د. منال عوض: ثاني أهم فعالية دولية على أجندة الأمم المتحدة بعد مؤتمر المناخ
موضوعات مقترحة
تدشين حقبة جديدة من التحضر والتنمية العمرانية المستدامة وتعزيز الوعي العالمي
د. شيماء محجوب: التخطيط العمراني ركيزة لتحقيق مستقبل مستدام للجميع
د. أحمد سعيد البكل: مشروع التجديد في بكين رفع إيرادات المبيعات من مليون إلى 110 ملايين يوان
تستعد مصر لاستضافة الحدث الأكبر فى عالم التخطيط الحضرى والتنمية المستدامة، «المنتدى الحضرى العالمى»، وذلك فى الفترة من 4 إلى 8 نوفمبر الحالى، الذى يعد منصة عالمية تجمع بين الخبراء والمسئولين وصناع القرار لبحث سبل تطوير المدن، وتحسين حياة الملايين حول العالم، تشهد فاعليات المنتدى فى نسخته الـ12 نقاشات مكثفة حول القضايا الملحة المتعلقة بالتحضر السريع، وتحديات النمو السكانى، وأهمية الاستثمار فى البنية التحتية الخضراء لتعزيز المدن الذكية والمستدامة، وفى ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التى يشهدها العالم، يأتى انعقاد المنتدى فى مصر ليعكس التزام القاهرة بتقديم رؤية شاملة لمستقبل أكثر استدامة، مع تسليط الضوء على التجارب المحلية والدولية الناجحة فى مجال التنمية الحضرية، فهل تكون هذه الدورة نقطة انطلاق لتحول عالمى حقيقى نحو مستقبل أكثر عدالة واستدامة؟.
تشهد استعدادات مصر لاستضافة أعمال المنتدى الحضرى العالمى فى دورته الثانية عشرة «WUF12» تفاعلا دوليا ومحليا واسع النطاق، من حيث تسجيل طلبات الحضور لفاعليات المنتدى، وأيضًا على مستوى مشاركة القادة والمسئولين على المستوى المحلى والإقليمى والدولى، فى ظل توقعات نجاح الدورة الجديدة للمنتدى على أرض مصر، فى توحيد جهود الأطراف المشاركة لتدشين حقبة جديدة من التحضر والتنمية العمرانية المستدامة، وتعزيز الوعى العالمى بدور العمل المحلى فى حل ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﻠﺤﺔ مثل ﺗواﻓﺮ ﺍﻟﺴﻜﻦ، وﺳﻬﻮﻟﺔ اﻟﺘﻨﻘﻞ، وﺳﻼﻣﺔ إمدادات اﻟﻤﻴﺎﻩ، وﺗﺄﺛﻴرات ﺗﻐﻴﺮ المناخ، ﻓﻀﻼً ﻋﻦ الأزمات والصراعات اﻟﺤﻀﺮﻳﺔ.
فى مستهل الاجتماع لمتابعة الترتيبات الجارية لأعمال استضافة المنتدى، أشار الدكتور مصطفى مدبولى،رئيس مجلس الوزراء، إلى أن هذا الاجتماع، يأتى فى إطار المُتابعة المُستمرة لمختلف الاستعدادات والتحضيرات الخاصة بعقد المنتدى الحضرى العالمى فى دورته الثانية عشرة، والمقرر أن تستضيفه القاهرة، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الهابيتات)، والتعاون والتنسيق بين الوزارات المعنية، لترتيب الفاعليات المصاحبة للمنتدى ومستوى الحضور.
وأشارت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، خلال اجتماع موسع مع الدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، بحضور الدكتورة رانيا هداية، المدير الإقليمى لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية «الهابيتات»، إلى أن المنتدى الحضرى العالمى، يعد ثانى أهم فاعلية دولية على أجندة الأمم المتحدة، بعد مؤتمر المناخ وأهم منصة دولية معنية بقضايا التنمية الحضرية والعمرانية فى العالم، مشيرة إلى حرص الدولة المصرية لخروج المنتدى بالشكل اللائق لمصر، باعتباره إضافة كبيرة لرصيدها الحضارى والعمرانى محلياً وإقليمياً وعالمياً، حيث هناك متابعة أسبوعية من الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء لهذا الملف المهم.
التخطيط العمرانى
فى البداية، أكدت الدكتورة شيماء محجوب، الخبير الاقتصادى للتخطيط والتنمية المستدامة وعضو اللجنة التنسيقية للمنتدى الحضرى العالمى، أن استضافة مصر للمنتدى، يعد خطوة مهمة نحو تعزيز جهود التنمية الحضرية المستدامة، وقالت إن إستراتيجيات التخطيط العمرانى تُعدّ أداة رئيسية لتحقيق النمو الاقتصادى والتنمية المستدامة، مشيرة إلى أن الخطة الحضرية الجديدة لعام 2016 توفر رؤية واضحة لتحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة، حيث يمكن للجميع التمتع بحقوق متساوية، والاستفادة من الفرص التى تقدمها المدن.
وأضافت أن استضافة المنتدى فى مصر، هى نتاج شراكات قوية مع عدد من الدول الإقليمية والدولية ومنظمات الأمم المتحدة، مشيرة إلى أن هذه الفاعلية تُعقد لأول مرة فى إحدى الدول الإفريقية، منذ تأسيس المنتدى فى نيروبى عام 2002، وأشارت إلى أن هذا الحدث الكبير يعكس جهود مصر وإنجازاتها فى ملفات التنمية الحضرية المستدامة، بما فى ذلك إنشاء المدن الذكية والمجتمعات العمرانية الجديدة، وتطوير المناطق العشوائية، وتوفير السكن اللائق منخفض التكلفة.
وأكدت أهمية الدور المصرى فى مجال التحضر المستدام، مستشهدة بحصول هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة فى مصر، على جائزة شرف من برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية فى عام 2021. وأضافت أن استضافة القاهرة للمنتدى الحضرى العالمى يأتى بعد النجاحات السابقة فى استضافة مؤتمرات دولية، مثل مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27).
وأشارت إلى أنه من المتوقع أن يعيش 69 %، من السكان فى مصر فى المدن بحلول عام 2041، مما يتطلب التزاماً متزايداً بأجندة التنمية الحضرية، وأكدت محجوب أن المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، تجسد جميع محاور الاستدامة، مشيرة إلى التركيز على نهج «الحضر - الريف» الذى توصى به الأمم المتحدة لتوفير الخدمات الأساسية.
فى ختام تصريحها، أوضحت محجوب، أن المنتدى سيشهد مشاركة آلاف المسئولين الحكوميين وقادة المجتمع، وممثلى الأعمال والمنظمات المدنية من مختلف أنحاء العالم، مؤكدة أن المنتدى سيعمل على تعزيز الحلول الذكية لمواجهة التحديات الحضرية وتحقيق مستقبل حضرى أفضل.
استغلال الأماكن العامة
أوضح الدكتور أحمد سعيد البكل، وكيل كلية السياسة والاقتصاد بجامعة السويس، أن التحضر يعد من أهم القوى الدافعة للتنمية الاقتصادية العالمية فى العقود الأخيرة، وأكد أن نحو نصف سكان العالم يعيشون حاليًا فى المدن، ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة بسرعة لتصل إلى 70 ٪ بحلول عام 2050، مضيفا: «عند إدارة التوسع الحضرى بكفاءة، يمكن أن يوفر فرصًا لحياة أفضل، ويعمل كوسيلة للخروج من الفقر، ويكون محركًا للنمو الاقتصادي. فالمدن تسهم حاليًا بما يقرب من 80 ٪ من الناتج المحلى الإجمالى للعالم، مما يؤكد أهميتها الاقتصادية الحيوية».
وأشار البكل إلى أهمية الأماكن العامة وأهداف التنمية المستدامة، مستشهدًا بالهدف رقم 11 من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، الذى يدعو إلى «توفير الوصول العالمى إلى الأماكن العامة الآمنة والشاملة والمتاحة والخضراء، خصوصًا للنساء، والأطفال، وكبار السن، وذوى الإعاقة» بحلول عام 2030، مبيناً أن الهدف قد دُمِج فى الخطة العمرانية الجديدة، التى اعتمدها المجتمع الدولى فى عام 2016 خلال مؤتمر الأمم المتحدة للإسكان والتنمية الحضرية المستدامة، والذى أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما لفت النظر إلى تقرير «الثروة المخفية للمدن»، الصادر عن البنك الدولى فى عام 2020، والذى أشار إلى أن الأماكن العامة المصممة بشكل جيد، والتى تركز على البشر تمتلك إمكانات كبيرة، لتكون أصولًا تنموية، وأضاف: «منذ عام 1960 وحتى عام 2017، تضاعف عدد سكان المدن العالمية أربع مرات، ليصل إلى أكثر من 4 مليارات شخص، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى نحو ثلثى السكان بحلول عام 2050، مع إضافة 2.5 مليار شخص آخرين إلى المناطق الحضرية، وسيحدث 90 ٪ من هذا التحضر فى قارتى آسيا وإفريقيا».
وأوضح وكيل كلية السياسة والاقتصاد بجامعة السويس، أن تحويل الأماكن العامة إلى أصول تنموية مستدامة، يمكن أن يسهم فى تحسين جودة الحياة الحضرية وتعزيز وظائف المدن، واستشهد بعدة أمثلة ناجحة لتعزيز قيمة الأماكن العامة، منها:
فى سنغافورة، زار 76 ٪ من السياح الدوليين شارع «أورشارد» فى عام 2003، حيث أنفقوا أكثر من 340 مليون دولار سنغافورى.
في بكين، تضاعفت قيمة الأصول المتوسطة فى زقاق «يانجميزهو» أكثر من مرة منذ بدء مشروع التجديد فى عام 2012، حيث زادت الإيرادات من مليون يوان أو أقل (151 ألف دولار أمريكى)، إلى 110 ملايين يوان (16.7 مليون دولار أمريكى)، بحلول عام 2018.
فى تبليسى، عاصمة جورجيا، تضاعفت أسعار الإيجارات وقيم العقارات فى شارع «أغماشنيبلى» بين عامى 2015 و2017، مما أدى إلى زيادة الضرائب العقارية بشكل كبير.
واختتم الدكتور أحمد سعيد البكل، تصريحاته بالتأكيد أن الاستثمار فى الأماكن العامة وإدارتها بشكل مستدام، يمكن أن يولد عوائد تفوق التكاليف، مشددًا على أهمية الشراكات بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمعات فى تحقيق هذه الأهداف.