قيل عنه:«إمام اللغة بالأندلس غير مدافع، وكانت الرحلة في وقته إليه، ومدار أصحاب الآداب واللغات عليه، وكان وقور المجلس لا يجسر أحد على الكلام فيه لمهابته وعلو مكانته».. إنه الإمام عبد الملك بن سراج الأندلسي
موضوعات مقترحة
نسبه
هو أبو مروان عبد الملك بن سراج بن عبد الله بن محمد بن سراج، قيل إنه من نسل سراج بن قرة من صحابة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وقال أيضًا أنه من موالي بني أمية في المشرق، وقيل: لعل أصله أندلسي أنه مولى المروانيين فيها.
ولاشك أن آل سراج كانوا ذوي شهرة ومكانة كما كانوا من أهل بيت ذوي خير وفضل ومن مشاهير الموالي أيضًا، وقد ظلت هذه الأسرة تتبوأ مكانتها الكبرى في الأندلس حتى زمن سقوط مملكة غرناطة، آخر معاقل المسلمين في الأندلس، سنة 897هـ/1492م.
مولده
وُلد عبد الملك بن سراج في قرطبة، عاصمة الخلافة الأموية في الأندلس، وذلك يوم 12 ربيع الآخر 400 / 2 ديسمبر 1009 ونشأ بها، وتعلم على أبيه الذي توفي 456 هـ/ 1064م.
دراسته وتكوينه العلمي
تعلم عبد الملك بن سراج على يد أكابر علماء عصره، ومن أبرزهم: يونس بن عبد الله الصفار، وإبراهيم بن محمد الإفليلي، وابن حيان القرطبي، ومكي بن أبي طالب القيرواني، وعثمان بن أبي بكر الصفاقسي.
مكانته العلمية
كان عبد الملك بن سراج لغويًا لا يُبارى، ويعد من الأئمة في اللغة ، كما أنه كان عالمًا موسوعيًا برع في عدد من الفنون والعلوم، منها: معاني القرآن والحديث، وغريب اللغة، والنحو، والأنساب والأيام، كما اشتهر بإسناد الأخبار إلى العلماء والرواة والآيات، وكان ينظم الشعر في عدة أغراض منها: المديح، والعتاب، والفخر، والنسيب.
وجاهته في قرطبة والأندلس
كان عبد الملك بن سراج المرواني، يحظى بوجاهة ومنزلة كبيرة في الأندلس، وكان محبوبًا من العامة والخاصة، وقد التقى به عبد الملك بن جهور، حاكم قرطبة زمن ملوك الطوائف فعاتبه على عدم زيارته له، فقال له المرواني :«أعزّك الله. أنت إذا زُرتَني قال الناس: أمير زار عالمًا تعظيمًا للعلم واقتباسًا منه. وأنا إذا زُرتُك قالوا: عالِمٌ زارَ أميرًا للطمع في دنياه والرّغبة في رِفده ولا يصون علمه»، فكان الرجل يخشى أن يُقال عليه يطرق أبواب الملوك وينافقهم.
ثناء العلماء والمؤرخين عليه
كان عبد الملك بن سراج، من أعلام المسلمين الأندلسيين في القرن الخامس الهجري، وقد امتدحه العديد من العلماء عبر التاريخ، فقال عنه ابن مغيث:"كان بحر علم عنده يسقط حفظ الحفاظ ودونه يكون علم العلماء فاق الناس في وقته وكان بقية الأشراف والأعيان"، أما ابن بشكوال في كتابه "الصلة في تاريخ أئمة الأندلس"، فقد قال عنه:"إمام اللغة بالأندلس غير مدافع، وكانت الرحلة في وقته إليه، ومدار أصحاب الآداب واللغات عليه، وكان وقور المجلس لا يجسر أحد على الكلام فيه لمهابته وعلو مكانته"، أما أبو علي الغساني فقد امتدحه قائلاً:"أكثر من لقيته علما بضروب الآداب، ومعاني القرآن، والحديث"، وقال بشأنه أبو علي الصدفي:"أكثر من لقيته علما بالآداب ومعاني القرآن والحديث".
الإمام الذهبي نعته قائلاً:"الشيخ الإمام المحدث اللغوي الوزير الأكمل"، أما القاضي عياض، فقال:"لحافظ اللغوي النحوي إمام الأندلس في وقته في فنه وأذكرهم للسان العرب وأوثقهم على النقل"، وقال بشأنه الصفدي:"من أهل قرطبة ، إمام اللغة بها ، روى عن كثير من أهل العلم ، وكان وقور المجلس لا يجسر أحد على الكلام فيه مهابة له".
توفي عبد الملك بن سراج المرواني عن سن عالية، حيث توفي وله من العمر 89 سنة، وذلك في قرطبة يوم التروية 8 من ذي الحجة سنة 489هـ/27 أكتوبر سنة 1096م.