الإمام عبد الحليم محمود.. رأى النبي يعبر القناة فبشر السادات بنصر أكتوبر| صور

17-10-2024 | 16:55
الإمام عبد الحليم محمود رأى النبي يعبر القناة فبشر السادات بنصر أكتوبر| صورالإمام الأكبر شيخ الأزهر الراحل عبد الحليم محمود مع الرئيس أنور السادات
أحمد عادل

كان ترتيبه السادس والأربعين في قائمة شيوخ الأزهر، عُرف بزهده وورعه وتقواه، كان عالمًا ربانيًا، إن صادفته يومًا سيُخيل إليك للوهلة الأولى أنك التقيت بأحد سلف الأمة الصالح... إنه الإمام الأكبر شيخ الأزهر الأستاذ الدكتور عبد الحليم محمود. 

وُلد الإمام عبد الحليم محمود في 12 مايو 1910م بعزبة أبو أحمد (قرية السلام حاليًا) من ضواحي مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية، ونشأ في أسرة كريمة عُرفت بالصلاح والتقوى، كان والده رجل علم ودين وثقافةـ وله أثر كبير في توجيه ابنه للدراسة في رحاب الأزهر الشريف. 


الإمام الأكبر شيخ الأزهر الراحل عبد الحليم محمود

من الكُتاب إلى رحاب الأزهر الشريف

ألحق الإمام الراحل بكُتاب القرية، وأتم حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، والتحق بالأزهر الشريف عام 1923م. 

في رحاب الأزهر تنقل بين حلقات الدرس، ثم انتقل إلى معهد الزقازيق مع افتتاحه في عام 1925م، وفي ذات الوقت أظهر همة منقطعة النظير نحو تلقى العلم، فالتحق بمعهد المعلمين المسائي ليجمع بين الدراستين.

نجح الإمام بالدراسة في المعهدين وعُين مدرساً، إلا أن والده رفض؛ ليكمل الدراسة بالأزهر واستطاع اختصار المرحلة الثانوية من 4 سنوات إلى عامين فأتمها عام 1928م وكان الوحيد الناجح بين المتقدمين للامتحان من المنازل، ثم استكمل دراسته العليا، وحصل على الشهادة العالمية سنة 1932م. 

من الأزهر للسربون 

لم تقف مسيرة الإمام الأكبر التعليمية عند هذا الحد، بل سافر على نفقته الشخصية لاستكمال تعليمه العالي في باريس بجامعة السوربون؛ لدراسة تاريخ الأديان والفلسفة وعلم الاجتماع، وحصل على الليسانس فيها في عام 1937م، ثم التحق في عام 1938م بالبعثة الأزهرية التي كانت تدرس هناك للحصول على الدكتوراه في التصوف الإسلامي، وأكمل رسالته بالرغم من نشوب الحرب العالمية الثانية وعودة زملائه وحصل على الدكتوراه في سنة 1940م.

بدأ حياته العملية مدرساً لعلم النفس بكلية اللغة العربية، ثم نُقل أستاذًا للفلسفة كلية أصول الدين في 1951م، وظل بها حتى عين عميداً لها في 1963م، اُختير عضواً بمجمع البحوث الإسلامية في 1964م بلجنة التعريف بالإسلام وأصول الدعوة، ثم أميناً لمجمع البحوث الإسلامية فعمل على دراسة أهداف المجمع، وكوّن جهازا فنيًا وإداريًا من موظفي الأزهر ونظمه وأنشأ مكتبة خاصة به، واستطاع إقناع المسئولين لتخصيص قطعة أرض لتضم أجهزة المجمع العلمية والإدارية، فكان أول من وضع أسس مجمع البحوث الإسلامية.

واختير أميناً لمؤتمر علماء المسلمين 1969م، وعُين في 1970م عضواً في اللجنة العامة للجان المواطنين من أجل المعركة وعمل جاهداً في هذه الفترة على إصلاح الجبهة الداخلية عقب هزيمة 1967م و التعبئة المعنوية لرجال القوات المسلحة ثم صدر القرار الجمهوري بتعيينه وكيلاً للأزهر في العام نفسه.


الإمام الأكبر شيخ الأزهر الراحل عبد الحليم محمود

توليه وزارة الأوقاف

تولى وزارة الأوقاف عام 1972م ، فاهتم بالمساجد وأنشأ عدداً كبيراً منها، وضم 1500 من المساجد الأهلية بلغت تكاليف ضمه أكثر من مليون جنيه، وخطط لضم باقي المساجد الأهلية إلى الوزارة على التوالي، وجدد المساجد التاريخية، وأنشأ ألفى حلقة لتحفيظ القرآن الكريم، وألف فصل دراسي لتقوية الطلاب، وبعد أن أنشأ في كل مسجد مكتبة إسلامية، كما سعى إلى استرداد الأوقاف الإسلامية التي كانت خاضعة للإصلاح الزراعي والمحليات، وأنشأ "هيئة الأوقاف المصريةلإدارتها.

الإمام عبد الحليم محمود شيخًا للأزهر 

وصدر قرار بتعيينه شيخًا للأزهر 27 من مارس 1973م، وهو نفس العام الذي شهد نصر أكتوبر العظيم، ومن المواقف التي تروى أن الإمام قد رأى قُبيل حرب العاشر من رمضان، رسول الله ـ صلى الله عليه ـ وسلم في المنام يعبر قناة السويس ومعه علماء المسلمين وقواتنا المسلحة، فاستبشر خيرًا وتيقن بالنصر، وأخبر الرئيس السادات بتلك البشارة، واقترح عليه أن يأخذ قرار الحرب مُطمئنًا إياه بالنصر.


الإمام الأكبر شيخ الأزهر الراحل عبد الحليم محمود

عمل الإمام عبد الحليم محمود أستاذا زائراً بعدة جامعات منها جامعة بينداناوا بالفلبين، جامعة جاكرتا بإندونسيا، جامعة الخرطوم بالسودان، والمركز الإسلامي بماليزيا، باكستان، والكويت، ومَثّل الأزهر في مهرجان الأمام الغزالي بدمشق عام 1961م، وشارك في مؤتمر السيرة النبوية بباكستان عام  1976م، ومهرجان العالم الإسلامي بلندن عام 1976م، ومؤتمر رسالة المسجد بمكة المكرمة عام 1976م.

اعتمد الإمام المنهج التربوي بجانب الفلسفي فقدم العديد من البحوث والدراسات الفلسفية والتربية السلوكية وقدم للمكتبة الإسلامية مؤلفات علمية قيمة من أهمها الوجود والخلود في فلسفة ابن رشد، والعقيدة والأخلاق في الفلسفة الإسلامية، تأملات في الفلسفة الحديثة والمعاصرة، الإمكان والامتناع، الإسلام والمسيحية، وغيرها.


الإمام الأكبر شيخ الأزهر الراحل عبد الحليم محمود

إعادة تشكيل هيئة كبار العلماء 

قام بإعادة تشكيل هيئة كبار العلماء من الأكفاء، وله دور عظيم في زيادة أعداد المعاهد الأزهري في مصر؛ مما ساعد في نشر التعليم الأزهري وتطويره، منح اسمه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى بمناسبة الاحتفال بالعيد الألفي للأزهر. 

استقالة من أجل استقلال الأزهر 

قدم استقالته من مشيخة الأزهر في 16 يوليو عام 1974م؛ احتجاجًا على القرار الجمهوري بتنظيم شئون الأزهر وتحديد مسئولياته على أن يكون الأزهر تابعاً لمسئولية وزير شؤون الأزهر؛ مما أفقد الأزهر استقلالَه، وقدم للرئيس السادات خطاباً شارحًا فيه موقفه، وأن الأمر لا يتعلق بشخصه، وإنما يتعلق بالأزهر وقيادته الروحية للعالم الإسلامي كله، ثم قدم طلبا بتسوية معاشه عندما تأخر الرد على استقالته، ووجه خطاباً إلى وكيل الأزهر د. محمد عبد الرحمن بيصار يطلب منه فيه أن يتولى أمور مشيخة الأزهر حتى يُعين شيخاً جديداً له، فأعاد الرئيس النظر في قراراته وأعاد الأمر إلى نصابه وحفظ لشيخ الأزهر مكانته، وحذف المواد التي رفضها الشيخ عبد الحليم الذي عاد لمنصبه في ديسمبر 1974م.

الرحيل 

توفي الإمام الأكبر عبد الحليم محمود  في 17 أكتوبر عام 1978م بعد ثلاثة أيام من إجرائه عملية استئصال المرارة.


الإمام الأكبر شيخ الأزهر الراحل عبد الحليم محمود

كلمات البحث
الأكثر قراءة