ساعات وتنطلق الدورة ال45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ينتظره كثيرون بعدما حالت الحرب على غزة العام الماضي من إقامته، وتأتي تلك الدورة التي أحاطتها أيضًا ظروف كثيرة يحاول النجم حسين فهمي رئيس المهرجان أن يتجاوزها على مستويات عدة منها الشخصي؛ حيث وفاة شقيقه الفنان مصطفى فهمي، ومنها ما يتعلق بالتمويل، والدعم اللوجيستي، ولكن برغم كل تلك المعوقات نجح بفريق عمل يترأسه الناقد عصام زكريا مدير المهرجان في برمجة دورة أظنها فارقة في عمر المهرجان.
البرمجة بها أقسام يمكن القول إنها متميزة جدًا، بداية من المسابقة الدولية التى تضم في قائمتها أفلامًا من تركيا، وأمريكا، وتونس، وبنجلاديش، والبرازيل، وفرنسا، وفلسطين، التى ستفتتح تلك الدورة بفيلم المخرج الكبير رشيد مشهراوي "أحلام عابرة"، وفى المسابقة أيضًا، ودول أخرى، لعل من أهم المشاركات بها الفيلم المصري "دخل الربيع" للمخرجة نهى عادل، مأخوذ عن قصيدة للشاعر الراحل صلاح جاهين، وهو عن أربع قصص، حيث فصل الربيع المعروف بطبيعته الخاصة، ترصد المخرجة أربع حكايات ما بين الأسرار والغضب والأحزان والدموع المخفية وسط الضحكات الظاهرة، ولكن، مع بداية ذبول الأزهار الزاهية، يأتي خريف غير متوقع ليختتم القصص.
ملامح المهرجان التى أعلن عنها منذ فترة في مؤتمر صحفي، والتى تضمنها ملف به تفاصيل كثيرة عنه، تؤكد أن هناك محاولة لخلق رؤية مختلفة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في تلك الدورة، رؤية تركز على السينما فقط، وهي التي عبرت عنها ليس فقط أقسام المهرجان ومنها قسم "آفاق عربية" الذي يزخر بالمشاركات المهمة وبه مفاجآت؛ منها تقديم سينمائيات كمخرجات لأول مرة مثل الفنانة درة التونسية مخرجة فيلم "وين صرنا" عن فلسطين، وزينة أشرف عبدالباقي مخرجة فيلم "مين يصدق" وفيلم المخرج السوري جود سعيد "سلمى"، وكذلك فيلم "مثل قصص الحب" لمريم الحاج من لبنان، و"أرزة" لميرا شعيب لبنان أيضًا، وأفلام أخرى بالمسابقة تعد من أهم مفاجآت المهرجان، ناهيك عن قسم خارج المسابقة، والمسابقة الخاصة بأفلام غزة، ومسابقة النقاد، وقسم مسابقة الأفلام القصيرة، وأقسام أخرى بها أفلام مهمة منها قسم "أفلام منتصف الليل".
هذا عن الأفلام، أما الضيوف فقد تكون تلك الدورة لها خصوصيتها، ليس بها نجوم عالميين للظروف المالية التي تحول منذ سنوات دون أن يكون بالمهرجان ضيف شرف من مشاهير العالم، لكنه يقدم كما قلنا ضمن رؤيته الجديدة أسماءً صنعت تاريخًا سينمائيًا لامعًا مثل "جاسبر نوي" أحد أهم المخرجين، وهو من ضيوف الشرف وتقام له ندوة، ويقدم أفلامًا لسينما "سيرجي باراجانوف"وهو مخرج سينمائي سوفياتي وفنان أرميني قدم مساهمات كبيرة في السينما السوفياتية من خلال السينما الأوكرانية والأرمنية والجورجية.
اخترع بارجانوف أسلوبه السينمائي الخاص به، فكان بعيدًا تمام البعد عن النمط الكلاسيكي السائد وقتها المتمثل في المبادئ الإرشادية للواقعية الاشتراكية، وينتظر أفلامه نقاد وجمهور كبير من محبي السينما.
ويحسب للفنان حسين فهمي في تلك الدورة إصراره على أن تكون السينما هي أهم ما يركز عليه المهرجان، إذ إن مهرجانات كثيرة تعمد إلى التركيز على جوانب أخرى، بل إن مهرجانات تقام وكأنها حفلات زفاف في فنادق بأماكن سياحية ولا تعرض فيلمًا معروفًا، ويروج لها وتنفق عليها الأموال، نحتاج أن تعمم تلك الرؤية فتصبح لدينا مهرجانات بأهمية الجونة والقاهرة والإسكندرية، مهرجانات تحمل للسينما الكثير وتضيف إليها، وتصنع زخمًا في المشاهدة، زخمًا سينمائيًا وإعلاميًا.