تساؤلات ما بعد هجوم إسرائيل على إيران

27-10-2024 | 17:09

الهجوم الإسرائيلي على إيران في توقيته وحجمه وملابساته؛ بل وشكله يثير العديد من التساؤلات ويطرح أيضًا الكثير من علامات الاستفهام حول الدور الأمريكي في المنطقة، ولعل من تتبع مواقف الإدارة الأمريكية منذ أن قرر الكيان الصهيوني الرد على هجوم إيران في الأول من أكتوبر حتى إتمام الرد الإسرائيلي قبل أيام، سيتأكد أن واشنطن هي من قامت بهندسة العمل العسكري من الألف إلى الياء، واختارت المواقع التي يتم ضربها في إيران، لحسابات وتوازنات أمريكية في المنطقة، وفي ذات الوقت يكشف الإزدواجية السافرة التي تمارسها واشنطن في التعاطي مع العدوان الإسرائيلي على غزة، والذي تجاوز حتى حدود الإبادة للشعب الفلسطيني، دون أن تتحرك الإدارة الأمريكية بفاعلية توقف هذا التوحش الإسرائيلي الذي ليس له مثيل في التاريخ.

أمريكا وضعت أمام إسرائيل خطوطًا حمراء في ردها على إيران؛ فلا تقترب من المنشآت النفطية ولا النووية، ولا المرافق الحيوية، ولا الشخصيات المسئولة، وأن تقتصر الضربة على بعض المواقع العسكرية المحدودة، وإذا ما أخذنا في الاعتبار أيضًا ما سبق هذا الهجوم، وما تلاه من تسريبات، سيتأكد أن هناك طبخة بإشراف واشنطن يراد منها تمرير هذا الهجوم على قاعدة "عدم الإحراج" لأي من الطرفين، فقبل أيام من الهجوم الإسرائيلي تم تسريب وثائق من البنتاجون حول خطة ضرب إيران تحدد تفاصيل هذا الهجوم، وقيل إن هذا التسريب مقصود لغرض في نفس الإدارة الأمريكية، كما نقل موقعا اكسيوس الأمريكي، ووللا الإسرائيلي أن تل أبيب أبلغت طهران بموعد الهجوم والمواقع التي سيتم قصفها، وهو ما يقدم أيضًا دليلًا آخر على طبخة الهجوم، ويعيد إلى الأذهان ما كشف عنه في السابق دونالد ترامب حين تم اغتيال قاسم سليماني وأرادت إيران أن ترد، فقال ترامب إنه اتفق مع الإيرانيين أن يهاجموا موقعًا بالقرب من القاعدة الأمريكية في العراق، ويقال إنهم هاجموا القاعدة حفاظًا على ماء الوجه.

والسؤال لماذا هذه الطبخة؟.. المؤكد أن الإدارة الأمريكية وجدت نفسها في موقف لا تحسد عليه في هذا التوقيت الذي تشهد فيه انتخابات رئاسية، ولم يتبق أمامها سوى أسابيع وتغادر البيت الأبيض، وبالتالي لا تريد فتح جبهة حرب جديدة في المنطقة خصوصًا بين إسرائيل وإيران، باعتبار أن واشنطن هي من يتحمل فاتورة الحرب بل وتنخرط في الحرب دفاعًا عن إسرائيل، ورأينا كيف هبت قبل أيام إلى تزويد إسرائيل بأحدث منظومة دفاع جوي في العالم؛ المعروفة باسم "ثاد" تحسبًا لتعرض إسرائيل لهجوم مباغت من إيران، أو أي طرف آخر في المنطقة.

لكن الحقيقة أن كل المعطيات تشير إلى أن منطقة الشرق الأوسط على أعتاب ترتيبات ومتغيرات جديدة، وأن الصراع لن ينتهي في القريب، بل ربما يشهد فترة هدنة ليشتعل مرة أخرى مع قدوم الإدارة الأمريكية الجديدة، لا سيما إذا فاز دونالد ترامب، وهو ما تتمناه إسرائيل حتى  تجهز على ما تبقى من القضية الفلسطينية في ظل غياب الإرادة العربية.

ووفق هذه المعطيات، فإن التقديرات تشير إلى أن خريطة القوى في المنطقة سوف تتغير وتتبدل، وأن المقاومة المسلحة سوف تتراجع وتتوارى -ولو مؤقتًا- من المشهد، بعد أن تعرضت لضربات كبرى في رأس الهرم  القيادي لها، وهو ما سيدفع إيران إلى المسارعة في امتلاك سلاح نووي يضمن لها قوة ردع، وربما بات هذا الأمر أقرب من أي وقت مضى في ضوء ما يتم تسريبه عبر خبراء الطاقة الذرية، أو بعض الدوائر في العالم، بل إن بعض المراقبين رأى أن الهجوم الإسرائيلي على إيران سوف يعجل بالقرار الإيراني خصوصًا في ظل غياب أمريكي مؤقت ومتوقع من الساحة الدولية؛ بسبب الانتخابات الرئاسية؛ وهو ما يوفر فرصة لإعلان إيران رسميًا دخولها النادي النووي.. حينها نكون أمام حقائق ومتغيرات وخريطة جديدة للمنطقة. 

[email protected]

كلمات البحث