لا يقتنع الصهاينة بالمثل الشعبي الرائع والصادق جدًا: "الكذب ما لوش رجلين".. وللأمانة لا ينفرد نتنياهو بالكذب وحده، ولذا لم نخصه وحده بذلك، فالجميع في إسرائيل يتنافسون في الكذب من في الحكم ومن في المعارضة؛ وإن اختلفت الأسباب.
الكذب يفضح نفسه ليس في ملامح وجه الكاذب ونبرات صوته ولغة جسده فحسب؛ ولكن لأن الكاذب ينسى أكاذيبه، ويقول ما يناقضها لاحقًا.
فبعد كذبهم أن حزب الله لم يعد مصدرًا للتهديد؛ نجدهم يؤكدون أنهم سيفعلون المستحيل "لإبعاده" عن الحدود ليستطيع سكان الشمال العودة للمستوطنات التي "أجبرتهم" صواريخ الحزب على النزوح منها "لأول مرة" في تاريخ الكيان.
الواقع هو أفضل رد على الأكاذيب؛ كذب نتنياهو ووزير دفاعه وقائد جيشه بعد بدء طوفان الأقصى وزعموا أنهم قضوا على المقاومة، وأنها لن تقوم مجددًا بأي رد فعل على عدوان الصهاينة الوحشي، وردت المقاومة بالصمود "الأسطوري" الذي استمر إلى يومنا هذا..
وصرح الصهاينة بأنهم سيواصلون القتال ليقضوا عليها!!
كذب نتنياهو ومن معه عندما أكدوا انهيار المقاومة بعد اغتيالهم للشهيد إسماعيل هنية وفوجئوا بالسنوار رئيسًا لحماس وبكل الفصائل الفلسطينية تقاتل بقوة وبصلابة وكأن شيئًا لم يكن.
وكذبوا عندما تباهوا واحتفلوا باغتيال حسن نصر الله وبعض القادة العسكريين في حزب الله، وأكدوا قضاءهم على صواريخ حزب الله وعلى قدراته القتالية، وصدموا عندما فوجئوا بصواريخ حزب الله تطال اجتماع في مقر المخابرات وتقتل وتصيب ضباطهم وهم يتناولون طعام العشاء؛ في نجاح عسكري واستخباراتي أيضًا، فالمسيرات قد تنجح في تحديد أماكن تجمعات العدو، لكنها لن تفيد في تحديد أوقات التجمع، ولابد من وجود عناصر "بشرية" تقوم بالإبلاغ بالتحركات.
كما كذبوا عند إعلان القضاء على كل إمكانية حزب الله في صد العدوان بعد نجاح عمليتهم الغادرة باستهداف 4 آلاف من مقاتلي حزب الله ومن يساعدونهم في الأعمال المدنية من أطباء وممرضين ومدنيين في عملية البيجر التي خططوا لها منذ أعوام، وباغتهم الحزب "بسرعة" التعافي من الوجع وقيامه باستهداف دقيق وناجح لغرفة نوم نتنياهو، "وبتصعيد" للقتال بعد عدة استهدافات ناجحة لمقر المخابرات الصهيوني..
وفوجئ العالم بحزب الله يصدر "تعليمات لـ 25 مستوطنة بالإخلاء وينفذ تهديده ويطلق عليها الصواريخ بعد انتهاء مدة التحذير، وهو ما لم يحدث من قبل منذ بدء الكيان الغاصب.
كذب الصهاينة بزعمهم النجاح في التوغل في رفح، وقضوا فيها أشهر طويلة، وتكبدوا خسائر فادحة رغم وحشية القصف، ولكن المقاومة "صمدت"؛ ورأينا فيديوهات كثيرة لقنص جنود الصهاينة من مسافة صفر وفيديوهات لتدمير الآليات والدبابات التي تكلفت الملايين من الدولارات بعبوات ناسفة محلية الصنع وبإرادة تقوى ولا تضعف وبيقين يزيد ولا ينقص.
كذب ويكذب ويواصل الكذب نتنياهو وفريقهم بادعاء أنه يريد التفاوض على إنهاء الحرب في غزة، ولكن حماس ترفض، وكل الوسطاء أكدوا كذبه، والحقيقة أنه يحاول "كسب" الوقت وإطالة الحرب أملًا في حدوث أي تغيير يصب في صالحه، ويخرجه من "المأزق" الذي أوقع نفسه فيه بالتمادي في المقتلة والتدمير والتجويع..
وتوهم أن أهل غزة سينقلبون على المقاومة وسيدمرونها من الداخل، ولا يعلمون أن صاحب الأرض "يتنفس" الامتنان لمن يدافع عنها، ولا ينقلب عليه مهما عانى من صعاب لا يتحملها بشر. وكما قالت السيدة الغزاوية أم مالك بارود بعد استشهاد أولادها الخمسة: لدينا قماش أبيض للكفن وليس لدينا قماش لرايات بيضاء للاستسلام.
كذب الصهاينة عندما زعموا انهيار حماس بعد اغتيال السنوار، وظهر نتنياهو في فيديوهات مضحكة وهو يعلن بغطرسة "كاذبة" تخفي وهن داخلي، وصدق حسن نصر الله عندما وصف الاحتلال بأنه أوهن من بيت العنكبوت.
قال نتنياهو: من يلق سلاحه "سنعفو" عنه!! ومن يرشد عن مقاومين سنكافئه!! وانتظر؛ وجاءه الرد بمضاعفة القتال ضدهم ليس في غزة فقط، بل في الضفة الغربية والقدس، وتزايدت عمليات الطعن والدهس واقتربت من مقر الموساد في الضفة الغربية.
وكيف لا يفعلون؟ وقد صرح أسامة حمدان القيادي في حماس أنهم عندما قرروا بدء طوفان الأقصى اجتمعوا مع 1400 مقاوم قبل بدء الاقتحام وأخبروهم بأنهم سيعبرون الجسر إلى الصهاينة وخيروا الجميع بين الانضمام أو العودة لمنازلهم؛ فلكل إنسان ظروفه التي قد تمنعه من المجازفة بحياته، وكان الرد أن الجميع وافقوا ورحبوا.
كذب نتنياهو وفريقه عندما زعموا نجاح ردهم "الباهت" على استهداف إيران لهم بالصواريخ وإصابة أهداف دقيقة، وأنهم قضوا على الصواريخ الباليستية في إيران ودمروا مصانع عسكرية إيرانية.
وأكد غالبية المحللين العسكريين والسياسيين فشل الرد الإسرائيلي على إيران، ومنهم أليستر كوك الدبلوماسي البريطاني السابق، وسكوت ريتر مفتش أسلحة الدمار الشامل السابق لدى الأمم المتحدة، ولو كانت نجحت لرأينا صور طائراتهم وهي تصيب الأهداف وصور الخسائر في إيران والتي تستطيع الأقمار الصناعية التقاطها وبثها بسهولة، كما رأينا صور صواريخ إيران وهي تضرب إسرائيل سابقًا.
كما رأينا فيديو لكاميرا سجلت قيام مستوطن صهيوني "بسرقة" ملابس تم نشرها على "حبل غسيل" في بيت فلسطيني بالضفة الغربية.
كذب نتنياهو وهو يؤكد انتصاراته ويواصل تهديداته ويعلن شروطه، بينما أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أنه يفكر في تأجيل زفاف ابنه خوفًا من مسيرات حزب الله.
ولأول مرة في تاريخ الكيان ينتقل اجتماع الوزراء لمكان غير معلوم خوفًا من مسيرات الحزب.
لن يتوقف نتنياهو وقادته عن الكذب الذي يتنفسونه وسيختنقون به ولو بعد حين، فالكذب لن يؤثر أبدًا في الواقع ولا في "حتمية" انتصار الحق مهما طال الوقت.