مصير العالم مرهون بالانتخابات الرئاسية الأمريكية في الخامس من نوفمبر المقبل.
بضعة أيام تفصلنا عن أخطر انتخابات تجرى في أمريكا منذ نحو 250 عامًا، يتغير بعدها كل شيء، تتغير صورة أمريكا التى نعرفها، يكاد الناس خارج أمريكا يدلون بأصواتهم، صوت لحرب عالمية ثالثة أو صوت لأمريكا المتقوقعة وراء المحيط.
الحرب هذه المرة لا تشبه أخرى، إنها النهاية، الأسلحة المدمرة، من نووية وكيماوية واصطناعية وغيرها، ومما لا نعرفه من الذكاء الاصطناعى.
يتحول كل شيء إلى سلاح، من الموبايل إلى الكمبيوتر إلى أسلاك التليفون أو أسلاك التيار الكهربائى.
حرب هجينة تمضى بالعالم إلى حيث لا يريد عامة الناس.
هل البشر مجانين؟
ليسوا جميعًا، إنما بضعة آلاف يتحكمون في مزاج الكرة الأرضية، ذوو ياقات بيضاء، نخبة مختارة، تعجن العقائد في أسلحة الدمار الشامل، تعتقد أن اختيارها جاء من سماء بعيدة، وحدها القادرة على قيادة البشر إلى جنة من صنع أفكارها.
الانتخابات الأمريكية كان يمكن أن تمر عادية ككل انتخابات جرت في بلاد العم سام، انتخابات للفرجة، يذهب شخص معين إلى البيت الأبيض، ويذهب آخر إلى منزله، يصبح مشهورًا، يلقي محاضرات في الجامعات، يؤلف الكتب، أما ساكن البيت الأبيض لأربع سنوات، فبيديه يكمن مصير العالم من حروب أو سلام، هكذا تعودنا على مدى قرنين ونصف القرن، هذه المرة ليست كالمعتاد.
لا يتذرع أحد بأن أمريكا بلد مؤسسات، لا يبدو فيها رئيس الولايات المتحدة كل شيء، هذا ما كان بالفعل، لكنه يتغير الآن، يسلك دروبًا وعرة ومختلفة.
المتنافسان كامالا هاريس، ودونالد ترامب، ليسا مجرد رجل وامرأة يتصارعان على أهم مقعد في العالم، إنما هما خطان متوازيان لا يلتقيان ولن يلتقيا.
إذا ما فازت هاريس، حيث يرغب الليبراليون القدامى والجدد، ومخططو الحروب، ومدمنو قيادة العالم، ومبشرو الأورآسيا الجديدة، فإن إيقاع المعارك سوف يتصاعد من مكان إلى آخر، لا يبدأ من أوكرانيا أو آسيا العربية، ولا ينتهى بين الكوريتين وتايوان، والصين، ولا يتراقص في آسيا القصوى، إنما يمضى إلى عالم الغرب نفسه، فثمة جمر تحت الرماد موروث من أيام الحرب العظمى الثانية.
أما إذا فاز ترامب، فهو أمر متشابك وشديد التعقيد، حيث لا يرغب صناع نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية في تغيير الفكرة التى نتجت عنها تلك الحرب، وهذا الرجل القادم من صندوق لا يشبه صناديقهم، يقوم بتغيير اللعبة، لعبة الحرب المستمرة، ولعبة سيطرة الشركات العابرة على القرار الدولى، يحول أمريكا إلى بلد آخر غير الذى نعرفه، ومن ثم، فإن هناك غاضبين من وجود الرجل على سطح الأحداث، ولم يجدوا مفرًا إلا بمحاولة تصفيته بالاغتيال المباشر، وخلال أشهر معدودة تعرض لثلاث محاولات اغتيال معلنة.
ثمة من يرى أن فوز أحدهما سيكون خسارة فادحة وساحقة لأطراف معينة، وهى نافذة وقادرة ومسيطرة لا تقبل بالهزيمة، وتفكر في مسار آخر، مسار الصدام العلنى في بلد كان يدعى “أرض الأحلام”.
كامالا وترامب، ليسا مجرد شخصين، إنهما مفترق طرق عالمى صعب.