للرئيس. وتفضل وايلز تجنب الأضواء حتى أنها رفضت التحدث بينما كان ترامب يحتفل بفوزه، وقاومت لقب المديرة الرسمية للحملة لتجنب الضغوط، نظرًا لتاريخ ترامب فى التنقل بين الأشخاص فى هذا المنصب.
وجاء تعيين وايلز كأول قرار رئيسى يتخذه ترامب، وقد يمثل اختبارًا لإدارته فى بناء الفريق الذى سيساعد فى إدارة الحكومة الفيدرالية الضخمة. وتتميز وايلز بصفات مهمة أبرزها التنظيم بعد نجاحها خلال الحملة الانتخابية، وأن ترامب اختارها "لتحسين صورته".
لم تنشأ سوزى فى بيت سياسى بل فى بيت رياضى، حيث كان والدها هو لاعب كرة القدم والمذيع الرياضى بات سمرال، لكن قررت سوزى دخول عالم السياسة منذ بداية مسيرتها العملية، حيث عملت فى مكتب النائب جاك كيمب فى واشنطن فى السبعينيات، ثم عملت فى حملة الرئيس الراحل رونالد ريجان وشغلت منصب مسئولة الجدولة فى البيت الأبيض، بعد ذلك، انتقلت وايلز إلى فلوريدا حيث قدمت المشورة لعمدة جاكسونفيل، وعملت مع النائبة تيلى فاولر. ثم أدارت حملات سياسية على مستوى الولاية، ويُنسب إليها الفضل فى مساعدة رجل الأعمال ريك سكوت على الفوز بمنصب حاكم فلوريدا.
بعد فترة قصيرة من إدارة حملة الحاكم جون هانتسمان الرئاسية فى عام 2012، أدارت حملة ترامب فى فلوريدا عام 2016، حيث ساهم فوزه فى هذه الولاية بفوزه فى السباق الرئاسي.
فى عام 2018، ساعدت وايلز فى انتخاب رون ديسانتيس حاكما لفلوريدا. لكن سرعان ما نشأت خلافات بينهما، مما دفع ديسانتيس للضغط على حملة ترامب لعام 2020 لقطع العلاقات معها، رغم أنها كانت تدير حملة ترامب آنذاك فى الولاية.
فى النهاية، قادت وايلز حملة ترامب ضد ديسانتيس وهزمته بشكل كبير. خلال الحملة، استغل مساعدو ترامب معرفتهم الداخلية للنيل من ديسانتيس، حيث سخروا من ضحكته وطريقة تناوله للطعام وحتى ارتدائه أحذية ذات كعوب مرتفعة، وكان يُعتقد أن وايلز وفريقها قدموا تلك المعلومات.
وانضمت وايلز لحملة ترامب الثالثة فى مراحلها المبكرة، وتُعد من القلائل الذين صمدوا طوال الحملة. ساهمت فى تنظيم عملية أكثر احترافية للسباق الأخير، على الرغم من أن ترامب لم يلتزم بذلك تماماً. فى مناسبات نادرة، ظهرت وايلز على وسائل التواصل الاجتماعي. قبل أيام من انسحاب ديسانتيس من السباق الرئاسى فى يناير، نشرت تغريدة بسيطة قائلة: وداعاً.
عملت وايلز، البالغة من العمر 67 عاما، مع حكام وأعضاء فى الكونجرس، بينهم السيناتور الجمهوري، ريك سكوت، والسيناتور رون دى سانتس. وعملت وايلز فى حملات ترامب فى 2016 وفى 2024. تتواصل مع الصحافة فى مناسبات نادرة، وعادة ما تكون ملاحظاتها "مختصرة وحذرة".
من يعملون معها يقولون إنها "جيدة فيما تفعل" و"ماهرة" و"مديرة قادرة" و"مراقبة" قادرة على تنمية المواهب، و"دقيقة" فى عملها لتحديد المسارات التى تحدد الفرق بين الفوز والخسارة، وفى جميع الحملات التى قادتها استطاعت أن تترك بصمتها.
وتعتبر وايلز من عائلة مشهورة للأمريكيين، فهى هى ابنة لاعب كرة القدم الأمريكى والمذيع الرياضى الشهير بات سامرال، وهى أم وجدة، وتنتمى للكنيسة الأسقفية الأمريكية.
يعتبر منصب كبير موظفى البيت الأبيض فى الولايات المتحدة المركز الأكثر إستراتيجية فى السلطة التنفيذية، وهو يعادل فى دول أخرى منصب رئيس ديوان الرئاسة، أو رئيس الديوان الملكي. ومن مهامه أيضاً تنظيم عمل الرئيس فى البيت الأبيض، وتنسيق وضع السياسات، ومتابعة أعمال الوزراء معهم.
فى أبسط صوره، يشرف كبير موظفى البيت الأبيض على العمليات السياسية، ووضع السياسات فى البيت الأبيض، ويدير وقت الرئيس واهتمامه.حيث يجب عليه "حماية" الرئيس من خلال استبعاد الأمور التى لا تستحق وقته أو اهتمامه، بالإضافة إلى ذلك، يكون كبير موظفى البيت الأبيض مسئولا عن العديد من المهام الإدارية الأخرى، بما فى ذلك اختيار وتوجيه موظفى البيت الأبيض وتنظيمهم، والتحكم فى تدفقات الأشخاص والاتصالات.
كما أن جزءاً من مهمته فحص المعلومات والقضايا والأفراد التى تصل إلى المكتب البيضاوي. وبشكل عام، يقع على عاتقه مسئولية حماية وقت الرئيس ومصالحه من "وسائل الإعلام المتطفلة، أو الكونجرس المزعج، أو أعضاء الإدارة المشاغبين، أو حتى عواقب تصرفات الرئيس نفسه".
فى كثير من الأحيان، يتعين عليه القيام بمهام مثل فصل الموظفين، أو رفض طلبات محددة، والعمل بشكل عام كمنفذ لأوامر الرئيس. كذلك هناك دوران آخران يؤديهما يركزان على أنشطة أكثر جوهرية، فعادة ما يكون كبير موظفى البيت الأبيض مستشاراً سياسياً مهماً للرئيس. وباعتباره قناة الاتصال مع الرئيس بالنسبة لمعظم بقية الموظفين والإدارة، يُنصح كبير موظفى البيت الأبيض بالعمل بشكل روتينى كـ"وسيط نزيه"، لضمان تعرض الرئيس لمجموعة من الآراء والخبرات ذات الصلة.
ويعتبر تعيين سوزى وايلز، بمثابة تعويض للنساء حيث خسرت هيلارى كلينتون وكامالا هاريس أمام ترامب فى الانتخابات الرئاسية، فيما يظهر أن أمريكا ليست مستعدة لرئيسة امرأة بعد، ولم تتول أى امرأة من قبل منصب كبير موظفى البيت الأبيض، وكذلك لم تتوفر أى امرأة منصب وزير الدفاع الأمريكى، ولم تخدم أى امرأة فى هيئة الأركان المشتركة، وكذلك لم تشغل امرأة منصب رئيسة المحكمة العليا قط.
لكن غياب امرأة عن منصب رئيسة الأركان كان محبطًا لفترة طويلة لبعض النساء اللاتى عملن فى العديد من البيت الأبيض، واللاتى يتوقن إلى شغل المنصب، والأهم من ذلك سهولة الوصول إلى المكتب البيضاوى ــ امرأة منهن.