Close ad

عظموا شعائر الله فإنها من تقوى القلوب

31-10-2024 | 12:27

أستهل حديثي قائلا، لا تجعلوا الله أهون الناظرين إليكم، ولا يغرنكم حلم الله تعالى، فإنه يمهل ولا يهمل.. يقول تعالى: (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ).. انظروا العلاقة التلازمية بين تعظيم شعائر الله، وتقوى القلوب، فتعظيم الشعائر إقرار بالعبودية لله تعالى والامتثال لأوامره ونواهيه، وإذا ما حدث ذلك وقع في القلب التقى تقوى الله تعالى وخشيته تعالى.

لماذا كل هذه الحملات الشرسة على الإسلام، نحن لم ولن نعادي أحدًا، إنما دعوتنا السلام وطريقنا السلام وتحيتنا السلام، ولنا في المصطفى "صلى الله عليه وسلم" القدوة الحسنة، فكان عندما ينتوى فتح مصر من الأمصار كان يبدأ أهله بالسلام، فلماذا، تارة طعن في النبوة وتشكيك في نبوة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، وتارة أخرى التشكيك في معجزات الله تعالى التي أجراها على أيدي رسله عليهم السلام، وتارة الطعن سبًا وشتمًا على الصحابة والتابعين والفقهاء الأربعة، وكأننا مكتوب علينا أن نقف موقف المدافعين دوما عن الإسلام. 

وجدنا من يفعل ذلك من غير المسلمين، وكان ينبري الجميع لصده ونهره الحجة بالحجة والرأي بالرأي، لكن الطامة الكبرى ما يحدث الآن من بعض المنسوبين لأهل القبلة الإسلامية، فنجد من يقول للأسف بتاريخانية النص القرآني وهذه كارثة، فهل يعقل أن يكون القرآن نزل لفترة زمنية محددة، وإذا كان ذلك كذلك، على حد زعم قائله، فلماذا النص القرآني موجود إلى الآن؟! القرآن الكريم، صالح لكل زمان ومكان ومحفوظ في اللوح المحفوظ، بل وفي قلوب الحفظة الربانيين العالمين العاملين، قرآنًا يُتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، دستور ينظم حياتنا فيه عباداتنا ومعاملاتنا واستدلالاتنا وقياساتنا واجتهاداتنا، راسخ شامخ شموخ الجبال الراسيات، ثابت ثباته في حركيته وفي ثباته، أي جعله الله تعالى لخدمة قضايا العصر، ليس عصرنا وحسب، بل ما كان قبلنا ومن سيأتي بعدنا.

فلم كل هذا السفه؟!

ثم يطفو الآن على الساحة من يستغل الأزمة الاقتصادية وحاجة الناس إلى المال والطعام والشراب واللباس والمأوى والسكن، ويبدأ في دس سمومه وكأنه مهموم بقضايا المسلمين، فيطلع علينا من يقول لم الاعتمار وأداء العمرة، لم الذهاب إلى الحج، لم ذبح الأضحيات، أليس من الأفضل بدلا من أداء العمرة وذبح الأبقار والأغنام، نوزع بدلا منها أموالا على ذوي الحاجة، لماذا ننفق ونعمر المساجد، (الزيت إذا احتاجه البيت يحرم على الجامع)، ما هذا المثل البئيس، ألم يقل النبي لعلي وعمر وعثمان وأبي بكر ماذا أبقيت لأهل بيوتكم، وكان الرد أبقينا لهم الله ورسوله.
 
أليس من الأصوب أن نوزع نقود يستفيد منها الفقراء، يقول الله تعالى (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ)، فمن يؤدي العمرة قادر على أدائها وبالتأكيد هو ينفق في سبيل الله، والذي يذبح أضحيته يعظم شعائر الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم والذي يتبرع لبناء وإعمار بيت من بيوت الله هو مقتدر ويعلم قول الله تعالى (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)، بمعنى أوضح، يعني لديه ما ينفقه ويزيد، ثم لماذا نأتي عند الحدود والشعائر ونتحدث، لماذا نأتي عند التشريع الذي شرعه الله ونعبث به، أتريدون أن تطفئوا نور الله، لا وألف لا، هذا وعد الله وسيتم نوره ولو كره الكافرون.

ثم لماذا لا تتحدثون عن النفقات الباهظة التي تنفق في الحفلات الماجنة ذات السجاد الأحمر، والأفلام والأغاني والمسلسلات والإعلانات التي ينفق عليها ملايين الجنيهات؟! لماذا لا نقول نأخذها للإنفاق على الفقراء؟! أقول نأخذ جزءًا منها؟! 

لماذا لا نقول لأصحاب رؤوس الأموال المتضخمة هيا أنفقوا في سبيل الله وتبرعوا بأموالكم أو بجزء منها للفقراء؟!

قفوا عند منتهاكم فوالذي نفسي بيده إن الله بالغ أمره قد جعل لكل شيء قدرا، لن نقف مكتوفي الأيدي أمام هجماتكم المتوحشة على الإسلام، لن نترككم تضربون على هذا الوتر الحساس، استغلال حاجة البسطاء الفقراء للأموال، لن نترككم تخربون عقولهم!!

لن نقول مثل ما قال عبدالمطلب لأبرهة الأشرم الحبشي "البيت له رب يحميه"، نعم البيت له رب يحميه، والدين له رب يحميه، لكن بأيدي جنوده ووكلائه أهل الأرض ودفاعنا بسيوفنا وسيوفنا أقلامنا ومدادها عصارة أفكارنا واجتهاداتنا!!

أقول لهؤلاء، ولكل من تسول له نفسه العبث بديننا لم ولن تفلحوا أبدًا، ولا يفلح الساحر حيث أتى.. قفوا عند منتهاكم والزموا حدودكم، وكفاكم كيد ومكر وخداع، (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)، (وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا).. إن كان لديكم بقية عقل، أذكركم بقوله تعالى (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ).. إياكم واللعب بالنار فتحرقكم، والعبث بشعائر الله جريمة وعقابها: (لَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ).

فاتقوا النار التي حرها شديد وقعرها بعيد ولها مقامع من حديد، اتقوا نارًا تزفر وتقول هل من مزيد.

* أستاذ الفلسفة الإسلامية ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة