Close ad

أطباء غزة وقود لا ينفد.. الصمود الملحمي لأطباء غزة صفحة في أرشيف تاريخي طويل من النضال

15-10-2024 | 23:12
أطباء غزة وقود لا ينفد الصمود الملحمي لأطباء غزة صفحة في أرشيف تاريخي طويل من النضالصورة أرشيفية
إيمان عمر الفاروق
الأهرام العربي نقلاً عن

حتى الرمق الأخير من الحياة صامدون.. حياتهم لا خانة لها بالأولويات فالصدارة تحتلها حياة الجرحى، قد يعلو الصدأ أدواتهم من مشرط أو خلافه لكن أرواحهم براقة بالأمل.. نفد الوقود وباقون هم لا يستطيع الاحتلال قطع إمدادات طاقتهم التى تتحايل على الأنامل الواهنة من قلة الزاد بفعل الحصار اللعين.

ووسط الإنهاك والانهماك فى لحظة عابرة يرمقون ذويهم بين الجرحى والمصابين لحظة يتسمر قلبهم ويتشتت وعيهم عندها، يهرعون فى ثبات نفسى يجسد الإيمان فى ذروة تجلياته..وفى لحظة أخرى يجبرهم الاحتلال بقسوته الوحشية على إجلاء المرضى يرونهم يموتون ببطء أو إعدامى جماعى بقطع آلاف الكيلومترات لأجساد نحيفة كنصل السكين.. فلسطين كنز الدواء أهدتنا الزيتون ونباتات من أعالى الجبال.. تستجدى الدواء بشحناتى وصناديق من العالم.. اضطروا إلى شرب المحاليل الوريدية بعد نفاد مياه الشرب.. مشرط الجراح يسابق خناجر الظلم وطعنات الباطل.

فرسان المعاطف البيضاء رغم نفاد الوقود إلا أن وقود الحق بأرواحهم، مازال رصيده يفيض على من حولهم بالمواساة وطمأنة الصغار وهم فى أمس الحاجة لمن يربت على أكتافهم المنهكة من حملى ثقيل جاوز العام، متواصلا بلا انقطاع، يمارسون عملهم فى ظل انقطاع الكهرباء يستهدون ويسترشدون بنور هواتفهم الخافت وضمائرهم الساطعة، عمليات جراحية وبتر للأطراف بلا تخدير بكامل الوعى للضحايا، بينما الظالمون يطعنون ساحات وبوابات حرم المستشفيات لعالم لم يفق رغم هول المأساة فهو فى ثمالة من كئوس الدم.. هل من طبيب مداوى؟

لكن هذا الصمود الملحمى لأطباء غزة، هو مجرد صفحة بأرشيف تاريخى طويل من النضال ضد الاحتلال، بالمداد والدواء. فاللافت للنظر أن أغلب رموز الحركة الثورية الطبية قاموا بتسجيل وتوثيق تجربتهم ونضالهم فى كتابات ومذكرات، هى شهادات حية لشهداء المشافى.

أهم وأشهر وأغلى قسم لأطباء غزة، أبلغ رد على تهديدات الاحتلال الإسرائيلى بإخلاء المستشفيات. قسم لف ودار العالم بالفيديو الذى وثق أنشودة الصمود عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعى والمواقع الإخبارية. شهادة حية لشهداء الواجب. إن هجوم إسرائيل على مختلف عناصر الرعاية الصحية هو جزء من إستراتيجية لا إنسانية ثابتة استمرت عقودا من الزمن لتجفيف منابع الإنقاذ بغزة، الأمر الذى يعنى الموت الحتمى لمرضاها. حصار واقتحام وقصف.. سيناريو تكرر بمجزرة «المعمدانى»، والمستشفى الإندونيسى ومجمع الشفاء وناصر.. والقائمة طويلة.

لم يقتصر كفاحهم على غرف الطوارئ والرعاية المركزة وأقسام الحروق لحالات لم يشهدوا لها مثيلا من قبل بمؤلفات الطب، بل تعداها إلى المعتقلات والمحافل الدولية قبل نكبة 1948 ومنذ بدء استشعارهم بالخطر الزاحف نحو وطنهم.

عيون المقاومة

الفتى المقدسى الباحث والمفكر والمناضل الدكتور خليل البديرى رائد طب العيون فى فلسطين، أحد الرموز الوطنية للشعب الفلسطينى، والذى وثق تاريخ نضاله فى مذكرات له بعنوان «تاريخ ما أغفله التاريخ: ستون عاما مع الحركة الوطنية الفلسطينية» عن دار «صلاح الدين» بالقدس. وقام بإهداء الكتاب إلى أرواح الشهداء الأبرار» إلى الذين يعودون حاملين أرواحهم على أكفهم، وإلى طلابنا وطالباتنا. وتلاميذنا وتلميذاتنا البواسل الذين ينيرون لنا طريق الخلاص وسبل العمل، ويجيبوننا عن سؤال: ما العمل؟».

ولد فى القدس عام 1906، وتأثر بوالده الشيخ موسى البديرى ونهل مبادئ وعيه الاجتماعى الأولى منه فقد كان “عالما تقيا ورعا ومستقيما نزيها عف اللسان والبنان شديد التمسك بالإسلام”. كذلك كان للحرب العالمية الأولى دور كبير فى تحديد مسار حياته لاحقا على حد وصفه فى مذكراته قائلا: “ما إن فتحت عينى على الحرب، وتابعت أحداثها مما كنت أسمعه وأقرأه عنها وأشهده بنفسى من مآسيها والمجاعات وسفك الدماء، حتى أحسست بمقت وكره للحرب لما تعنيه من قتل للأبرياء وتخريب وفساد».

انضم إلى «النادى العربى» وأصبح ملازما له وتأثر كثيرا بأنشطته الوطنية التى كانت تدعو إلى مقاومة الاحتلال والتصدى للهجرة اليهودية. فى عام 1920، ألقى أول خطاب له أمام مظاهرة حاشدة فى باب العامود، منددا بالاحتلال والانتداب البريطانى، وشارك فى الاجتماع الذى تقرر فيه تشكيلى وفد وطنى فلسطينى من أجل السفر إلى بريطانيا لشرح القضية الفلسطينية. وفى عام 1922 سافر إلى ألمانيا تمهيدا للالتحاق بإحدى الجامعات لدراسة الطب. وفى عام 1929 أنهى بنجاح دراسة الطب فى جنيف وتوجه إلى لندن للتخصص فى دراسة طب وجراحات العيون. حصل على إجازة من الكلية الملكية البريطانية للطب وعضوية الكلية الملكية للجراحين، التحق بمستشفى “مار يوحنا” الإنجليزى للعيون فى القدس.

يقول فى مذكراته: «أما أنا فقد كنت آنف أكره أن يستغل الطب كحرفة أو تجارة أو مهنة.. ولا تطاوعنى نفسى على مد يدى لأخذ أتعابى من مرضى هم فى أمس الحاجة لمن يمد يد العون لهم».

فى عام 1929 مثل خليل الحركة الوطنية الفلسطينية فى المؤتمر العالمى الأول لـ”عصبة مقاومة الاستعمار من أجل الاستقلال الوطنى” الذى انعقد فى مدينة فرانكفورت الألمانية، حيث ألقى خطابا ناريا يعارض الاستعمار ووعد بلفور، والتقى هناك برموز حركات التحرر العالمية.

كما كان للدكتور خليل دور بارز فى تحرير مجلة «الدهور» وكتب عددا من المقالات فيها، وكان من بين الذين دعوا إلى العصيان العام فى فلسطين، وشارك مع آخرين فى إصدار بيان تاريخى فى النصف الأول من عام 1936، يدعو إلى العصيان المدنى، فكان عقابه أن أصدرت حكومة الانتداب أمرا بفرض الإقامة الجبرية عليه، ومنعته من مغادرة القدس لمدة عامٍ كامل مع إثبات الوجود ثلاث مرات يوميا فى مركز الشرطة. وما أن اندلعت ثورة 1936، حتى أقدمت السلطات البريطانية على اعتقال الدكتور خليل ضمن الآلاف من الفلسطينيين وزجت به فى السجن.

وعندما ترددت مؤسسة «مار يوحنا» الإنجليزية بين إقامة مستشفى جديد لها فى القدس، تمكن الدكتور خليل من إقناع المسئولين فيها بالبقاء فى القدس. وهكذا تم بناء مستشفى مار يوحنا للعيون فى حى الشيخ جراح، والذى عمل فيه الدكتور خليل حتى خروجه إلى التقاعد عام 1970. ويقول إنه طوال تلك الفترة اعتزل العمل السياسى وانصرف للعمل فى الطب، وظل على هذه الحال إلى أن وقعت نكسة يونيو 1967. فلم يتحمل وتخلى عن صمته السياسى وبادر إلى وضع مسودة لبيان بعنوان “لا احتلال ولا انفصال”، دعا فيها إلى “تحرير الأراضى المحتلة وإرغام العدو على الانسحاب وتصفية جميع آثار العدوان”. فى تلك الفترة التقى الدكتور خليل عددا من المسئولين الغربيين الذين زاروا القدس، وساهم فى إلقاء المحاضرات السياسية ونشر أكثر من كتاب مفتوح لعدد من زعماء الدول وكتب عدة مقالات فى صحيفة “القدس”. وفى عام 1983، أغمض جفنيه مودعا أهله ومستودعا القضية الفلسطينية بعد رحلة عمر قاربت 77 عاما.

الهوية الفلكلورية

 توفيق كنعان، الطبيب المناضل الذى تعامل مع الفولكلور الفلسطينى كقطعة تراثية ثمينة حاول حفظها بمعمله للحفاظ عليها. هو الابن الثانى لوالده بشارة، ولد فى بلدة “بيت جالا” فى 24 سبتمبر 1882. وكان توفيق كنعان معروفاً لدى سلطات الانتداب البريطانى بنضاله السياسى، إذ إنه طالما أعلن معارضته للسياسة البريطانية والصهيونية وفتح باب الهجرة أمام اليهود، وهو ما حدا بسلطة الانتداب إلى اعتقاله يوم 3 سبتمبر 1939، وأودع فى سجن عكا لمدة تسعة أسابيع، غير أن ذلك لم يمنعه من مواصلة تصديه لتلك السياساتى القمعية وللحركة الصهيونية فى محاضراته ومؤلفاته. وكانت دراساته عن الفلكلور سبيلا للحفاظ على الهوية الفلسطينية.

أكمل تعليمه الابتدائى فى “بيت جالا” وانتقل إلى مدرسة “شنلر” الألمانية فى القدس حيث أنهى تعليمه الثانوى، وسافر سنة 1899 إلى بيروت لدراسة الطب فى الكلية الإنجيلية السورية (الجامعة الأمريكية فى بيروت حالياً).

عمل كنعان بعد تخرّجه فى مستشفيات عدّة فى القدس، بدءاً من المستشفى الألمانى ثم المستشفى الإنجليزى، وفى سنة 1910 أصبح الطبيب المسئول عن عيادة تابعة لبلدية القدس. وكان فى الفترة من 1906 إلى 1910 يجرى اختبارات فى علم الجراثيم والفحوص المجهرية، نَشر نتائجها فى أول مقال طبى أساسى له سنة 1911 فى مجلة “الكلية” الصادرة عن الكلية الإنجيلية السورية. وكان ذلك، فيما بعد مجال تخصصه، إذ تابع فى هامبورج بألمانيا دراسة أمراض المناطق الحارة وعلم الجراثيم فى الفترة ما بين سنة 1912 ومنتصف سنة 1914، وفى برلين لاحقاً سنة 1922، كان فى أثنائها يعود إلى القدس لمتابعة أبحاثه ومزاولة عمله، إذ إنه كان قد عين سنة 1913 مديراً لـ”فرع مكافحة الملاريا” فى القدس، كما افتتح عيادته الخاصة فى بيته الذى بناه فى حى المصرارة بالقدس، وكانت العيادة العربية الأولى والوحيدة فيها حينذاك. ألحقته الدولة العثمانية طبيباً بجيشها إثر دخولها الحرب العالمية الأولى فى أواخر 1914، فعمل خلال فترة الحرب فى أوضاع صعبة فى أنحاء مختلفة من فلسطين.

بعد انتهاء الحرب تسلّم كنعان، فى سنة، 1919 إدارة مستشفى الجذام بحى بالطالبية، وواصل العمل فيه حتى نهاية عهد الانتداب، وشارك فى الأبحاث والفحوص المجهرية التى ساهمت فى معالجة هذا المرض وتحقيق الشفاء منه فى حالات كثيرة. وفى سنة 1924 تمّ تعيينه رئيساً لدائرة الأمراض الباطنية فى المستشفى الألمانى بالقدس وبقى فيه حتى سنة 1940.

إلى جانب عمله الدءوب فى المجال الطبى، نشط كنعان فى دراسة التراث الشعبى الفلسطينى، وترأس فى سنة 1927 “جمعية فلسطين الشرقية” ورأس تحرير مجلتها. كما ساهم كنعان سنة 1944 بتأسيس “الجمعية الطبية العربية لفلسطين” وانتخب رئيساً لها، وكان عضواً لسبع سنوات فى هيئة تحرير المجلة الصادرة عنها باللغتين العربية والإنجليزية. وكان لهذه الجمعية دور كبير فى توفير الخدمات الطبية للمجاهدين.

فى أوائل شهر مايو 1948 أصيب منزل توفيق كنعان فى القدس إصابة مباشرة بقذائف الهاون، وكان كنعان يراقب عبر سور المدينة كيف تنهب الميليشيات الصهيونية محتويات منزله. وعلى الرغم من هذه الأحداث الأليمة، واصل معالجة المرضى وأنشأ عدداً من العيادات فى القدس وبيت جالا والخليل وفى عدد من القرى.

نشر كنعان ما يزيد على ستين مقالة علمية فى الدوريات الطبية الأوروبية باللغتين الألمانية والإنجليزية. ولم تقتصر مؤلفاته على العلوم الطبية، فقد كتب 45 مقالة تقريباً فى التراث الشعبى الفولكلورى المرتبط بالمعتقدات والطب الشعبى بخاصة بالريف، ونشر ما يزيد على 30 منها فى السنوات ما بين 1920 و1938 فى “مجلة جمعية فلسطين الشرقية”، حيث وعى مبكرا أهمية ذلك التراث فى ترسيخ الهوية الوطنية للفلسطينيين، فدعا إلى إجراء مسح شامل له قبل أن يضيع، وهذا ما دفعه منذ سنة 1905 إلى جمع الحجب المرتبطة بتلك المعتقدات الشعبية وتوثيقها والكتابة عنها، فتجمّعت لديه 1400 قطعة منها حتى سنة 1947، منحتها عائلته إلى جامعة “بيرزيت” بعد أن نجح فى إنقاذها مما تعرض له بيته لاحقاً. كما حاضر وكتب عن القضية العربية الفلسطينية فى الثلاثينيات ضد أخطار الهجرة اليهودية إلى فلسطين ودعا إلى إيقافها فوراً وبشكل كامل، وضمان الحدّ الأدنى من الأرض للمزارعين العرب وعدم نزع ملكيتها.

كان كنعان من رواد الباحثين الفلسطينيين العرب فى الشئون التاريخية والفولكلورية للفلسطينيين. يقتبس فى كتابه مقالاته من القرآن الكريم ويعود إلى الأدب العربى وإلى المصطلحات العربية. وبهذا نجح فى إثبات جوانب الاستمرارية الثقافية للفلسطينيين. وظلت مؤلفاته حتى يومنا هذا أساسية لأى باحث فى حقل علم الأعراق البشرية فى منطقة الشرق الأدنى.

الوجه الآخر للعملة

الطبيب الشهير مفيد عبد الهادى، فتح بجرأة وشجاعة جراح الشعب الفلسطينى قبل وأثناء وبعد النكبة. فى كتاب له بعنوان» ملكية العرب فى فلسطين: الوجه الآخر للعملة» والذى كتبه عام 1962، وأهداه إلى «كافة اللاجئين العرب فى نفس الطريق مثلى، وإلى الذين فقدوا وطنهم الأم».

