في غضون الأيام الماضية، تشرفت بحضور حفلي تخرُّج دفعات جديدة من الأكاديمية العسكرية وأكاديمية الشرطة، وخلالهما رأيت رجالا أشداء تملؤهم العزيمة والإصرار لبذل كل ما في وسعهم للمحافظة على سلامة وأمن وطنهم، وكانوا حقا وصدقًا امتدادًا طبيعيًا ومثمرًا لجيل السادس من أكتوبر، الذى تحقق فيه انتصار سيبقى خالدًا أبد الدهر، وتتوارث روحه المعطاءة أجيال المستقبل الواعد بإذن الله.
رأيت رجالا ثقتهم في عنان السماء ولا حدود لقدرتهم على تنفيذ ما يوكل ويسند إليهم من مهام، مهما كانت صعوبتها وتعقيداتها، ولا يهابون سوى خالقهم، مستعدين -على مدار الساعة- لتلبية نداء الواجب، بفضل ما حصلوا عليه من تدريب وتأهيل على أعلى مستوى خلال سنوات دراستهم، فهم مسلحون بالعلم والسلاح معًا، وهو ما تجلى بوضوح في تفاصيل فقرات العروض التي قدموها باحترافية بالغة بالمعايير والمقاييس الدولية في أثناء حفل تخرجهم.
رأيت رجالا محركهم وبوصلتهم الأساسية هي صون دولتهم الوطنية التي حافظت على تماسكها وصلابتها على الرغم مما يحيط بها من تحديات وصعاب وتجارب لبلدان مجاورة لم توفق في البقاء متماسكة وانهارت مؤسساتها بسرعة البرق مما جر عليها مصائب وكوارث لا حصر لها، وأثبت ما عاصره الإقليم إبان السنوات العشر الماضية من أحداث وتقلبات صواب رؤية القيادة السياسية الثاقبة التي كانت دائمة التأكيد على ضرورة العمل من أجل تدعيم أواصر وأركان الدولية الوطنية، وأن يوضع ذلك نصب العين طوال الوقت.
رأيت رجالا يدركون تمام الإدراك أن قوة مصر نابعة من مؤسساتها القوية وتضحيات أبنائها الأبرار، وأنهم واعون بما يحاك للوطن من مكائد، ومدى دقة وخطورة الظروف التي تمر بها المنطقة في وقتنا الراهن العصيب والمفصلي، بسبب العربدة الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية قبل انتقالها حاليًا إلى لبنان، الذى يتألم ويعاني بشدة جراء الغارات الإسرائيلية المتواصلة على الضاحية الجنوبية لبيروت وغيرها من المناطق اللبنانية، التي استباحها الجيش الإسرائيلي وقادته، ليشرد شعبها ونزوح الآلاف منه بعيدًا عن ساحات المعارك والقصف، باحثين عن مكان آمن يؤويهم. واستقر في يقين ووجدان رجالنا الأشداء أن هذا الوضع غير المريح والخطير يستدعي اليقظة والانتباه من الجميع، وأنه حتما لابد أن يتكاتف الكل ويقفوا صفًا واحدًا كحائط صد غير قابل للاختراق حفاظًا على أمننا القومي في مواجهة رياح عاتية، تصر تل أبيب وحكومتها اليمينية المتطرفة على زيادة رقعتها، حتى تقتلع معها الأخضر واليابس.
رأيت رجالًا عازمين على مواصلة العطاء والبناء، ويتابعون عن كثب خلايا النحل المنتشرة وتعمل بجد وتصميم لتحسين وجه حياتنا للأفضل في كل بقعة من بقاع البلاد، والتخفيف عن كاهل المواطنين قدر الإمكان وبما تستطيعه الدولة، ومشروعات تنفذ بجميع محافظاتنا وتفتح أبواب رزق للملايين، الذين يشاركون بسواعدهم وجهدهم الجبار في إتمامها، وحينما تنتهي يشعرون بقيمة وجدوى ما ساهموا في إنجازه على أرض الواقع، ولا يلتفتون -لا من قريب ولا من بعيد- لماكينة الشائعات والأكاذيب والمعلومات المغلوطة، التي يروجها المغرضون والحاقدون يمينًا ويسارًا للتشكيك في مسيرة البناء والتطوير، ولا يبغون سوى تعطيلها حتى يحققوا سيناريو الفوضى التي يسعون لنشرها بكل السبل الممكنة وغير الممكنة.
رأيت رجالا كانت رسالتهم للمصريين أجمع، هي اطمئنوا ولا تقلقوا فخلفكم جيش من أقوى جيوش العالم، وفي كتفه شرطة مدنية حديثة ومتطورة، والاثنان لا يغمض لهما جفن ويسهران على حماية وطننا ورد كيد الكائدين، ومن يود اختبارهما فعليه تهيئة نفسه أولًا لطوفان هادر لن يقوى على الصمود أمامه.
حفظ الله مصرنا الغالية وشعبها العظيم وقواتنا المسلحة الباسلة وشرطتنا من كل سوء وشر.