فتح أفق سياسي أمام الفلسطينيين باتجاه إقامة دولتهم المستقلة
موضوعات مقترحة
تنسيق مكثف للضغوط الدبلوماسية والسياسية والإعلامية لإثناء رئيس حكومة الاحتلال عن اتخاذ خطوات متهورة فى ظل رغبته إطالة أمد الحرب وتوسيع نطاقها
بن فرحان: التطبيع مع إسرائيل ليس مطروحاً على الطاولة قبل إيجاد حل لإقامة دولة فلسطينية
الخطوات والإجراءات العملية مطلب بات ضروريا فى ضوء تفاقم مهددات الأمن القومى العربى والإسلامى والاستقرار الإقليمى
الوضع فى لبنان يحتاج من القمة جهدا مضاعفا لوأد مخطط نتنياهو لتحويله إلى العصور الوسطى.. وحماية لبنان من حرب أهلية تحض عليها تل أبيب
تحتضن غد الإثنين - الحادى عشر من نوفمبر - الرياض القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة الثانية، وذلك بعد عام بالتمام والكمال من انعقادها فى الحادى عشر من شهر نوفمبر من العام الفائت، والتى جاءت فى سياق مساعى قادة الدول العربية والإسلامية، للبحث فى سبل وقف العدوانية المفرطة لجيش الاحتلال على قطاع غزة، متجلية فى حرب إبادة جماعية وشاملة، طالت الأرض والبشر والمقدرات، وحولته إلى كتل من النيران المتحركة على مدار الساعة.
ومع مضى أكثر من عام وشهر على اندلاع هذه الحرب، لم تتجاوب حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة، التى يقودها بنيامين نتنياهو مساندا من مجموعة وزارية من عتاة المتطرفين مع مخرجات القمة الأولى، التى قدمت ما يمكن وصفه منظورا عربيا يتسم بالشمول، لإنهاء العدوان، وفتح أفق سياسى أمام الفلسطينيين باتجاه إقامة دولتهم المستقلة، وفى الوقت ذاته مساندة جهود الوسطاء - مصر وقطر والولايات المتحدة، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وصفقة لتبادل الأسرى، فضلا عن أنها - أى القمة الأولى - تفاعلت مع عواصم القرار الدولى المؤثرة، عبر "اللجنة الوزارية" التى كلفت بالتوجه إلى هذه العواصم، وإجراء مباحثات مع كبار المسئولين ووزراء الخارجية فيها، سعيا لحشد الجهود الدولية للضغط على القوة القائمة بالاحتلال لوقف عدوانها، والدعوة للاعتراف بدولة فلسطين.
ومع مراوحة الحالة العدوانية المفرطة لجيش الاحتلال مكانها فى غزة، وفى الأراضى الفلسطينية الأخرى: الضفة الغربية والقدس المحتلتين، ثم تمددها إلى لبنان على نحو شديد الخطورة والإيلام والضراوة، واستمرار رفض نتنياهو لأى مسار سياسى، وإعلانه بصريح العبارات، وبقصدية واضحة لا مواربة فيها، إصراره على المضى قدما فى مشروعه العدوانى فى فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن، وكذلك إيران، أى الدفع نحو إشعال المزيد من الحرائق، ما يخلق بيئة مواتية لتوسيع نطاق حروبه فى الإقليم، بات من الضرورة بمكان عقد القمة العربية الإسلامية الثانية، لمتابعة ما تم تنفيذه من مقرراتها، وبلورة مقررات جديدة، تتسم بقدر كبير من الفاعلية، تسهم في وقف العدوان الإسرائيلي، وحماية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، بحسب ما أعلن سلمان بن يوسف الدوسرى، وزير الإعلام السعودى، فى البيان الذى تضمن الكشف عن عقد القمة، إلى جانب وقف الحرب على لبنان، بالإضافة إلى إقرار حزمة من المخرجات العملية، بشأن كيفية التعاطى العربى والإسلامى مع تداعيات وتطورات الأوضاع الراهنة في المنطقة، والتى ستدخلها إلى منحنى شديد الوعورة والخطر، إن لم يتم لجم جموح نتنياهو والتصدى له بقوة.
وحتى يكون للقمة جدواها وثمارها ومخرجاتها التى تتماس مع مطالب الرأى العام العربى والإسلامى، فإنها مطالبة بتبنى جملة من القرارات والخطوات العملية، التى تنشد بالدرجة الأولى ترجمة الثقل العربى والإسلامى، إقليميا وعالميا، لمواجهة هذه العدوانية المروعة لنتنياهو ونخبته العسكرية والسياسية.
أولها: تنسيق مكثف للضغوط الدبلوماسية والسياسية والإعلامية لثنيه عن اتخاذ خطوات متهورة، فهو يسعى إلى إطالة أمد حروبه الإقليمية، والتى أقر أخيرا بأنه يحارب فى سبع جبهات، لاسيما أنه يحظى بإسناد أمريكى واضح من قبل إدارة الرئيس الأمريكى بايدن، الذى أبلغه فى آخر محادثة هاتفية بينهما، بأن يمضى قدما فيما يتعين عليه فعله لحماية أمن كيانه، ما يعكس هشاشة، بل وتهافت الطروحات التى تتبدى فى تصريحات مسئولى هذه الإدارة، لاسيما وزير الخارجية أنتونى بلينكن، التى تشير إلى جهود واشنطن لإنهاء الحرب، سواء فى غزة أم فى لبنان، ويستوجب ذلك من قادة الدول العربية والإسلامية، توجيه رسائل شديدة اللهجة للولايات المتحدة، أيا كان نوع الإدارة الجديدة التى أسفرت عنها انتخابات الثلاثاء الماضى، تطالبها بموازنة مصالحها الإستراتيجية فى المنطقة العربية والدول الإسلامية، مع مصالحها المحدودة للغاية مع إسرائيل، الذى تلتزم بإبقائها فى حالة استقواء دائم على كل محيطها من دول الجوار، ضمن اتفاقيات التحالف الإستراتيجى معها، تقوم فى جوهرها على المحافظة عليها، ومنع أى تهديد لوجودها، وهو ما تحقق بصورة شديدة الوضوح منذ عملية "طوفان الأقصى" التى أطلقتها فصائل المقاومة الفلسطينية، وفى مقدمتها كتائب عز الدين القسام - الذراع العسكرى لحركة حماس، فى السابع من أكتوبر من العام المنصرم، من خلال تزويدها بما يعادل 22 مليار دولار لتلبية احتياجات جيشها الاحتلالى، من كل صنوف الأسلحة والعتاد العسكرى والقنابل الفتاكة، التى أودت بحياة الآلاف من الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين وغيرهم، ولعل آخر تجليات الإسناد العسكرى الأمريكى لتل أبيب، يتمثل فى نشر طائرات "B52"، التى توصف عادة بأكبر قاذفة إستراتيجية عن بعد تستخدم لتدمير أهداف نوعية أساسية وشديدة التحصين، وذلك ضمن خطواتها المتسارعة لتوفير كل من شأنه ردع من يفكر فى مهاجمة إسرائيل والإشارة لإيران، التى تتوعد برد موجع على هجومها الذى شنته على أراضيها يوم السبت قبل الماضى.
