"من أمِن العقاب أساء الأدب" مقولة نطلقها على فئة أو مجموعة من الناس تمنح نفسها الحق فى ارتكاب التجاوزات وتتمادى فى المخالفات، دون مراعاة لحسيب أو رقيب أو حتى لنصوص القانون واللوائح المنظمة.. كان هذا هو الواقع الذى عاشته الكرة المصرية فى آخر موسمين من مسابقة الدورى العام تحت سمع وبصر مسئولى اتحاد الكرة ولجنة المسابقات.. التى وفّرت الحماية لبعض الأندية واللاعبين فى كثير من الأوقات..
فظهر التضارب فى القرارات وإغفال العقاب فشاهدنا مدربًا يتعدى على حكم بالدفع دون إيقاف.. وانسحابًا لنادٍ من مسابقة رسمية ينظمها الاتحاد دون حساب.. وحكامًا يتطاولون على رئيس لجنتهم فى وسائل الإعلام وعبر المواقع والشاشات فى وجود أعضاء من مسئولى الاتحاد كضيوف ويشاركون ويباركون الحوار.. ولاعبًا يرتكب سلوكًا مشينًا ضد لاعب من الفريق المنافس ويتعدى عليه بالقول والفعل ولا يدوّن الحكم أو مراقب لجنة المسابقات فى تقريره تلك الأحداث..
والأغرب أن يسمح رجال الاتحاد بتداول الأزمة فى ساحات القضاء التى يجرّمها الاتحاد الدولى فى سابقة لن تكون الأخيرة فى مسلسل الأزمات.
فوضى لأفعال خلّفت وراءها تعصبًا واحتقانًا تحول إلى نوع من الكراهية بين جماهير الأندية فى البيت والمدرجات.. الأمر الذى يتطلّب ضرورة تدخل لإيجاد حلول جذرية وإعادة لصيغة مواد القانون ولوائح العقوبات.. وهو الذى تأخر كثيرًا وأدركته لجنة الأندية.. فقامت بتغليظ كثير من العقوبات سواء المالية أو الإدارية فى لائحتها الجديدة لضبط المشهد العام لكرة القدم المصرية قبل بداية الموسم الجديد.
التعديلات الجديدة خطوة مهمة لاستعادة الهيبة للمنظومة وفرض نوع من النظام بين عناصر اللعبة وتقديم ضمانات للجميع فى الحفاظ على حقوقهم.. ووضع حد لسياسة الكيل بمكيالين التى سادت غالبية القرارات فى الموسم الأخير.. وكانت سببًا فى سيل البيانات الذى أصدرته جميع الأندية دون استثناء ضد الاتحاد واللجان؛ سواء الحكام أو المسابقات.. لكن يتبقى للجنة الأندية العمل على تنفيذ تلك التعديلات بنوع من الشفافية وضمان عدم وجود ثغرات وضعها أصحاب المصالح والانتماءات لتفصيل العقوبات والهروب من مواد وبنود اللائحة.. خاصة تلك اللقطات التى فى بعض الأحيان يؤخذ فيها بالتسجيلات.. وفى أحيان أخرى تغفل وترفض من لجان..
ولنا فى أزمة أحمد مجاهد وشيكابالا مثالاً على كيفية حدوث ذلك.. وفى أزمة الشيبى والشحات التى مازلنا حتى الآن لا نعرف الفرق بين الجانى والمجنى عليه.. تنفيذ العدالة فى القرارات أهم ألف مرة من القرارات نفسها لأنها كانت سببًا فى كوارث وأزمات وضياع ألقاب وبطولات.. آليات التنفيذ واختيار مسئولى اللجان وثقة اللاعبين فيهم تمثّل نصف الطريق نحو استقرار المسابقة واقتناع المسئولين بالعقوبات فعامر حسين مثلاً كانت له كثير من القرارات الصحيحة، لكن بعض القرارات الخاطئة أفقدته ثقة أفراد المنظومة، وأضاعت هيبة لجنة المسابقات.. فبات رحيله الحل الوحيد لكثير من الأزمات.