«إن شاء الله يكون النصر قريب أو أنال الشهادة».. كلمات سطرها بيده الشهيد رفعت عبدالوهاب عامر، ابن قرية المشايعة بمركز الغنايم في محافظة أسيوط، قبل حرب أكتوبر المجيدة بثلاثة أشهر تقريبًا.
موضوعات مقترحة
ويحكي رفعت يحيى عبدالوهاب، ابن شقيق الشهيد خلال حديثه إلى «بوابة الأهرام» عن لحظة العثور على هذه الكلمات التي كانت مكتوبة في مفكرة عمه الشهيد، بعد استشهاده بسنوات، وكيف كان عمه مؤمنا بأنه سينال الشهادة، وأن الفترة التي قضاها في قريته ستكون آخر إجازة له.
الشهيد رفعت عامر كان الأول على دفعته
ويدلل رفعت على تفاني الشهيد في خدمة وطنه بقوله: «عمي تخرج الأول في دفعته سنة 1968 بالكلية الحربية "دفعة استثنائية"، ورفض تعيينه مدرسًا بكلية العلوم العسكرية، ويعلل ذلك بأنه فضّل أن يكون في ساحة القتال برفقة زملائه؛ حيث التحق بسلاح الصاعقة.
ويقول أُسندت إلى كتيبة عمه الشهيد مهمة منع عبور دبابات العدو، من إحدى نقاط مضيق رأس سدر في سيناء، بحيث لا يكوّن هذا الأمر ثغرة، ينفذ منها العدو إلى الخطوط الأمامية للجيش المصري.
ويروي ابن شقيق الشهيد قائلًا: نظرًا لأهمية المضيق للجانب الإسرائيلي، قامت طائرات العدو بعمليات استطلاع للمكان عدة مرات، ولكنها لم تكتشف وجود كتيبة عمه، نظرًا لشدة التمويه التي اتخذته الكتيبة.
ويتابع بعد تقدم جيش العدو بدباباته، تصدت لهم كتيبة الشهيد؛ حيث تمكنت من قطع الطريق عليهم ودمرت دباباتهم ومدرعاتهم، لدرجة أن العدو أوقف سير تلك المركبات بالمنطقة، ولم يجد العدو مفرًا من قصفها بالطيران لتتحول إلى كتلة من النار، ويستشهد جميع أفراد الكتيبة البالغ عددها نحو 500 مجند، ولم ينج سوى 5 فقط من أفرادها.
السفر إلى ليبيا.. جانب آخر من حياة الشهيد
وعن جانب آخر في حياة الشهيد، يتحدث شقيقه الأصغر جبر عبدالوهاب عامر، بالمعاش، قائلًا: «المرحوم رفعت كان أكبرنا، وإحنا أسرة مكونة من 11 فردًا، أب وأم و7 أولاد وبنتين».
ويتابع: حصل الشهيد على الثانوية العامة، والتحق بعدها بكلية العلوم في جامعة أسيوط، وظل بها لمدة عام، ونجح بتقدير جيد جدًا، ثم تقدم بعد ذلك للالتحاق بالكلية الحربية في الدفعة الاستثنائية سنة 1964، وتم قبوله.
وتخرج الشهيد في عام 1968، وسافر إلي دولة ليبيا ضمن فرقة للجيش المصري، وما إن عاد حتى التحق بكتيبته، واستمر فيها حتى رقي إلى رتبة نقيب.
دفن الشهيد بمقابر الشهداء في القطامية
ويتذكر الشقيق الأصغر للشهيد وقت استدعائه إلى الحرب بقوله: كنت أقيم معه في منطقة شبرا الخيمة بالقاهرة، حيث كنت طالبًا بأحد المعاهد هناك، وقبل اندلاع الحرب بأسبوع تقريبًا، جاءت سيارة عسكرية - وكان ذلك بعد الإفطار في شهر رمضان- وتم نقله إلى الجبهة، وانقطع اتصاله، ثم اندلعت الحرب، وعلمنا بنبأ وفاته بعد مرور شهرين ونصف الشهر تقريبًا من يوم استشهاده في 11 أكتوبر 1973، وكان ذلك في أواخر شهر ديسمبر من نفس العام، وتم دفنه بمعرفة القوات المسلحة في مقابر الشهداء بالقطامية على طريق القاهرة- السويس، وزرته هناك ترحمًا على روحه الطاهرة.
شهادة ونوط الشجاعة
ويشير جبر إلى أن القوات المسلحة، كرّمت الشهيد، واستلم والده شهادة ونوط الشجاعة من الطبقة الأولى ونجمة سيناء، من الرئيس الراحل السادات في عام 1974، وصرف لوالده معاشًا، وأطلق اسمه على المدرسة الإعدادية بنين بالقرية، وكذلك مسجد بمدخل القرية الغربي شاركت الأسرة في بنائه.
سيرة الشهيد
ويروي حازم عز العرب محفوظ، مُدرس بمدرسة الشهيد رفعت، وابن قرية الشهيد، أنه التحق مجندًا في عام 1988 بنفس معسكر الشهيد في "أنشاص" بالشرقية، ويقول: سمعت كل خير عن الشهيد على لسان صول الكتيبة، وعن بطولاته؛ حيث كان يتمني دائمًا الشهادة، وكان بطلًا من الأبطال الذين يعدون على الأصابع.
نشأة الشهيد رفعت عبدالوهاب عامر
ولد الشهيد رائد رفعت عبد الوهاب عامر، في عام 1947 وكان ينتمي إلى عائلة «البدورة» بقرية المشايعة بحري التابعة لمركز الغنايم في أسيوط، وتخرج في الكلية الحربية بتقدير عام امتياز من سلاح الصاعقة، وكان قائدًا لكتيبته في حرب أكتوبر عام 1973، واستشهد يوم 11 أكتوبر من نفس العام، عند عمر يناهز 26 عامًا.
كتاب رحلة إلى جهنم
وفي كتابه «رحلة إلى جهنم» أهدى اللواء أركان حرب نبيل أبو النجا، كتابه إلى أفراد كتيبة الشهيد، وخص النقيب البطل رفعت عامر؛ حيث أفرد للشهيد فصلا كاملا في الكتاب، يتحدث فيه عن بطولته وتضحيته وفدائيته في صد هجمات الجيش الإسرائيلي.