ثانيا: إجراء مراجعة شاملة للقرارات التى أصدرتها القمة العربية الإسلامية الأولى، ما الذى وجد طريقه منها للتطبيق، وما الأسباب التى أفضت إلى مراوحة أغلبها فى مكانها، وهل تتعلق بافتقار المنظومة العربية الإسلامية للتأثير على مسار الأحداث، على الرغم مما تشكله من أهمية إستراتيجية وجيوسياسية، وما تمتلكه من قدرات ومقدرات اقتصادية وموارد طبيعية، تتفاعل إيجابا وسلبا مع الاقتصاد العالمى، وفى القلب منه الاقتصاد الأمريكى والأوروبى والآسيوى، وجميع هذه الاقتصادات تتماس مع حكومة الاحتلال، ضمن علاقات وأشكال تعاون تنامت فى العقود الأخيرة، أى يمكن استغلاله هذا المعطى وتوظيفه كعامل ضاغط عليها، لإجبارها للتخلى عن طموحاتها العدوانية التى، فضلا عما أحدثته من قتل وتدمير منهجى فى غزة، والضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب اللبنانى، تعمل على النيل بضراوة من المقدسات الإسلامية، وفى القلب منها المسجد الأٌقصى المبارك، الذى لايمر يوم دون أن تدنسه قطعان المستوطنين، وفى أحيان عدة بمشاركة كبار وزراء الحكومة والنواب المتطرفين فى الكنيست، سعيا لفرض معادلة تقسيمه زمانيا ومكانيا بين المسلمين واليهود، حسب مخطط علنى وليس سريا.
وفى ضوء ذلك، فإن كل خطوة تهدف إلى تقليص قدرة نتنياهو على جر المنطقة إلى صراع واسع، هي خطوة ضرورية ومحورية، فالعالم لا يريد حرباً إقليمية، ولذلك فإن المؤتمرات الدولية سواء كانت عربية أم إسلامية أم آسيوية، يمكنها أن تؤدى دوراً حاسماً فى تكوين ضغط جماعى، على تل أبيب، إن جرى تفعيل عناصر هذا الضغط بالذات عربيا - إسلاميا فى ضوء ما تمتلكه من أوراق قوة فى هذا الشأن، لم يتم بلورتها فى إجراءات عملية، ربما بسبب التباين بين رؤى بعض دول المنظومة العربية والإسلامية، وقراءتها لما تراه ضروريا لمصلحتها الوطنية، بيد أن الحرب الدموية على غزة ولبنان، أثبتت أن عدم تفعيل هذه الأوراق، سينطوى على الإضرار بهذه المصالح الوطنية، فضلا عن القومية والأمن القومى العربى، والأمن القومى الإسلامى.
وفى هذا السياق، يمكن النظر إلى أهمية أطروحات الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودى، فى جلسة حوارية معه، على هامش منتدى مبادرة الاستثمار فى الرياض يوم الخميس قبل الماضى، والتى شدد فيها على "أن التطبيع مع إسرائيل ليس مطروحاً على الطاولة، قبل إيجاد حل لإقامة دولة فلسطينية، مضيفا" ليس فقط التطبيع مع المملكة على المحك، لكن الوضع مع المنطقة كلها من ناحية التطبيع فى خطر، إذا لم نجد حلاً ومساراً واضحاً لإقامة الدولة الفلسطينية، وأنه يجب تطبيق حل الدولتين وترجمته إلى خطوات ملموسة، وضمان حق الفلسطينيين فى تقرير المصير"، وهو تجديد للموقف القوى لولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، فى افتتاح الدورة الجديدة لمجلس الشورى فى الثامن عشر من سبتمبر الماضى، والذى أعلن فيه بوضوح، رفض بلاده تطبيع العلاقات مع تل أبيب دون قيام دولة فلسطينية، ما يعكس عدم استجابة للضغوط الأمريكية بهذا الاتجاه، وكان آخرها خلال الزيارة الأخيرة التى قام بها للرياض أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، ضمن جولته الحادية عشرة فى المنطقة، وردا عمليا حول ما صرح به نتنياهو من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها ال79 التى التأمت فى شهر سبتمبر الماضى، بأن كيانه على "عتبة إقامة علاقات مع الرياض"، ولاشك أن هذا الموقف سيلقى بظلاله على مواقف القمة، لاسيما أن الأمير بن فرحان لفت إلى أن إقامة دولة فلسطينية، ليست مرتبطة بما إذا كان الإسرائيليون يقبلون بذلك أم لا، لكنه مرتبط بقواعد ومبادئ القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، محذرا "من أن أمن المنطقة على المحك إذا لم نعالج حقوق الفلسطينيين، ونجد طريقة للمضى قدماً نحو إقامة دولة فلسطينية".
ومن المتوقع فى هذا الشأن، أن تحظى الخطوة السعودية بتأسيس تحالف دولى لتنفيذ حل الدولتين، والذى عقد أول اجتماعاته بالرياض يوم الأربعاء قبل الماضى، بمساندة قوية من قبل قادة الدول العربية والإسلامية، بحسبان أن هذا التحالف الذى يضم نحو 90 دولة ومنظمة دولية، يجسد المنظور العربى والإسلامى، بل والعالمى لتقديم جدول زمني محدد لبناء وتنفيذ الدولة الفلسطينية، وحل الدولتين على طريق السلام الدائم والشامل في الشرق الأوسط، وفى الآن ذاته ينطوى على تفنيد الرواية التى تتبناها حكومة الاحتلال، وعلى رأسها نتنياهو ووزراؤه شديدو التطرف، التى ترفض تماما هذه إقامة الدولة، وبلغ الأمر ذروته بإصدار الكنيست تشريعا يقضى بمنع إعلانها، والحيلولة دون أن ترى النور، وهو ما يفسر مسارعة سلطات الاحتلال فى الإعلان عن ضم مناطق شاسعة من الضفة الغربية لسيادة الكيان، والتوسع أفقيا ورأسيا فى مشروعه الاستيطانى الاستعمارى، والذى يجرى حاليا التخطيط لتمديده لغزة ضمن ما يسمى بخطة الجنرالات، التى يجرى تنفيذها بتؤددة بداية من شمال القطاع، الذى يتعرض لحصار وتدمير وقتل وتهجير قسرى لسكانها، ومن يصر منهم على البقاء، سيعامل باعتباره مناهضا ومنتميا للمقاومة، ومن ثم يستحق القتل أو السجن، على نحو يمهد الأجواء لاستقطاب المستوطنين، ضمن تصور إستراتيجى متكامل، لإعادة احتلال غزة، الأمر الذى سيتطلب من مخرجات القمة التعامل معه بقوة وصرامة .
ثالثا: ثمة متغير جديد سيفرض نفسه، على جدول قمة الرياض الاستثنائية، يتمثل فى إقرار الكنيست تشريعا، بحظر أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة، وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فى الشرق الأدنى (الأونروا) فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، ما يستدعى من قادة الدول العربية والإسلامية، تبنى قرار شديد الفاعلية بهذا الشأن، على نحو يحول دون إنفاذ هذا التشريع، الذى قوبل بمعارضة وانتقادات قوية من قبل الأمم المتحدة وأطراف دولية عديدة، وكان آخر الرافضين له مجلس جامعة الدول العربية، الذى عقد دورة غير عادية يوم الأحد قبل الماضى وأصدر قرارا فى نهايته، شدد فيه على ضرورة استمرار المجتمع الدولى فى تقديم الدعم السياسى والمالى اللازم للوكالة، لكى تتمكن من الاستمرار بأداء دورها، وفق منطوق تكليفها الأممى، فى مناطق عملياتها الخمس والذي لا يمكن الاستغناء عنه أو استبداله، حتى يتم حل قضية اللاجئين الفلسطينيين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967، فى إطار حل الدولتين، وفقاً لمبادرة السلام العربية 2002، بكل عناصرها لاسيما حق العودة والتعويض، معتبرا هذا التشريع باطل وجزءاً من حملة الاستهداف الممنهج للوكالة واستمراراً لمساعيها لاغتيال الوكالة سياسياً، ومحاولة مرفوضة لطمس قضية اللاجئين الفلسطينيين، لافتا النظر إلى أن الدور الحيوى الأساسى، الذي تقوم به الوكالة، فى تقديم المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطينى في قطاع غزة المنكوب، جراء العدوان الاسرائيلي المتواصل على القطاع، غير قابل للإحلال أو الاستبدال من قبل أى منظمة أو هيئة دولية أخرى، مؤكدا رفضه بشكل قاطع أى سعى يفضى إلى القيام بهذا الدور من قبل القوة القائمة بالاحتلال، موضحا أن ما يصدر عن القوة القائمة بالاحتلال من قرارات، لا يمكن أن يلغي القرارات الأممية، التى كفلت حقوق اللاجئين الفلسطينيين فى العودة والتعويض، واعتبارها باطلة ولاغية، ولا قيمة لها وانتهاكا صارخاً للقانون الدولى، وأن الحصانات والامتيازات التي تتمتع بها وكالة الأونروا، والعاملون فيها بموجب القانون الدولى والاتفاقيات الدولية المختلفة، لا يجوز المساس بها من أى كان.
والمؤكد أن هذا القرار سيشكل الأرضية التى سيرتكز عليها قرار قمة الرياض بعد غد الاثنين.
رابعا: يتبقى لبنان، والذى سيحتاج من القمة المشتركة إلى جهد مضاعف، لوأد مشروع نتنياهو لتحويله إلى العصور الوسطى، وهو تهديد قديم - حديث من خلال الغارات والقصف المتواصل، بكل أنواع الأسلحة للعاصمة بيروت، لاسيما ضاحيتها الجنوبية والمدن والقرى الحدودية مع فلسطين المحتلة، فضلا عن تهجير ما يقرب من مليون ونصف مليون إلى خارج مناطقهم على نحو يهدف إلى خلخلة البنية الديموغرافية اللبنانية، والتأثير على الحاضنة الشعبية لحزب الله وإثارة العدوات ضده وضد مؤيديه النازحين، بالإضافة إلى إحداث فتنة وطنية داخلية.
وكل ذلك يستوجب من القمة، مقاربة شاملة، تعتمد أدوات وآليات سياسية ومالية، لتقديم العون لكل اللبنانيين، والتحرك إقليميا ودوليا لوقف العدوان عليهم، حتى يشعروا أن ظهيرهم العربى والإسلامى لم ولن يتخلى عنهم، بعيدا عن حالة الاستقطاب الإقليمى التى يتعرضون لها وأثرت بكل تأكيد على المسارات السياسية الداخلية فى الدولة اللبنانية، ولعل أهم مطلب إضافى إلى جانب ذلك، هو تشكيل لجنة عربية على مستوى وزارى، للتواصل مع مختلف الفرقاء لإنهاء حالة الشغور الرئاسى، عبر إتاحة الأجواء المواتية لانتخاب رئيس جمهورية، يحظى بقبول أغلب القوى السياسية، ليعيد التوازن إلى المشهد الداخلى، لاسيما أن تل أبيب تسعى عبر مبعوثين أمريكيين، للعمل على خلخلة هذا المشهد من خلال العمل، بل الحث على تغيير المعادلة الوطنية لصالح قوى تميل فى توجهاتها إلى المنظور الإسرائيلى، والتى استغلت فرصة اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، فسارعت إلى حشد جهودها ورموزها فى محاولة للصعود إلى صدارة المعادلة، وهو أمر سيعيد الأمور إلى فترة غزو جيش الاحتلال للبنان فى العام 1982، وما نتج عن ذلك من تداعيات أدت إلى تفاقم الحرب الأهلية، التى دفع اللبنانيون بمختلف تكتلاتهم وطوائفهم ومذاهبهم، أثمانا باهظة لها من دمائهم ومقدراتهم، لولا تدخل السعودية بإسناد عربى وإقليمى، عبر اتفاق الطائف فى العام 1989، الذى أنهى هذه الحرب بعد أكثر من خمسة عشر عاماً على اندلاعها.