- مصر أول دولة عربية وإفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين قبل 68 عامًا
موضوعات مقترحة
- شوارع الدولة مثالية والتاريخ في سورها العظيم
- الذكاء الاصطناعي والروبوتات والسيارات الكهربائية لعبة الشركات المفضلة
لا يمكن إنكار حقيقة أن الصين دولة نامية، وبدلا من القلق بشأن كيفية جعل الصين دولة ترتدى قبعة الدول المتقدمة، يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تفكر فى كيفية خلع قبعة التنمر فى أسرع وقت «كانج كاى كاتب صينى فى مجلة الصين اليوم».
دول كثيرة فى العالم، تشكك فى وضع الصين كدولة نامية، وفى مقدمة هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية، التى ترى أن الصين تحاول الاستفادة من تصنيفها دولة نامية عكس حقيقتها، والكونجرس الأمريكى أقر فى العام الماضى مشروعا بعنوان جمهورية الصين الشعبية، ليست دولة نامية، كما أقرت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى بالإجماع قانونا لتجريد الصين من وضع الدول النامية.
فى رأى الصين أن هذه المحاولات، تتجاهل الحقائق والقواعد وتتجاهل الإنصاف والعدالة، كما لا تعترف بها المنظمات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية، إن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى فى الصين، لا يزال ينتمى إلى الدول النامية، وتقول بتوزيع الناتج المحلى الإجمالى الضخم للصين على أكثر من مليار وأربعمائة مليون نسمة، فإن متوسط نصيب الفرد فيها، لن يكون مرتفعا. فى عام 2022، بلغ متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى فى الصين 12741 دولارا أمريكيا، وهو يساوى 20 % من نظيره فى الاقتصادات المتقدمة والسُدس فى الولايات المتحدة الأمريكية، وتعترف أن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى فى بعض المدن الرئيسية بالصين، مثل شانغهاى، وصل إلى مستوى الاقتصادات المتقدمة، لكن نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى فى معظم المناطق، بما فى ذلك المدن الصغيرة والمتوسطة الحجم والمناطق الريفية الشاسعة، لايزال فى مستوى الدول النامية.
تلك كانت مقدمة محيرة، عن تلك الدولة المعجزة، التى تتقاسم مع العالم النفوذ الاقتصادى وتسرع الخطوات فى سباق التطور التكنولوجى والفضاء وتقفز قفزات واسعة، نحو مفهوم الصناعة الحديثة الذى يمزج بين الذكاء الاصطناعى وملكات البشر، ومع هذا تتمسك بأنها دولة نامية والعالم الغربى والولايات المتحدة الأمريكية، لهم رأى آخر بأنها دولة متقدمة، الصين تربط بين متوسط دخل الفرد، والغرب يعتقد أنها تتستر خلف ذرائع.
الصين التى زرتها دولة مبهرة، وتعطى الأمل فى أن العالم ينتظره الأفضل.
10أيام متنوعة قضيناها فى الصين العاصمة بكين، ومقاطعة شانشى ومدينة شيان بها، ومقاطعة تشجيانج ومدينة هانتشو فيها بدعوة من السفارة الصينية فى القاهرة.
المسافة ما بين بكين ومقاطعة شنشى، على سبيل المثال حوالى 1800 كيلو متر، وجرى الانتقال بالقطار السريع، ومحطة القطار فى العاصمة بكين أشبه بالمطارات الكبرى، وإجراءات السفر تشبه إلى حد بعيد الإجراءات فى المطارات من حيث التدقيق الأمنى، ومن شنشى انتقلنا بالطائرة إلى تشجيانغ فى رحلة تستغرق ساعتين بالطائرة، والمطار الداخلى كبير ومتسع ويسير رحلات دولية، ومنه بعد انتهاء الرحلة كانت العودة إلى القاهرة.
القرية النموذجية فى الصين
الحصول على تأشيرة السفر إلى الصين، يتطلب ملء استمارة عبر التطبيق الإلكترونى، وهى بصراحة طويلة نسبيا، وتحتاج إلى وقت ومعلومات متنوعة، ويتم تحديد موعد فى قسم التأشيرات بالزمالك، لتقديم جواز السفر، والمعاملة داخله ممتازة ويتم منح التأشيرة بعد أيام من تقديم الطلب، موعد طائرة الثالثة صباحا، الإجراءات فى المطار لم تستغرق وقتا طويلا، أقلعت الطائرة، ووصلنا إلى مطار بكين فى الساعة السادسة مساء بتوقيت الصين، الرحلة تستغرق 9 ساعات، وهناك فرق فى التوقيت 5 ساعات بين القاهرة وبكين.
وصلنا مطار بكين، كان ينتظرنا فى المطار ثلاثة مرافقين، يحملون الأسماء العربية هم "على وعزيز وسعيد "، على يجيد العربية بشكل واضح، تحركنا إلى الفندق فى وسط بكين، وقال إن المسافة تستغرق من المطار إلى الفندق ساعة و20 دقيقة تقريبا.
الفندق من الفنادق المتوسطة، والتى تعكس النمط الصينى، فى الاستقبال تم إعداد وجبات العشاء مغلفة، بعد أن انتهى الموعد الرسمى فى المطعم، وكانت وجبة عشاء ساخنة، وسريعا نزلنا إلى مدينة بكين للتعرف على المدينة، ومحاولة التسوق خوفا من عدم وجود وقت كاف خلال برنامج الرحلة للشراء، بجوار الفندق مركز تجارى شهير، ويبدو من الواجهة أنه يضم محلات لأشهر الماركات العالمية، تجولنا فى المركز وكانت المفاجأة الصادمة، أن الأسعار مرتفعة جدا، وخارج التوقعات، هل هذه الأسعار موجودة فى الصين؟ على سبيل المثال كان سعر قطعة، وهى بلوزة حريمى ما يعادل 50 ألف جنيه مصرى، وحذاء رياضى ما يعادل 25 ألف جنيه مصرى، هذا المركز يضم ماركات عالمية، حالة من الدهشة أصابتنا، خرجنا سريعا.
عدنا إلى الفندق، لكن لم يخل الأمر، ونحن فى طريق العودة إلى اكتشاف بعض المحلات التى لا تزال تعمل، وكان هناك مركز تجارى تحت الأرض فى محطة المترو، به عدد من المحلات البسيطة، انتهت الجولة وصعدنا إلى الغرف.
فى الصباح جاءت زيارة كلية يانجلينج للتعليم المهنى والتقنى، بمقاطعة شنشى الصينية، والتى تضم 68 تخصصًا، أبرزها: التكنولوجيا الحيوية الزراعية، وهندسة الحفاظ على المياه، وتربية الحيوانات والطب البيطرى وتكنولوجيا هندسة المناظر الطبيعية، وتكنولوجيا هندسة البناء المدنى وتكنولوجيا تطبيقات الكمبيوتر والتجارة الإلكترونية.
وتأسست الكلية فى عام 1934، وتخرج فيها نحو 200 ألف طالب منذ إدراجها فى النظام التعليمى فى الصين، ويوجد بها حاليًا أكثر من 20000 طالب بدوام كامل، وأكثر من 1000 عضو هيئة تدريس، والتحق بها أكثر من 100 طالب دولى.
وتحظى الكلية بأهمية كبيرة ليست فى مقاطعة شنشى فقط، حيث تسعى للتوسع بجميع أنحاء الصين أيضا، فتضم الكلية مدرسة للهندسة الزراعية والرى، وتضم الكلية قسم دراسة هندسة الرى، حيث يتم إقامة نماذج محاكاة لسدود المياه، وبناء مجرى الأنهار وتعزيز التحكم فى ارتفاع وانخفاض منسوب المياه، حيث يتم التحكم فى تلك الاختبارات من خلال الهاتف المحمول.
بعد ذلك جاءت زيارة إحدى شركات الهواتف الذكية، فى العاصمة بكين المبنى عبارة عن مجموعة من ناطحات السحاب العملاقة، فى مدخل المبنى استقبلنا شاب صينى يجيد الإنجليزية بطلاقة، وتم توزيع سماعات صغيرة وأنيقة للاستمتاع إلى الترجمة من الصينية إلى الإنجليزية، التى ستشرح بها المسئولة فى الشركة.
فى الطابق الأرضى، صالة تعرض أحدث التقنيات، التى توصلت إليها الشركة فى مجال الهواتف الذكية، وفى نفس المكان معرض لعرض السيارات الكهربائية من إنتاج الشركة، ألوانها جذابة وتصميمها رائع، الاعتقاد بأن الشركة تتفوق فى الهواتف، بينما تبين أنها قلعة صناعية تنتج بجانب أجهزة الاتصالات من موبايل، وكمبيوتر والكاميرات المتقدمة، السيارات الكهربائية، وأجهزة الروبوتات.
بعد ذلك جاء دور زيارة قسم المنزل الذكى فى الشركة، وهو يضم أحدث ما توصلت إليه الشركة من تجهيزات المنزل العصرى، وشاهدنا تطورا مذهلا فى هذا المجال، ومقاييس عالية من الرفاهية، التى يمكن أن يتمتع بها المستخدم.
محطة القطار السريع ببكين
عندما سألنا على أسعار السيارات، كانت غير محددة، لكنها فى حدود 25 ألف دولار، أما عن أسعار الهواتف فهى أسعار عالية، قد لا تختلف عن السوق المحلية فى مصر، بينما فى مقر الشركة ليست جاهزة للبرنامج العربى.
لم تستغرق الجولة وقتا طويلا، وجرت على النمط الصينى، الذى يسابق الزمن فى كل شىء، فى عصر السرعة والحفاظ على الوقت.
تناولنا طعام الغداء، بعدها جاءت زيارة مبنى وزارة الخارجية، لحضور لقاء مع يانج شين، نائب مدير غرب آسيا، وشمال إفريقيا فى وزارة الخارجية الصينية، وهو دبلوماسى صينى متميز، وصف مصر بأنها دولة عربية وإفريقية وإسلامية، تحمل أهمية خاصة للصين، وتعد دولة مهمة فى الجنوب العالمى، وأن العلاقات المصرية - الصينية تجاوزت كونها علاقات ثنائية فقط، وبات لديها بعد إقليمى ودولى.
وتوقف أمام أن مصر، كانت أول دولة عربية وإفريقية، تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين قبل 68 عاما، وقال إنه إذا حاول رسم لوحة تعبر عن العلاقات المصرية - الصينية، فستشمل أولا: الثقة السياسية المتبادلة وضمان المنفعة المتبادلة، والمصالح المشتركة، وأن الجانب الصينى يدعم مصر، ويرفض أى تدخل خارجى فى الشئون المصرية، بأى مسمى كما يعتز ويشكر مصر، على تقديم الدعم لمصالح الصين الجوهرية، مثل قضية تايوان، وشدد على أن مصر لعبت دورا مهما للغاية، فى قضية تايوان منذ إعلان القاهرة عام 1943، حيث صدر بمشاركة الصين والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وينص على استعادة الأراضى المسروقة من الصين وعودة تايوان للصين، وأكد أن هذه الوثائق القانونية تشكل جزءا مهما للنظام الدولى بعد الحرب العالمية الثانية، ومرجعية دولية، تفيد بأن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين.
كان اللقاء فى قاعة أنيقة بمبنى وزارة الخارجية فى الطابق الأرضى، وبعد اللقاء جرى التقاط صورة تذكارية مع الوفد المصرى، وحرص المسئول ومساعدوه، على أن الخروج من المبنى لتوديع الوفد المصرى ومصافحته، بعد ذلك طلبنا من المرافقين، أن نذهب إلى سوق تجارية قبل مغادرة العاصمة بكين فى الصباح، واستقر الرأى على أن نعود إلى فندق الإقامة نستبدل الملابس الرسمية، التى كانت ضرورية فى زيارة مبنى الخارجية وبعدها نتحرك إلى السوق التجارية، ووقع الاختيار على سوق قريبة من الفندق يعرض المنتجات المتوسطة، وتحركنا سيرا على الأقدام كان الوقت تقريبا الساعة السادسة مساء، موعد إغلاق السوق تمام التاسعة، وتم الاتفاق على أن تتاح حرية الحركة للجميع، وبعدها يعود الكل إلى الفندق، مع التأكيد على أهمية التواصل فى حال حدوث أى طارئ والعودة، قبل انتهاء موعد العشاء فى الفندق.
تجولنا فى السوق التجارية، والملاحظة العامة أن الأسعار غير ثابتة، وتخضع إلى التفاوض الطويل الذى لا يعرف سقفا ولا حدودا، مع التأكيد على أن حاجز اللغة قائم، والتغلب على هذا باستخدام البائع أو البائعة لجهاز الهاتف للترجمة، والحاسبة لكتابة السعر، كانت تجربة شراء جيدة لكن الوقت لم يكن كافيا.
فى صباح اليوم التالى، استيقظت فى السادسة صباحا، انتهيت من ترتيب الحقيبة، وشاهدت برامج التليفزيون وتوقفت أمام برنامج باللغة الصينية، يعرض أهم الأخبار المحلية وكل خبر له تقرير فيديو، مما يسهل معرفة طبيعة الخبر دون حاجز اللغة، والتقارير جميعها من منظومة المراقبة التى تغطى جميع الأراضى الصينية بالكاميرات.
جدول أعمال هذا اليوم، كان مثيرا وشيقا، التعليمات إخلاء الغرف والنزول بالحقائب، مع ضرورة إجراءات المغادرة بعد الإفطار من الفندق، ثم بعد ذلك التحرك إلى سور الصين العظيم، وبعده إلى محطة القطارات للانتقال إلى مقاطعة ش.
الأجواء باردة بعض الشىء، وشوارع العاصمة بكين تعج بالحركة، وبتقاطر الآلاف فى الشوارع من رجال ونساء، يقودون الدراجات الكهربائية والدرجات الهوائية، بينما السيارات الملاكى تملأ الشوارع بماركات مختلفة وحديثة، اقتربنا من مجموعة ناطحات سحاب عملاقة فى منطقة جميلة محاطة بالخضرة والهدوء، ونزلنا إلى مدخل البرج العملاق الذى عليه لافتة على بابا.
وفى طريقنا إلى مبنى تاريخى، هو للجامعة القديمة، ارتبط بتأسيس الحزب الشيوعى الصينى، وهذا المبنى تحول إلى متحف، يوثق تاريخ الحركة الطلابية والحزب ودور الجامعة فى ذلك، هو المبنى الأحمر لجامعة بكين وهو الذى احتضن نواة الانتشار المبكر للماركسية، والأنشطة الثورية للحزب الشيوعى الصينى.
حديقة الشاي
المتحف مفتوح للزوار، للتعرف على تاريخ وإرث دور الجامعة فى انطلاقة الحزب، ويقع المبنى فى منطقة دونجتشنج فى بكين، وتم إنشاؤه فى عام 1918، وهو أول مكان تم نشر الماركسية فى الصين، ويوثق بالصور والمقتنيات تاريخ الحركة الطلابية، وأساتذة الجامعة فى انطلاق الماركسية والحزب الشيوعى الصينى، ويتكون مع 4 طوابق، وتم الاحتفاظ بالأثاث القديم والصور الحية للأساتذة والطلاب، وخلال شرح تعريفى يمكن معايشة تلك الحقبة الزمنية التى أثرت فى تاريخ الصين، بعد ذلك جاءت زيارة رمز الصين سور الصين العظيم.
هذا المكان تتعامل مع الصين، باعتباره من أهم المزارات السياحية والرحلة إليه تحتاج استعدادا ومرونة جسدية، فالصعود إلى محطة التليفريك التى تنقل الزائرين طويلة.
سور الصين العظيم، أثر نادر فى التاريخ المعمارى الإنسانى على الإطلاق. وقد استطاع سور الصين العظيم، إظهار العبقرية التى كان قدماء الصينيين يتمتعون بها، كما أظهر صبرهم وجلدهم، من أجل إتمام هذا المشروع الكبير والضخم والمميز، عالم صينى يقول إن "الاعتقاد السائد، هو أن السور بنى لأغراض عسكرية، والحقيقة أنه بنى من أجل السلام وليس الحرب، ففى معظم فترات التاريخ لم يشهد السور، داخله وخارجه، حروبا، معظم الذين بنوا السور كانوا جنودا، ويقال إن عدد العسكر الذين حشدهم الإمبراطور تشين شى هوانغ، مؤسس أسرة تشين، لصد هجمات قبائل شيونغنو، ناف على ثلاثمائة ألف، إضافة إلى نصف مليون من المدنيين والمساجين. بجوار السور لتوفير الإمدادات الغذائية للقوات المرابطة.
يعتقد البعض أن السور العظيم، ليس إلا حائطا ضخما عاليا، لكن السور يشتمل على حوائط وثغور وثكنات عسكرية، ومخافر ومنصات ومحطات إنذار بالنار، ومستودعات للحبوب الغذائية والأسلحة، وغيرها من الإنشاءات.
فى عام 1952، تقرر فتح جزء بادالينج من السور أمام السياح، ومنذ ذاك إلى اليوم تجاوز عدد الذين وطأت أقدامهم السور 150 مليونا، من بينهم أكثر من 400 رئيس دولة وحكومة.
المشهد العام، وجود أعداد كبيرة من تلاميذ وطلاب المدارس والجامعات، ضمن أنشطة الرحلات، كما هناك أعداد كبيرة أيضا من الصينيين كبار السن على الرغم من المشقة التى فى صعود الطريق إلى السد، الجميع يحرص على التقاط الصور وشراء الهدايا من المكان.
بعد مرور ساعتين تقريبا، كان من المهم التحرك سريعا إلى محطة القطار فى الطريق إلى شانتى، الطريق يحتاج إلى 120 دقيقة، صعدنا إلى الأتوبيس، وتم إحضار وجبات سريعة من أحد المطاعم العالمية التى لها فروع فى كل دول العالم، وتحرك الباص إلى محطة القطار فى العاصمة بكين، كانت الرحلة رقم G663 العربة رقم 5، محطة قطار بكين عملاقة، وهى أشبه بمبنى الركاب فى المطارات الكبرى، القطار السريع ينطلق بسرعة 317 كيلو مترا فى الساعة، والمسافة بين بكين وشيان فى مقاطعة شانشى نحو 1800 كيلو متر.
القطار فى الموعد المحدد بالضبط، الساعة الرابعة وخمسة وأربعون دقيقة، درجة الحرارة خارج القطار 24 درجة مئوية، فريق الخدمة داخل القطار متنوع بين رجال بزى الأمن، وطاقم ضيافة يسوق للمأكولات والمشروبات، من نافذة القطار ترى حرما للطريق متسعا بالخضرة على الجانبين ، فى هذا اليوم كانت الشمس ساطعة، وأشعة الشمس بدأت تنسحب رويدا رويدا.
أول محطة توقف فيها القطار، كانت بعد مرور نصف ساعة، المحطة جميلة لونها رمادى، نزل من القطار بعض الركاب وصعد آخرون. ومع مرور الوقت، بدأ غالبية الركاب فى النوم، واستمرت الرحلة حتى نهايتها.
ممر فى سور الصين العظيم
وصلنا مدينة شيان، كان ينتظرنا هناك موظفون فى الدولة الصينية، وتحركنا سريعا إلى الفندق، وهو فندق يتشابه إلى حد كبير مع فندق الإقامة فى بكين، كان يستفبلنا "وانج يانج "، وهو يعمل فى إدارة العلاقات الخارجية لمدينة شانشى، ورحب بنا وأخبرنا فى الصباح أنه سينضم شاب صينى للقيام بمهام الترجمة إلى العربية.
فى الفندق، تم تجهيز وجبات العشاء فى الغرف، وفى الصباح تناولنا طعام الإفطار، وكان المطعم فى الطابق الرابع حضر "بسام "، وكتب على الجروب الخاص، صباح الخير الضيوف الكرام أنا بسام.
غادرنا المصنع، فى الطريق إلى واحد من المراكز الطبية التى تعالج بالطب الشعبى الصينى، وهو مركز أهلى يستخدم العلاج بالإبر الصينية والعلاج الطبيعى لتخفيف الألم على المرضى، وخلال جولة فى المركز
وهو ضخم وكبير، ويتكون من ثلاثة مبان عملاقة، شاهدنا أعدادا كبيرة من المرضى الذين يعانون من الجلطات الدماغية، يتلقون العلاج وهناك تكاتف أسرى كبير، من خلال وجود العائلات مع المرضى، سواء من كبار السن أم الأطفال. وفى المساء زرنا مدينة "داتانج"، وهى المدينة التى لا تنام، وهى منطقة جميلة تشتهر بالأجواء الاحتفالية، والمناظر البديعة ويتوافد إليها السائحون من داخل الصين وخارجها، والحياة فيها حيوية طوال ساعات الليل، والمزارات والمحلات مفتوحة، وبها شارع شهير يتم فيه تقديم العروض الفنية، كما يتزين الشارع بالمجسمات الجميلة، وهناك ساحة كبيرة تقدم فيها الاحتفالات الكبرى، وعلى جانب الشارع المطاعم ومحلات التسوق.
فى الصباح، كانت زيارة مبنى للحزب الشيوعى الصينى فى المقاطعة، وهو قديم وتحول إلى متحف للزيارة، ويرصد طريقة الكفاح للحزب ضد الإقطاع، وكيفية التأسيس ودوره فى إرسال الشباب إلى بكين، وخلال الجولة شرحت المرشدة الحياة التى كانوا يعيشونها، وقصة الأبطال والذكريات، واللحظات التى تم فيها استقبال صحفيين من أمريكا وبريطانيا، وماذا كتبوا عن الحزب.
غادرنا إلى مقاطعة جيجيانج بالطائرة، وصلنا مطار هانجتشو، فى الساعة الثامنة مساء، كان فى الاستقبال السيدة فكرية، وهى دبلوماسية صينية عملت لسنوات طويلة فى سفارة الصين بالقاهرة، والآن تفرغت لتدريس الأدب العربى فى الجامعة، وتعمل مترجمة كان برفقتها شاب صينى طالب يدرس فى السنة النهائية، ويتكلم العربية اسمه مختار، اصطحبتنا فكرية مباشرة إلى أحد المطاعم التى تقدم الطعام الذى يشبه المطعم التركى، وتناولنا طعام العشاء ثم بعدها إلى الفندق، وكان فندقا حديث ضمن سلاسل الفنادق العالمية، والغرف بداخله فاخرة وفى الصباح كانت زيارة المركز الصينى للتعاون مع إفريقيا وهو مركز تم تأسيسه بهدف فتح آفاق للتعاون بين الصين والدول الإفريقية وتحدث مدير المركز "شياتشاى كوا "عن فكرته وأهمية التواصل مع المستثمرين ورجال الأعمال الأفارقة وأن هناك منصة داخله يأتى اليها المشاهير على منصات التواصل الاجتماعى لبث المحتوى، كما تم عرض فيديو عن المركز والمساهمات التى يقوم بها، وأعرب عن اهتمامه بالتعاون مع الشركاء المصريين.
بعد ذلك زرنا منطقة البحيرات الغريبة، وكان الجو ماطرا شديد المطر لكن المنظر بديع، وحرصنا على زيارة المكان الذى هو عبارة عن قطعة بديعة من الطبيعة الخلابة والجميلة، وتحت زخات المطر التقطنا الصور.
فى صباح اليوم التالى، كانت الزيارة لمدينة "يبور"، حيث جرى ترتيب لقاء فى فندق مع أعضاء الجالية المصرية هناك، حيث تعرفنا على نماذج مصرية مخلصة تعمل بشرف، ولديها طموحات كبيرة، وتحدث رئيس الجالية "بلال سلطان"، عن الجالية والتحديات التى تواجهها، كما تحدث هانى الشحات، نائب رئيس الجالية عن دورها والحياة فى الصين، وقال إن أعضاء الجالية يقدمون الدعم لجميع المستثمرين من الدول العربية، وغيرها، وأن خبرة المصريين جيدة ومشهود لها.كانت أجواء تشعر فيها بالروح المصرية، خصوصا دعوة الغداء التى كانت من الجالية وفى مطعم سورى، وسط أجواء عربية خالصة، ثم تعرفنا على الأسواق التجارية فى المدينة وكانت فرصة للشراء.
العودة إلى القاهرة، فى رحلة من مطار مدينة هانتشو تستغرق 12 ساعة، كان عشاء الوادع فى مطعم جميل، يقدم الوجبات الأقرب إلى المطعم التركى، وتمتلكه سيدة صينية تتحرك بنشاط كبير طوال الوقت والمطعم فى شارع يشبه شارع المعز فى قلب القاهرة، رافقنا إلى المطار عزيز وفكرية ومختار، وكانت لحظات مؤثرة تلك فى الوداع، وذكريات غالية عن الصين العملاق، الذى يتحرك بثبات إلى الأمام.