أكدت السفيرة د. نميرة نجم مديرة خبيرة القانون الدولي ومديرة المرصد الإفريقي للهجرة AMO أهمية تعزيز التعاون بين أفريقيا وأوروبا من خلال نهج شامل لتنقل المهارات، من خلال إنشاء مسارات مبتكرة قائمة على العدالة والمساواة والمعاملة بالمثل، مشيرة الي إن الاختيارات التي نتخذها اليوم سوف تحدد ما إذا كان النمو السكاني في أفريقيا سيصبح عائدًا ديموجرافيًا أم فرصة ضائعة، والآن هو الوقت المناسب للاستثمار في شبابنا بإعتبارهم المستقبل، ويتطلب هذا المضي إلى الأمام كأساسًا متينًا قائمًا على التعليم والمعرفة والمهارات المحسنة في القطاعات التي تحتاج إليها القارتان،
موضوعات مقترحة
موضحا إن أعظم ثرواتنا في أفريقيا تكمن في شعبنا، فعندما تتدفق المواهب بحرية، مدعومة بالقدرة على الحركة، فإنها تغذي الإبداع والتنمية والازدهار، ولا يكفي مجرد جذب المواهب؛ بل يتعين علينا أن نضمن أن حركتها تساهم في كرامة وتقدم كل المعنيين، وإن رحلات شعوبنا وتطلعاتهم ومساهماتهم وحماية حقوقهم الإنسانية وإنقاذ حياتهم هي المقاييس الحقيقية لنجاحنا، ومن خلال تمكينهم سنبني عالماً أكثر عدالة وحيوية وترابطاً.
وأوضحت نجم إنه عندما يتعلق الأمر بأفريقيا فثروتنا هي شبابنا، إن توفير الفرص من شأنه أن يساعدنا في مساعينا نحو التقدم والتنمية، وديناميكيات هجرة العمالة الحالية في أفريقيا، والحاجة إلى إنشاء مسارات متوازنة لتنقل المواهب، وضمان حماية حقوق الإنسان.
جاء ذلك في كلمة السفيرة تحت عنوان "حول جذب المواهب وتنقل المهارات: منظور أفريقي" أمام الاجتماع المشترك رفيع المستوى لعملية الخرطوم وعملية الرباط تحت عنوان مسارات مبتكرة لتعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا من أجل تنقل المهارات والذي نظمه المركز الدولي لتنمية سياسات الهجرة لمدة ثلاثة ايام في عاصمة البرتغال لشبونة.
وتحدثت السفيرة في كلمتها عن الأبعاد الاجتماعية، وحماية حقوق الإنسان وحماية المهاجرين من التمييز مشيرة الي مقولة بان كي مون، الأمين العام السابق للأمم المتحدة. "الهجرة هي تعبير عن التطلعات الإنسانية للكرامة والسلامة ومستقبل أفضل"، مؤكدة ان الهجرة هي أكثر بكثير من مجرد عملية اقتصادية؛ فهي تؤثر بشكل عميق على الأبعاد الاجتماعية وحقوق الإنسان، فيجب علينا توفير الحماية للمهاجرين طوال رحلتهم بأكملها من المغادرة إلى الاستقرار أو العودة وضمان تمتعهم بجميع حقوقهم الإنسانية، وأنها كمحامية، يجب أن تؤكد على التمييز الذي يرسمه القانون الدولي بين المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء، و كمواطنة أفريقية، يجب ان تدافع عن احترام هذه الحقوق على أساس هذا التمييز وذكرت الجميع بمبدأ عدم الإعادة القسرية، فتأثير الهجرة ليس فقط على الأفراد ولكن على الأسر والعائلات بأكملها، وتتشابك مع النسيج الاجتماعي والاقتصادي الأوسع، ولهذا السبب، لابد أن تصبح الأطر الداعمة لم شمل الأسرة جانباً بالغ الأهمية من سياسات الهجرة، فالخسائر العاطفية والمالية المترتبة على انفصال الأسرة وخاصة على الأطفال المهاجرين موثقة جيداً، ومن الأهمية بمكان ضمان بقاء الأسر متحدة، أو تمكنها من لم شملها أو خلقها من جديد من أجل التماسك الاجتماعي والرفاهة على المدى الطويل، وتعزيز الوعي العام، والمشاركة المجتمعية، وبرامج التكامل الاجتماعي أمر ضروري لتعزيز الاحترام للمهاجرين وأسرهم.
وأكدت السفيرة أن المهاجرين هم أكثر من مجرد عمال، إنهم أمهات وآباء وبنات وأبناء، إنهم بشر يؤثرون على العديد من طبقات المجتمع. وينبغي لسياسات الهجرة أن تعزز حقوقهم مع ضمان استقرار الأسر والمجتمعات التي هم جزء منها.
وقالت السفيرة إننا بحاجة إلى تحدي الرواية السائدة المحيطة بالهجرة الأفريقية حتى تستند إلى أرقام دقيقة وعادلة، وهذا هو جوهر دور مرصد الهجرة الأفريقية AMO، الذي يهدف إلى تعزيز قاعدة المعرفة القارية بشأن الهجرة لتعزيز السياسات القائمة على الأدلة والتي تتوافق مع بيانات ومعلومات الهجرة المحسنة وتدعمها.
وفي هذا المجال، أطلق المرصد، على هامش الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سلسلتها الجديدة "تحدي الرواية"، ومن خلال هذه دعي إعادة تشكيل التصورات العالمية للهجرة الأفريقية من خلال توفير بيانات دقيقة وتعزيز ملكية أفريقيا وأولوياتها في إدارة حوكمة الهجرة .
وأشارت السفيرة إن أفريقيا تهيمن الهجرة فيها داخل القارة، حيث يقيم حوالي 21 مليون مهاجر أفريقي داخل القارة في عام 2022،واستقر حوالي 19.6 مليون أفريقي في أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا ودول الخليج العربي طبقا للبيانات منظمة الدولية للهجرة،وإن هذه الحركة مدفوعة إلى حد كبير بالفرص الاقتصادية وجهود التكامل الإقليمي والعوامل الديموغرافية والديناميكيات السياسية، بما في ذلك عدم الاستقرار وتغير المناخ والتنقل والصراعات، مما يدفع إلى الهجرة الطوعية والقسرية، وعلى الرغم من التصورات السلبية الشائعة، فإن أفريقيا ليست قارة للهجرة الجماعية، والمهاجرون الأفارقة بعيدون كل البعد عن اكتساح القارات الأخرى، في الواقع، عاش 3٪ فقط من السكان الأفارقة خارج وطنهم في عام 2020، مقارنة بـ 8.5٪ من السكان الأوروبيين.
وأشارت السفيرة أن العديد من البلدان الأفريقية تحافظ على علاقات قوية مع أوروبا ودول مجلس التعاون الخليجي، حيث تساهم بأعداد كبيرة من العمال المهاجرين الذين يسدون فجوات حرجة في الصناعات مثل الرعاية الصحية والبناء والخدمات والزراعة، وهي المجالات التي يتردد العديد من الشباب الأوروبيين بشكل متزايد في دخولها بسبب طبيعة العمل والأجور المنخفضة المتصورة، وفي عام 2019، كانت الزراعة أكبر قطاع يوظف عمال مهاجرين أفارقة (27.5٪)، سواء داخل القارة أو في بلدان المقصد في الخارج، وبعد الزراعة، شكلت قطاعات مثل تجارة الجملة والتجزئة والنقل والإقامة وأنشطة الخدمات الغذائية 21.9%. كما عمل 21% آخرون من العمال المهاجرين الأفارقة في الإدارة العامة والصحة والتعليم، مما أدى إلى سد النقص في العمالة في البلدان المستقبلة.
وأوضحت السفيرة أن هذه الأرقام تعكس الواقع المزدوج لتنقل العمالة الأفريقية سواء داخل القارة أو خارجها مما يوضح أهمية أفريقيا المتزايدة في تلبية متطلبات العمالة عبر القطاعات العالمية المتنوعة، وأن هذه حقائق نحتاج إلى معالجتها، و على الرغم من التأثير الإيجابي للتحويلات المالية ونقل المهارات، لا يزال هجرة الأدمغة يشكل تحديًا كبيرًا، حيث تؤدي هجرة المهنيين إلى إضعاف القدرات المحلية (تقرير البنك الدولي 2023 )، ولمعالجة هذا، يجب علينا تطوير مسارات هجرة دائرية أكثر تنظيماً تمكن المهنيين المهرة من العمل في الخارج مع الحفاظ على روابط قوية مع بلدانهم الأصلية، و لن يحدث هذا بدون بيانات وتحليلات موثوقة لضمان أن تكون سياسات الهجرة واقعية وتفيد الأفراد والدول عبر طيف التنقل.
وأضافت السفيرة أن في المرصد AMO، هناك إلتزام بنهج قائم على البيانات لإدارة الهجرة بطريقة تعزز الإمكانات البشرية والتنمية المستدامة، وتحويل تأثير هجرة الأدمغة إلى اكتساب مشترك للأدمغة مع الاعتراف بالدور الإيجابي للمهاجرين الأفارقة في القوى العاملة العالمية وتعزيزه.
ونبهت نجم أن أفريقيا هي القارة الأكثر شبابًا في العالم، حيث يبلغ متوسط أعمار سكانها 19.7 عامًا فقط (تقارير الأمم المتحدة 2022)، ومن المتوقع أن يتضاعف عدد سكاننا بحلول عام 2050 ليصل إلى ما يقرب من 1.75 مليار نسمة، وسيأتي جزء كبير من هذا النمو من الشباب، حيث أن أكثر من 60٪ من السكان تحت سن 25 عامًا، ولتحقيق إمكانات أفريقيا بالكامل، وخاصة مع مثل هذا السكان الشباب، لم يعد النهج المتوازن لتنقل العمالة مجرد خيار، بل أصبح ضرورة، و إن هذا الارتفاع الديموجرافي يضع أفريقيا عند مفترق طرق حاسم فيمثل هذا الانتفاخ الشبابي فرصة لا مثيل لها لدفع النمو الاقتصادي، وتغذية الابتكار، ووضع أفريقيا كقائدة على الساحة العالمية، ومن ناحية أخرى، بدون الأطر المناسبة، فإنه يخاطر بأن يصبح مصدرا للتوتر، حيث يواجه الملايين من الشباب تهديدات البطالة، والإنخراط في الإرهاب والعنف و الجريمة مع نقص العمل، والهجرة غير النظامية.
مشاركة السفيرة نميرة نجم في الاجتماع المشترك لعملية الخرطوم وعملية الرباط مشاركة السفيرة نميرة نجم في الاجتماع المشترك لعملية الخرطوم وعملية الرباط مشاركة السفيرة نميرة نجم في الاجتماع المشترك لعملية الخرطوم وعملية الرباط