Close ad

«مكعب روبيك».. 50 عاما على ابتكار «اللعبة اللغز».. وصاحبها يكشف «شفرة الحل»| صور

12-11-2024 | 11:55
;مكعب روبيك;  عاما على ابتكار ;اللعبة اللغز; وصاحبها يكشف ;شفرة الحل;| صور  العالم المجري إزنو روبيك مع مكعبه الشهير
محمد سباق

الدكتور «إرنو روبيك» مبتكر ومخترع مجرى، استخدم المكعب للمساعدة في تعليم الرياضيات لطلابه، وقال روبيك: «المكعب هو أداة للتفكير، لاستخدام قدرة عقلنا على التفكير، وحل المشكلات، وفهم الموقف، وفهم الفضاء، والحركة في الفضاء وما إلى ذلك».

كان البروفسور الهنجاري المتواضع الدكتور «إرنو روبيك» هو أول من اخترع هذه اللعبة، ولم يكن عندما اخترع هذا المكعب للمرة الأولى في عام 1974م متأكداً من إمكانية حله على الإطلاق.

وقدر علماء الرياضيات في وقت لاحق أن هناك (43.252.003.274.489.856.000) طريقة لترتيب مربعات المكعب التسعة، غير أن مجموعة واحدة فقط من هذه المجموعات صحيحة.

وعندما تمكن البروفسور«روبيك» من حل المكعب في نهاية المطاف بعد أسابيع من المحاولات الفاشلة المتكررة، غلب عليه شعور كبير بالنجاح والإنجاز والارتياح المطلق، وبالنظر إلى الوراء، أدرك أن الجيل الجديد من اللاعبين فائقي السرعة «حيث حقق اللاعب الصيني «يوشينج دو» الرقم القياسي العالمي البالغ 3.47 ثانية في عام 2018 – قد لا يثيرون القدر الكافي من الإعجاب.

وقال البروفسور «روبيك» في كتابه الذي يحمل عنوان «المكعب»: «لكن تذكروا جيدًا أن هذا الأمر لم يسبق حدوثه من قبل».


مكعب روبيك

مكعب روبيك .. أكثر الالغاز المستديمة

وخلال العقود الخمسة الماضية منذ ذلك الحين، تحول مكعب «روبيك» إلى أحد أكثر الألغاز المستديمة، والمحيرة، والمثيرة للذهول، والمستهلكة للأوقات التي تم اختراعها على الإطلاق.

ولقد جرى بيع أكثر من حوالي «نصف مليار وحدة» منها على مستوى العالم، وإن اعتمدنا النسخ المقلدة غير الأصلية منها، فإن الرقم الحقيقي للمبيعات سوف يكون أكبر من ذلك بكثير، ولفت هذا المكعب «روبيك» انتباه محترفي البرمجيات الحاسوبية، والفلاسفة، والفنانين.

ونُشرت مئات الكتب المعنية بالمكعب، والاستراتيجيات الواعدة بالحل السريع، فضلا عن تحليل مبادئ تصميم المكعب، أو استكشاف المغزى الفلسفي من وراء اختراع المكعب في المقام الأول.

يقول العالم المعرفي «دوجلاس هوفستاتر» في عام 1981م  عن هذا الأمر:«لقد جاء مكعب «روبيك» ليجسد واقعا هو أكبر بكثير من مجرد لغز، إنه اختراع ميكانيكي فائق البراعة، وهواية لطيفة، وأداة تعليمية ممتازة، ومصدر للمعاني المجازية، ونبع للإلهام».

وأنه رغم غزو مكعب «روبيك» للعالم بأسره، ظل البروفسور الذي اخترعه «الكاره جدا للدعاية والإعلام» يشكل لغزًا محيرًا في حد ذاته،  ويمثل كتاب «المكعب» جزءا من مذكراته، وجزءا من أطروحته الفكرية، وجزءا آخر هو أكبر عبارة عن قصة حب حول علاقته المستمرة غير المنقطعة بذلك الاختراع الذي يحمل اسمه، فضلا عن المجتمع العالمي لعشاق المكعب.

بدوره قال البروفسور «إرنو روبيك» في مقابلة شخصية أُجريت عبر الإنترنت من منزله في العاصمة بودابست:«لا أرغب في كتابة سيرتي الذاتية؛ نظرًا لأنني لست مهتما بطرح حياتي للنقاش أو المشاركة بتفاصيلها مع الآخرين. لكن السبب الرئيسي من وراء ذلك هو محاولة فهم ما حدث ولماذا حدث. بمعنى، ما هي الطبيعة الحقيقية للمكعب؟».

يعتبر البروفسور «إرنو روبيك» – البالغ من العمر 80 عامُا شخصية مليئة بالنشاط والحيوية، من إيماءاته بنظارته الطبية، ووثباته الخفيفة على الأريكة، وتمريرة يديه عبر خصلات شعره الرمادية التي تضفي على شخصيته مظهر طائر عجوز مفعم بالذهول، فهو يتحدث بطريقة أكاديمية رصينة مقدما إجابات مطولة، ومفصلة، وفلسفية تلك التي تنتهي في أغلب الأحيان بعبارة متكررة: «وهكذا دواليك – أو – وما شابه ذلك»، سيما عندما يقترب الحوار من نقطة النهاية.

كان البروفسور «إرنو روبيك» جالسًا في غرفة معيشته، في المنزل الذي صممه بنفسه، قبالة مكتبة منزلية عامرة بكتب ومؤلفات الخيال العلمي المتنوعة – ومن أبرز المصنفات المفضلة لديه أعمال المؤلف الأمريكي الراحل «إسحاق عظيموف» والمؤلف البولندي الراحل «ستانيسلاف ليم».

كان البروفسور «إرنو روبيك» يتحدث عن المكعب كما لو كان يتحدث عن طفله المُدلل، إذ قال: «إنني وثيق الصلة للغاية بهذا المكعب. كما لو أنه يكبر وينمو أمام عيني، ولقد بلغ الآن منتصف العمر، لذلك فأنا أعرف عنه الكثير»، ثم أمسك بمكعب من طاولة القهوة التي بجواره، وظل يعبث به بين يديه في حالة شرود للذهن عجيبة للغاية أثناء مواصلته الحديث إلينا عبر الإنترنت.

وقال إن إدراكه لهذا المكعب المخترع قد تطور كثيراً سيما مع متابعته لتأليف كتاب حوله. وأضاف قائلا: «على سبيل إدراك طبيعة المكعب، تغيرت طريقة تفكيري كثيراً. ولم تكن طبيعة المكعب ذاته هي المثيرة لاهتمامي بقدر فهمي لطبيعة الناس الذين يتعاملون معه، والعلاقة التي تربط بينهم وبين المكعب».

تعد قراءة كتاب «المكعب» من التجارب الغريبة، والمربكة، والمثيرة للحيرة، وهي تماثل الإمساك بأحد تلك المكعبات ومحاولة حله. ويفتقر الكتاب نفسه إلى ما يميز أغلب الكتب الأخرى من البنية أو المسار السردي الواضح – فيما يعد أثراً مقصوداً في حد ذاته وفقا للبروفسور «إرنو روبيك» مؤلف الكتاب، ومنذ بداية تأليفه للكتاب لم يكن البروفسور «إرنو روبيك» يرغب في أن يقسمه إلى فصول متتابعة أو حتى يعنونه باسم يميزه!.

يقول البروفسور «إرنو روبيك»: «كانت لدي العديد من الأفكار، ورأيت أن أشارك الآخرين في مزيج من تلك الأفكار التي تتناثر في مخيلتي وأن أترك الأمر برمته للقارئ كي يقرر أيا منها يكون مستحقا لقيمتها الحقيقية. إنني لا أمسك بيد القارئ لأدله على الطريق. إذ يمكنه أن يبدأ من النهاية، أو من المنتصف، أو ربما من البداية».


العالم المجري إزنو روبيك مع مكعبه الشهير

سيرة ومسيرة إرنو روبك

وُلد البروفسور «إرنو روبيك» في 13 يوليو من عام 1944م، بعد مرور حوالي شهر على يوم الإنزال البري الحاسم لقوات الحلفاء على شواطئ نورماندي الفرنسية، وكان مولده داخل «قبو» أحد المستشفيات في العاصمة «بودابست» والذي تحول إلى ملجأ لحماية الناس من الغارات الجوية. وكان والده مهندسا يعمل على تصميم الطائرات الشراعية.

كان الصبي الصغير «إرنو روبيك» عاشقا للرسم، والتلوين، والنحت. ثم درس في شبابه الهندسة المعمارية في جامعة بودابست للتكنولوجيا، ثم تابع دراساته اللاحقة في كلية الفنون التطبيقية.

وصار مهندسًا مولعًا بالأنماط الهندسية المختلفة. وبعد أن صار أستاذاً في تخصصه كان يشرف على فصل دراسي في الهندسة الوصفية، والذي يدور حول تعليم الطلاب كيفية استخدام الصور ثنائية الأبعاد في توصيف الأشكال والأجسام وحل المشكلات ثلاثية الأبعاد. وكان مجالاً من المجالات الهندسية الموصوفة بالغرابة والغموض، غير أنه كان السبب الرئيسي في تأهيل البروفسور «إرنو روبيك» لاختراع مكعبه العجيب.

وفي ربيع عام 1974م، عندما كان يبلغ 29 عاما من عمره، كان السيد «إرنو روبيك» قابعا في غرفة نومه في منزل والدته، يواصل العمل. وهو يصف غرفة نومه بأنها تشبه غرف الأطفال مع تناثر أقلام التلوين، والخيوط، والعصي، والنوابض، وقصاصات الورق الموزعة في كل مكان. كما كانت الغرفة مليئة بالعديد من المكعبات التي صنعها من الورق أو من الخشب.

وفي يوم من الأيام لا يتذكر البروفسور«إرنو روبيك» تاريخه على وجه التحديد كما يقول حاول أن يجمع ثمانية مكعبات مصغرة حتى تتمكن من الالتصاق ببعضها البعض مع إمكانية التحرك في نفس الوقت لتبادل المواضع.

وصنع ذلك المكعب الأولي من الخشب ثم صنع ثقبا في زوايا المكعبات الصغيرة محاولا ربطها ببعضها البعض، ولكن سرعان ما انهار المكون الأولي للمكعب الخشبي الصغير.

وبعد العديد من المحاولات التالية، اكتشف البروفسور «إرنو روبيك» التصميم المتفرد الذي أتاح له تكوين جسم متناقض: عبارة عن جسم صلب وثابت وقابل للتحرك في نفس الوقت. وبعد تجربة أولية أجراها على المكعب الجديد، قرر أن يمنحه بعض الألوان للتمييز ولكي يسهل متابعة حركة المربعات المصغرة. ثم قام بتحريك المربعات مرة تلو المرة، وفي اتجاه بعد اتجاه، وواصل التحريك والالتواء حتى أدرك أخيراً أنه قد لا يكون قادراً أبدا على إعادة المربعات الملونة إلى حالتها الأصلية الأولى.

وفقد البروفسور «إرنو روبيك» بوصلته في تلك المتاهة الملونة، ولم تكن لديه أدنى فكرة عن كيفية الانتقال فيما بينها، وقال: «ليست هناك من وسيلة للعودة إلى الوضع الأصلي للمكعب».

وقدم البروفسور «إرنو روبيك»  بعد نجاحه في حل المكعب طلبا إلى مكتب براءات الاختراع في «هنجاريا» بهدف الحصول على براءة اختراع «لعبة منطقية ثلاثية الأبعاد».

ثم قامت شركة هنجارية تعمل في صناعة لوحات وقطع الشطرنج والألعاب البلاستيكية بصناعة 5 آلاف نسخة من ذلك المكعب. وفي عام 1977م ظهر على الملأ «مكعب روبيك السحري». وبعد مرور عامين جرى بيع 300 ألف مكعب منها في هنجاريا وحدها.

بعد ذلك، حصل البروفسور «إرنو روبيك» على عقد من شركة «أيديال توي» الأميركية لصناعة الألعاب بشأن رغبتها في بيع مليون مكعب في الخارج. وفي عام 1980م استضافت شركة «أيديال توي» البروفسور «إرنو روبيك»  في معرض الألعاب المقام في مدينة «نيويورك».

ولم يكن البروفسور«إرنو روبيك» بارعا في مجال التسويق والمبيعات كما يبدو، فهو بروفسور الهندسة المعمارية الخجول للغاية مع إتقان متواضع للغة الإنجليزية في ذلك الوقت. غير أن الشركة الأميركية كانت في حاجة ماسة إلى صاحب براءة الاختراع لكي يوضح للناس أن المكعب اللغز قابل بالفعل للحل.


العالم المجري إزنو روبيك مع مكعبه الشهير

كلمات البحث
الأكثر قراءة