راقبنا هذا الأسبوع موضوعين في غاية الأهمية وفي توقيت جيد، أولاهما مشاركة سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي في قمة البريكس بحضور زعماء ورؤساء دول وما فيها من تفاصيل وتقرير وكالة فيتش، وثانيًا أسباب التوقيت الجيد أنهما يأتيان في ظروف اقتصادية تؤكد وتبرهن على صحة مسار مصر الاقتصادي الذي تسعى الدولة من خلال خطوات إلى تعزيز الاقتصاد القومي وتحسين أوضاع المصريين.
الرئيس عبدالفتاح السيسي شارك الخميس الماضي في قمة بريكس بلس بمدينة قازان الروسية بتواجد الدول الأعضاء في البريكس والمنظمات الدولية المؤثرة، وألقي كلمة للتأكيد على اعتزاز مصر بمشاركتها الأولى كعضو في تجمع البريكس منذ انضمامها له، وهو ما يعد تطورًا في العلاقات الإستراتيجية التي تربط مصر بدول أعضاء البريكس، وتبعات ذلك على مستوى دعم الاقتصاد القومي الوطني، وفتح مزيد من قنوات اتصال تدفقات الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز الصورة الذهنية خصوصًا لدول المنطقة النامية وإفريقيا؛ لمواجهة تحديات تغير المناخ، والنفاذ للتمويل الميسر والأمن الغذائي، وتزايد معدلات الفقر والجوع واتساع الفجوة الرقمية والمعرفية، ومن هنا تأتي أهمية المشاركة، ولا أعتقد أن دول البريكس ستضم دولة كمصر وتحرص على مشاركتها وبقوة إلا بعد إدراج الحجم والقيمة.
الرئيس أكد خلال التجمع أن مصر في طليعة الدول التي حرصت على تعزيز التعاون بين الدول النامية، وتسعى لدعم مصالح وأولويات دول الجنوب، ويأتي هذا التجمع في ظرف دولي دقيق يموج بالأزمات والتحديات المركبة، ويشهد تهديدًا لمصداقية النظام الدولي، وهو ما يتطلب ضرورة تكاتف الدول النامية، وتعزيز التعاون "جنوب – جنوب" كأحد السبل المهمة لمواجهة التحديات الراهنة، وأنه لا يمكن الحديث عن الأزمات والتحديات الدولية الراهنة دون الحديث عن الأزمة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، مع ضرورة تضافر الجهود الدولية لوقف التصعيد الخطير في المنطقة، ومنع انزلاقها إلى حرب شاملة!!
مشاركة مصر تأتي أيضًا بهدف تعظيم الاستفادة من بنوك التنمية متعددة الأطراف؛ لتكون أكثر قدرة لتعزيز نفاذ الدول النامية للتمويل الميسر، وتعزيز العمل والتعاون المشترك بين دول تجمع البريكس ودول الجنوب يحقق الأهداف المشتركة وتطلعات الشعوب في مستقبل أفضل.
أما تقرير وكالة فيتش العالمية، الذي حرك تصنيف مصر الائتماني إلى مستوى B بدلا من B- مع نظرة مستقبلية مستقرة، وبالمناسبة هذا التقرير يعتمد على أسس ومعايير دقيقة كتقييم قبل طرح تقرير له يعكس متانة وقوة الاقتصاد الوطني وقدرته على مواجهة الصعوبات والتحديات، وهو بمثابة شهادة ثقة جديدة للاقتصاد المصري، وتعكس التحسن وسط أجواء من التفاؤل بين أوساط الخبراء والمستثمرين بالبورصة، كما قرأت من تصريحات لهم.
وكالة فيتش ذكرت في تقريرها انخفاض درجة المخاطر وتحسن الموقف الخارجي للاقتصاد المصري مع صفقة رأس الحكمة -التي انتقدها البعض- ولكن أدت إلى تحسين التدفقات الاستثمارية للدولة فضلًا عن ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي 11.4 مليار دولار خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2024 ليصل إلى 44.5 مليار دولار، مع التحسن الملحوظ في صافي الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفي، ووجود دعم مالي قوي من بعض المؤسسات المالية الدولية بما فيها صندوق النقد الدولي، وتوقيع اتفاقية الاتحاد الأوروبي معلنة تحسن التوقعات المستقبلية للاقتصاد المصري، واستقرار سعر الصرف، كما توقعت خفض سعر الفائدة مع تراجع معدلات التضخم.
* العميد السابق لكلية طب الأسنان جامعة القاهرة