نشأ الدكتور مفيد فى بيت تشبعت جدرانه بالسياسة، وباتت شاهدة على أحداث وشخصيات ولقاءات مهمة؛ فقد كان والده «أمين بك» حاكما لمدينة الناصرة حيث ولد مفيد عام 1913. لقد جمعت عائلته بين الثراء المادى والسياسى، والتحق بالجامعة الأمريكية لدراسة الطب والحصول عام 1936، على شهادة الجراحة، ليتجه بعدها صوب أوروبا ببريطانيا وألمانيا ليتخصص فى أمراض الأنف والأذن والحنجرة. لكن تدفعه قسوة الحرب العالمية الثانية لمغادرة ألمانيا، لتكون وجهته تلك المرة السويد ثم العودة إلى القدس عام 1945، ليفتتح عيادته الخاصة، ثم السويد ثانية عقب النكبة، لكنه ظل يحمل وطنه بغربته، وقرر أن يكون صوتا فلسطينيا يردد صدى الحق الضائع بالسويد. استدعت ذاكرته مشهد استيلاء العصابات الصهيونية عام 1948 على الأراضى التى كان يمتلكها والده والتى كانت تحيط بقرية عرابة وحيث تنحدر جذور عائلته القبلية جنوب غرب مدينة جنين، فكان كتابه “ملكية العرب فى فلسطين” لتوثيق وسرد جرائم اغتصاب الأراضى والمجازر والتطهير العرقى بحق الشعب الفلسطينى، باللغة السويدية. ورغم أنه فى السويد التى ترفع لواء الحياد إلا أنه واجه الحظر والرفض من شتى دور النشر والتوزيع والمطابع. ولكنه تم نشره باللغة الإنجليزية عام 1998 من قبل الجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشئون الدولية. ليشهد الدكتور مفيد خروج شهادته إلى النور قبل رحيله عام 2001 رافضا رفع الراية البيضاء دونما أن يتحقق حلمه.

الوجع الدفين

محاولة أدبية تميل أكثر إلى السرد، سلسلة من اللوحات على شكل قصص قصيرة تحيك صورة دقيقة بكافة تفاصيلها للحياة الصحية والمرض داخل المجتمع الريفى الفلسطينى، بالتركيز على قرية عرابة نموذجا، بيد ابنها الطبيب حاتم كنعانة فى كتابه «الوجع الدفين: حكايات طبيب من الجليل». الذى لجأ إلى السرد الأدبى كنوع من العلاج للتخفيف من المعاناة النفسية لعرب 48. يقول: “خرجت فى عام 1960، ومكثت فى الولايات المتحدة عشر سنوات، وعدت عام 1979، مع شهادة ورخصة لمزاولة الطب وزوجة وسيارة، بمعنى أننى جاهز لكافة الطوارئ، حتى أن السيارة كانت من النوع الذى يمكن استخدامها كسيارة إسعاف أيضا؛ لأنه لم تكن فى قرانا سيارات إسعاف فى حينه، حتى أن السير العمومى كان محدودا ويقتصر على سيارة باص تمر من القرية صباحا وتعود مساء، ناهيك عن عدم وجود أطباء فى منطقتنا». ويضيف: «كان النقص والإهمال يكتنف مجتمعنا فى مجال الطب العلاجى لم يكن هناك عيادات وفى مجال الطب الوقائى كان العجز الذى تعانى منه محطات الأمومة والطفولة فى الأطباء والممرضات.

أمام هذا المستوى الصادم للرعاية الصحية المفقودة أنشأ كنعانة «جمعية الخليل» من أجل توفير ظروف صحية وبيئية واجتماعية واقتصادية للعرب الفلسطينيين والتخفيف من قبضة الصهيونية على حياة الفلسطينيين.

أخيرا.. بين أطباء الأمس واليوم مثل الطبيب الفلسطينى غسان أبو ستة، الذى اتجه سريعا من لندن إلى بيروتى عقب تفجيرات «البيجر» لعلاج الجرحى فى مستشفى «الجامعة الأمريكية» وكتب عبر حسابه الرسمى على منصة «إكس»: «لقد قاوم العاملون فى مجال الصحة اللبنانيون، مثل نظرائهم الفلسطينيين، سياسات الموت والتشويه الإسرائيلية بسياسات الحياة والشفاء»..  تتكرر ذات الجرائم ويتكرر صدى ذات القسم «سوف نحيا هنا» ويتكرر الصمود بين المداد والدواء.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة