في لقاء مع المخرجة ساندرا نشأت على هامش تكريمها منذ فترة بالدورة الثانية لمهرجان الغردقة لسينما الشباب، تناولنا مشروعها الإنساني بتصوير أفلام قصيرة تدعم بها أفكار تلاميذ المدارس، والمشروع يحمل اسم "مدرستنا"، قدمت منه ما يقرب من 40 فيلمًا قصيرًا، شعرت بأن الإحباط بدأ يتسلل إليها؛ لأن الفكرة كانت تحتاج إلى دعم أكبر.
وفي رأيي أن مثل تلك المبادرات نحن في أمس الحاجة إليها، فعندما تعلن مخرجة أخرى مثل بتول عرفة عن تصويرها عددًا من الكليبات الغنائية في محافظات مصر، تظهر جمال وتنوع وثراء طبيعة محافظاتنا، وهو المشروع الذي بدأت فيه بالفعل من خلال كليب مصطفى قمر "صناعة مصرية"، والذي صورته في الإسكندرية في منطقة المكس.علينا أن نفكر جليًا فى مثل هذه المبادرات، ونعيد التفكير فيما يقدم من تجارب فنية لا يكون الهدف منها دعم السياحة، ودعم صورة مصر فى الخارج.
وأظن أن مشروع تصوير محافظات مصر فى عمل فنى جدير بالاهتمام، ومن هنا أناشد وزارة الشباب والرياضة أن تركز على مشروعات تهم الأقاليم، وما ينفق على بعض المهرجانات التي تشبه "سمك لبن تمر هندي" ولا عائد فني أو مادي منها، يخصص لدعم صورة الوطن وكل مدنه؛ من خلال لجان تختار ما يجب أن يقدم لكل مدينة مستوحى من روحها، فما يجب أن يقدم لمدينة مثل المنيا قد يختلف لمدينة مثل الإسكندرية، وما يقدم للأقصر قد يختلف عما يجب تقديمه لأسوان، أو المنصورة.
فى الأقصر هوايات وحرف تحتاج منا لأن نعززها، وفى المنصورة أيضًا، وغيرهما من المدن، ومن ثم ما تقوم به مخرجة مثل بتول عرفة قد يكشف لنا عن روح تلك المدن، وكما غنى محمد منير "تعالى نلضم أسامينا" وصنع منها ما يشبه القاموس، وإن سمعها الأطفال يعرفون منها أسماء محافظات مصر كلها، حيث رددهم بشكل جميل فى أغنية واحدة، وهي من أجمل ما ألف فؤاد حداد، ولحن أحمد منيب، وقدم عمرو دياب أيضًا "يا بلدنا ياحلوة"، وحسين الجسمي "بشرة خير"، وكثيرة تلك الأغنيات التى رسمت لوحات لمدن مصر.
ولا أدل على ذلك من أغنية داليدا "حلوة يا بلدي" التي تتغنى بها أصوات غير عربية، ومن ثم على كل الوزارات أن تكون صورة مصر من خلال تصوير أجمل ما في مدننا هدفًا، فليس مصر هي الأهرامات وأبوالهول فقط، مصر بها كنوز إن تم تقديمها فى أعمال فنية ستلقى رواجًا، بل كنت أتمنى من وزارة الثقافة والمنتجين أن تصور أعمالًا سينمائية ودرامية في تلك المدن، وليس فقط التصوير داخل الأستديوهات، وبدلا من حي ريفي وحي حضري بمدينة الإنتاج الإعلامي في حال زحام الأعمال أن تنتقل الكاميرات إلى الأرياف، سبق أن صورت أعمال كثيرة في مدن مصرية، وخاصة فى قنا والأقصر والفيوم، وحققت نجاحًا كبيرًا.