النتائج التى خرجت بها الحملات الانتخابية تعكس سباقًا متقارباً فى الولايات المتأرجحة
موضوعات مقترحة
مع اقتراب الانتخابات الأمريكية لعام 2024، يواصل المرشحان الرئاسيان كامالا هاريس نائبة الرئيس الحالى والمرشحة الديمقراطية، ودونالد ترامب الرئيس السابق والمرشح الجمهورى، تكثيف حملاتهما الانتخابية فى ساحة المعركة السياسية المحتدمة، تعتمد كلتا الحملتين على الإستراتيجيات الميدانية، والتواصل المباشر مع الناخبين فى الولايات الحاسمة، من خلال الجولات الانتخابية المكثفة وزيارات الولايات ذات الثقل الانتخابى، يسعى المرشحان إلى حشد الدعم الشعبى وتحفيز قواعدهم الانتخابية للوصول إلى البيت الأبيض.
كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكى والمرشحة عن الحزب الديمقراطى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، ودونالد ترامب، الرئيس السابق والمرشح الجمهورى، يدخلان المرحلة النهائية من حملتيهما الانتخابية بحذر وتصميم، حيث يعول كل منهما على زياراته وجولاته الانتخابية فى الولايات الحاسمة، لتعزيز حضوره وتأمين الأصوات اللازمة للظفر بالانتخابات.
تواصل كامالا هاريس، تعزيز حضورها فى مناطق تشكل قاعدة مهمة للديمقراطيين، مع التركيز على الولايات المتأرجحة مثل بنسلفانيا، ميشيجان، أريزونا وجورجيا، خلال جولاتها الأخيرة فى هذه الولايات، ركزت هاريس على مخاطبة الناخبين الشباب والأقليات، حيث تمثل هذه الفئات جزءًا كبيرًا من القاعدة الديمقراطية، التى أسهمت فى وصول الحزب إلى السلطة فى الانتخابات الماضية، من بين الموضوعات التى ركزت عليها هاريس، قضايا الرعاية الصحية، وحقوق الإنسان، والتغير المناخى، معتبرة أن هذه الملفات ضرورية لضمان مستقبل أفضل للجيل القادم، وفى خطابها أمام تجمع انتخابى فى بنسلفانيا، قالت: «نحن بحاجة إلى إصلاح جذرى للرعاية الصحية، وإجراءات فورية لمواجهة تغير المناخ، فهذا ليس مجرد خيار بل ضرورة».
بالإضافة إلى ذلك، حاولت هاريس كسب ود الناخبين من أصول لاتينية وإفريقية عبر زيارات ميدانية، وتواصل مباشر مع المجتمعات فى هذه الولايات، وأظهرت استطلاعات الرأى الأخيرة، أنها نجحت فى زيادة شعبيتها بين هذه الفئات، ما عزز من فرصها فى مواجهة التحديات الانتخابية، ومع ذلك، فإنها لا تزال تواجه صعوبات فى بناء جبهة موحدة من التحالفات المختلفة، التى يدعمها الحزب الديمقراطى، خصوصا فى ضوء الانتقادات الموجهة لإدارة الرئيس بايدن، من قِبل بعض الشرائح التى تعتبر أن وعودًا انتخابية سابقة لم تُنفذ بالكامل.
من جهته، يعتمد دونالد ترامب على قاعدة ناخبيه التقليدية، ويواصل حملته الانتخابية، مستهدفًا الولايات التى كانت دائمًا تعتبر نقاط قوته، مثل فلوريدا وأوهايو وتكساس، ركز ترامب فى خطاباته الانتخابية على قضايا الهجرة، الاقتصاد، والأمن القومى، حيث استمر فى توجيه النقد للسياسات الديمقراطية فيما يخص هذه المجالات، خلال جولة انتخابية فى أوهايو، قال ترامب لمؤيديه: «أمريكا أولاً، هذا ما يجب أن نضعه دائمًا نصب أعيننا، نحن بحاجة إلى إعادة بناء اقتصادنا وتأمين حدودنا»، وتعتبر هذه الرسائل انعكاسًا لسياسات ترامب السابقة، حيث يركز بشكل كبير على مسألة الحماية الاقتصادية وإعادة الوظائف إلى الولايات المتحدة.
ترامب يسعى من خلال جولاته الانتخابية، إلى تعزيز حضوره بين الطبقة العاملة والناخبين البيض المحافظين، وهى الفئات التى دعمت حملته فى الانتخابات السابقة، وبرغم التحديات القانونية التى يواجهها ترامب، فإن قاعدته الانتخابية لا تزال صلبة. وتشير الاستطلاعات إلى أن ترامب يتمتع بشعبية كبيرة فى المناطق الريفية والصناعية التى تعانى من تداعيات العولمة، وهو يركز فى خطابه على تقديم نفسه، كممثل لهؤلاء المواطنين الذين يشعرون بالإهمال من قبل النخب السياسية فى واشنطن.
النتائج التى خرجت بها الحملات الانتخابية لكل من هاريس وترامب حتى الآن، تعكس سباقًا متقاربًا فى الولايات المتأرجحة. على سبيل المثال، أظهرت استطلاعات الرأى فى ميشيجان أن الفارق بين المرشحين لا يتجاوز 3 ٪، ما يجعل المعركة الانتخابية شديدة التنافسية فى هذه المنطقة. حيث نجد أن هاريس تعتمد على زيادة نسب المشاركة بين الأقليات والنساء، بينما يعتمد ترامب على حشد أكبر للناخبين البيض المحافظين، فى ولايات مثل جورجيا، التى كانت تقليديًا جمهورية، بدأت هاريس تكسب دعمًا متزايدًا، وذلك بفضل عمل الحزب الديمقراطى هناك، على مدار السنوات الأخيرة لتعزيز تسجيل الناخبين واستقطابهم.
فيما يتعلق بجولات كامالا هاريس الانتخابية، ذكرت حملتها هاريس أن إستراتيجيتها فى ولاية بنسلفانيا، تعتمد بشكل كبير على الميدانى المكثف والمشاركة المباشرة مع الناخبين فى المجتمعات المحلية. وفقًا لمصادر من داخل الحملة، صرحت المديرة الوطنية للحملة، جولى شافيز رودريجيز، أن الحملة تعمل بأعلى مستويات التنظيم فى تاريخ الولاية، حيث تم إنشاء 50 مكتبًا منسقًا، ووجود ما يقرب من 400 موظف ميداني. تم استهداف الإعلانات نحو الناخبين من الأقليات، خصوصا السود واللاتينيين، لضمان حضورهم القوى فى الانتخابات. ومع ذلك، هناك بعض القلق من أن الحملات الميدانية، لا تستخدم الشخصيات المحلية المؤثرة بشكل فاعل بما فيه الكفاية لتعزيز الحضور بين الناخبين السود واللاتينيين.
تركز كامالا هاريس، على ولايات متأرجحة مثل ميشيجان وجورجيا. حملتها نظمت فاعليات كبيرة بمشاركة شخصيات معروفة، مثل أوباما والمغنيين ليدو وأشر، مما يعزز حضورها بين الناخبين الشباب والأقليات.
من جهة أخرى، حملة دونالد ترامب فى بنسلفانيا تولى اهتمامًا كبيرًا بتعزيز الحضور بين الناخبين البيض والرجال، خصوصا فى المناطق الريفية والمدن الصغيرة. وفقًا لكوش ديساي، المتحدث باسم حملة ترامب، لدى الحملة أكثر من 20 مكتبًا فى الولاية، مع التركيز على التواصل مع الناخبين اللاتينيين فى فيلادلفيا ومنطقة ريدينغ. الحملة تحرص على عدم تجاهل أى جزء من الولاية، مما يعكس أهمية بنسلفانيا كولاية محورية فى السباق الانتخابى.
ركزت حملة ترامب، فى بنسلفانيا ونورث كارولينا، حيث يسعى لاستقطاب الناخبين من الطبقة العاملة والمحافظين، مع استمراره فى جولاته عبر عدة ولايات جنوبية وجمهورية مثل تكساس.
تستمر الحملتان فى تكثيف الجهود على الأرض فى الأسابيع الأخيرة قبل الانتخابات ضمان أعلى نسبة إقبال ممكنة.
سباق الإنفاق الضخم والطريق للبيت الأبيض
شيلا كرومهولتز: الإنفاق الضخم فى الحملات الانتخابية يفاقم الفجوة بين المرشحين
ريك تايلور: حملة هاريس تعتمد على دعم المشاهير وترامب يعزز قاعدته فى الولايات الرئيسية
لورين وايت: الإنفاق الإعلانى المكثف على قضايا الاقتصاد والهجرة يقوى فرص ترامب فى الولايات المتأرجحة
مع اشتداد المنافسة على البيت الأبيض لعام 2024، يرتفع حجم الإنفاق الانتخابى، حيث تشهد الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 مستويات غير مسبوقة من الإنفاق، توقعت تقارير متعددة، بما فى ذلك تقرير OpenSecrets، أن تتجاوز تكلفة هذه الانتخابات 15.9 مليار دولار، ما يجعلها الأعلى والأغلى فى التاريخ. يعكس هذا الرقم التنافس الشديد بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، والمرشح الجمهورى دونالد ترامب، إذ يسعى كل منهما لتعزيز حضوره، عبر الإعلانات وجولات الحملات فى الولايات المتأرجحة، واستقطاب الناخبين من خلال وسائل التواصل الاجتماعى والتليفزيون.
حملة ترامب الانتخابية لعام 2024، بدأت بميزانية محدودة مقارنة بخصمته كامالا هاريس، لكنها ارتفعت بشكل ملحوظ مع اقتراب يوم الانتخابات، إذ تشير التقديرات إلى إنفاق عشرات الملايين من الدولارات شهريًا، وفقًا لتقرير من OpenSecrets، فقد تجاوز إنفاق حملة ترامب ما قيمته 250 مليون دولار حتى الآن، مع تخصيص جزء كبير للإعلانات فى ولايات رئيسية مثل بنسلفانيا وفلوريدا، حيث يتم التركيز على مواضيع الهجرة والاقتصاد. تنظم الحملة أيضًا جولات مكثفة فى المناطق التى يتمتع فيها ترامب بدعم قوى، ويُعتبر جذب الناخبين الأساسيين هدفًا رئيسيًا لإنفاق هذه الأموال.
بينما بدأت حملة كامالا هاريس الانتخابية لعام 2024، بميزانية كبيرة مكّنتها من التفوق فى الإنفاق على دونالد ترامب، مع دخول الحملة شهرها الأخير، بلغ مجموع إنفاق حملة هاريس نحو 361 مليون دولار، وفقًا لتقرير OpenSecrets، تم توظيف هذه الأموال بشكل مكثف فى الإعلانات التليفزيونية والرقمية، حيث ركزت على قضايا مثل العدالة الاجتماعية والرعاية الصحية، التى تهم شرائح كبيرة من الناخبين، كما أنفقت الحملة على فاعليات تضم مشاهير وسياسيين بارزين مثل باراك أوباما، مما ساعد فى تعزيز قاعدة دعمها، خصوصا فى الولايات الحاسمة.
يرى محللون سياسيون واقتصاديون، أن هذه الزيادة فى الإنفاق تثير العديد من التساؤلات، حول مدى تأثير المال على النتائج الانتخابية. شيلا كرومهولتز، المديرة التنفيذية لـ OpenSecrets، أشارت إلى أن تكاليف الحملات تتزايد عامًا بعد عام، بسبب الاعتماد المتزايد على الإعلام الرقمى والإعلانات الموجهة، وتضيف كرومهولتز أن هذا التركيز على المال قد يقوى من قدرة المرشحين على التأثير فى قرارات الناخبين، لكن قد يُحدث أيضاً فجوة بين حملات الأغنياء، وتلك التى تفتقر للتمويل.
فى السياق ذاته، ذكر ريك تايلور، المستشار السياسى المخضرم، أن حملة هاريس استفادت من الأسماء الكبيرة التى تدعمها، مثل باراك أوباما وبروس سبرينجستين، لتعزيز تواجدها. من ناحية أخرى، يعتمد ترامب بشكل كبير على قاعدته الأساسية، وجهوده الميدانية فى ولايات رئيسية مثل جورجيا وفلوريدا، حيث ينظم تجمعات متكررة فى المناطق، التى يتمتع فيها بدعم قوى.
وبالنسبة لتأثير هذه الأموال على توجهات الناخبين، أوضحت لورين وايت، المحللة الاقتصادية فى CNBC، أن الإنفاق الإعلانى المكثف فى الولايات المتأرجحة، خصوصًا على قضايا مثل الاقتصاد والهجرة، قد يؤثر بشكل مباشر على آراء الناخبين فى هذه الولايات. وأشارت إلى أن ترامب يميل لاستثمار موارده، فى إثارة مشاعر الناخبين عبر انتقاداته اللاذعة لسياسات هاريس واتهامها بالمسئولية عن قضايا الهجرة.
على الجانب الآخر، أظهرت بيانات أن حملة هاريس، تستهدف الشرائح الشابة والنساء والأقليات، من خلال حملات رقمية واسعة النطاق. وصرح أليكس كونتريس، مدير الاتصالات فى MoveOn، بأن هاريس تركز على معالجة قضايا العدالة الاجتماعية والرعاية الصحية، مما يعزز من شعبيتها بين تلك الفئات.
يرى محللون آخرون، أن الإنفاق الانتخابى الهائل ليس بالضرورة مؤشراً قاطعًا على النجاح الانتخابى، فبينما تؤكد بعض الأبحاث أن زيادة الإنفاق الإعلانى، تؤدى إلى زيادة نسبة الأصوات، يعتقد البعض الآخر أن الحملات ذات الرسائل القوية والفاعلة، هى التى تكسب أصوات الناخبين، بغض النظر عن حجم الأموال المنفقة.
التصويت المبكر يتحول من عدو إلى سلاح انتخابى
ترامب يغير قواعد اللعبة
بخــطــوة غير متوقـــعة، يقـــوم دونالـــد ترامـــب، بإعادة صياغة قواعد اللعبة الانتخابية لعام 2024، بتبنيه للتصويت المبكر، الذى لطالما اعتبره سابقاً تهديداً لنزاهة الانتخابات، بعد سنوات من التشكيك فى هذه الآلية، بدأ ترامب بتشجيع مؤيديه على استغلال التصويت المبكر كركيزة أساسية لتعزيز حظوظه فى السباق الرئاسى، فى محاولة لاستغلال كل الفرص الانتخابية، هذا التحول لم يكن مجرد تغيير طفيف فى إستراتيجياته، بل يمثل خطوة جريئة تعكس تكيّفاً مع واقع انتخابى جديد، يراه الحزب الجمهورى ضرورياً، لاستعادة الزخم والفوز فى الولايات الحاسمة.
فى سباق الانتخابات الرئاسية لعام 2024، الذى يحمل تحديات لم يسبق لها مثيل فى تاريخ الحملات الانتخابية الأمريكية، يتجه الرئيس السابق دونالد ترامب، إلى إعادة تشكيل مواقفه وإستراتيجياته الانتخابية بشكل جذرى، تراجع ترامب عن موقفه التقليدى تجاه هذه الآلية، مشجعاً مؤيديه على الاستفادة من التصويت المبكر، كجزء من إستراتيجيته الانتخابية فى السباق المحتدم نحو البيت الأبيض، هذا التحول لم يكن نتيجة تغيير فى قناعات ترامب، بقدر ما هو استجابة لمؤشرات ميدانية، واستطلاعات رأى تؤكد أن التصويت المبكر، يمكن أن يحسم السباق فى ولايات حاسمة، مثل بنسلفانيا وميشيجان وجورجيا.
كانت السنوات الماضية، شاهدة على معارضة ترامب للتصويت المبكر بشكل حاد، حيث أطلق تصريحات تتهم هذه الآلية بتسهيل التزوير. وفقاً لما نشرته Politico، تبنى ترامب وحملته برنامج “Swamp the Vote” فى محاولة لتعزيز أصوات الجمهوريين قبل يوم الاقتراع، وهى إستراتيجية جديدة تماماً بالنسبة له، المحللون السياسيون، مثل مارك غراول، أكدوا أن التصويت المبكر يضمن «حسم أصوات الموالين»، مما يتيح للحملة إعادة توجيه الموارد، واستهداف الناخبين المترددين فى اللحظات الأخيرة.
أحد الأسباب الجوهرية وراء هذا التغيير، هو إدراك الجمهوريين لأهمية المنافسة فى التصويت المبكر، بعد خسائر متكررة فى السنوات الأخيرة. أدرك الحزب الجمهورى أهمية تعديل إستراتيجياته، للوصول إلى الناخبين قبل يوم الاقتراع، واستثمرت الحملة أكثر من 12 مليون دولار فى ولايات رئيسية مثل بنسلفانيا، لتعزيز نسبة التصويت المبكر بين الجمهوريين.
التصويت المبكر، قد يكون عاملاً حاسماً فى حسم السباق، بولايات مثل بنسلفانيا وفلوريدا، حيث إن تشجيع الناخبين على التصويت فى وقت مبكر يضمن تأمين قاعدة قوية قبل يوم الانتخابات، مما يسمح للحملة بالتركيز على استقطاب الفئات المترددة، يذكر تقرير The Washington Post، أن توجيه الموارد نحو تأمين الأصوات عبر التصويت المبكر، قد يعزز فرص ترامب، ويضع الديمقراطيين أمام تحدٍ أكبر.
ويرى بعض المحللين أن هذا التحول ليس مجرد تكتيك انتخابى، بل هو تغير إستراتيجى يهدف إلى إعادة بناء قوة الجمهوريين الانتخابية، مارك جراول، الخبير الإستراتيجى فى الحزب الجمهورى، أشار إلى أن التصويت المبكر، يسمح بحسم أصوات قاعدة الحزب مبكرًا، ما يوفر للحملة فرصة توجيه الموارد نحو استقطاب الناخبين المترددين فى الأيام الأخيرة، هذا الأسلوب، وفقًا لغراول، يمكن أن يُحدِث الفارق فى السباقات التنافسية، خصوصا فى الولايات المتأرجحة مثل ميشيجان وجورجيا.
على الرغم من هذا التحول، لا تزال هناك بعض التحديات، فعدد من أنصار ترامب المتحمسين، ما زالوا يحملون شكوكًا حول التصويت المبكر. ووفقًا لما ذكره ديفيد أوربان، المستشار السابق لحملة ترامب، فإن سنوات من التشكيك فى نزاهة التصويت المبكر، أدت إلى تردد بين الناخبين الجمهوريين، وهو تردد قد يكون صعبًا التغلب عليه على المدى القصير.
استطلاعات الرأى مرآة للواقع أم لعبة سياسية؟
منذ فجر الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لعبت استطلاعات الرأى دورًا مركزيًا فى تشكيل ملامح السباقات السياسية. بدأت هذه الاستطلاعات كمؤشر ثانوى عن اتجاهات الرأى العام، لكنها تحولت على مر الزمن إلى أداة مؤثرة، تُستخدم لقياس تفاعل الجمهور مع السياسات والمرشحين. خلال الحملات الانتخابية للرؤساء الأمريكيين.
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، تسلط استطلاعات الرأى الضوء على سباق محتدم غير مسبوق، بين كلا المرشحين. التنافس القوى يعكس انقسامًا عميقًا فى المجتمع الأمريكى، ومع استمرار تغير مواقف الناخبين وتصاعد التوترات السياسية، يصبح فهم أبعاد استطلاعات الرأي، وتأثيرها على نتائج الانتخابات، أمرًا حاسمًا. لكن يبقى السؤال: هل تعكس استطلاعات الرأى الحقيقة فعلاً، أم أنها تخدم أدوارًا إعلامية وسياسية؟
تظهر استطلاعات مثل رويترز/ إبسوس تفوق هاريس بنسبة ضئيلة على ترامب بين الرجال من أصول إسبانية، حيث جاءت النتيجة بنسبة 46 %، لهاريس مقابل 44 % لترامب، يأتى هذا التقدم وسط تغيرات ملحوظة عن انتخابات 2020، عندما كان الديمقراطيون يتمتعون بفارق أوسع ضمن هذه الشريحة، حيث تفوقت حملة بايدن حينها بنحو 19 نقطة، فى استطلاع CNN، أظهر استطلاع أُجرى بين 20 و23 أكتوبر تعادل كلا المرشحين عند 47 % من الأصوات، مما يبرز التنافس الحاد فى السباق الحالى.
بحسب المحلل السياسى نات سيلفر، فإن استطلاعات الرأى يمكن أن تكون معرّضة لأخطاء، بسبب عينات غير دقيقة أو طبيعة الأسئلة المطروحة، ويشير إلى أن الاستطلاعات التى تتم عبر الإنترنت أو الهاتف قد لا تعكس تمثيلاً حقيقيًا للناخبين، وتظهر البيانات من FiveThirtyEight، أن الفروقات الطفيفة فى النسب، قد تؤدى إلى نتائج غير متوقعة، خصوصا فى الانتخابات التى تشهد توازناً كبيراً بين المرشحين.
