إبراهيم حيدر اسم سجل أسطورة لم تحدث من قبل.. إبراهيم شاب لبناني أثار إعجاب الملايين في العالم؛ فقد واجه "وحده" فرقة عسكرية إسرائيلية بالمقاتلين والدبابات أرادت التوغل داخل حدود لبنان، وراح يطلق عليها وابل الرصاص، ولم يستطيعوا التغلب عليه لوقت طويل رغم مواصلتهم قذفه بالقنابل..
ولما أيقنوا من "عجزهم" أمامه وقتاله لهم بقوة وثبات وصمود أسطوري ورغبة عارمة في قتل وإصابة أكبر عدد منهم؛ عندئذ استعانوا بالطيران الذي ألقى المتفجرات على المبنى الذي كان يقاتلهم من خلاله واستشهد بالطبع..
يظهر في البداية حاملًا سلاح الآر بي جي؛ وهو سلاح يستهدف للآليات أكثر منه الأفراد، واستهدف آلية عسكرية تتقدم نحوه، ثم استخدم سلاح الرشاش وأطلق النيران في عدة اتجاهات، بينما يطلقون عليه نيرانهم، ومنها ما كانت بالقرب من رأسه، ولم يتأثر، ونجح في منع القوة بأكملها من الاقتراب من الوصول إليه وهو وحده.
وأثبت أن "الروح" هي التي تقاتل وليست الأسلحة أو المعدات المتقدمة تكنولوجيًا، وأن صاحب الأرض لديه قوة من نوع "خاص" لن يفهمها لصوص الأرض مهما حاولوا.
من مكاسب الحرب على غزة ولبنان الرصيد "الهائل" من البطولات التي نعرفها "بفضل" وسائل التواصل الاجتماعي والتي تخبرنا بها، ولا شك أن هذه البطولات "جزء" من بطولات الأجداد التي لم نعرف عنها شيئا، وتوارثها أبطال اليوم ليس في "جيناتهم" فقط بل في تربيتهم وتنشئتهم حيث تقوم الأمهات "بإرضاعهم" حب الوطن والاستبسال في الدفاع عنه، ويقوم الآباء بتقويتهم نفسيًا وجسديًا وتدريبهم على قوة التحمل مهما اشتدت الصعاب..
إبراهيم من مقاتلي حزب الله من بلدة صريفا شمال مدينة صور، والتي سيسجل التاريخ أنها قدمت للعالم هذه الأسطورة..
أعلن إبراهيم على وسائل التواصل الاجتماعي في عام 2017 عن رغبته في قتال العدو وحيدًا، وكتب قول الإمام علي كرم الله وجهه: "والله لو لقيتهم فردًا وهم ملء الأرض، ما باليت ولا استوحشت، وحقق أمنيته، ولم يتراجع، وسجلت الكاميرات بسالته لآخر لحظة في عمره "القصير" بالأعوام التي قضاها في الدنيا والطويل جدًا بحجم ما أنجزه وجعله "أسطورة" باقية ما بقيت الحياة..
بث الجيش الصهيوني لقطات الثبات المذهل الذي "تنفسه" إبراهيم حيدر تحت تزايد طلقات الرصاص التي تصيب مناطق بالقرب منه، وأوضحت المشاهد التي تم تصويرها من طائرات استطلاع إسرائيلية "تعمدهم" استهداف إبراهيم من عدة جهات، من بينها طائرة "مسيرة" في الجو، ونجاحه في الإفلات منهم واستمراره في القتال لآخر "ثانية" من عمره، ولم يحاول الهرب، ولم يخف على حياته؛وبدا وكأنه لا يهتم بكل ما يجري من حوله، ويركز "فقط" في قتال عدوه ببسالة "وبطمأنينة" وبثقة أنه فائز رغم "يقينه" بالطبع أنهم سيقتلونه في نهاية الأمر.
الرائع عند رؤية هذه المشاهد أنه لم يظهر أي ارتباك، رغم أنه كان يقاتل وحدة إسرائيلية "خاصة" كاملة، وبدا متماسكًا جدا، وواصل المناورة؛ فتارة يختفي ثوانٍ للاحتماء من شدة القصف، ثم "يباغتهم" بالظهور لقتالهم مرة أخرى!
ويبدو أن الصهاينة "يرفضون" التعلم ويكررون أخطاءهم التي تضرهم ويصنعونها بأيديهم؛ فسبق لهم بث فيديوهات لمقاومين يقاتلون بشراسة، ومنهم السنوار الذي كسب احترام العالم وتعاطفه، والمقاوم الغزاوي الذي طاردهم حتى قتلوه فخر ساجدًا ليلقى ربه وهو يسجد شكرًا لتكريمه بالشهادة، وفي كل مرة تأتي النتائج مخيبة لآمال الصهيونية.
نشروا مشاهد "استبسال" إبراهيم، وهم يتباهون بقدرتهم على القضاء على المقاومة بالقصف الجوي، "ويتجاهلون" أنهم قدموا للعالم كيف يقاوم هؤلاء بشجاعة وكيف يتمسكون بوطنهم، ويرفضون "بدمائهم" السماح للعدو بالاقتراب من حدوده، بينما تنشر الصحف العبرية كيف "يتهرب" بعض الجنود الصهاينة من التجنيد وكيف يرفض غالبية الجنود الاحتياط العودة للخدمة، ورفض "الحرديم" وهم اليهود المتدينين التجنيد الإجباري لهم ويتظاهرون ضد ذلك، ويشتبكون "بعنف" في صدامات مع الشرطة.
امتلك إبراهيم لآخر لحظة "إرادة" قتال العدو ورفض الاستسلام أو الاختباء أو الهرب، كما تمكن من "السيطرة" على حواسه وعلى تحركاته وعلى إطلاق النيران على العدو وكأنه في مكان يحميه "ولا" يرى أنهم يطوقون المكان.
انتصر إبراهيم عليهم "وخسروا" رغم استشهاده.
في فيديو قديم ظهر إبراهيم وهو يقول: سنحمي الحق وننصر المظلوم ثم يتلو الآية القرآنية: "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين"، ثم يلوح بيديه مبتسمًا ويلقي السلام.
نشر إبراهيم وصيته في فيديو قبل استشهاده؛ قال: بعد ما استشهد واصل أنت الطريق، فما تستطيع تقديمه قدمه، ليس بالضرورة الشهادة، فيمكنك الاهتمام بالوجدانيات وبنشر الوعي الشباب الذين يعيشيون بلا هدف في الحياة ويجب إفهامهم أن طريقنا صعب ومستصعب، لا يسلكه إلا نبي، أو ولي، أو عبد امتحن الله قلبه بالإيمان.
قلب إبراهيم كان "سلاحه" الحقيقي؛ فقد امتلأ باليقين بعدالة قضيته وبحتمية تقديم أغلى ما يملك في سبيلها وفي فعل أقصى ما يملك لمنع العدو من احتلال وطنه، وفعل.
إبراهيم كان باسم الوجه محبًا للحياة وبارًا بأمه، ظهر في فيديو وقد ارتدى ملابس صديقه الذي استشهد قبله وكان فخورًا به ويشير إلى ثقوب طلقات الرصاص في ملابس صديقه، وترك طفليه وزوجته وأمه وأسرته وذهب ليحمي وطنه.
سيكتب التاريخ أن إسرائيل استخدمت الطيران الحربي للقضاء على مقاوم واحد!!
وقيل عن حق ما فعله إبراهيم هو صفر خوف من صفر مسافة.