لا يعرف الكثيرون الدور الكبير والأشد أهمية من كثير من أسباب النصر، الذي "يؤثر" به اليقين في صناعة النصر، وكيف يؤدي غيابه أو "السماح" بتناقصه إلى الابتعاد عن النصر "وبدء" الهزائم..
اليقين هو العلم الذي لا يقترب منه أي شك، والنصر هو "منع" العدو من تحقيق أهدافه وإفشالها وجعله يتجرع المرارة والحسرة..
بدون اليقين "تتراجع" الهمم ويسهل على العدو "إضعاف" القوة المعنوية وتقليل القدرات "الواقعية" على مواجهته والنيل منه ولو بعد حين..
اليقين هو الذي جعل سيدنا أبوبكر "رضي الله عنه وأرضاه" عندما أخبروه بأن رسولنا الحبيب صلوات الله وسلامه عليه أعلن عن الإسراء والمعراج فرد "فورًا": لئن قال؛ فقد صدق.
لعل اليقين هو الذي جعل حسن نصر الله يجيب عن سؤال المذيع عند استشهاد ابنه البكر هادي عام 1997 في معركة مع الصهاينة، وكان عمره 18 عامًا، قال حسن بأنه يوقن أن الموت هو الانتقال من "الضيق" إلى الواسع؛ ولذا تقبل موت ابنه برضا، وإن لم يمنعه من البكاء وحده فيما بعد، وهذا أمر طبيعي.
ولعله الذي جعل الشهيد عبدالعزيز الرنتيسي يقول بعد استشهاد أحمد ياسين إنه لا يخاف الموت ويفضل على يد العدو بالأباتشي؛ وناله.
وهو الذي جعل محمد رعد رئيس كتلة حزب الله في البرلمان اللبناني يقول إن ابنه أفضل منه؛ فقد من الله عليه بالشهادة "قبله"..
وهو الذي جعل رئيس البرلمان الإيراني وهو طيار؛ يحلق بطائرة إلى لبنان رغم التهديدات الصهيونية بمنع أي طائرة إيرانية من الهبوط في لبنان.
اليقين لا يرتبط بالموت دفاعًا عن الوطن فقط؛ بل بالحياة من أجله وبجعله حرًا أيضًا.
اليقين بأن أصحاب الأرض "سينتصرون" وإن طال الوقت وصعب الأمر وزادت الأثمان المدفوعة لنيل النصر؛ وهل يوجد أمر غال في الحياة يأتي بسهولة؟! فلابد من مواصلة السعي للفوز به وتذكير النفس أنه "يستحق" بذل كل الجهد للوصول إليه، وأن البديل هو العيش بانكسار وتنفس مرارة الهزيمة التي "تُغري" العدو على المزيد من الاستباحات وتوسع نهمه وجشعه، وتغذي توحشه والتاريخ "يمتلئ" بحكايات من استسلموا ومن انتصروا ولو بعد حين، وليختر كل ما يرغب وصدق تشرشل القائل: "الأمة التي تُهزم وهي تقاوم سرعان ما تنهض مجددًا، أما التي تستسلم فلن تقوم لها قائمة ثانية".
اليقين هو الذي جعل الفلسطينيين يحتفظون بمفاتيح بيوتهم التي غادروها "قصرًا" بعد المذابح الوحشية في نكبة 1948 وما قبلها وما بعدها، ورأينا "صورًا" تشبهها في بث مباشر بعد السابع من أكتوبر وقبلها في حروب كثيرة.
اليقين هو الذي جعلهم يحرصون على أن يحفظ أبناؤهم وأحفادهم وأحفاد أولادهم الأسماء "الحقيقية" للقرى والمدن، والتي حرص الصهاينة على تغييرها في محاولة "يائسة" لمحو الهوية الفلسطينية بأسماء يهودية، ولسرقة الهوية كما سرقوا الأرض من قبل.
اليقين بأن الموت والحياة في يد الخالق عز وجل "وحده"، وأنه لن يموت أحد إلا وقد انتهى عمره بلا نقصان أو زيادة، وأن الله عز وجل هو الرزاق والناصر والحافظ دائمًا وأبدًا.
هذا اليقين "يهون" بعض الشيء من وجع الفراق ومن محاولة جمع "أشلاء" من استشهدوا في غزة ثم في لبنان، بعد القصف المتوحش الصهيوني "بمشاركة" ومباركة من أمريكا والغرب الذين انكشفت خبائثهم "وطارت" أوراق التوت التي كانوا يخبئون تحتها "أطماعهم" التاريخية في أرضنا وسرقتهم عبر الأزمان لكل ثرواتنا، ومحاولاتهم الدائمة لجعلنا مجرد "أسواق" لهم ونزع كل إرادة أو قوة لنا لنصبح "سادة" على أرضنا كما نستحق ويليق بنا.
اليقين هو الذي جعل فيتنام والجزائر وأفغانستان والصومال وغيرهم يقدمون ملايين الشهداء والتضحيات الهائلة "لدحر" الاحتلال وبناء حياة أفضل.
اليقين هو ما جعل سيدة لبنانية تنزح من الجنوب بعد قصف بيتها، ترد على مذيع يسألها عن معاناتها من النزح بعد انهيار بيتها، فإذا بها ترد بابتسامة "ويقين" عن أي معاناة تتحدث؟ نحن نفكر كيف سنحتفل بالنصر؟ وهو الذي جعل سيدة مسنة تقف أمام بيتها المهدم في غزة "وتهدد" بأنه لو قضى الصهاينة على جميع الرجال والنساء والأطفال وبقي طفل فلسطيني "واحد"؛ فسيحقق النصر ويطرد الصهاينة.
أعلنت ال سي إن إن نقلًا عن جندي احتياطي صهيوني أن الأطفال الذين يرون قتل وإبادة أسرهم سيختارون المقاومة؛ في إشارة إلى أن المقاومة لن تنتهي ما دامت إسرائيل تتمادى في الإبادة.
وقال جندي صهيوني: رفضت الالتحاق بالجيش، فالحرب تخلق حربًا أخرى.
اليقين هو الذي جعل كتائب القسام وسرايا القدس تواصل تفجير العبوات الناسفة في قوات الصهاينة وتستهدف الدبابات، وتبث فيديوهات لتفجير عين نفق مفخخة في رفح بعد حصار صهيوني منذ أشهر طوال لرفح.
واليقين هو الذي دفع حزب الله لاستهداف بعض مصانع المتفجرات في حيفا بصواريخ نوعية، بينما تتواصل الغارات الصهيونية المتوحشة على جنوب لبنان.
اليقين هو الذي جعل فلسطيني في رام الله يتسلل إلى مستوطنة ويزرع عبوة ناسفة في علم فلسطيني، وينتظر ليقوم مستوطن صهيوني بانتزاعها وتنفجر به، ويصور ذلك في فيديو رأيناه.
اليقين نور يزيد ولا ينقص يرزق به الله عز وجل المقاتلين وشعب فلسطين ولبنان؛ ليضاعف لهم قواهم النفسية؛ وليهون عليهم قسوة الحرب وشدتها، ومرارة النزوح الإجباري، ويداوي جراحهم "ويطمئنهم" أن النصر آت وقتما يريد الرحمن وبأفضل مما يتمنون بمشيئته وفضله وحده.