Close ad

الفجوة تتسع بين أغنى الدول وأفقرها

15-10-2024 | 15:56

يشكل اتساع الفجوة بين الدول الفقيرة والدول الغنية إدانة أخلاقية لعصرنا الراهن. لم نشهد أبدًا تراكما للثروة بهذا الحجم، بينما لا تزال هناك أعداد هائلة ممن يعيشون في حالة من الفقر المدقع. فعلى مدار السنوات الماضية زادت فجوة الدخل بين نصف دول العالم الأكثر فقرًا وبين أغنى الاقتصادات للمرة الأولى هذا القرن، كما اتسع الفارق بين نمو دخل الفرد في أفقر الدول وأغناها، في تراجع تاريخي للتنمية.
  
إن الفقر ظاهرة معقدة وحقيقة راسخة ومستشرية، فهناك قرابة نصف سكان العالم يعيشون على أقل من دولارين يوميًا، كما أن هناك أكثر من مليار شخص يكابدون العيش بأقل من دولار واحد يوميًا، ويشكل الفقر نقمة تعوق النمو وتؤجج الاضطراب، وتحول دون تقدم البلدان الفقيرة على طريق التنمية المستدامة.

جائزة نوبل للاقتصاد
كان الإعلان عن فوز ثلاثة اقتصاديين بجائزة نوبل للاقتصاد أمس بمثابة نوبة تحذير جديدة من تفاقم واتساع الفجوة بين البلدان الفقيرة والغنية، 
الفائزون بنوبل في الاقتصاد، وهم الأمريكي من أصل تركي دارون عجم أوغلو والأمريكيين البريطانيين سايمون جونسون وجيمس روبنسون، تركزت أبحاثهم في مجال انعدام المساواة في توزيع الثروات بين الدول.

وأثبتت دراساتهم أن 20% من أغنى بلدان العالم أصبحت الآن أكثر ثراءً بنحو 30 مرة من أفقر 20% من البلدان. وعلاوة على ذلك، فإن الفجوة في الدخل بين أغنى البلدان وأفقرها مستمرة، فعلى الرغم من أن أفقر البلدان شهدت تحسنًا في التنمية وزيادة معدل دخل الفرد، إلا أنها لم تتمكن من اللحاق بالبلدان الأكثر ازدهارًا.

لقد وجد الحائزون على الجائزة هذا العام أدلة جديدة ومقنعة لتفسير واحد لهذه الفجوة المستمرة، وهي الاختلافات في مؤسسات المجتمع.
إن الارتباط بين المؤسسات في المجتمع وازدهاره لا يعني بالضرورة أن أحدهما هو سبب الآخر، فقد تختلف البلدان الغنية عن البلدان الفقيرة في نواح كثيرة، وليس فقط في مؤسساتها، وبالتالي قد تكون هناك أسباب أخرى لكل من ازدهارها وأنواع مؤسساتها، ولعل الرخاء يؤثر على مؤسسات المجتمع، وليس العكس.

تراكم الثروات 
وتتماهى دراسات وأبحاث الفائزون بنوبل في الاقتصاد، مع تقرير حديث للبنك الدولي حذر فيه من أن أغنياء العالم يزدادون ثراءً والفقراء يزدادون فقرًا.

إذ اتسع الفارق بين نمو دخل الفرد في الدول الأكثر فقرًا، وعددها 75 دولة، وبين الدول الأكثر ثراءً على مدى السنوات الخمس الماضية.
كما أن الدول الـ75 المؤهلة للحصول على منح وقروض من دون فوائد من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي تواجه خطر ضياع عقد من التنمية دون تحول طموح في السياسة ومساعدات دولية كبيرة.

وأكثر من نصف دول المؤسسة الدولية للتنمية تقع في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، 14 في شرق آسيا و8 في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. ويعيش 31 منها بدخل فردي أقل من 1315 دولارًا في السنة. وتشمل جمهورية الكونغو الديمقراطية وأفغانستان وهايتي.

وأصبحت دولة واحدة من كل ثلاث دول من دول المؤسسة الدولية للتنمية أفقر الآن مما كانت عليه عشية جائحة كوفيد-19. وتشكل دول المؤسسة الدولية للتنمية 92% من سكان العالم الذين يعانون من نقص في كمية كافية من الغذاء المغذي وبأسعار معقولة. كما أن نصف الدول تعاني من ضائقة الديون، مما يعني أنها غير قادرة على سداد ديونها، أو معرضة لخطر كبير بعدم القدرة على ذلك.

تقليص الفجوة
إن الفقر ليس من صنع الفقراء، لكنه نتيجة لحالات فشل هيكلية ونظم اقتصادية واجتماعية عديمة الجدوى، وهو أيضًا نتاج للاستجابات السياسية غير الملائمة، وضحالة القدرة على رسم السياسات العامة، وعدم كفاية التعاون الدولي.

ويعد تقليص الفوارق الشاسعة في الدخل بين البلدان الغنية والفقيرة أحد التحديات الأكثر إلحاحًا التي نواجهها في عصرنا. ففي حين تتمتع الدول الغنية باقتصادات متقدمة وتكنولوجيا متطورة ومستويات معيشة مرتفعة، تعاني البلدان الأكثر فقرًا تزايد معدلات الفقر والبنية الأساسية المتخلفة والوصول المحدود إلى التعليم والرعاية الصحية. ولا يؤثر هذا التفاوت على ملايين السكان فحسب، بل يخلق أيضًا عدم استقرار عالمي، حيث يؤدي التفاوت الاقتصادي غالبًا إلى الاضطرابات الاجتماعية وتوقف النمو، ومع ذلك، من خلال الجهود التعاونية والاستثمار في التعليم ونقل التكنولوجيا والتنمية المستدامة، يمكننا اتخاذ خطوات كبيرة نحو تقليص هذه الفجوة والوصول إلى عالم أكثر عدالة في توزيع الموارد.
 
لذا فإن الأمر يتطلب إيجاد الحلول العملية التي يمكن أن تساعد في سد هذه الفجوة، وخلق فرص للنمو والازدهار في جميع أنحاء العالم.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة