مع عودته إلى البيت الأبيض بعد فوزه في انتخابات 2024، ينطلق دونالد ترامب بتوجه اقتصادي جريء يَعِد فيه الأمريكيين بإصلاحات شاملة لإعادة الاقتصاد إلى مسار مستدام.
موضوعات مقترحة
وركزت وعود ترامب على تخفيض الضرائب، وتحفيز النمو لخفض معدلات البطالة، والحد من الدين العام، ومكافحة التضخم، حيث تعكس هذه الخطة طموحاً واسعاً لإعادة تشكيل الاقتصاد الأمريكي وتعزيز مكانته التنافسية، ومع ذلك، يشكك العديد من المحللين في قدرة هذه السياسات على تحقيق النتائج المرجوة وسط تحديات محلية ودولية معقدة.
أحد أهم مرتكزات خطط ترامب الاقتصادية هو تخفيض الضرائب بهدف تقليل الأعباء على الأفراد والشركات وتعزيز النمو.
وأشارالمحلل الاقتصادي بول كروجمان، إلى أن التخفيضات الضريبية السابقة التي أقرها ترامب في 2017 لم تُحقق نمواً مستداماً، بل زادت من حدة العجز المالي.
ويرى كروجمان أن تكرار هذا النهج قد يكون له تأثيرات قصيرة الأجل، لكن مخاطره تكمن في زيادة العبء المالي على الدولة إذا لم يرافقه زيادة فعلية في الإنتاجية الاقتصادية.
تتضمن خطة ترامب أيضاً التزاماً واضحاً بخفض معدلات البطالة، من خلال توفير حوافز مباشرة للشركات وتشجيع الصناعات التقليدية لاستعادة بعض الوظائف التي تأثرت بتغيرات السوق، غير أن بعض المحللين، مثل مارك زاندي من وول ستريت جورنال، يحذرون من أن هذه السياسات قد تخلق تحديات في مواجهة التغيرات التكنولوجية التي تعيد تشكيل بنية سوق العمل الأمريكي.
ويرى زاندي أن فرص العمل في بعض القطاعات التقليدية قد لا تتعافى بسهولة دون تحديث للمهارات ومواكبة للتقنيات الجديدة، وهو ما قد يُشكّل عقبة أمام تحقيق النمو المستدام في هذا المجال.
ومن بين الأولويات التي يُوليها ترامب أهمية قصوى أيضاً مسألة الدين العام المتزايد، وففي ظل تزايد الإنفاق الحكومي، ستكون هناك حاجة ملحة لتقليل هذا العجز، لكن السياسات المقترحة مثل تخفيض الضرائب وزيادة الإنفاق العسكري قد تؤدي إلى عكس الهدف المنشود.
ويرى الاقتصاديون في مكتب الميزانية الفيدرالي أن مثل هذه السياسات تثير قلقاً كبيراً حول إمكانية الاستمرار فيها دون التأثير على البرامج الاجتماعية والخدمات العامة، ما قد يزيد من الضغط على الاقتصاد إذا لم تُرافق بإصلاحات ضريبية شاملة.
في مواجهة التضخم، يَعِد ترامب بإصلاحات جذرية تسعى إلى ضبط أسعار السلع وتحسين القدرة الشرائية للأمريكيين. ويشير لاري سامرز، وزير الخزانة الأمريكي الأسبق، في تحليل له على بلومبرج، إلى أن إدارة التضخم تتطلب توازناً دقيقاً بين خفض الضرائب والسيطرة على السيولة المالية عبر سياسات نقدية صارمة.
ويرى سامرز أن الاستمرار في هذه التخفيضات الضريبية قد يزيد من الضغوط التضخمية ما لم تُرفق بسياسات تقشفية واضحة لتقليل الإنفاق الحكومي، محذراً من أن ارتفاع مستويات التضخم الحالية يعكس تحدياً كبيراً قد يؤدي إلى تآكل القدرة الشرائية للمواطنين.
وبالتوازي مع هذه الأهداف، يخطط ترامب أيضاً لتعديل الاتفاقيات التجارية بهدف تحسين وضع الصناعات الأمريكية وتقليل العجز التجاري، لا سيما مع الصين والمكسيك.
ويؤكد محللون، مثل روبرت لايتهايزر، الذي شغل منصب الممثل التجاري في إدارة ترامب، أن هذه الخطوة تهدف إلى تحقيق توازن أكبر في التجارة الدولية، إلا أن سياسة الحماية التجارية قد تُفضي إلى ارتفاع أسعار السلع داخل الولايات المتحدة، مما يُثقل كاهل المستهلكين ويحد من النمو الاقتصادي.
في قطاع الطاقة، يسعى ترامب إلى دعم الصناعات التقليدية مثل النفط والغاز، مع تقليص الدعم للطاقة النظيفة، حيث يعتبر أن الدعم الحالي للطاقة المستدامة هو عبء اقتصادي غير مبرر.
ويقول الاقتصادي توماس سويل في واشنطن تايمز إن خفض الدعم للطاقة النظيفة قد يُنقذ بعض القطاعات الصناعية التقليدية، لكنه يُقلل من التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، التي أصبحت تُشكل ضرورة للحفاظ على البيئة ودعم الاقتصاد المستدام، مشيراً إلى أن هذا التوجه قد يُعزز من أزمة التلوث البيئي ويؤخر الانتقال إلى الطاقة المتجددة.
تبقى وعود ترامب الاقتصادية طموحة، لكنها تُواجه تحديات كبيرة تتعلق بالاستدامة المالية ومدى فعالية سياسات التخفيض الضريبي في دعم النمو دون زيادة العبء على الدين العام.
ويرى بعض الخبراء أن تحقيق التوازن بين هذه الأهداف يتطلب إجراءات مدروسة ومتوازنة لضمان الاستقرار الاقتصادي، مع التأكيد على أهمية توفير حلول مستدامة تُقلل الفجوة المالية وتحقق التوازن بين النمو وضبط معدلات التضخم.