التأثير على الناخبين المترددين
استطلاعات الرأى ليست مجرد أدوات للتوقع، إنها تؤثر على سلوك الناخبين أنفسهم. فوفقًا للخبير هارى إنتين من CNN، يميل الناخبون المترددون إلى اتخاذ قراراتهم بناءً على الأجواء العامة، واستطلاعات الرأى، حيث يعزز ذلك لديهم الرغبة فى دعم المرشح، الذى يبدو فى موقع قوة. على سبيل المثال، أظهر استطلاع حديث أجرته CNBC أن القضايا الاقتصادية تمنح ترامب ميزة نسبية، إذ يعتقد 42 % من الناخبين، أن أوضاعهم المالية ستكون أفضل فى حال فوز ترامب، مقابل 24 % يرون أن هاريس ستحقق لهم نفس الاستقرار.
دور استطلاعات الرأى كأداة إعلامية
يشير المؤرخ الرئاسى ألان ليكتمان إلى أن الاستطلاعات الحالية، قد تقلل من حجم المشاركة الديمقراطية لصالح هاريس، متوقعًا أن يكون أداء الديمقراطيين أفضل مما تشير إليه بعض الاستطلاعات، خصوصًا فى الولايات الحاسمة مثل بنسلفانيا. فى المقابل، يلاحظ المحللان ماكسيم لوت وجون ستوسيل، أن مؤشرات الرهانات على الانتخابات، تعطى ترامب تفوقًا واضحًا، حيث يتوقعان اكتساح ترامب للولايات المتأرجحة، مما قد يمنحه 312 صوتًا انتخابيًا .
بينما أظهر تقرير Pew Research Center، أن الناخبين الأصغر سنًا، يميلون إلى دعم هاريس بشكل أكبر، بينما يميل الناخبون الأكبر سنًا إلى دعم ترامب، كما أشارت الأبحاث إلى أن ترامب يحتفظ بدعم قوى من الناخبين البيض والرجال، فى حين تتمتع هاريس بدعم كبير بين النساء والأقليات العرقية.
تشكل استطلاعات الرأى جزءًا من لعبة سياسية وإعلامية، حيث يتم استخدامها للتأثير على الرأى العام والترويج لمرشحين معينين. يؤكد ديفيد أوربان، مستشار سابق فى حملة ترامب، أن بعض الاستطلاعات قد تكون مدفوعة بأجندات سياسية، مشيرًا إلى أن الوسائل الإعلامية، قد تعتمد على استطلاعات معينة، لتضخيم تأثيرات معينة أو استقطاب قاعدة ناخبين معينة.
فى الانتخابات الأمريكية، حيث يؤثر الإعلام بقوة على الجمهور، تصبح استطلاعات الرأى أداة قوية لصناعة سردية معينة، حول من هو المرشح الأكثر دعمًا، وقد يؤثر هذا فى جعل المرشح الذى يبدو متقدماً فى استطلاعات الرأى أكثر جاذبية للناخبين.
استطلاعات الرأى تعتمد على هوامش خطأ، التى قد تبدو أرقاماً بسيطة، لكنها فى سباق متقارب مثل هذا، يمكن أن تؤدى إلى قراءات غير دقيقة. على سبيل المثال، الاستطلاع الأخير لـCNN بين ترامب وهاريس، كان له هامش خطأ 3.1 نقطة مئوية، فى مثل هذه الحالة، قد يكون تفوق أحد المرشحين ضمن هذا الهامش، ما يجعل النتائج الفعلية غير مؤكدة.
هل استطلاعات الرأى توجه الانتخابات؟
التأثير الفعلى لاستطلاعات الرأى على الناخبين المترددين، هو مسألة معقدة؛ إذ تشير دراسات متعددة إلى أن بعض الناخبين يتأثرون بتصاعد أو هبوط شعبية المرشح فى استطلاعات الرأى، بحسب نات سيلفر من FiveThirtyEight، فإن التأييد المتزايد لمرشح معين قد يجذب الناخبين المترددين ويشجعهم على دعمه، ظنًا بأنه الأقرب للفوز.
ومع ذلك، هناك من يرى أن استطلاعات الرأى فى الواقع، قد تقيد الحماسة بين المؤيدين، عندما يبدو المرشح متقدماً بفارق كبير، حيث يشعرون أن الفوز مؤكد، فيقلّ إقبالهم على التصويت.