المخرج خالد جلال واحد من أبرز الشخصيات المؤثرة في المشهد المسرحي والفني المصري، حيث يلعب دورًا محوريًا في اكتشاف المواهب الشابة وتدريبها، مما يسهم في إحداث نقلة نوعية في الأداء المسرحي، يتميز جلال برؤيته الثاقبة وقدرته على التعرف على الإمكانات الكامنة لدى الفنانين الناشئين، مما يجعله رائدًا في دعمهم وتوجيههم نحو تحقيق طموحاتهم الفنية.
يستند دور خالد جلال إلى منهجية متكاملة تجمع بين التدريب الأكاديمي والتطبيق العملي؛ فهو لا يقتصر على تقديم ورش عمل لتطوير المهارات، بل يسعى إلى خلق بيئة فنية تشجع على الابتكار والتعبير الحر، ومن خلال أسلوبه الفريد، يتمكن من تحفيز طاقات الشباب، مما يساهم في صقل مواهبهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.
علاوة على ذلك، يقوم جلال بإعداد مسرحيات تجمع بين الأصالة والحداثة، مما يتيح للمواهب الشابة فرصة الظهور على خشبة المسرح، تحت قيادته، تتاح لهؤلاء الفنانين الفرصة لتجربة أدوار متنوعة، مما يساعدهم على اكتساب خبرات قيمة تؤهلهم للتألق في عالم الفنون.
ليس فقط التدريب هو ما يميز خالد جلال، بل أيضًا إيمانه بأهمية التواصل والتفاعل مع الجمهور، فهو يدرك أن المسرح هو مساحة للتفاعل الإنساني، ويحرص على أن تكون عروضه قادرة على لم شمل الجمهور حول قضايا اجتماعية وفنية مهمة.
خالد جلال رمز للإبداع والتفاني في مجال المسرح، حيث يسهم بشكل كبير في اكتشاف وتدريب مواهب شابة قادرة على إحداث تغيير في الساحة الفنية، إن جهوده تستحق التقدير، وهي تجسد رؤية مستقبلية لمسرح يزخر بالمبدعين والمتميزين.
الأبعاد النفسية والعاطفية التي تجسدها الشخصيات في "حاجة تخوف" جاءت نتيجة لرعاية دقيقة وتوجيه احترافي من جلال، الذي يدرك أهمية تطوير الممثلين على المستويين الفني والإنساني، العرض يقدم أفكارًا كثيرة عن حقيقة الحياة، ويطرح قضايا مهمة بأسلوب مبدع وجريء، مما يجعله ليس مجرد عرض مسرحي، بل تجربة فكرية وعاطفية تترك أثرًا عميقًا في نفوس المشاهدين.
إن قدرة خالد جلال على المزج بين العناصر الفنية المختلفة، واستخدامها لتسليط الضوء على مشاعر متعددة تتراوح بين الضحك والحزن والخوف والأسى والشجن والحسرة، وغدر الأصدقاء، والحيرة، والفقد، والجشع، والغفلة، والصدمة، والامل، وحتى خداع النفس للنفس حتى لا تكتشف قسوة الحياة والزمن، تُظهر براعته في تحقيق توازن فني يضمن جذب الجمهور وإبقائه مشدودًا طوال العرض.
فعلا، تتجاوز إسهامات خالد جلال حدود الإخراج التقليدي، إذ يساهم بشكل فعّال في تطوير المشهد المسرحي المصري من خلال رؤيته الفريدة، فقد استطاع عبر مشاريعه المختلفة أن يصنع من مركز الإبداع الفني نواة لمؤسسة ثقافية لاكتشاف الجواهر الفنية الجديدة، من خلال تقديم نصوص تلامس قضايا المجتمع وتحث المتلقي على أن يقف مع نفسه تارة للتأمل وأخرى للمراجعة وثالثة للتغيير..
كما يحرص جلال على أن يكون لكل عمل مسرحي يقدمه رسالة إنسانية مجتمعية واضحة، تعكس التحديات والآمال التي يعيشها المجتمع بكل تقسيماته وتحدياته وطبقاته وثقافاته وأزماته وأوهامه وأطماعه وأحلامه وانكساراته.
خلال مسيرته، أطلق جلال العديد من المبادرات التي تهدف إلى دعم الفنانين الشباب، من خلال ورش عمل ودورات تدريبية مكثفة، يتيح هذا النهج لهؤلاء الشباب فرصة لصقل مهاراتهم وتطوير أدائهم، مما يسهم في ظهور أجيال جديد من الممثلين والمبدعين القادرين على المنافسة في الساحة الفنية.
من خلال مسرحية "حاجة تخوف"، يُظهر جلال كيف يمكن للموهبة أن تتألق عندما يتم توجيهها بشكل صحيح، وهنا- تتجلى عبقرية المخرج خالد جلال في هذا العرض المسرحي الذي يأخذك في رحلة فنية مدهشة، ليخلق عالماً يتجاوز حدود المسرح ويدخل في عمق النفس البشرية، توقفت امام أداء عدد من الممثلين، مع أن الجميع رائعون وموهوبون، مثل شريف إسماعيل وشاهندة علي، وخلود خالد، ومنة حمدي، ومحمد حسين، ومحمد سراج، ومي حمدي ونورا نبيل، وأحمد حسام وشريف حليم؛ اللذين قدما مشهدًا قاسيًا من داخل دار المسنين يدمي القلب، ونهى نبيل التي تلعب دور الجدة، التي ترعي حفيدتها، يجمع العرض أيضًا خبرات قديرة، مثل محمد نديم وأشرف مهدي ومحمد حسيب وهبة كامل ونادر جودة، وأيضًا لابد من الإشادة بدور "الدينامو"، شديد الإخلاص المخرج المنفذ علا فهمي.
في رأيي، إن عرض "حاجة تخوف" يمثل نقطة تحول في مسيرة تجربة "الجواهرجي" خالد جلال، ويعكس رؤية خالد جلال الفنية التي تستشرف المستقبل وتحتفي بالمواهب الشابة، إن خالد جلال ليس مجرد مخرج مسرحي، بل هو كاشف للمواهب وملهم في صناعة الثقافة والفن في مصر.
ومن خلال جهوده المستمرة، فهو يساهم في إعادة إحياء المسرح المصري ويدعم الأجيال الجديدة من الفنانين.
إن "حاجة تخوف" لا تمثل فقط تجربة مسرحية جديدة، بل هي تجسيد لرؤية جلال الثاقبة في كيفية بناء مستقبل مشرق للفنون في مصر.