افتتاح محطة سكك حديد الصعيد في بشتيل أمس بهذه الفخامة والضخامة حمل من الرسائل والدلالات ما يؤكد أن الدولة المصرية ماضية في طريق البناء والتطوير، ولن تترك بقعة على أرض مصر إلا وتمد إليها يد البناء والتعمير، فلا شك أن هذا المشروع الكبير يمثل نقلة نوعية جديدة في قطاع النقل، وتشغيل هذه المحطة العالمية بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ يمثل إضافة حقيقية سوف تسجل كإنجاز تاريخي يضاف إلى الإنجازات الكبرى التي تشهدها مصر في عهد الرئيس السيسي.
لقد كان السفر إلى الصعيد رحلة معاناة لا يشعر بها إلا أمثالي من أبناء الصعيد الذين كانوا يواجهون في سفرهم مشقة لا تحتمل ومعاناة لا تطاق، بسبب فقر الخدمات بمحطة رمسيس التي كانت غير صالحة في ظل تزايد أعداد المسافرين بدرجة تفوق طاقتها الاستيعابية.
كانت محطة قطارات رمسيس أيضًا نموذجًا صارخًا ودليلًا واضحًا على تهميش الصعيد، فقد كانت المحطة تنقسم إلى قسمين الأول ناحية الميدان وهو مخصص للوجه البحري، وقد صمم بشكل حضاري وهو مغطى وله بهو كبير يحمي الركاب من شمس الصيف وبرد الشتاء، بينما القسم الثاني فهو كان مخصصًا لقطارات الصعيد، فلا رصيف يتسع للركاب ولا سقف يحميهم من الشمس والمطر، ولا مقاعد تكفي، وأمام هذا الفقر الخدمي لا يجد الركاب أمامهم سوى افتراش الأرض بالساعات انتظارًا للسفر..
اليوم بافتتاح محطة بشتيل من حق كل مواطن مصري -وليس أبناء الصعيد فقط- أن يفخر بهذه المحطة التي توفر كل سبل الراحة والرفاهية للركاب وتجمع في تصميمها وتفاصيلها المعمارية كل عناصر التميز وتقديم الخدمات الراقية التي تليق بالمواطن المصري، إذ يستطيع الراكب أن يتمتع بخدمة الإنترنت المجانية في كل ربوع المحطة التى تصل مساحتها 60 فدانًا، وأن يجد مقعدًا في ساحة انتظار مكيفة حتى موعد القطار، وفي إمكانه الاستفادة أيضًا بكل الخدمات الرقمية المميكنة التي توفرها هذه المحطة العصرية من حجز التذاكر وعرض مواعيد القطارات وغيرها من خدمات حضارية.
محطة بشتيل أيضًا هي جزء من صورة كبيرة لمصر الحديثة التي يتم بناؤها على أسس ومبادئ جديدة توفر لها القدرة الشاملة، وتحقق لها النهضة الكبرى، ويقينًا أن أحدًا منصفًا لا يستطيع أن ينكر ما يتحقق من منجزات ومشروعات، في جميع بقاع أرض المحروسة.
وتلك هي مرتكزات الجمهورية الجديدة التي نحيا أجواءها، ونشاهد ملامحها ونرصد تشكلها.
الجمهورية الجديدة ليست شعارًا نرفعه ولا أغنية نرددها بل مشروعات، وأفكار وبرامج، وثقافة، وتعليم حديث، ومسارات جديدة للتنمية وممرات مختلفة للعبور نحو المستقبل، هى أيضًا إعادة بناء لكل شيء على أرض الوطن، وهيكلة شاملة لأسلوب حياتنا.
وإذا كان قطاع النقل وما يشهده من ثورة تطوير أحد مرتكزات التنمية الشاملة التي بدأتها الدولة قبل أكثر من 10 سنوات فإن محددات الانتقال إلى الجمهورية الجديدة بمفهومها الشامل تتطلب إعادة بناء شاملة لكل القطاعات التي تمثل في مجملها منظومة التقدم والتطور للدولة.
لقد أخذت الدولة عبر هذا المشروع النهضوي الكبير على عاتقها التصدي لمشكلات وتحديات وأزمات كانت منسية أو يتم تناسيها منذ عقود ومع مرور الوقت تآكلت مرتكزات الدولة، وتهالكت مرافقها، وانهارت بنيتها التحتية، وعندما قررت القيادة السياسية البدء بهذا المشروع رأت أن يكون البناء شاملا والتنمية جامعة، واليوم كل مشروع جديد يتم افتتاحه يضيف للصورة الكاملة للدولة الحديثة بعدًا جديدًا، حتى إن هذه الصورة بدت أكثر وضوحًا، وخطوطها تجسد تلك الجمهورية الجديدة التي نحلم بها.
مبروك لمصر محطة بشتيل
[email protected]