عانت مصر قبل عام 2014، من انتشار المناطق العشوائية غير الآمنة والتي دهمت أرواح سكانها، حيث كان هناك نحو 14 مليون نسمة يقطنون بالمناطق غير الآمنة "العشوائية" على مستوى الدولة المصرية، وهذا الرقم وصل في بعض الدراسات إلى 20 مليون نسمة وفقاً لتصنيف وتعريف المناطق غير الآمنة وغير المخططة، منهم 1.7 مليون نسمة يقطنون 357 منطقة غير آمنة (بدرجاتها المختلفة)، و12 مليونًا يقطنون مساحة 152 ألف فدان، وهى المناطق غير الآمنة غير المخططة.
موضوعات مقترحة
فماذا لو استمر الوضع إلى ما بعد 2014 بدون تدخل من الدولة ؟!، لو استمر هذا الوضع لوصلنا إلى مزيد من تدهور البيئة العمرانية، والتعدي على الأراضي الزراعية، حيث كان سيرتفع عدد سكان المناطق غير الآمنة إلى نحو 3 ملايين نسمة، وعدد سكان المناطق غير المخططة إلى 15 مليون نسمة، وإذا أخذنا في الاعتبار تعداد سكان مصر في الحضر، فإن ما بين 40 : 45 % من سكان مصر كانوا سيعيشون في أماكن غير آمنة وغير مخططة، وهذه ستكون مشكلة كبيرة، ولكن الدولة أبت أن تستمر بهذا الشكل، وقررت تغيير الواقع، والقضاء على المناطق غير الآمنة، ووضعت خطة التطوير لبناء 250 ألف وحدة سكنية للسكن البديل، وهذه الأرقام بخلاف ما تقوم به وزارة الدفاع والهيئة الهندسية من مشروعات في هذا المجال.
روضة السيدة
التجربة المصرية في القضاء علي العشوائيات
وتأتى التجربة المصرية في القضاء على العشوائيات كنموذج فريد استطاع تحويل حلم كاد يكون مستحيل إلى واقع في زمن قياسي، ولكن جاءت إرادة الجمهورية الجديد لتنسف هذا الوجه القبيح للعمران عبر المبادرة الرئاسية التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية للقضاء على المناطق العشوائية من خلال خطة عاجلة وضعتها وزارة الإسكان من خلال مجموعة من المشروعات التي أطلقها صندوق التنمية الحضرية نجحت في توفير ٢٥٠ ألف وحدة سكنية بتكلفة ٦٣ مليار جنيه هذا بخلاف ما قامت بها وزارة الدفاع من جهود من خلال المشروعات التي نفذتها الهيئة الهندسية للقوات .
وخلال رحلتها للقضاء على المناطق العشوائية كانت الدولة المصرية حريصة في منح قاطني تلك المناطق الحق في الاختيار من خلال ما أتاحته من بدائل في مخطط التطوير حيث وفرت المقابل المادي للوحدة وفقاً للقيمة السوقية وقامت بصرف التعويضات التي تمكنهم من الانتقال لمناطق آخري أو المقابل العيني من خلال ما وفرته من وحدات بديلة في مشروعات آخري كما هو الحال في الأسمرات والمحروسة وأهالينا ومشروعات السكن البديل في بدر والعبور الجديدة وحدائق أكتوبر والاختيار الثالث والذي تمثل في العودة للمنطقة بعد التطوير كما هو الحال في مثلث ماسبيرو وروضة السيدة في القاهرة والصيادين برأس البر ومحفوظ بالمنيا في الوقت الذي لم تغفل الدولة منح قاطني هذه المشروعات قيمة إيجاريه لتوفير وحدات بديلة لحين الانتهاء من المشروع .
روضة السيدة
ورغم ارتفاع فاتورة القضاء على العشوائية من كافة المحافظات المصرية فلم تقتصر مشروعات التطوير على القاهرة والمحافظات الكبرى فقط بل امتدت جنوباً وشمالاً وشرقاً وغرباً حتى المحافظات الحدودية لم تكن بعيدة عن مخطط التطوير الذي امتد لبعض المناطق في حلايب وشلاتين ،إلا أن الدولة تحملت التكلفة التي تراوحت ما بين ٥٠٠ و٧٠٠ ألف جنيه في الوحدة الواحدة مقابل ٣٠٠ جنيه فقط يدفعها المواطن نظير تكلفة الصيانة شهرياً في الوقت الذي يتم تسليم الوحدة مؤثثة بالكامل في الوقت الذي امتد التطوير للمناطق بالكامل من خلال تطوير كافة شبكات المرافق في المناطق التي تشهد تنفيذ تلك المشروعات .
ووضعت الدولة فلسفة بناء الإنسان نصب أعينها لذا لم يقتصر التطوير على بناء الوحدات السكنية فحسب بل كانت حريصة على توفير كافة الخدمات في المشروعات السكنية التي تنفذها من مدارس ومراكز طبية ومراكز شباب ومخابز بجانب إنشاء مسجد وكنيسة في كل مشروع لإيمانها بدور العقيدة في إصلاح النفوس وإعادة تهذيب ما أفسدته العشوائية ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل امتد لتمكين المرأة والشباب من خلال إتاحة الورش الحرفية والتدريب المهني بشكل ساهم في دعم النساء اقتصادياً بجانب الاهتمام بالجيل الجديد واكتشاف المواهب فنياً ورياضياً وإتاحة المجال لهم للتفوق والإبداع .
روضة السيدة
ويأتي مشروع تطوير مثلث ماسبيرو كمعجزة في ملف تطوير المناطق الخطرة حيث يمتد الحديث عن تطوير المنطقة إلى ثلاثينات القرن الماضي كما يؤكد السكان الأصليين للمنطقة الذين أجهدهم وعود لم تكن تجد طريقها للتنفيذ لذا لم يكن من السهل الاقتراب من هذا الملف لصعوبة إقناع السكان بصدق الوعود هذه المرة الأمر الثاني أن الدولة لا تمتلك أراضى تلك المنطقة بل كانت ملكية خاصة ورغم ذلك تحملت مبلغ التعويضات بالكامل والذي بلغ ٤.٥ مليار جنيه لراغبي التعويض النقدي بخلاف ٦٥٠ وحدة سكنية تم توفيرها بالأسمرات لراغبي التعويض العيني بخلاف تكلفة ما تم بناؤه من وحدات سكنية لتتحول المنطقة من عشش وخرابات كانت تنهار فوق رؤوس قاطنيها بين عشية وضخاها إلى أبراج فاخرة تجسد عظمة الدولة المصرية في تحويل المنطقة من العبث إلى الجمال .
روضة السيدة
«روضة السيدة»
يعد مشروع تطوير منطقة تل العقارب وتحويلها إلى روضة السيدة، من أبرز المشروعات في ملف تطوير المناطق العشوائية؛ حيث يضم 816 وحدة سكنية و198 وحدة تجارية بتكلفة إجمالية 330 مليونا، وقد تم تصميم الوحدات بشكل تراثي فريد يتوافق مع طبيعة المنطقة وتسليمها مفروشة بالكامل للأهالي، ويجرى حاليا العمل في مشروع روضة السيدة 2، في الوقت الذي لم تغفل الدولة إنشاء إدارة لمتابعة المكان والحفاظ عليه - كما هو الحال في مشروع الأسمرات الذي يعد بؤرة ضوء فى هذا الملف، كذلك تطوير منطقة الخيالة على مساحة 37.5 فدان، حيث بناء 42 عمارة توفر 2268 وحدة مقرر الانتهاء منها نهاية العام الجاري.
السكن البديل
روضة السيدة 2
تم تنفيذ مشروع روضة السيدة ٢، هو ملاصقاً لروضة السيدة 1 من الناحية الثانية بشارع السد البراني على مساحة 10 أفدنة بتكلفة تقديرية 500 مليون جنيه، وبعدها سيتم البدء في منطقة الطيبى، وقد تم حصر الحالات بالمنطقتين، وهناك 200 وحدة إضافية فى مشروع روضة السيدة 1 سيتم تسكين الحالات بها قبل البدء في عملية التطوير.
مثلث ماسبيرو
الأسمرات
الحديث عن المشروعات التي نفذتها وزارة الإسكان لتطوير المناطق الخطرة في القاهرة طويل وممتد من المحروسة لأهالينا بمراحله الثلاث ومعاً لكن يظل الأسمرات أيقونة في ملف التطوير لما تم حصاده من نتائج تمثلت في تحويل الكثير من السيدات إلى رائدات أعمال عبر الورش الحرفية وباتت منتجات بعضهم تصدر للخارج بخلاف الأبطال الرياضيين الذين تم تقديمهم في الكثير من الألعاب ونجح بعضهم في التحول لأبطال في الأولمبياد لتؤكد الدولة أنها نجحت في معركتها للقضاء على العشوائية بتحقيق الهدف الأسمى وهو بناء الإنسان.
واحتضنت المدن الجديدة بعض مشروعات السكن البديل لسكان المناطق العشوائية الغير آمن منها والغير مخطط حيث جاء مشروع روضة العبور بالعبور الجديدة ليوفر ٤١٧١ وحدة سكنية بخلاف ٩٠١ وحدة نشاط وهو ما تم تخصيصه لسكان مناطق عزبة أبو قرن وبطن البقرة وعزبة أبوحشيش والحرفيين وعشش النهضة بتكلفة ١.٤ مليار جنيه تشمل ما تم تنفيذه من مشروعات خدمية بالمشروع .
مشروع المحروسة
وجاء مشروع المحروسة 1و2، الذي يضم 195 عمارة توفر 4913 وحدة سكنية و129 وحدة إدارية وتجارية لتوفير المسكن الملائم لأهالي مناطق السد العالي 2 وعشش النهضة، وبطن البقر، وسيد فرج، وحكر السكاكينى القديم والجديد، وعرب الحصن، وسوق الجمعة والحطابة، وقد تم تسكين بعضهم بالفعل.
بشاير الخير
بشاير الخير
مرحلة جديدة فى ملف تطوير العشوائيات كانت قد بدأت بمشروع «بشاير الخير»، وهو أحد أبرز المشروعات التي أسست مرحلة جديدة فى مفهوم الدولة لتطوير المناطق العشوائية، بعد أن حمل مفهوما جديدا تمثل في إنشاء مجتمعات سكنية متكاملة مؤثثة بالكامل، ومع افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي، للمرحلة الأولى في عام 2016، كانت المعدات تنتشر في المنطقة لإنجاز المرحلة الثانية التي قبل أن تكتمل بدأ العمل في المرحلة الثالثة والتي دشنها الرئيس في شهر مايو الماضي
وبدأ العمل بالمشروع فى عام 2014، حيث أزيلت جميع المنازل القديمة بمنطقة غيط العنب بالإسكندرية، وبدأ العمل في إنشاء 34 عمارة على مساحة 12.3 فدان بإجمالي 1632 وحدة سكنية تستوعب 9 آلاف مواطن من أهالي المنطقة داخل شقق بمساحة 90 م شاملة المرافق والتشطيبات والفرش والتجهيز.
مناطق عشوائية قبل التطوير
عمارات فاخرة
ولم يقتصر التطوير على القاهرة فامتد إلى خارجها حيث شمالاً في محافظة دمياط وتحديداً مدينة رأس البر التي احتضنت مشروع شمال وجنوب الصيادين والذي حول العشش التي كان يسكنها السكان الأصليين للمكان إلى عمارات فاخرة تطل على النيل مباشرة بتكلفة ١٢٥ مليون جنيه لإنشاء ١٢ عمارة سكنية نجحت فى إنهاء مأساة ٢٥٠ أسرة كانت حياتها في خطر يومي بفضل الحرائق التي تشتعل في عشش الكيب التى يسكنونها .
وفى محافظة جنوب سيناء جاء مشروع الرويسات بتكلفة ٣١٥ مليون جنيه ليحتضن سكان المنطقة وعددهم ٢٤٨٠ نسمة بينما تم تنفيذ مشروع الجبيل بمنطقة الصيادين ليراعى طبيعة أهالي المنطقة حيث تم تنفيذ ٦٢ بيتاً بدوياً بتكلفة ٥٣ مليون جنيه وامتد التطوير للبحر الأحمر لنقل سكان منطقة عشش الجبل وعددهم ٥٤٥ أسرة من خلال إنشاء ٣٢ وحدة سكنية و٥١٣ بيتاً بدوياً ملحقة بأحواش لتمكنهم من ممارسة أنشطتهم فى الرعى والزراعة بتكلفة ٦٠٠ مليون جنيه وهو ما تكرر فى مشروع روضة الغردقة لنقل سكان منطقة زرزارة وعددهم ٨٥٠ أسرة من خلال إنشاء ٦٠٠ وحدة سكنية و٢٥٠ بيتاً بدوياً بتكلفة ٣٥٠ مليون جنيه ومشروع روضة القصير بالبحر الأحمر لنقل سكان منطقة الكلاحين وعددهم ٣٨٠ نسمة تم تسكينهم داخل ٤٠ وحدة سكنية و٣٦ بيتاً بدوياً بتكلفة ٣٠ مليون جنيه ،ومشروع روضة سفاجا لنقل سكان منطقة زرزارة وعددهم ١٢٠٠ نسمة من خلال ٦٠ وحدة سكنية و١٧٤ بيتاً بدوياً .
مناطق عشوائية قبل التطوير
جائزة الأمم المتحدة
وكان لتنفيذ تلك المشروعات ثمارها حيث حصلت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة على الجائزة التقديرية التي يمنحها برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ٢٠٢١ في مجال تطوير العمران المستدام من بين أكثر من ١٧٠ ترشيحاً من العديد من البلدان وهي إحدى أعرق الجوائز في العالم وتقدم للأفراد والمدن والمنظمات والمشروعات التي تعمل على التحضر المستدام .
وجاءت هذه الجائزة أيضاً لدور الهيئة طويل الأجل في تحقيق العمران المستدام من خلال توفير مشروعات إسكان اجتماعي آمنة وبأسعار معقولة لتشجيع التماسك الاجتماعي للسكان بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030 وما توليه الدولة المصرية ممثلة في وزارة الإسكان لملف حقوق الإنسان والحق في السكن.