كثيرون لا يرون من المهرجانات وبخاصة مهرجان الجونة سوى فساتين النجوم، وما تنقله السوشيال ميديا من استعراض بعض الفنانات لتلك الفساتين على "ريد كاربيت"، وهي في الواقع ليست ظاهرة مصرية، ولا من اختراع أصحاب مهرجان الجونة، بل كل مهرجانات العالم بها تلك الظاهرة، قد تأخذ في مهرجاناتنا أشكالًا مبالغًا فيها، وقد لا تتفق تلك الظاهرة مع عادات وتقاليد مجتمعية، لكنها جزء من طقس تعارف عليه في مهرجانات السينما تحديدًا.
ومنذ أن بدأ مهرجان الجونة السينمائي دورته الأولى، وتلك الظاهرة تميزه عن غيره من المهرجانات لأسباب كثيرة أهمها الجانب السياحي والمكان الذي يقام فيه المهرجان، وحدثت وبشكل أقل نسبيًا في مهرجان القاهرة، بل وتحدث -إن أردنا الدقة- كل عام، وهي ليست الأهم دائمًا إن كنا نقيم مهرجانًا تنفق عليه الملايين، ويعرض أكثر من 85 فيلمًا من 40 دولة، لكن الأهم أنه مهرجان يأخذ على عاتقه رسم صورة أفضل للسياحة المصرية، رسم صورة أفضل لفكرة المهرجانات التي اعتدنا أن تسيطر عليها ظواهر تفسد من أهميتها ويتولى تنظيمها هواة تظل محلك سر لا تتقدم قيد أنملة عما عرفت عليه، بل يعتريها التراجع كثيرًا.
وما إن جاء مهرجان الجونة -وبالطبع بتمويل غير مسبوق- حتى عرفت مصر صورة مختلفة للمهرجانات الأكثر إبهارًا، والتي ينجح القائم عليها كمدير فني بالطبع، وهو ما حدث ويعزى الفضل فيه هنا لمدير المهرجان السابق انتشال التميمي، المؤسس الأول لفكرة الأفلام الحصرية، وبعث روح لم تكن موجودة في المهرجانات المصرية من قبل، وهو حاليًا مستشار للمهرجان لحالته الصحية التي لم تسمح له بمواصلة تلك المهمة، وتولتها ماريان خوري المنتجة وصاحبة الخبرة؛ وهي تحاول دائما أن تقدم أفضل ما لديها، مع خبرة عمرو منسي المدير التنفيذي.
في الدورة السابعة المقامة حاليًا سمحت الظروف بأن يستعيد المهرجان عافيته بعد حالة يمكن أن نسميها وعكة صحية ألمت به الدورة الماضية لظروف تأجيل وعودة، بسبب ما مرت به المنطقة العربية من أزمات ما زالت توابعها قائمة، عاد المهرجان ليقدم سينما بنفس مقاييس ما عود جمهوره عليه، لكن قد تكون هناك بعض الأخطاء التنظيمية وتسرع في تصريحات لمبرمج تسببت في ما حدث في منع عرض فيلم الافتتاح "آخر المعجزات"، إذ أعلن عن برمجة الفيلم ضمن عروض الدورة السابعة دون أن تستكمل إجراءات مروره للتسكين ضمن القائمة، ونجحت إدارة المهرجان في تجاوز الموقف بعرض فيلم آخر، ولأن هناك عشرات الأفلام والبرامج التي ألهت الجميع عن التفكير في فيلم قصير كان سيعرض في ظل انشغالات المتابعين للافتتاح بمباراة السوبر بين الأهلي والزمالك، والتي انتهت بفوز الأهلي بعد أكثر من ساعتين لاستمرار ضربات الجزاء فترة أطول، نسي الجميع تلك الأزمة ومرت ليبدأ المهرجان برامجه مع ماستر كلاس محمود حميدة، معرض للصور للمصور الكبير صاحب التاريخ محمد بكر عن تاريخ السينما المصرية، ومعرض آخر عن أفلام المدن السياحية، وعرض أفلام مهمة مثل "رفعت عيني للسما" الفيلم المصري الحائز على العين الذهبية في مهرجان كان الماضي، وأفلام تنوعت موضوعاتها.
ولأن الجمهور جاء ليعرف –كما يقول المثل- فقد تابع أفلام المهرجان ونسي الفساتين، وأزمة فيلم الافتتاح وتابع ماستر كلاس إسعاد يونس؛ والتي أدارته الفنانة يسرا، والمخرج الفلسطيني هاني أبوأسعد، وتفرغ الجميع لمتابعة سينما من نوع خاص تعبر عن أن مصر تحتضن مهرجانات على مستوى عالمي.