تجديد الخطاب البيئي..

17-10-2024 | 16:40

لم يتوقف الخطاب البيئي، الرسمي والأهلي، عن التنويه بالدور المهم الحاضر والمتنامي للإعلام البيئي الوطني، والذي أصبح هذا "الإعلام البيئي" بالفعل هو "قوة مصر الناعمة".. أو هو "نعمة مصر القوية".

فمن الذي يثير الوعي البيئي، ومن يحفز الجهود الجماعية نحو الحلول المستدامة، ومن يحشد الرؤى نحو القضايا الأكثر إلحاحًا، ومن يقوي أصوات المستهلكين البسطاء أمام المنتجين الأقوياء، من ينشئ نسيجًا متناغمًا بين المسألة البيئية والتنمية الاقتصادية، فلا خطوة إلى الأمام دون حساب البعد التمويلي والطاقة المحركة للأمام، من يكشف الضر عن البيئة الطبيعية والنظم الإيكولوجية، لكافة الكائنات الحية، من سوى "الإعلام البيئي المتخصص"، الذي كان وسيظل حاضرًا هاديًا للحاضر، ومنبهًا لحسابات المستقبل.

هذا الإعلام البيئي المتجدد هو أيضًا داعم ومساند للجهد الرسمي في الفعاليات الأممية على أرض الوطن وخارجه، وتبني المبادرات البيئية، واعٍ للإجراءات والبرامج والسياسات والمشروعات المصممة لحماية البيئة الطبيعية والحفاظ عليها وصيانتها، مجسدة في مبادرات وحملات مثل "اتحضر للأخضر"، و"رجع الطبيعة لطبيعتها"، و"زراعة 100 مليون شجرة"، و"البيئة رزق"، وغيرها، فهو الناقل لمفاهيم حياتية آمنة مثل مفهوم الاقتصاد الدائري والصناعات النظيفة.

من يحذر من تهديدات بيئية متصاعدة لا تنتظر أحدًا، تتراوح ما بين تغير المناخ، وتفاقم فقدان التنوع البيولوجي، الذي لا يهدد النظم البيئية الطبيعية، بل بات خطرًا يهدد نسيج المجتمع البشري في المقام الأول، وبجانبها التهديدات البيئية على نطاقات لا حدود لها، قد تكون حادة أو مزمنة مثل تغير المناخ، أو فقدان التنوع البيولوجي، وتلوث الهواء وشح المياه، وتدهور الأرض، وتلوث المحيط والحوادث النووية، والتلوث الكيميائي، وإزالة الغابات، فهو رسالة تسعى للحفاظ  على التوازن الطبيعي الذي أوجده الخالق سبحانه.

العديد من الفعاليات والأحداث المحلية والإقليمية والعالمية، دفعت هذا المفهوم إلى الصدارة، وصاغت مدار ينطلق من المحلية إلى آفاق الإقليم والكوكب، هو مدار يعتمد على الخطاب الإعلامي البيئي المتجدد، حتى بات في صدارة الرسالة الصادرة عن الوطن ومنه وإليه، وكأنها المؤشر لحاله وأحواله، حتى ترسخ بيننا ما يمكن تعريفه بـ"المؤشر البيئي، أو هو مقياس نحسب معه أننا نعمل ونسير في الاتجاه السليم.. هو مدى نجاحنا في تطبيق البعد البيئي ودمجه في أهداف التنمية المستدامة، وصياغة سياسات بيئية قابلة للتطبيق على أرض الواقع.

اختارت وزيرة البيئة د.ياسمين فؤاد بيت الصحفيين، كأحد أهم محطات تجديد الخطاب البيئي المتواصل والممتد منذ أكثر من عامين، عندما انطلقت أولى جلسات الحوار المجتمعي في "مارس 2022، بهدف الإعداد لمؤتمر الأطراف للمناخ “COP27” بشرم الشيخ، حيث شهدت نقابة الصحفيين، الأسبوع الماضي، "الصالون الثقافي" مع وزيرة البيئة الذي نظمته نقابة الصحفيين، بدعوة من خالد البلشي نقيب الصحفيين، وأدارها د. محمود بكر رئيس جمعية كتاب البيئة والتنمية، ومشاركة عددٍ من رؤساء التحرير بالصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، وعدد من الكتاب الصحفيين.

ليس مهمًا تحديد من صاحب مبادرة اللقاء.. هل هي الوزارة، وهي المظلة الوطنية للعمل البيئي، ام النقابة أم الجمعية، فكلهم مبادرين، وهذا المثلث النشط "الوزارة والنقابة والجمعية" في مجال البيئة لا يضع حدودًا للحوار البناء، فقد حرص الأطراف الثلاث على التعاون والتنسيق متواصل عبر توقيع اتفاقيات تعاون، "بروتوكول" بين كل منهم، بهدف نشر وتطوير الوعي البيئي لمواجهة المشكلات البيئية المعاصرة، وتدريب وبناء القدرات وتبادل الخبرات، ورعاية الجوائز والبرامج التدريبية ودعم الأنشطة والمسابقات البيئية.

من بين أهم مؤشرات الإنجاز ونجاح البرامج البيئية، هو تطبيق مفهوم "الحوكمة البيئية"، التي تحرص وزارة البيئة على تطبيقها، وكذلك النقابة، والاسترشاد بها، وهو مفهوم يرى العالم كلًا مترابطًا، والحفاظ عليه ككل مسئولية الجميع، وتتركز أهدافها حول الحفاظ على البيئة وحمايتها، والتخطيط المكاني، والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، وحماية صحة الإنسان.

الحوكمة هي بمثابة "مدونة سلوك بيئية" تشكل مظلة لإدارة وترجمة القوانين واللوائح والنظم البيئية إلى واقع شامل متكامل، أي خارطة طريق حياتية لسلوك الفرد ونشاط المؤسسات لكي تتوافق وتتلاءم مع المفردات الطبيعية اليوم وغدا، أيضًا هي عنصر مشترك في كل ما يصدر من قرارات ولوائح ونظم من متخذي القرار في مجال الممارسات البيئية والاجتماعية وإدارة الشركات من منطلق الاستدامة.

تحدثت الوزيرة عن مختلف القضايا العاجلة والآجلة، واهتمت بقضايا الاستثمار البيئي بشكل عام وخاصة في مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، حيث أطلقت الوزارة مؤخرًا مؤتمرًا للاستثمار البيئي والمناخي، كما أنشأت وحدة للاستثمار بهدف وضع الفرص الاستثمارية أمام المستثمرين وتسهيل استخراج الموافقات البيئية، وإشراك القطاع الخاص فى مشروعات البيئة، خاصة بعد تطوير البنية التحتية للمحميات الطبيعية والتي أدت إلى زيادة إيرادات المحميات بنسبة ١٦٠٠% على مدار السنوات الماضية، ويتم استخدامها فى تطوير محميات أخرى، وهذا عبر التركيز على مشروعات الاستثمار في المشروعات البيئية.

ولأن جوهر العلاقة مع الطبيعة باعتبارها تمنح أكثر مما تأخذ، فإن أهل الإعلام البيئي وغيرهم، يأملون الإسراع في إصدار "قانون البيئة الموحد"، ليشكل انطلاقة وطنية في كافة المجالات المعنية بالبيئة، ولا مجال إلا والبيئة طرف أساسي فيه.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة