حكايات من الواقع: تذوقت طعم المر وقررت أن أستعزبه

13-10-2024 | 13:49
حكايات من الواقع تذوقت طعم المر وقررت أن أستعزبهأرشيفية
خالد حسن النقيب

مواقف كثيرة فى حياتنا تتوقف عليها إرادتنا فى شق طريق بين الصخور وريه بالعرق والجهد حتى تنبت الأزهار على جانبيه وتورق الأحلام واقعًا ملموسًا من النجاح فى نهايته وأنا واحد من هؤلاء الذين اعتصرتهم الدنيا وخبرتهم التجربة الحياتية إلى حد الإحباط أحيانًا فلم أولد وفى فمى ملعقة من ذهب ولكنى تذوقت طعم المر وقررت أن أستعزبه حتى يحلو فى فمى.. !

لقد قرأت فى إحدى حكايات الواقع المواقف الحياتية التى صنعت من شاب عاطل لا يملك من أمر نفسه شيئا واحدا من أصحاب الأراضى الزراعية المستصلحة ومن لا شيء أصبح مشروع مليونير يضرب بيد إرادة قوية الصخر فى طريقه فيفجر منها عيون موسى يستسقى منها ويروى أحلامه وينبتها واقعا ملموسا وبهذه الإرادة أطللت على حياتى وقررت أن أنزع الشوك عن طريقى وأغير من ملامح حياة فرضها الواقع على فقد تعثرت فى التعليم بمرحلة مبكرة من حياتى تحملت فيها المسئولية مع والدى وكان حتما على النزول إلى معترك الحياة والعمل معه بحثا عن لقمة العيش كأى رجل عائل مسئول رغم صغرى ليبدأ طريق الأشواك وأثبت نجاحا فى العمل وتتملكنى إرادة قوية لأن أقوم من عثرتى وأواصل دراستى إلى جوار عملى حتى حصلت على الثانوية العامة ولكن بمجموع قليل أهلنى للالتحاق بمعهد فني تجاري قسم محاسبة ورضيت بما قسمه الله وقررت أن أنجح فى المعهد وأتخذ منه سلما لدراستى الجامعية ونجحت بتقدير جيد وذهبت للجيش ودخلت ثانوية عامة مرة ثانية ونجحت بمجموع يؤهلني لكلية حقوق عين شمس ليتحقق حلمي بعد مشقة ومشوار طويل ولكن الأقدار اختبرتنى اختبارا قاسيا فعندما وصلت للصف الثالث بكلية الحقوق مرض والدي وتوفاه الله بعد سنتين من الصراع مع المرض لأتحمل مسؤلية العمل وحدى وتقدمت لمدة أربع سنوات باعتذارات للكلية حتي تم استبعادي بعد أن استنزفت مرات الأعذار وما ضاع يقينى فى تحقيق حلمى يوما ما بالاتحاق بكلية الحقوق الذى ظل يراودني حتى تشجعت ودخلتها عن طريق التعليم المفتوح بجامعة عين شمس والحمد لله حصلت علي ليسانس الحقوق لأثبت لنفسي أن الأمل والطموح والعلم مع العمل ليس مستحيلا ولكن الإصرار علي أنك تحقق حلمك هو أقوي تحدٍ مع النفس وإثبات الذات حتى إنى استطعت أن أشق لنفسى طريقا فى الحياة ونجحت فى تحقيق طموحات كبيرة ما كنت أتصور أن أصل إليها لولا الكفاح والصبر وإذا كنت لم أولد وفى فمى ملعقة من ذهب، لكنى أشعر أن ما أقدمت عليه ليس إلا مصباح يستضيء به غيري كى يستطيع أن يكمل طريقة وعندما رزقنى الله بالنبت الصالح كنت أرى فيهم نفسى بشكل آخر وددت لو فتحت لهم آفاق الدنيا كلها على رحابتها .. جعلت من تجربتى فى الحياة نبراسا لهم وها قد من الله على باكتمال سعادتى وجنى الثمار أصبحت ابنتى طبيبة بشرية وابنى طيارا مدنيا وابنة أخرى تدرس بجامعة أجنبية.

ولكنى أكتب لك لأعرف هل السعادة تكمن فى أن تشعر بتحقيق الحلم وجنى ثمار المشوار الطويل وحمد الله على ذلك؟ وكيف يمكن أن نحمد الله على نعمته إلا من خلال ما يقربنا إليه؟ ما جعلنى أفكر فى غيرى ممن تعثرت بهم الحياة ولم يستطيعوا النهوض من عثرتهم ومساعدتهم سواء بما من الله على من نعمة المال أو الخبرة والتجربة المريرة فى الحياة .. ترى كيف السبيل إلى ذلك وهل العمل العام والإحساس بالناس ومشاكلهم هو سر السعادة؟

م . س

بالتأكيد أخى الكريم تكمن السعادة فى التواصل مع الآخرين ولعل جلاء ذلك فى أن الله يكون فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه ولك أن تعلم أن الله ما وفقك فى رحلة كفاحك إلا لتكون آية لنفسك ولغيرك فقد جاء فى حديث رسولنا الكريم عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله أقواماً اختصهم بالنعم لمنافع العباد، يقرهم فيها ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم، فحولها إلى غيرهم" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن هنا يمكنك أن تقيس حجم السعادة فى حب الناس لك ما يجعلهم يطرقون بابك معتقدين أن وراءه أسباب رحمة الله وعلم أولادك أن حكمة النجاح فى مردودها بين الناس وليس فى التفاخر بها أو التعالى على غيرهم فهم امتداد لرحلة كفاحك وكما نجحت أنت فى شق طريقك سينجحون هم أيضا فى فتح آفاق جديدة لهم لتستمر الحياة وفق حكمة وضعها الله سبحانه وتعالى.

كلمات البحث
الأكثر قراءة