ضرورة خلق حوافز للشباب (2-3)

24-10-2024 | 14:01

كلما مر عليَّ حديث للتطوير؛ توسمت أن أجد فيه البعد النفسي؛ إلا أنني لا أجده؛ رغم قول البعض بوجوده؛ إلا أنه بشكل نظري. 

الاهتمام دائمًا بأبعاد أخرى؛ كالمنهج؛ وشكله؛ ومدة الدراسة وعدد المواد.. إلخ؛ عقد مقارنة بسيطة بين مدارس القرن الماضي والحاضر كفيلة بتوضيح لماذا اندثرت المواهب؛ وقلت النوابغ.

فعلي سبيل المثال؛ مع هذا العدد الكبير جدًا من التلاميذ الذى تجاوز الـ 20 مليونًا؛ ممكن نحدد بشكل تقريبي كم عدد مدرسي التربية الموسيقية؛ أو عدد مدرسي التربية الفنية؛ والرياضية؛ أعتقد صعب؛ إن لم يكن مستحيلًا. 

وهذا يأخذنا لتخيل مدارس كثيرة جدًا يفتقد طلابها ممارسة أي نشاط فني؛ حتى على مستوى تكوين جماعات للخطابة؛ أو جماعات للصحافة المدرسية؛ ثم نتساءل لماذا تخلف الأبناء عن ركب العلم والثقافة.

في فنلندا أحد أهم دول العالم في التقدم العلمى؛ الطفل الذي يدخل المدرسة يكون الاهتمام الأساسي بتنشئته نفسيًا؛ فهو يأتي للمدرسة من أجل إشباع حاجته الأساسية للعب؛ ورويدا رويدا؛ يبدأ تعليمه المناهج الأساسية؛ وكل ذلك يتم في المدرسة؛ أما المنزل فهو لأي شيء آخر غير المذاكرة.

لذلك فنلندا تحتل المكانة الكبيرة بفضل ما تقدمه في مجال التعليم؛ ولأن التعليم وتطويره كان الهدف؛ حققت من ورائه مكانة دولية كبيرة جدًا في الاقتصاد؛ نتيجة الاستثمار الجيد في التعليم.

أما عندنا فالوضع مختلف بشكل غير مفهوم؛ دائمًا التفكير في المحتوى العلمي فقط؛ وأي محتوى آخر لا يجد الأهمية اللائقة به. مدارس كثيرة جدا فقدت ملاعبها الرياضية؛  وكذلك ندرت بها الألعاب أو الأجهزة الرياضية وفقدت غرفة الموسيقى بريقها؛ وكذلك ذهبت الآلات الموسيقية إلى غير رجعة.

حتى الأخصائي الاجتماعي المختص ببحث حالات التلاميذ الاجتماعية؛ بات حبرًا على ورق؛ أيام دراستى الابتدائية منذ أكثر من 5 عقود كان في مدرستنا طبيبة؛ تتابع الحالة الصحية لنا؛ وتتدخل في الوقت اللازم؛ وأحيانا ترسل لأولياء الأمور لو اقتضى الأمر مناقشة أي وضع طبي للتلميذ.

كانت الصحة العامة أفضل؛ وكانت الآداب أفضل؛ كان هناك حوار راق ليس في المجتمع فقط؛ ولكن على مستوى صغار السن؛ كان هناك تنمية بدنية ونفسية وفنية وثقافية وصحية.. وعلمية بكل تأكيد؛ ولكنها كانت عناصر منظومة متكاملة.

حينما خفت الاهتمام بتلك العناصر المهمة جدا؛ ظهرت عادات وقيم وتقاليد مستفزة؛ وتغيرت السلوكيات؛ وطفت على السطح مظاهر غريبة بتنا نستنكرها.

فهل من حلول عاجلة قابلة للتنفيذ بشكل فوري؟

نعم.

الاستفادة من كل الإمكانات المتاحة؛ ليس فقط في المدارس؛ ولكن في أي قطاع آخر ممكن يخدمها؛ مثل مراكز الشباب بما تملكه من إمكانات رياضية وفنية كبيرة؛ يمكن التعاون فيما بين التربية والتعليم والشباب والرياضة؛ لتدريب وتنمية مهارات الأبناء رياضيا وفنيا ولو يومًا كل أسبوع؛ لتكون فرصة لتفريغ طاقة التلاميذ؛ واكتشاف مواهبهم المتاحة. 

وننهي كلامنا في المقال المقبل إن شاء الله.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة