استضافت القاهرة الأسبوع الماضي، "المنتدى الحضري العالمي للمستوطنات البشرية - WUF12" في دورته الثانية عشرة، ويضم ممثلي المناطق الحضرية على الكوكب، وهذه المناطق هي موطن لأكثر من نصف سكان العالم البالغ عددهم 8.2 مليار شخص، أي أن المنتدى هو المظلة الحضرية لأكثر من نصف سكان العالم، ويعمل المنتدى بإشراف برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية.
دورة المنتدى تنعقد كل عامين بحضور قادة من العالم، فهو يهتم بتطوير الحياة البشرية في ظل التنمية المستدامة الخضراء، حيث عقدت دورته الحالية تحت شعار "كل شيء يبدأ في المنزل"؛ لأن الإنجاز والتقدم الحقيقي يبدأ وينتهي من الواقع المحلي في المجتمعات من خلال حياة الناس على الأرض.
وفي الوقت الذي اعتمد فيه المنتدى، بدورته الحالية، "ميثاق المستقبل للمستوطنات الحقيقية"، ويهدف لتقدم البشرية، تدور بالتزامن معها، وبشكل معاكس، أعمال لمستوطنات صهيونية ذائفة هناك على أرض فلسطين المحتلة، تستهدف إبادة البشرية والقضاء على كل قيم إنسانية، وشتان ما بين المستوطنات هنا والمستوطنات هناك..
فالمستوطنات هنا هي أداة جديدة مهمة لتعزيز عملنا الحيوي، وتسريع أهداف التنمية المستدامة ومعالجة عدم المساواة، وضمان الإسكان الكافي والآمن والميسور للجميع، ودعم الدول لكي تخطط وتنفذ مدنًا عادلة وآمنة وصحية، أما هناك فالمستوطنات في تجمعات لقيطة تكتظ بالمرتزقة المجرمين الذين يسعون في الأرض فسادًا، وقتل كل ماهو غير صهيوني، والتنكيل بهم، وخاصة الأطفال والنساء.
المستوطنات هنا تهتم بإنشاء مدن خضراء خالية من النفايات الضارة المسببة لانبعاثات الغازات الدفيئة، عبر حلول التنمية العمرانية المستدامة التي لا تغفل حقوق الأجيال المقبلة، واعتبار المدن ليست محركات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية فحسب، وإنما هي أيضًا محفزات للحلول المستدامة، أما المستوطنات هناك فهي بؤر لإشاعة ونشر وارتكاب أعمال الهدم والتدمير، ونصب المجازر اليومية التي يقوم بها المستوطنون هناك أبناء المستوطنات الصهيوينة، ضد المواطنين العزل أصحاب الأرض، وهدم وتدمير المدن لتصبح مدنًا للأشباح.
المنتدى الحضري العالمي للمستوطنات البشرية في القاهرة، الذي يعد أكبر منتدى حضري عالمي خلال فعالياته بالعاصمة المصرية، يسلط الضوء على المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية كنموذج لتوطين العمل المناخي وتعزيز التحضر المستدام، أما المستوطنات هناك فهي حركة استيطان استعماري يهودي في ظل الكيان الصهيوني، وهي إنشاء تجمعات سكانية صهيونية على أرض فلسطينية، وتعتبر مشروعًا للاستيلاء على الأرض من سكانها الأصليين، وتعمل على توسيع مستوطناتها وإنشاء مستوطنات جديدة والتوسع بالاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية، ومرتفعات الجولان.
وفي الوقت الذي تهتم فيه المستوطنات هنا، كما تقول، آنا كلوديا روسباخ، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، خلال كلمتها في الجلسة الافتتاحية للمنتدى، إنها تجسد الشراكة العظيمة مع الحكومة المصرية، بمشاركة أكثر من 182 دولة، حيث المجتمعات الحضارية يمكن أن تحقق ميثاق المستقبل، ودعم التنمية الحضارية للأجيال الجديدة، وأشادت بالمبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية، باعتبارها تعكس التزام مصر بتوطين أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز العمل المناخي فهي تقدم حلولًا محلية، ونحن بحاجة إلى الحلول المحلية، إلا أن المستوطنات هناك يعتبرها المجتمع الدولي خرقًا للقانون الدولي، وتشكل انتهاكًا للفقرة الـ49 من اتفاقية جنيف الرابعة، وتبني مجلس الأمن للقرار رقم 448 في مارس عام 1979 الذي اعتبرها غير قانونية، وحاليًا يعتبر "المجتمع الدولي" الأحياء الإسرائيلية في القدس الشرقية، والمجتمعات المحلية في مرتفعات الجولان، والمناطق التي ضتمها إسرائيل أيضًا كمستوطنات، ولا يعترف بالضم الإسرائيلي لهذه الأراضي، كما صرحت محكمة العدل الدولية أيضًا بأن هذه المستوطنات غير شرعية في رأي استشاري لعام 2004.
وفي أبريل 2012، أكد بان كي مون السكرتير العام السابق للأمم المتحدة ردًا على تحركات من جانب إسرائيل لإضفاء شرعية على البؤر الاستيطانية الإسرائيلية، أن كل النشاط الاستيطاني غير شرعي.
لقد استغرقت أعمال المنتدى الحضري للمستوطنات البشرية في القاهرة خمسة أيام، شجعت خلالها وحفزت العالم على إقامة مستوطنات بشرية لدمج وتشبيك وتقوية نسيج المجتمع الحضري في دول العالم، وإنشاء مدن نظيفة خضراء للأجيال المقبلة، أما هناك، عند المستوطنات الصهيونية، فلا هدف لها سوى تفتيت وتقسيم الوطن الفلسطيني، كما يحدث في الضفة الغربية وقطاع غزة لإقامة تجمعات ومستوطنات عنصرية حربية مسلحة على الأراضي الفلسطينية، وهو مشروع يتم على مدى أكثر من 7 عقود، والفارق بين المستوطنات هنا والمستوطنات هناك كالفرق بين النهار والليل.. "إنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ألَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ – هود 81".
[email protected]