- صادرات التمور المصرية تصل لـ77 دولة وتحتل المركز التاسع عالمياً والثانى إفريقياً
التمور أحد روافد الدخل القومى الهامة، حيث يعد شريكًا أساسيًا فى تعزيز الأمن الغذائى العربى والعالمى، وبديلا مستقبليا للبترول، وقطاعا واعدا لزيادة الصادرات وخلق فرص عمل. اتفق على هذه المميزات كوكبة من العلماء.
فى رحاب المركز القومى للبحوث وبدعوة من معهد البحوث الزراعية والبيولوجية، ناقش العلماء واقع ومستقبل التمور فى مصر ودورها فى الاقتصاد الوطنى، مؤكدين أن التمور هى زراعة اليوم وصناعة الغد واستثمار المستقبل القادر على النهوض باقتصاد الدولة، ورصدت «الأهرام التعاونى والزراعى» بعض الرؤى ليعبر القطاع طريقه نحو النهضة.
وقال الدكتور أمجد القاضى مدير مركز تكنولوجيا الصناعات الغذائية والتصنيع الزراعي: تحتل مصر المركز الأول عالميا فى إنتاج للتمور، وتنتج سنويًا حوالى 1.8 مليون طن تعادل 19% من الإنتاج العالمي، و24% من الإنتاج العربي. ويزيد عدد النخيل المثمر بمصر على 16 مليون نخلة.
وقد شهدت الأعوام الأخيرة توسعاً كبيراً فى زراعة الأصناف ذات القيمة السوقية المرتفعة. وحققت مصر أعلى كمية صادرات لها عام 2023 (حوالى 73 ألف طن من التمور الطازجة ومصنعاتها) ووصلت صادرات التمور المصرية لـ 77 دولة، وتقدمت من المركز الثانى عشر إلى المركز التاسع عالمياً، والمركز الثانى أفريقيا.
القيمة المضافة
وتابع القاضي: شهدت الفترة الحالية توسعًا كبيرًا فى الاستثمار فى زراعة النخيل وانتاج التمور ليس فقط فى مصر ولكن على مستوى الدول المنتجة للتمور، الأمر الذى يجب معه تعظيم القيمة المضافة لها وادخالها فى الصناعات المختلفة، ولا سيما: التمور الفائضة (بدلاً من تحمل تكاليف تخزينها للموسم التالي)، والتمور ذات القيمة التسويقية المنخفضة، والتمور التى لا يمكن استهلاكها على طبيعتها، وتحويلها إلى منتجات أخرى مختلفة كمنتج نهائى أو وسيط لصناعات أخرى سواء غذائية أو صناعات أخرى مثل المستحضرات الطبية.
ويشير إلى أن أهم التحديات التى تواجه قطاع التمور بمصر تتمثل فى وجود نسبة كبيرة من المزارع القديمة والزراعات العشوائية، مع استخدام محدود للميكنة الزراعية والتطبيقات الرقمية، واتباع الأساليب التقليدية وعدم استخدام التقنيات الحديثة، مما يؤدى إلى انخفاض الجودة والإنتاجية والقيمة التسويقية، بالإضافة إلى أن 50% من الإنتاج عبارة عن أصناف رطبة مرتفعة الفاقد، و25% أصناف بذرية مجهولة، مطالبا بالتوسع المدروس فى انتاج الأصناف ذات القيمة السوقية المرتفعة والتى تجود زراعتها فى مصر، وتطبيق الممارسات الزراعية الجيدة والذكية، بالاضافة لإنشاء مراكز تجميع وتخزين وتعبئة التمور بمناطق الانتاج، وتشجيع بحوث تطوير وتعظيم القيمة المضافة.
خطوات جادة
وأضاف أن وزارة الصناعة بالتعاون مع منظمة الفاو، أصدرت أول استراتيجية مصرية لتطوير التمور عام 2016 وتم تحديثها مؤخرا،كما تنظم المهرجان الدولى للتمور المصرية تحت رعاية رئيس الجمهورية منذ عام 2015، بالتعاون مع جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، بالاضافة إصدار الخريطة المناخية لأهم أصناف التمور بمصر بالتعاون مع المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية وجائزة خليفة، وتأهيل مصانع التمور الخاصة لشهادات الجودة العالمية ولاعتماد الهيئة القومية لسلامة الغذاء.
بديل البترول
ويؤكد الدكتور أشرف الفار الامين العام للاتحاد العربى للتمور، أن صناعة التمور هى أحد روافد الدخل القومى الهامة، حيث يعد شريكا اساسيا فى تعزيز الأمن الغذائى العربى والعالمى، وبديلا مستقبليا للبترول، موضحا أن حجم صادرات التمور فى مصر(80 مليون جنيه) لا تتناسب مع حجم الانتاج والاستثمارات الموجهة.
وأشار إلى أهم التحديات التى تواجهنا هى التسويق وتوصيل التمور للمستهلك النهائى، وأنه يجب استغلال اهتمام العالم بالغذاء الصحى الذى متوقع أن يتجاوز حجمه بحلول 2030 تريليون دولار، من خلال توجيه خطط التوعية بأهمية التمور كغذاء صحى متكامل، وتفعيل دور القنصليات للقيام بدورها فى دعم المنتج الوطنى، وفتح أسواق جديدة.
المجدول المصرى
وأشار الدكتور باسم بكر خبير زراعة النخيل، وأستاذ الفاكهة بالمركز القومى للبحوث، إلى المستقبل الواعد لزراعة نخيل المجدول (الميدجول) فى مصر، بعد نجاح زراعته فى جميع أنحاء الجمهورية وبجودة عالية، مضيفًا ان هناك طلبا عالميا متزايدا على التمور، وانتاج 600 ألف طن من المجدول يستطيع تغيير اقتصاد الدولة؛ حيث يصل متوسط الانتاج للنخلة من 60 إلى 80 كيلو بعد 10 سنوات، ومعدل انتاج الفدان من 5 إلى 6 أطنان، ويتراوح سعر طن المجدول المفروز درجة أولى من 4 إلى 8 الاف دولار.
دراسة جدوى
وقدم الكسندر النجار الخبير الدولى للتمور، دراسة جدوى لزراعة 100 فدان بتكلفة 25 مليون جنيه خلال الـ 3 سنوات الاولى، دراسة جدوى مشيرا إلى أن نصف هذه الاستثمارات سيسترد بعد 3 سنوات والنصف الاخر خلال منتصف العام الرابع، ثم يصل العائد فى السنة الخامسة لـ30 مليون جنيه، ويتضاعف العائد فى السنة العاشرة ليصل إلى 55 مليون جنيه بشرط الالتزام بالزراعة على اساس علمى.
أما الدكتور محمد على فهيم، رئيس مركز معلومات المناخ، فيشير إلى أن تغير المناخ قضية وجودية، وخطورتها تتعدى الحروب الاقليمية والنخيل شجرة تراثية عمرها آلاف السنين، ولها انتشار جغرافى واسع فى مصر، ومن الطبيعى أن تكون متأقلمة مع المناخ، ولكن التغيرات المناخية خارج قدرة هذه الشجرة، موضحا أن موقع مصر حساس جدا للتغيرات المناخية رغم عدم ظهور الشكل العنيف لهذه التغيرات «التغيرات الصامتة» وهو ما حدث 2019 عندما تساقطت أشجار المانجو مسببة خسائر فادحة.
وقال: بالمثل كل معاملات محاصيل الفاكهة مرتبطة بالوقت من العام،وهو ما يجب تغيره جذريا للتكيف مع التغيرات المناخية تفاديا لحدوث خسائر،مشيرا إلى ما حدث للنخيل هذا العام،حيث شهدنا صيف شديد الحرارة، وكانت هناك 2400 وحدة حرارية خارج قدرة النخيل، مما أدى إلى التاثير على الاحجام والفرز خاصة فى الاصناف نصف جافة (السيوى). بالاضافة للخسائر الكبيرة نتيجة الاصابة بالافات، فضلا عن تفتت حيازات النخيل الذى يعتبر عائقا كبيرا امام تنفيذ أى سياسة للنهوض بالقطاع.
ويقول رئيس مركز معلومات المناخ:إن العالم يضخ سنويا حوالى 60 مليارطن ثانى اكسيد الكربون فى الغلاف الجوى، ومصرتساهم بـ 350 مليون طن اى 1/2 % أى اننا لا نؤثر فى هذه الظاهرة، ورغم ذلك خسرنا 600 الف طن قمح عام 2018،ومليون طن مانجو عام 2019،وعشرات الالاف من اطنان التمور الجافة هذا العام بسبب التغيرات المناخية.والصيف شديد الحرارة الذى اصبح واقع نتيجة تنامى اقتصاديات الدول الكبرى، والتى يجب أن تقوم بدورها تجاه الدول ذات الاقتصاديات الناشئة من خلال تقديم الدعم الفنى والحلول المبتكرة والمماراسات الزراعية التى تمكن الدول النامية من مجابهة اخطار التغيرات المناخية.
فكر مختلف
ويضيف أن مواجهة التغيرات المناخية يحتاج ان نفكر بطريقة مختلفة، خاصة وان المتوقع فى مصر اسوا بكثير مما يحدث الان، ومن الضرورى ان يكون صاحب مزرعة نخيل على دراية كافية بطبيعة مزرعته والافات الموجودة بها وطرق مكافحتها، مشيراً إلى أن سوسة النخيل لها دورات بيولوجية فى مصرلابد من دراستها جيدا للتغلب على الافة التى تتاقلم مع كل الظروف.
واخيرا إن بناء قطاع نخيل مرن فى مصر قادرعلى التكيف مع التغيرات المناخية وتقليل التأثيرات السلبية التى تهدد استدامته،يتطلب إعادة رسم الخريطة الزراعية للتمور فى مصر مناخيا، وتحسين الممارسات الزراعية لتتوفق مع التغيرات المناخية، والتوسع فى خدمات نظم الإنذار المبكر، والتعاون مع الجهات البحثية والمؤسسات الدولية تحت مظلة مجلس علمى للتمور.
السوسة الحمراء
وأوضح الدكتور محمد كمال أستاذ وقاية النبات – مركز البحوث الزراعية والخبير الوطنى لسوسة النخيل بمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، أن الخسائر الاقتصادية لسوسة النخيل الحمراء التى تنتشر فى أكثر من 80 دولة حول العالم معظمهم فى قارة أسيا.مشيرا إلى أن معظم الخسائر ترجع إلى النخيل المفقود، والإيرادات الضائعة حيث تمثل هذه الخسائر 90 % من الخسائرالكلية لسوسة النخيل الحمراء.
ولفت إلى أن درجة الحرارة المثالىة للحشرة 27 إلى 30 درجة، وانه يفضل إجراء الرش الوقائى خلال مارس ونوفمبر، حيث يعتبروا أكثر الشهور نشاطا للحشرة الكاملة، ولابد من أجراء الفحص الدورى المنتظم حتى يمكن اكتشاف الإصابة مبكرا، ويسهل التعامل معها، وتصل نسبة النجاح إلى 100%.
وقال: إن الاكتشاف المبكر من أهم الطرق للسيطرة على الحشرة، وقد حقق الفحص البصرى، وطريقة الكلاب الشامة (بيجفيت) نتائج ممتازة فى المزارع المنتظمة، وارتفاع النخيل بها 1.5 متر، والفسائل فى المشاتل وداخل الكيب التى يصعب فحصها بواسطه الإنسان. وقد تم تقييمها فى مصر والسعودية، والإمارات والعديد من الدول.
زراعة الأنسجة
وأشارت الدكتورة رانيا عبد الغفار استاذ زراعة الانسجة بالمركز القومى للبحوث إلى انه مع اهتمام القيادة السياسية بزراعة النخيل والتركيز على الأصناف ذات الفائدة الاقتصادية مثل البرحى والمنجول والخلاص والسكرى والعنبر وعجوة المدينة، وزراعة ما يقرب من 1.6 إلى 1.8 مليون نخلة فى منطقة توشكى، أصبح من الضرورى استخدام تقنية زراعة الأنسجة النباتية لتلبية متطلبات الأسواق لما توفره هذه التقنية من مزايا وامكانيات واعدة، مثل الحصول على أعداد كبيرة من الفسائل باستخدام عدد قليل من الامهات، والحصول على نباتات خالية من الأمراض الفطرية المنتشرة حالياً فى كثير من البلدان والتى يخشى استيراد فسائل منها مثل مرض البيوض، وتجانس الفسائل الناتجة مما يضمن سرعة النمو، وحصاد المحصول بعد 4 سنوات فقط من الزراعة فى الأرض،بالاضافة إلى انها لا تتأثر بالظروف المناخية ومواسم الزراعة، حيث يتم الإكثار تحت ظروف يتم التحكم فيها.