أخلاقنا في الواقع الافتراضي

27-10-2024 | 15:09

احترس من تلك البضائع المتراصة أمامك، إياك أن تنخدع بكثرتها فتمتد يداك باتجاهها تود اقتطافها، فالكثرة هنا لا تعني الجودة، بل هى تعني في الغالب رداءة المعروض وعدم صلاحيته، أحاديث تتردد داخل عالم من الافتراضية المثيرة للجدل، من كل واد تأتيك مسرعة، تدور من حولك ساعية لجذبك فترهقك بدوامة أفكارها المحكمة، تدعوك لسماع حكاياتها الخادعة المرفقة بصور عديدة مفبركة وكلمات زائفة وأحاديث كاذبة، تجبرك على الاعتقاد في حقيقتها، ثم ترغمك على تبنيها والاعتراف أمام الجميع بصحتها وصدقها.

لا شك أن عالمنا الافتراضي به ما هو صالح للتداول، وبه أيضًا ما هو دون ذلك؛ ولذلك فقد توجب علينا أن ننتبه، أن نحترس، أن نحذر من الوقوع في بئر حسن النوايا، ونحافظ على أنفسنا من خطر الوجود في أرض تتحضر لاستقبالنا، تغرس الفوضى أشواكها فيها وتغوينا بالسير في أوديتها الحالكة بأقدام عارية، علينا أن نتجنب الانجراف داخل متاهات الفوضى التي تتحول بين اللحظة والأخرى لفخاخ منصوبة من أجلنا، فخاخ تنتظر سقوطنا، تهم بأسرنا داخل غياهب سجونها.

علينا أن نتوقع أن هناك شائعات مغرضة ستسعى لمطاردتنا، تنادينا بدعواتها إلى الاقتراب منها والاستزادة من فيض أكاذيبها، تتحدث بلهجة تاجر شرير مخضرم، بمفردات بائع غير أمين أجاد فن الدعاية لمعروضاته؛ حتى وإن كانت معظمها مغشوشة أو فاسدة، يتحين الفرصة لإغراق سوقه بتفاهات عالمه التي لا وزن ولا قيمة لها؛ يرجو انتزاع الحكمة من صدورنا، يستنزف قوانا ويجهز علينا بسيطرته على مداركنا وعقولنا.

قد يبرع المحتالون في الهجوم المستمر علينا بهدف شغلنا عن أنفسنا، برغبة منهم في الزج بنا في طريق التخلي عن مبادئنا، عن قيمنا وقناعاتنا؛ سيسعون لهذا أملًا في دفعنا لطريق جرفهم من قبل فسلب منهم رشدهم، استكثر عليهم حقهم في حريتهم المطلقة، ولكي يمعنون في الانتقام منا سيتجرأون على مناقشة أمور تخص أركان عقيدتنا، تحمل دعوتها لضعاف النفوس، تدعوهم للتخلي بها عن -فطرة- فطرنا الله عليها.

نبت شيطاني نما في بساتين حياتنا البسيطة، في ربوعها الهادئة الحالمة؛ دعوة لهجران ثوابتنا التي امتلكناها منذ الأزل اعتنقناها وآمنا بها؛ علينا الآن أن نتعلم فنون الفرز جيدًا، نزن كل محتوى يقذف إلينا قبل أن تتلقفه أيدينا أو يعرض أمام أعيننا، ننتقي منه ما يناسبنا ونرفض الإلحاد المقنع الذي سار كالنار في الهشيم  يزعزع عقيدة شبابنا ويغرس عبودية استمات أصحابها لكي يفرضوها إجبارًا علينا.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: