Close ad

لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة.. العالم يعود لاستخدام «الفحم»

3-11-2024 | 17:35
 لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة العالم يعود لاستخدام ;الفحم;صورة أرشيفية
سلوى سيد
الأهرام العربي نقلاً عن

- البنك الدولى: الاستهلاك العالمي للفحم يصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق بنهاية 2023

موضوعات مقترحة
- وكالة الطاقة الدولية: سيستمر في لعب دور حاسم فى صناعات مثل الحديد والصلب
- منطقة آسيا والمحيط الهادئ تستهلك ما يقرب من 80% من الواردات العالمية

 

ظواهر جوية غير معتادة تعصف بالعالم.. فمن رطوبة عالية وارتفاع جنونى فى درجات الحرارة إلى توقعات بشتاء قارص البرود، وصولا إلى أمطار و سيول تمحو من الوجود قرى بأكملها، ناهيك عن موجات تسونامى هنا وهناك، المنظمات الدولية تحذر من مخاطر التغير المناخى، وتدعو إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفورى الملوث للبيئة.

لكن لغة الأرقام تكشف أن السنوات الأخيرة، شهدت تنامى إقبال دول العالم على استخدام الفحم كمصدر رئيسى لتوليد الطاقة فى ظل الارتفاع الكبير فى أسعار الغاز والنفط، رغم كون الفحم يصنف أكبر مسبب لانبعاثات الكربون المتسببة فى ظاهرة الاحتباس الحراري! ويبدو أن شعوب العالم على موعد مع مرحلة جديدة من التغيرات المناخية يصعب وضع حد لها فى ظل تلك الحالة من الازدواجية‪ .

تشير أحدث بيانات صادرة عن البنك الدولى، أن أسعار الفحم ارتفعت فى مايو الماضى على أساس شهرى فى ظل تنامى الإقبال عليه مدفوعا بالنشاط الاقتصادى الضعيف وارتفاع أسعار الغاز والنفط وقد بل الاستهلاك العالمى أعلى مستوى له على الإطلاق، بنهاية عام 2023، بنسبة زيادة 1.4% مقارنة بعام 2022. وشكلت منطقة آسيا والمحيط الهادئ ما يقرب من 80% من واردات الفحم العالمية. و هناك مناجم فحم جديدة قيد التطوير فى الصين، وذلك بالتزامن مع إعلان مجموعة السبع الكبار فى إبريل الماضى أن الدول الأعضاء ستنهى الاستخدام المستمر للفحم بحلول عام 2035، لكنها تركت الباب مفتوحًا أمام الدول لتمديد هذا الموعد النهائى فى سياقات معينة، طالما أن انبعاثاتها الإجمالية لن تسهم فى ارتفاع درجة حرارة الأرض بأكثر من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.

وكشفت دراسة جديدة أجراها مركز أبحاث الطاقة‪ Ember ‬عن أن توليد الكهرباء من الفحم كان فى ارتفاع مستمر عالميا على مدى العقدين الماضيين. ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، يظل الفحم أكبر مصدر للطاقة لتوليد الكهرباء، حيث يوفر أكثر من ثلث الكهرباء العالمية. وسيستمر فى لعب دور حاسم فى الصناعات مثل الحديد والصلب حتى تتوفر تقنيات جديدة‪.‬

وبين تقرير صادر عن مؤسسة الأبحاث‪ Climate Analytics ‬أن ظاهرة الاحتباس الحرارى سوف تزداد حدتها فى السنوات المقبلة مع ارتفاع درجة حرارة الأرض لأكثر من 1.5 درجة وهو ما أصاب دول العالم بالكثير من الظواهر المناخية المتطرفة‪!‬

مصانع وشركات
قال الخبير الاقتصادى الدكتور أحمد خطاب، إن العالم عاد إلى استخدام الفحم مرة أخرى، ولنا فى ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا المثال الأكبر على ذلك؛ خصوصا بعد حرب روسيا وأوكرانيا، وحجب غاز البلدين المتحاربين عن هذه الدول الأوروبية، وأرجع “خطاب” السبب وراء تلك العودة أيضاً إلى ارتفاع أسعار الغاز والمواد البترولية خلال فترات جائحة كورونا، فضلا عن ارتباك الشبكة اللوجستية حول العالم‪.‬ كل هذا جعل الغالبية العظمى من دول العالم تفكر جدياً فى العودة للفحم، بغض النظر عن تداعياته السلبية على التغييرات المناخية، كونه مساهماً أساسياً فى إحداث التلوث البيئي، وذلك على عكس الغاز، الذى يعتبر “طاقة نظيفة” مقارنة مع أسود الكربون‪.‬
وأوضح الدكتور أحمد خطاب، أن الفحم يعد من الناحية الاقتصادية الأقل سعرا مقارنة ببقية أنواع الطاقة الأحفورية الأخرى، مما أدى إلى تفضيل العديد من مصانع وشركات الكهرباء والطاقة، الاعتماد عليه خاصة فى أوروبا، فى ظل وفرة وتنوع الفحم بالقارة العجوز، وأنه بمجرد انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية سوف تعود هذه الدول مرة ثانية إلى الاعتماد على الغاز الطبيعى كمصدر نظيف للطاقة، تماشياً مع توصيات مؤتمر المناخ الأممي، للحد من التحولات المناخية والظواهر الجوية المتطرفة، كما يحدث فى القارة الإفريقية – الأكثر تأثرا بها - وعلى رأسها “السودان‪”.‬

ارتفاع الأسعار
وقال الدكتور هشام عيسى، عضو اتحاد خبراء البيئة العرب، إن أزمة الغاز الطبيعى التى صدرتها روسيا نتيجة الحرب الروسية - الأوكرانية مع تزايد احتياجات الطاقة، أدى إلى أن عددا من دول العالم، ومن بينها ألمانيا على سبيل المثال، أعلنت عودتها إلى استخدام الفحم، وعلى إثر ذلك استغلت دول أخرى مثل الصين والهند ذلك الإعلان، خصوصا أنه من إحدى أكثر الدول دعماً لمكافحة التغيرات المناخية، فقامت بزيادة استخدامها للفحم. لافتا النظر إلى أن أمريكا شهدت قيام ولاية فلوريدا مع 20 ولاية أخرى منذ قرابة العامين دعوى أمام المحكمة الفيدرالية على هيئة البيئة لتقليص دورها فى التفتيش على المنشآت التى تستخدم الفحم‪.‬
وأشار الدكتور هشام عيسى إلى أن الدول الكبرى تتجه إلى الفحم فى إطار ارتفاع أسعار النفط، وأزمة إمدادات الغاز التى تزيد من أزمة التضخم العالمية، منوها أن بعض الدول الأوروبية بدأت تتجه إلى استيراد الغاز من دول أخرى بعيداً عن روسيا لتعويض النقص الذى تعانيه، إلى جانب الفحم ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى التى لا يمكن الاعتماد عليها بشكل أساسى كمصدر منتظم للطاقة رغم كونها طاقة مستدامة‪،‬ أما بالنسبة للدول العربية، فيؤكد الدكتور هشام عيسى، عضو اتحاد خبراء البيئة العرب، أنها لا تعتمد على الفحم فى إنتاج الطاقة بسبب توافر مصادر الوقود الأحفورى من نفط وغاز، حتى إن مصر تراجعت عن بعض مشروعات كانت تعتمد فيها على الفحم، وذلك لاعتبارات بيئية وسعرية مع ارتفاع أسعار الفحم عالمياً‪.‬

أمن الطاقة
‪من جهته يرى الدكتور السيد خضر، مدير مركز الغد للدراسات الإستراتيجية والاقتصادية، أن عودة العديد من الدول لاستخدام الفحم فى توليد الطاقة تأتى نتيجة لعدة عوامل منها فجوة التمويل والإصلاحات وأمن الطاقة فى ظل الاضطرابات الجيوسياسية وتقلبات أسعار الغاز والنفط، حيث يعتبر الفحم مصدراً متاحاً ورخيصاً نسبياً، خصوصا فى بعض المناطق، مما يوفر استقراراً أكبر فى إمدادات الطاقة لتلك الدول التى باتت تتجاهل خطورة ذلك على البيئة‪ .‬
وأضاف الدكتور السيد خضر، أنه مع تزايد الطلب على الطاقة فى الدول النامية، فإن الفحم يمثل حلاً سريعاً لتلبية هذا الطلب المتزايد، مشيراً إلى أن البنية التحتية القائمة تدعم التوجه لاستخدام الفحم، حيث تمتلك العديد من الدول بنية تحتية كبيرة مبنية حول استخدامه، وتغيير هذه البنية التحتية يتطلب استثمارات ضخمة ووقتاً طويلاً، كذلك الضغوط السياسية والاجتماعية، حيث تواجه الحكومات ضغوطاً من مختلف الفئات لخفض أسعار الطاقة، وهو ما يمكن تحقيقه مؤقتاً من خلال زيادة الاعتماد على الفحم. وأوضح الخبير الاقتصادى أن هناك اعتبارات خاصة بالتكلفة الاقتصادية، فسعر الفحم المنخفض فى بعض الحالات، يجعله خياراً أرخص مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى، مما يجعله جذاباً فى ظل الأزمات الاقتصادية‪.‬
‪ ‬أما عن تأثير استخدام الفحم فهو أحد أكثر مصادر الطاقة تلويثاً، حيث يسهم بشكل كبير فى انبعاثات ثانى أكسيد الكربون والملوثات الأخرى، والعودة لاستخدامه الفحم تتعارض مع التوصيات الأممية للحد من ارتفاع درجات الحرارة، مثل اتفاقية باريس، وزيادة الاعتماد عليه تعيق التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، مما يؤخر تحقيق الأهداف البيئية، وتضاعف الأحداث المناخية المتطرفة مثل الجفاف والفيضانات والعواصف، مما يتسبب فى خسائر اقتصادية وبشرية كبيرة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة