يعد الصرع من أكثر الاضطرابات العصبية شيوعا، حيث يؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم وغالبا ما يحيط به هالة من الغموض والخوف، لذلك يحظى باهتمام العلماء والباحثين الذين تمكنوا مؤخرا من تحديد الجينات الفردية ومجموعات الجينات والمتغيرات الجينية التي تزيد من خطر الإصابة بالمرض، وذلك من خلال دراسة علمية ضخمة.
موضوعات مقترحة
وذكرت مجلة "Science Alert" العلمية أن هذه الاكتشافات الحيوية تهدف إلى تحسين التشخيص والعلاج لأحد أكثر الأمراض العصبية شيوعًا.
الدراسة، التي أجريت على أكثر من 50 ألف شخص، تضمنت تعاون بين 40 مجموعة بحثية حول العالم، وحرص الباحثون على وضع بيانات مجمعة لنتائج الدراسة في بوابة ويب تفاعلية لتحليلها بشكل أكبر، ليتمكنوا من فهم المزيد عن الجينات المرتبطة بالمرض. وأشار الباحثون إلى أن أهمية هذه الدراسة الضخمة تعود إلى أن الصرع يمكن أن يختلف اختلافا كبيرا بين الأشخاص من حيث أسبابه وشدته وطريقة ظهوره، مما يزيد من صعوبة دراسة المرض. وذكروا في ورقتهم البحثية التي نشرت في مجلة "Nature Neuroscience" أن مرض الصرع أصبح يصيب من 4 إلى 10 من بين كل 1000 فرد في جميع أنحاء العالم. وأضافوا أنه على الرغم من تمكن العلماء من التعرف على الدور الذي تلعبه الجينات الوراثية في الإصابة بمرض الصرع منذ فترة طويلة، ومع ذلك، فإن تحديد النطاق الكامل للآثار الجينية على الصرع يظل تحديا كبيرا.
خلل جيني ينذر بمرض الصرع
ركز فريق الباحثين على دراسة ما يطلق عليه إكسوم "EXOME"، في جزيئات الحمض النووي، وهي أجزاء من الشفرة الجينية للإنسان التي تشكل مباشرة تسلسلات الأحماض الأمينية التي تتكون منها البروتينات. وتلعب الاختلالات أو التغيرات في هذه الإكسومات دورا مهما في التأثير على خطر الإصابة بالأمراض بشكل عام، مما يجعلها مناسبة لاستكشاف الروابط المحتملة في الإصابة بالصرع.
ومن خلال عملية تسلسل الإكسوم الكامل (WES)، أي فحص كامل الحمض النووي بدقة لتحديد الاختلالات المسببة للأمراض الوراثية، قارن الباحثون الجينات الوراثية لـ 20.979 شخص مصابين بالصرع بـ 33.444 شخص غير مصابين بالاضطراب نفسه.
وبحثوا عن الاختلالات النادرة جدا، أو "URVs"، أي التغييرات الصغيرة في ترميز الجين التي تؤثر على إنتاجه، فإذا كانت URVs موجودة فقط لدى الأشخاص المصابين بالصرع، فهذا يشير إلى أنها تلعب دورا في زيادة مخاطر الإصابة بالمرض. وكشف الباحثون في النهاية عن سبعة جينات وراثية محددة، وثلاث مجموعات جينية، وأربعة تغيرات محددة داخل الجينات تعد جميعها مؤشرات بيولوجية تنذر بالإصابة بالمرض.
مزيد من الدراسة حول مرض الصرع
أشار الباحثون إلى أن هذه الاختلالات تحدث في الجينات المرتبطة ارتباطا وثيقا بإشارات الخلايا العصبية، والمساعدة في الحفاظ على المسارات الكهربائية في المخ تعمل بشكل صحيح. وأشار الباحثون إلى أنه من المنطقي أن يؤدي الاضطراب في هذه المناطق إلى نوبات الصرع والأعراض المصاحبة له. وبمقارنة نتائجهم مع دراسات أخرى واسعة النطاق أخرى.
كما وجد الفريق أيضا أدلة قوية على أن الاختلالات النادرة التي تزيد من خطر الإصابة بالصرع تتداخل مع بعض الاختلالات التي تزيد من خطر الإصابة باضطرابات النمو العصبي الأخرى. ومن المنتظر أن يستمر البحث في التقنيات التي يمكن من خلالها التدخل لتعديل هذه الجينات من خلال طرق علاجية مختلفة، ومنع إعاقة عمل الموصلات العصبية في المخ المسببة للصرع.
وأكد الباحثون أن الجهود المبذولة في دراسة التسلسل والتحليل الجيني المستمرة بوجه عام، إلى جانب العدد المتزايد باستمرار من الدراسات حول الارتباط الجيني بالمرض، ستسهم في توسيع وتصحيح فهم مسبباته، وبالتالي تمكنهم من الوصول إلى طرق علاجية أكثر فعالية لمواجهته واستهدافه بشكل أفضل.