لم تعد نسوره الطليقة هائمة فى الفضاء الرمادى؛ لقد تجاوزته حيث ورد الذُرا والخلود احتمال.. ربما هذه الشطور من قصيدة النسور أبلغ ما يُنعى به للشاعر الكبير الراحل محمد إبراهيم أبو سنة، الذي رحل عن عالمنا مُحلقًا إلى رحمات الله بعد رحلة طويلة من الإبداع.
أبو سنة .. سيرة ومسيرة
وُلد الشاعر الراحل في عام 1937م بمركز الصف بمحافظة الجيزة، وقد حصل على ليسانس كلية الدراسات العربية من جامعة الأزهر عام 1964م، وهو شاعر وناقد وإذاعي، ونال عضوية اتحاد كتاب مصر، والمجلس الأعلى للثقافة.
وقد صدر للشاعر الراحل عدة دواوين منها:"قلبي وغازلة الثوب الأزرق، البحر موعدنا، الصراخ في الآبار القديمة، رماد الأسنة الخضراء، مرايا النهار البعيد، رقصات نيلية، ورد الفصول الأخيرة، تأملات في المدن الحجرية، موسيقى الأحلام، حديقة الشتاء، أجراس المساء"، ومن مؤلفاته الأدبية"تأملات نقدية في الحديقة الشعرية، دراسات في الشعر العربي، تجارب نقدية وقضايا أدبية".
في الإذاعة رأس أبو سنة إذاعة البرنامج الثقافي، وقدم العيد من البرامج والأمسيات الشعرية الشهيرة، منها:"حديقة الأوراق، ألوان من الشعر"، وقام من خلالهما بعرض مختارات من القصائد والأشعار وقام بتحليلها ونقدها.
خشبة المسرح كانت لها نصيبها من إبداعات "أبو سنة" فقدم مسرحية حصار القلعة وحمزة العرب.
"حمزة العرب" وإعادة الاعتبار للسيرة الشعبية
وفي المسرحية الأخيرة "حمزة العرب" أعاد الشاعر محمد إبراهيم أبوسنة قصة "حمزة البهلوان" التي تضرب في جذور تاريخنا العربي، وقد كتبها عام 1970م، وعُرضت عبر أثير إذاعة البرنامج الثقافي، وقد جسد البطولة عبد الرحمن أبوزهرة ، حسين الشربيني، ونجاة علي، وشوقي بركة وآخرين، وقد قدم أبو سنة للمسرحية بصوته الجهوري الرخيم.
تحكي سيرة "حمزة البهلوان" عن رؤيا لكسري ملك الفرس قصها لوزيره بزرجمهر، تفيد بأن فارسا من مكة ببلاد الحجاز، يقتحم قصره وتتوالي الحكاية، حيث كان الفارس ابن أمير مكة، الذي تمكن من هزيمة الفرس، وحقق انتصارات جمة حيث نشر الدين الإسلامي والعدل في كل البلاد التي غزاها بمعية رفيقه "عمر العيار"، والقصة لها امتداد في بلاد فارس تُسمى "حمزة نامة" الذي حقق انتصارات في البلاد العربية ببلاد الشام ومصر وغيرها بل تمتد انتصاراته حتى الحبشة.
تعد السيرة الشعبية "حمزة العرب" من أوائل السير العربية، التي تعدت الحدود العربية إلى آداب أخرى، حيث وجدت لها مثيلاُ في الآداب الفارسية.
ويؤكد المؤرخون ونقاد الأدب العربي أن السيرة خيالية، فالبطل حمزة موغل في القدم قبل ظهور الإسلام، إلا إن أغلب الداسات الأكاديمية الموثقة رجحت أن سيرة حمزة العرب هى سيرة عربية الأصل، وقد وقعت ابنة كسري فى هوى حمزة العرب.
وُجدت طبعتان للسيرة، وفي القاهرة ستة مجلدات تقع في 2880 صفحة من القطع المتوسط بعنوان قصة الأمير حمزة الشهير بحمزة العرب، من تأليف أبي الحسن على بن الأثير الجزري صاحب كتاب "الكامل في التاريخ"، وكتاب "تحفة العجائب وطرفة الغرائب" مطبعة مصطفى البابي الحلبي، أما الطبعة الثانية فلم تحمل اسم مؤلفها ولا تاريخ طباعتها، بعنوان «قصة حمزة البهلوان المعروف بحمزة العرب»، طبعة مكتبة الجمهورية لصاحبها عبدالفتاح مراد، وجاءت في أربعة مجلدات تشتمل على 1200 صفحة من القطع المتوسط.
ويوضح الباحثون أن السيرة تعرضت للاختصار في حقبة الغزو العثماني لللاد العربية، كما تم طبع السيرة في عواصم عبية مثل دمشق وبيروت وغيرها، كما أعيد نشرها بالهيئة العامة للكتاب وقصور الثقافة.
الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة