"للرجال فيما يعشقون مذاهب، ولولا اختلاف الأذواق لبارت السلع".. ربما يصدق هذان المثلان مع قصص الحب والغرام، فمن المؤكد أنك ترى فيمن تحب ما لايراه غيرك، وإذا ناقشك غيرك ولامك على هذا الحب ربما ستغني وتدندن قائلاً :"خدوا عيني شوفوا بيها".
تنطبق هذه الحالة على قصة الحب التي جمعت بين خالد الذكر الشيخ سيد درويش ومحبوبته "جليلة أم الركب"، فقد كانت هي سر إلهامه لألحان وأغنيات خالدة، مثلت فتحًا جديدًا فى مسيرة الموسيقى الشرقية .
الشيخ سيد وجليلة أم الركب
حين نذكر جليلة، فمن المؤكد أن ذهنك سينصرف فورًا إلى مارلين مونرو الشرق هند رستم التى لعبت هذا الدور فى فيلم سيد درويش أمام الفنان كرم مطاوع، لكن الحقيقة أن الست جليلة التى عذبت هذه العبقرية الخالدة كانت سيدة ممتلئة اللحم والشحم، مدكوكة العنق، حين كانت السيدات الممتلئات هن الأكثر جمالاً وفتنة وفقا لمعايير ذلك الزمان، ومع ذلك فظل أجمل الناس في نظره، وقال فيها أغنية "خفيف الروح" لبديع خيري، والتي تقول كلماتها:
خفيف الروح يتعاجب برمش العين والحاجب
تبدأ قصة الغرام بين الشيخ سيد وأم الركب حين التقاها فى حفل زفاف كان يحييه، وحين انتهى من وصلته الغنائية، سمع ضحكة مجلجلة، وحين التقت عيناه بعينيها اشتعلت شرارة الحب من أول نظرة، وفورًا أمسك بالعود وارتجل واحدة من روائعه الخالدة، طقطوقة «خفيف الروح».
ما لم يعرفه الشيخ سيد آنذاك، أن حبه لجليلة كان من طرف واحد!، فقد كانت صاحبته تدمن اللعب بقلوب الرجال ومشاعرهم، فإذا اطمأنت إلى انقيادهم لها ووقوعهم تحت تأثيرها، لم تتوان عن ابتزازهم، فإذا حصلت من معشوقها الغافل على ما تريد، تركته إلى آخر لتواصل معه اللعبة ذاتها.
هام الشيخ سيد بحب صاحبته، وأيا ما كان الأمر، فقد أثمر هذا الحب عن عدد من الألحان الخالدة بينها «أنا هويت وانتهيت» و«على قد الليل ما يطول» و«ضيعت مستقبل حياتى»، وحين ساقت عليه الدلال غنى «زرونى كل سنة مرة»، والتي غناها الفنان حامد مرسي "بلبل مصر" سنة 1917م. وظلت "أم الركب" معشوقة الشيخ سيد درويش وحبه الأول والوحيد.